قراءات نقدية

قراءة نقدية في رواية ثلاثية اللوحة الفارغة

زهراء كشانللأديب العراقي عبد الرضا صالح محمد

القارئ لهذه الرواية ثلاثية اللوحة الفارغة وكأنه زائر لمدينة مزدحمة تنضح بالتفاصيل والألوان أو متجول في حديقة غناء تعبق أزهارها برائحة المسك والعنبر.

برؤية فلسفية نبدأ رحلة القراءة ونستعد للغوص في أعماق النص، نتوغل بين السطور، لنجد أنفسنا أمام رواية لا تشبه الروايات، خارقة سحرا وإبهارا، أبدع الكاتب في تصور أحداثها وعرض المواقف فيها في هدوء وجمال، جديرة بالقراءة .

العنوان فلسفي ثلاثية كلمات يدفع القارئ على المضي السريع غير المنقطع لمتابعة القراءة، هو عبارة عن مثلث كلمات يدلي بها الكاتب في زحمة الأفكار رسالة يبعث بها إلى القارئ ضمن الرسائل التي تكتنف الحروف وتختبئ بين السطور في نص الرواية ليفك طلاسمه في الفصل الثالث يطفو معناها ويتضح الهدف حيث نعرف أنه يقصد الوجوه الثلاثة ثلاثة أبعاد للوحة الواحدة.

تتضمن الرواية سبعة فصول في شفافية والتزام بالقواعد الصحيحة للكتابة يستهل الكاتب كل فصل بمقولة لفيلسوف، أختار لكم من بين هذه المقولات ما راق لي الفصل الأول: ليس ثمة ألم أعظم من الأوقات السعيدة وسط الشقاء والبؤس . دانتي اليغيبري

عرض الكاتب أوجه التشابه والاختلاف بين الواقعية والرومانسية محافظا على الخصائص الفنية والمبادئ على مستوى وسائل التعبير الأدبية.

زينب ومختار وجهان لصورة واحدة، زينب هي الشخصية الرئيسية في الرواية هي المرأة العاملة التي فقدت زوجها في انفجار هز وسط مدينة الموصل بالعراق، حيث قدمت استقالتها وتفرغت لإكمال رواية لم ينهها زوجها مختار رواية ثلاثية اللوحة الفارغة تقمصت أفكاره ورؤاه

مختار وهو أيضا شخصية أساسية في الرواية هو شاب ذكي وحاصل على شهادة جامعية عالية ضابط مجند ورسام ماهر تخرج من أكادمية الفنون الجميلة ألقي به في السجن دون أن يعرف موجبات سجنه، تزوج من زينب لم ينقض الأسبوع عن زواجهما حتى سقط شهيدا في انفجار مدمر .

1914 ثلاثية اللوحة الفارغة

البناء الفني والموضوع الذي تعالجه الرواية أسلوب النص وعباراتها في تناغم وانسجام، الأحداث المؤثرة ذات دلالة على أبعاد ثلاثة متباينة من رؤى وشفافية الفكرة وجمال اللغة، فتتسع الدلالات بوعي ووضوح في الاستقراء وسمات كثيرة يتشبع بها النص تمنحنا الاستدلال والفهم وتحثنا على التركيز وتحفزنا على متابعة القراءة، أساليب التعبير المختلفة التي تضفي جمالا على النص، كلمات بالعربية الفصحى غير مألوفة لكنها واضحة ومفهومة تدل على الرصيد المتنوع الذي يحتفظ به الروائي في بنك لغتنا العربية الفاخرة، الأفكار متسلسلة ومرتبة،الجمل مكملة لبعضها في أناقة وبهاء

اعتمد الكاتب النمطين السردي والوصفي واستعان بخياله الخصب لبناء أحداث استمدها من الواقع مرتبطة بظروفه وبيئته، سادت نزعته الإنسانية والدينية على أغلب المواقف، اعتمد بعض الوقائع التي عاشها مما ميز كلماته بالصدق،

توشك النهاية أن تكون حزينة بموت مختار دون أن يكمل روايته إلا أن الكاتب يتدارك ويفاجئ القارئ بنهاية تبهج الصدر حيث تكتشف زينب أن مختار الصغير مختبئ في أحشائها وهي لم تكن تشعر بوجوده فتنتظر ميلاده وتنجح في إكمال الرواية وطباعتها في إحدى دور النشر.

نبذة عن الكاتب

من خلال هذه الرواية يتضح للقارئ من الوهلة الأولى أن الكاتب يحب الوطن ويتعاطف مع المرأة بمقولته الشهيرة التي قالها أمير المؤمنين علي لابنه الحسن عليهما السلام عن المرأة - المرأة ريحانة وليست قهرمانة-

عبد الرضا صالح محمد من العراق روائي وفنان تشكيلي، يكتب القصة القصيرة والقصة القصيرة جداً يهوى الرسم والنحت ولعب الشطرنج، ورياضة المشي

بفضل جهوده الفكرية والفلسفية والأدبية ومن خلال كتاباته المميزة استطاع أن يرسم الأثر بالألوان في الحركة التاريخية الاجتماعية الثقافية والفنية ومازال قلمه النابض يرقى للمساهمة في نهضة ثقافة عربية راقية

بما أنّ الأستاذ عبد الرضا صالح صاحب قضية اجتماعية وإنسانية وعادة ما يكون موضع الكاتب هو بمثابة الموجِّه فهو ينصح الآخرين ولشريحة الشباب من كلا الجنسين بالخصوص بالحذر من الأفكار الغربية التي تسيء للعروبة والإسلام، والتحصّن بالعلم والمعرفة لصالح بلداننا العربية.

 

بقلم الكاتبة الجزائرية زهراء كشان

 

 

في المثقف اليوم