دراسات وبحوث

قصة العقيدة في روما (1)

نشأة الدولة الرومانية: مصر لم تشهد بعد رحيل الهكسوس عنها استقراراً مقنعا، ولم تكن قادرة بعد هذا التاريخ على هضم عقيدة او سياسة مشتركة، لا سيما بين الشمال والجنوب، بين الدلتا والصعيد . ومنذ هذه الفترة الانتقالية بدأت ترتبك الأمة المصرية وتنهار عقيدة تقديس الفرعون والالتفاف حوله بصورة ملفتة، لذلك تناوبت على السلطة مجموعة من الأسر، وتخلل سلطتها تغيّر الوجه الديموغرافي لمصر .

لقد ظهرت مجاميع من القبائل الليبية تنتشر قريباً من الدلتا المصرية، كما كان الى جانبها مجاميع من اليهود واليونان، يضاف اليهم مجاميع من الأسر الرافدينية والشامية، رافقت وجود الهكسوس . وقد بدأ الصراع والانقسام واضحاً بين الجنوب الطيبي القائم على الديانة المصرية القديمة الفرعونية، وبين الشمال عند الدلتا الذي بدأ يشهد تغيّراً سكانياً وفكرياً . حتى وصل الامر الى استيلاء كهنة (آمون) على السلطة في الجنوب، وإقامة إمارة دينية في بلاد (النوبة)، التي تشكّل القسم الجنوبي من المملكة الفرعونية القديمة . وفي خضّم الصراع في الشمال وبداية تزايد نفوذ القبائل الليبية عسكرياً، والنفوذ الرافديني اليوناني فكرياً، يبدو انّ مجاميع من ( الملأ الفرعوني) القديم بدأت بالهجرة شمالاً او شمالاً غربياً، تحمل ثروتها الكبيرة معها، وتحاول الحفاظ على إرثها الفكري والمالي .

وهذا ما يفسّر لنا التزامن الغريب بين انشاء مدينة روما في حدود ٧٥٢ ق م، وبين انهيار الفرعونية القديمة في شمال مصر . حيث سيطرت القوات النوبية بقيادة (بخنعي) على مصر في هذه السنة تقريبا . وقد تمّ انشاء مدينة روما على يد مجموعة من المنفيين - بحدود ٣٠٠٠ عنصر - بقيادة (رومولس)، والذين كانوا غرباء كليًّا عن النواحي الإيطالية، كما انهم حملوا معهم مجموعة من القوانين الخاصة بهم، ومن ثم طوروها لتشمل جوارهم، ولاحقاً أضافوا عليها فقرات تتناول الممالك المرتبطة بهم، لكنهم اصروا على نشر صورة تحضّر الروماني وحده .

لم تكن رؤيتي هذه قائمة على السنة التي دخل فيها النوبيون شمال مصر، لكنها تأخذ في الحسبان تأريخ الصراع الذي ابتدأ منذ خروج الهكسوس، وتزايد الخلاف الفكري في شمال مصر، وكذلك الفترة التي وصلت فيها القبائل الليبية للحكم لأوّل مرة، لتؤسس الاسرة الثانية والعشرين ٩٤٥ - ٧١٥ ق م، وما حمله المنفيون الرومانيون من إمكانية حضارية، جعلتهم ينشئون حضارة امبراطورية في فترة قياسية، لا يمكن ان تكفي مجموعة مبتورة لإنشاء مملكة، لاسيما فيما يتعلّق بالقوانين، كما انّ اندماج الرومان بالمعتقدات اليونانية - الفرعونية يثير الباحث ويفتح الباب أمامه واسعاً عن حقيقة الارتباط الحضاري والتاريخي بين هذه الامم .

انّ روما حين تمّ بنائها فتحت ابوابها للمطاردين والمهاجرين، وصار كلّ الذين يهربون من العدالة والقانون في بلدانهم يلجأون اليها . ولعلّ الاغرب انّ ثلاثة من اهم ملوكها المؤسسين - رومولس وتركان الاول وسرفيوس تليوس - كانوا مجهولي الأصل ! . فيما قامت البلاد في توسعها وانتقال السلطة على المؤامرات والدسائس والقتل والغدر . وقد شهد اغلب ملوكها طعنة في ظهره، وعانى الكثيرون من سياسييها وأمرائها جرعة من سمّ .

