قراءات نقدية

احمد عزيز الدين: سكربت رواية الأخوة كارامازوف

(ما بين الفيلم و الرواية)

صدر الرواية:

في البداية و قبل الدخول في تفاصيل النقد الأدبي لهذا العمل العملاق والذي هو من تأليف المبدع / دوستويفسكي والذي تتمتع كتاباته بالعمق المتداخل بين جنبات النفس الإنسانية،  يجب عليك العلم بأنني لست أول من تطرق للنقد لهذا العمل الكبير والذي وصف من قبل كبار الشخصيات بأنه من اعظم الأعمال الأدبية علي الأطلاق.

ــ في عودة سريعة للنقد الادبي يتطرق الكاتب في صدر الرواية إلي التعريف بالشخصيات الاساسية للرواية وهم الأب أفانوف كارامازوف وهو شخصية نرجسية ممزوجة بشيء من المكر والدهاء بجانب تخلية عن الجانب الانساني في حياته فهو لا يهمه إلا نفسة،  عربيد لا يكاد يفيق من السكر وهو شخصية غنية.

الابناء

ديمتري وهو ضابط في احداث الفيلم  / الراهب إيفان / المفكر أليكس / والابن الغير شرعي سماردياكوف وهو يعاني من صراعات نفسية بداخلة لديه إيمان قوي بأخيه أليكس.

الاحداث

يحدث صراع بين الأبن ديمتري الضابط وبين والده علي المغنية الشهيرة جروشنكا ويستغل شخصية أخري وهي سماداركوف هذا الصراع الناشب بين الأبن ديمتري الضابط و أبيه ويقوم بقتل الأب مستغلاً ذكائه في توجيه الاتهام إلي الضابط ديمتري والذي يحكم عليه بعشرين عام خلف القضبان.

ــــ ليموت سماداركوف بعد ذلك وتموت معه الحقيقة إلي الأبد.

بين يدا الأحداث

تتمتع الرواية بالعديد من الفلسفات الاجتماعية والدينية من خلال الابناء الأربعة ليغوص الكاتب الرائع دوستويفسكي في أعماق النفس البشرية ليقدم لنا عمل متفرد في أحداثه اقرب ما يكون إلي دراسات علم النفس والكتابات الإنسانية لتقول لنا ما الذي يحدث داخل هذا الخضم من الاختلافات الإنسانية في صورة فلسفية ترتقي في سموها ارتقاء الذات الإنسانية متمثلة في الراهب إيفان وورعته وزهده في سياق الأحداث ضارباً المثل والقدوة لرجل الدين علي اختلاف الأديان فليس شرط أن تكون رجل دين مسلم او يهودي او مسيحي او أي ديانة اخري لتسمو نفسك فوق الأنا.

وليس هذا فحسب بل هناك صراع بين الخير والشر في محاولات المفكر أليكس للعودة بوالده إلي طريق الخير ولكن رغم فكره الراقي ومحاولاته المتعددة إلا أنه يفشل في ردع ذلك العربيد والقضاء علي النرجسية داخل نفس والده.

ــ ولكن هل بائت محاولات الأبناء بالفشل مع هذا المتغطرس السادي والذي يجري طوال الأحداث وراء شهواته وملاذه ليفاجئنا ممثل القانون الضابط ديمتري لمحاولة أبعاد المغنية جردشكا والتي تريد الاستلاء علي امواله وليست رغبة فيه من خلال استغلال مميزاته كشاب لاستقطاب المغنية بعيدا عن والدة ولكن يأتي صراع آخر من الصراعات الإنسانية وهو الانتقام ليقتل الأب ويتهم فيه الأبن وتموت الحقيقة مع موت القاتل الحقيقي إلي الأبد  .

ــ من الجدير بالذكر أن هذا العمل تناولته السينما العالمية ففي مصر مُثل في أحداث فيلم الأخوة الأعداء وفي المغرب مُثل كعمل درامي تحت عنوان:  تريكة البطاش كما تناوله المسرع ايضا.

رؤية الناقد

الفلسفة الإنسانية لا حدود لها فمهما طرقها الكتاب من جميع الأجناس تبقي سر دفين لا يعلمه إلا من خلق تلك النفس و اودع فيها الحياة ففي كل يوم تطالعنا الأحداث الإنسانية بكل ما هو غريب وعجيب بين جنبات ذلك النفس البشرية من جديد لم تري الإنسانية مثيلا له إنها فلسفة من نوعاً متجدد كتجدد تلك العملاقة بين جنبات الأنسان.

لقد جاء العمل الأدبي (الأخوة كارامازوف)  كمصنف أدبي من الطراز الأول تطرقت أحداثه إلي فلسفة انسانية جمعت بين شخصيات متباعدة في مخاضها الإنساني تبعد كل البعد عن بعضها البعض متأثرة في ذلك بشخصية الأب النرجسي السادي المنبوذ من قبل المجتمع فسلكت كل شخصية درب من دروب الشخصية الإنسانية في محاولة منها إلي تغيير ذلك الأب و لكن تأبي النفس التي جلبت علي حب الذات إلا أن تبقي في مستنقع الرزيلة ضاربتاً بالأعراف الإنسانية عرض الحائط عابسة بكل القيم الجيدة و الرصينة لتنتهي النهاية الحتمية إلي حتفها بين طيات النسيان رغم الأثر السيئ الذي تركته في نفوس الأبناء معلنة في ذلك عن فلسفة انسانية تسأل عن التوجه النفسي و ليس الكيف الإنساني.

***

بقلم الناقد الأدبي / احمد عزيز الدين احمد

عضو اتحاد كتاب مصر

في المثقف اليوم