انّ كلّ ذلك - بالاضافة لما سيأتي من حقائق - يدفعني للاعتقاد بأنّ روما قامت على تحالف متعدد الجنسيات، كان الملأ الفرعوني جزءاً مهماً منه، بالاضافة الى عناصر يونانية تعتقد بذات الاعتقادات الفرعونية، ومن أركانه أيضاً مجموعة من اليهود الذين هاجروا بسبب الحروب والصراعات والانهيارات التي اصابت مجتمعهم منذ الانقسام بحدود ٩١٣ ق م الى حوالي ٧٠٠ ق م، اي قبل السبي البابلي الذي قضى على تاريخهم تماما، وقد اندمج داخله مجاميع من العناصر الجديدة المنبهرة لقدرته التنظيمية .

وإذا كانت الامبراطورية الرومانية قامت بالمعنى الرسمي بحدود ٢٧ ق م فلقد كانت الفترة من ٧٥٢ ق م حتى هذا التاريخ ضرورية للوصول بالفكر الروماني للإمبريالية .

انّ الامبراطورية الرومانية هي الأصل الذي قامت عليه الأفكار الأوربية الحديثة، وهي كذلك احد الأسباب بل والفلسفات التي أنتجت العقل الأوربي القائم على الأسس التصنيفية للبشر .

لكنّنا لن نجد كبير عناء في توصيف تلك الامبراطورية القديمة باخرى مستنسخة عنها معاصرة، انها الإمبريالية الامريكية . فالشبه بين الدولتين كبير جداً جداً، الى الدرجة التي يمكننا القول معها أنهما ولدتا عن عقلية واحدة لا عن عقليتين اجتمعتا صدفة . لقد تشكّلت كلتا الدولتين على يد مهاجرين يملكون مالاً، هاربين من واقع ما، ثمّ فتحتا ابوابهما للمهاجرين المطاردين والمنبوذين تماما . وابتدأت تلك الدول حضارتها بخداع الشعوب الأصلية وقتلها، وكلنا يعرف ما فعله الأمريكيون بالهنود الحمر، السكان الأصليين للقارة الامريكية، لكن الباحث فقط من يعرف انّ الرومان قاموا بخداع (السابنيين)، السكان الأصليين لمنطقة روما، ومن ثمّ قتلوا رجالهم، واستولوا على بناتهم ونسائهم، قبل ان يدخل الطرفان في صلح قائم على المصلحة والامر الواقع . وانقسم المجتمع عند تأسيس الدولتين - واستمرّ تأثير ذلك لاحقاً - الى أشراف وعوام، أغنياء وفقراء، أثرياء رأسماليين واجراء وعبيد . ولم يكن فيهما قانون يحدد الحكم في شخص ما وعائلة تتوارث، وإنما كان بإمكان كل الذين يبرزون كقادة في الحروب، او اصحاب الثروات، او ذوي النفوذ، ان يصلوا الى حكم البلاد، لكنّ الامر في الدولتين ظلّ يدور على الدوام في عوائل ومؤسسات محددة، في آلية غريبة جدا، حيث يحكم شخص ما ثمّ بعد فترة من الزمن يعود فرد من أسرته للحكم، وقد يصل من هو خارج الاسرة لكنّه ضمن دائرة المال والنفوذ لها . امّا الصورة التي اختارتها كلتا الدولتين للحكم فكانت متطابقة، حيث الرئيس الأعلى، ومجلس الشيوخ، الذي هو قائم على مؤشرات اجتماعية خاصة، وكذلك مجلس النوّاب العموم، والخاضع لتأثير المال والنفوذ . انّ المجتمعين اختارا نظاماً هجيناً بين الديمقراطية والأرستقراطية، بمعنى للشعب حقّ الاختيار، لكن ضمن دائرة الاشراف واصحاب الأموال فقط . ومن الطريف انّ المجتمعين لم يجعلا الشرف والنبالة حكراً عائليا، بل اعتمدوا في هذا التوصيف على مقدار الثروة في زيادتها ونقصها، لذلك كان الاشراف وذوو النفوذ يتغيرون في الدولتين، مع بقاء العوائل المؤسسة ضمن هذه الدائرة . فيما قسّمت الدولتان العالم الى أقاليم، قريبة وبعيدة، بعضها يخضع لمجلس الشيوخ، وبعضها يخضع لاوامر الإمبراطور، وتبعاً لهذه القسمة كان يتم تصنيف الحقوق ايضا، فليس للأقاليم الخاضعة للإمبراطور - وهي الامم والشعوب الاخرى المختلفة - ذات الحقوق التي للرومان الذين يشرف عليهم مع الإمبراطور مجلس الشيوخ، وكذلك الحال ما تقوم به الولايات المتحدة اليوم . ولم يكن للامبراطوريتين من حدود حقيقية، وليس هناك تعريف واضح لنفوذهما، لذلك اعتمدوا تماماً على العسكرة، والتزموا تجييش شعبيهما بكل الوسائل والاليات، فكانت لهما فرق دائمية خارج الإطار الجغرافي للسلطان السياسي، كما كان لهما أسطول ضخم جدا . لقد تميّزت الإمبراطوريتان الامريكية والرومانية - عن سواهما - بوجود جيوش شبه مستقلة تنوب عن سلطتهما المباشرة في مختلف بقاع العالم، وقد غيّروا بذلك نظام الحاميات الصغيرة . وفيما يبدو الانتشار العسكري الامريكي اليوم واضحا، او شبه واضح، فالانتشار الروماني لم يكن اقل منه، فقد كانت الجيوش الرومانية تمتد ضمن العالم القديم بما يشبه الانتشار المعاصر، كانت هناك فرق في شمال شرق إيبيريا، والقطاع الغربي من افريقيا، امّا اهم الفرق الرومانية فكانت في مصر، وفي سوريا، وعلى الراين والدانوب الأعلى . فيما كان تجهيز الجيوش الأجنبية للقتال بالنيابة أمراً طبيعياً لدى الإمبراطوريتين .

اما النظام الاداري للأقاليم الرومانية فهو اقرب ما يكون الى نظام الامبراطورية البريطانية، حيث أقاليم وطنية، تتبع للسلطة المشتركة بين الإمبراطور ومجلسي الشيوخ والعموم، واقاليم تابعة شبه مستقلة، تخضع لإحدى سلطتين، نائب عن الإمبراطور، او ممثلين عن عموم الدولة، بحسب الأهمية الجيوسياسية للإقليم، حيث كانت مصر تأتي في المرتبة الاولى، وتخضع للسلطة الامبراطورية مباشرة، فيما أقاليم مثل الالب وموريتانيا فكانت خاضعة لسلطة الخيّالة العامَّة .

لقد كان الإمبراطور والقناصل والقضاة والحكّام هم الوجود الفعلي للدولة الرومانية، ولم تكن للدساتير - مثل دستور انطونين - من أهمية واقعية بالنسبة لمن هو خارج هذه الدائرة، كما لم يكن للمثل الانسانية المكتوبة من دور فعلي في حماية الأقاليم التابعة وسكّانها، وكأننا نعيش الخداع الكلامي المعاصر الذي يأتي من عالم الدول الكبرى، حيث يتم استغلال القيم الانسانية لسحق كرامة الانسان في العالم . فالدولة الرومانية لم تكن ديمقراطية أبداً، بل هي دولة أرستقراطية، إِلَّا انها أرستقراطية تمزج بين الأرستقراطية الملكية البريطانية المعاصرة والأرستقراطية الرأسمالية العسكرية الامريكية الحديثة . لذلك لم يكن من الصعب على طبقة من رجال الكهنوت المصري التغلغل الى عمق العقائد الشعبية، اذ هي أخضعت العوائل الحاكمة لسلطانها الباطني، بما يشبه الكهنوت الذي تمثّله المسيحية الجديدة في السياسية الامريكية، والممتزجة باللوبي اليهودي للكبّاليين، في عملية إذابة للعقل العام بانسيابية وبطئ، حيث احتكار المال والتشريع القانوني والسلطة العسكرية بيد مجموعة من العوائل . وقد كانت القوانين خاضعة في مجملها للسلطة الامبراطورية، وكذلك سلطة العوائل الكبرى، فيما يشبه الاتفاق القائم على المصالح المشتركة، وحتى حين صار للعموم مجلسهم كان خاضعاً لتأثير المال والإعلام الأرستقراطي، ومحتاجاً للأثر العسكري، لذلك لم تكن هناك من ديمقراطية حقيقية، لا على المستوى التشريعي، ولا على المستوى العملي، ورغم انّ القانون لا يحتكر الوجود الإمبراطوري في عائلة محددة الا انّ الوصول الى ذلك المنصب - ومنصب القنصل - كان خاضعاً للواقع الأرستقراطي والعسكري، وهذا شبيه بنسبة كبيرة للواقع الامريكي المعاصر عند تحليله .

انّ اكثر الخدع الحكومية الطويلة الامد شبهاً بين الإمبراطوريتين الامريكية والرومانية كانت ترتبط بالنقد والعملة، حيث اجبرت عسكرة المجتمع في الدولتين وتزايد ضخامة الإنفاق العسكري الحكومتين على توفير المزيد والمزيد من النقد . الا انّ النقد لم يكن لعبة عبثية، فقد كان ذهبيّاً، او مقوّماً بالذهب، ولاحقاً بالعين المملوكة، ولأنّ الدولتين لم تملكا موارداً توازي انفاقهما العسكري فقد اضطرتا الى خلق التضخم، حيث القيمة الوزنية للعملة لا تساوي قيمتها الاسمية، ولم يكن من داعم لوجود هذه العملة الا الكفالة السياسية، التي هي عرضة للانهيار . لقد كانت هذه السياسة النقدية واضحة في زمن (كاركلا)، الذي أوجد عملة (انطونينيانوس) الهزيلة، لسدّ نفقات الجنود التي زادت بنسبة ٢٥ ٪ عام ٢١٥ م . فيما حاول (اورليانوس) تحديد قيمة العملة اسميّاً بشكل تحكّمي . وهذا الامر الأخير بالضبط هو ما تفعله الامبراطورية الامريكية الحديثة منذ عشرينات القرن العشرين، حيث أسقطت الكفالة الذهبية والعينية عن عملتها الورقية، بعد التضخم العسكري والرغبة الاستعمارية الناشئة فيها، والتي تطورت كثيراً بعد الحرب العالمية الثانية، وصارت العملة مقوّمة بتوقيع البنك الفدرالي فقط، وهو بنك مملوك لافراد أرستقراطيين، وبالتالي فهي عملة ليس لها من قيمة فعلية . ولأنّ العملة الامريكية (الدولار) صارت مقوّماً للعملات الاخرى في اغلب الدول فالعالم اصبح في حقيقته خاضعاً لتلك العوائل الأرستقراطية المالكة، بسياستها ورغباتها، بل وعقائدها . وهنا تكمن خطورة النظام النقدي وبالتالي المالي العالمي المعاصر، الذي من الممكن ان ينهار في اي لحظة مجنونة .

امّا الرأسمالية المرابية في الدولتين فكانت هي الميزة الواضحة للمجتمع بكلّ طبقاته واعماله، ولانّ نظام البنوك المعاصر واضح في قيامه على الربا والإقراض ذي الفوائد المجحفة، حيث تتم اغلب المعاملات السوقية عبر نظام البطاقة الالكترونية ذات الرصيد المسبق، بقي ان نشير الى الوضع إبّان الدولة الرومانية، حيث كانت الطبقة الأرستقراطية تسترقّ الشعب وتستعبد الجماهير عبر الاقراض ذي الفوائد المتزايدة، مما استدعى قيام الجمهور الروماني بانتفاضة، كان من شأنها امتناعهم عن الالتحاق بالقوات الخارجة لمواجهة (تركان الخائن)، ما لم يتم إعفائهم من بعض تلك الديون الثقيلة القائمة على الفائدة المتزايدة أساسا، مما اضطرّ مجلس الشيوخ الى اعلان الحكومة الدكتاتورية لأشهر عديدة، وفرض التجنيد بالقوة، وفي عهد القنصل (كلاوديوس ابيوس) الثري المرابي زاد الضغط على الجمهور، الى الحد الذي جعلهم يمتنعون عن مواجهة قوات (الفولسك) الغازية . ومن ثمّ قام الأهالي بالثورة عدة مرات، واعتصموا عند (الجبل المقدس) وعند جبل (افانتان)، ودخل معهم مجلس الشيوخ في مماطلة وصراع لأكثر من قرنين، حتى صار لهم ممثلون في القنصلية . لكن الغريب انّ مجلس الشيوخ وعوائله الأرستقراطية كانت تقوم بضرب سمعة ممثلي الشعب وقادة ثورته اعلاميا، كما اليوم !، وبطريقة تجعل الشعب يتصارع مع قادته الثوريين، الذين تصوّرهم الماكنة الإعلامية كخونة للبلد، كما حدث مع (سبوريوس كاسيوس) .

وقد كانت الإمبراطوريتان الامريكية والرومانية ناجحتين جداً في استقطاب الشعوب المقاتلة عنهما بالنيابة . فامريكا من خلال حلف الناتو او غيره من الأحلاف، ومن خلال الجواسيس والحكّام والملوك المتعاملين معها، تشنّ حروباً كثيرة، كما هي الحال ايّام الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، وكحرب العراق مع ايران، وحرب القاعدة ضد القوات الروسية في أفغانستان، وحرب داعش ضد المسلمين المعادين لامريكا . امّا الرومان فقد استقطبوا مئات الآلاف من الشعوب المقاتلة تحت رايتهم ونيابة عن الإمبراطور، فكان هناك (الباتانيون) من جرمان الراين، الذين خدموا ضمن جيش (جرمانيكوس)، وهناك أيضاً (الفاندال) الذين أوكل اليهم الرومان امر استعادة النظام في بريطانيا، فيما يمكننا ان نقبل انّ الجيش الروماني قد تمت (جرمنته) من خلال القبائل والشعوب الجرمانية المستوطنة، لكن كان هناك أيضاً الآلاف من البربر، وايضاً ممالك عربية كبيرة وشرسة كالغساسنة، فيما أيضاً مجموعة كبيرة من الشعوب الأوربية المشاركة .

ليست الدولة الرومانية جامعة لجنس او دين، لكنها كالولايات المتحدة الامريكية تماما، دولة هجينة، شكّلتها أقلية عنيفة، جعلت من نفسها المحور الوطني، وانتشرت فيها مجاميع بشرية تختلف من حيث الجنس والدين . نعم كان هناك اليوناني الروماني والإسباني الروماني والغالي الروماني والجرماني الروماني واللاتيني الروماني، وغيرهم من الأجناس، فيما كانت الوثنية تستمد جذورها مرة من مصر، ومرة من اليونان، واُخرى محلية، حتى اليهودية كانت موجودة، وأخيراً ظهرت المسيحية والإسلام .

عقائد الدولة الرومانية الوثنية

من الواضح جداً - كما استعرضنا سابقا - انّ الديانة الرومانية كانت وثنية، لكنّها لم تكن صنمية ساذجة، بل كانت نسخة عن الديانة المصرية النجمية الفلكية، القائمة على أسس هندسية ورياضية، تتعلق بالأرواح والقوى في العوالم البُعدية الاخرى، المؤثرة في قوى العالم الطبيعي . وسيأتي لاحقاً كيف انّ الرومان حاولوا استنساخ الديانة المصرية الفرعونية، مع عصرنتها، ومع رومنتها، فابقوا على مضمون الآلهة، لكن مع تغيير المسميات في الغالب، لتتناسب والإقليم الأوربي، او لغرض عولمتها . لذلك تقبّل المصريون - وتواجد كهنتهم - المفاهيم الدينية الرومانية، كما تقبّلوا من قبل المفاهيم الدينية اليونانية، وساعدوا كليهما على النهوض والعولمة .

وقد اقتبس الرومان عن اليونانيين عبادة بعض الهتهم، كالاله الرئيسي (جوبيتر) او المشتري، الذي أقاموا لها معبداً في القدس مكان الهيكل في ١٣٥ م، بعد القضاء على الثورة اليهودية . وعنونوا لكلّ واحدة من قوى الطبيعة إلهاً، او باباً بصورة ادقّ، كما كان يفعل المصريون . وقد قدّسوا أيضاً المريخ والزهرة، وغيرها من الكواكب والأفلاك، فيما اعتمدوا على الطوالع الفلكية بصورة تكاد تكون ملازمة . وكانوا يحتقرون الديانات التوحيدية اليهودية والمسيحية ومن ثم الاسلام بصورة كبيرة، الى الدرجة العنفية الدموية الأقرب الى الإبادة، كما في حروبهم الكبيرة على اليهودية ٦٦ - ٧٠ م، حتى انهم نشروا معابد الآلهة في عموم الارض المقدسة، وفي محاولتهم إبادة المسيحيين في القرن الاول، بعد ان أرادوا - بالتعاون مع المنحرفين من اليهود - محاكمة المسيح ذاته وصلبه، وفي حروبهم الكبيرة ضد الدولة الاسلامية الناشئة، والتي استمرت لعقود طويلة .

فيما كان للعرافة والتنجيم وجودهما المحوري في الحياة السياسية والاجتماعية الرومانية، فعند فتح اساسات (الكابيتول) وحين عثر عمَّال البناء على رأس إنسان رأى المنجّمون انّ هذا يعني بأنّ (روما) سيكون لها شأن عظيم وستكون مقرّ السلطان العالمي . ولم يكن من المستغرب أنْ تظهر في عهد (تركان الثاني) ذلك الحاكم الظالم امرأة متكهنة، عرضت عليه تسعة من الكتب التنبئية، القائمة على العرافة والتنجيم او غيرها من فنون معرفة المستقبل، بسعر معيّن، وحين رفض احرقت ثلاثة منها، وعرضت الستة الباقية مرة اخرى وبسعر التسعة جميعا، لكنّه حين رفض أيضاً احرقت ثلاثة أخريات، وابقت على سعر اخر ثلاثة ذاته سعر التسعة، فاخذهنّ (تركان الثاني)، ووضعهنّ في خزانة خاصة تحت (الكابيتول)، وعيّن لحراستها اثنين من الاشراف . فيما أرسل هذا الملك ولديه الى اليونان ليسألا اكبر متكهناتها عمّن سيخلفه في الحكم، وكان يرافقهما (بروتوس) الذي فهم رسالتها وراح يقبّل الارض الامّ، ليكون خليفة لتركان الثاني، وكان ذلك فعلا . ولعلّ ذلك شبيه بما كان يفعله اليونانيون بنحو الاستمرارية والوراثة، كما في قصة (كرويسوس) وكاهنة (دلفي)، قبيل حربه مع ملك الفرس (قوروش) الهجين .

وقد كان الرومان يعتقدون انّ الهتهم تشاركهم في معاركهم الكبيرة، لذلك لم يكن النصر سوى اثر لذلك الوجود الماورائي، كما في رؤيتهما لحضور الإلهين (كستور) و(بولوكس)، الذين أقيم لهما معبد في الفورم .

امّا في زمن الامبراطورية فقد كان الرومان يعتقدون ما اعتقده المصريون في الفرعون، من حيث ارتباطه بعالم الآلهة، واعتباره الباب الذي يُفتح الى جهتها، وهو أيضاً الناطق والحاكم باسمها . وقد كان أيضاً الإمبراطور - او رئيس الدولة - هو الكاهن الأكبر .

وهنا يظهر انّ الرومان ورثوا رسمياً الخط البشري القابيلي، الذي يؤمن بما وراء الطبيعة، لكنّه لا يؤمن باسس الديانات التوحيدية، او لنقل بما يؤمن به الخط الآدمي الشيتي . لذلك اعتمد الرومان ذات الأسس الفرعونية في معرفة مراد الآلهة، فتورّطوا مع ما سمّته الأديان التوحيدية (عالم الشياطين) .

امّا الآلهة المصرية فقد دخلت روما منذ وقت مبكّر، طريقها المعلوم هو يونانيو جنوب إيطاليا، الذين تغلغلت اليهم بصورة واضحة حتى صارت معابدها تقام في كلّ مكان، امّا طريقها الاخر الذي أراه فكان على يد تلك الأسر التي بنت روما ذاتها، وقد جائت مهاجرة . ولم يكن ذلك التغلغل في العبادة إِلَّا الصورة الظاهرة لعقيدة باطنية تقوم على الأسس المشفّرة، للتواصل مع العوالم الاخرى . لذلك يمكننا القول انّ الآلهة الفرعونية المصرية - بطقوس التواصل معها - قد أضحت آلهة روما فعليا .

لم يكن الشعب الروماني يلتئم في المجامع الّا في الأيام التي تسمح له الآلهة فيها بذلك . وفي (روما) كان لابد قبل دخول جلسة مجلس الشيوخ من تأكيد المستخيرين انّ الآلهة راضية . وكان المجمع يبدأ بصلاة يتلوها المستخير ويكررها القنصل بعده . وكان المكان الذي يجتمع فيه مجلس الشيوخ هو احد المعابد دائما . وإذا عقدت جلسة في مكان اخر غير مقدس فإنّ القرارات المتخذة يلحقها البطلان . حيث لم تكن الآلهة حاضرة . وقبل كل مداولة يقدم الرئيس قرباناً ويتلو دعاءاً . وكان في القاعة مذبح يريق عليه كل شيخ السكائب عند دخوله ويدعو الآلهة . وهذا بالضبط يشبه ما يحدث في اجتماعات (المحافل الماسونية) اليوم .

ويوجز المؤرخ (شاف) حقيقة العبادة في روما بعبارته (كانت العبادة الوثنية تتداخل في كل مرافق الدولة الرومانية، كخيوط النسيج الواحد المغزولة معا . بل لقد جعلت من الدين اداة لسياستها) .

العلاقة بين مصر وروما

اذا كانت الامبراطورية في روما فلقد كانت الحكومة في مصر، هكذا باختصار هو حال الأمة الرومانية، وهكذا كانت العلاقة بين الاقليمين . ولأنْ كانت موارد الامبراطورية الاقتصادية قد اعتمدت على مصر بصورة محورية، فإنّ موارد الامبراطورية الدينية كذلك اعتمدت على مصر أيضاً - بشقّها اليوناني - .

أخذ الرومان عن الإغريق الكثير حضارياً ودينيا، كما أخذوا عن المصريين في ازمنة مختلفة . وكانت آلهة الفراعنة مثل (إيزيس) و(آمون) و(سرابيس) قد انتشرت في عموم الاراضي اليونانية، كما في (بيريوس) و(ديلوس) و(ميليتوس) و(هاليكارناسوس) و(اثينا) و(ايوبيا)، فيما ظهرت الآلهة (إيزيس) على العملة الأثينية عدة مرات، ورغم فقدان مصر لتأثيرها المباشر في عهد (بطليموس الثالث) إِلَّا انّ عقيدة الاله (سرابيس) التي ولدت في الاسكندرية لم تتوقف عن الانتشار في حواضر الجزر اليونانية، ومنها الحاضرة الرومانية الوارثة .

في عهد (سولا) كان للاله المصري الكبير (أوزوريس) كهنة في قلب روما، وتواجدت الآلهة المصرية الأشهر (إيزيس) في قلب الصراع العقائدي والسياسي الروماني .

لكن من الواضح جداً انّ هناك محاولات عديدة جرت لردع هذا التغلغل الباطني المصري الفرعوني، كما حدث بين عامي ٥٨ و٤٨ ق م، وكما في حملة (اجريبا) لتحريم عبادة الآلهة المصرية ضمن الف مرحلة من روما . لكنّ هذا الصراع الحضاري الديني سار باتجاه انتشار اكبر للعقائد الفرعونية المصرية .

في عهد (كاليجولا) تمّ بناء معبد لإيزيس قرب روما، وفي اثناء حكم (فيسبسيان) ظهر كل من (سرابيس) و(إيزيس) على العملة، فيما وسّع (دوميتيان) معبد (إيزيس)، التي بنى لها (كاراكالا) معبداً داخل المدينة، وهي الآلهة التي وصل هيكلها الى قلب (لندن) في ذلك العصر، وصار لها في روما عيد خاص في الخامس من مارس، حيث يوضع تمثالها في قارب تحمله عربة تسير في شوارع روما، في نسخة رومانية عن المسيرات الاحتفالية الفرعونية التي تحمل تماثيل الآلهة في الحواضر المصرية سابقا، حيث كان تمثال الآلهة يُحمل على اكتاف الكهنة المتطهّرين حينها . ويبدو انّ هناك شخصاً يُدعى (بلوتارخ) قد ولد في مدينة (خايرونيا) اليونانية عام ٤٦ م، قام بجهود كبيرة لزيادة رقعة الاعتقاد بقصة الآلهة (أوزوريس) و(إيزيس) في حدود الدولة الرومانية، حيث أثمرت جهوده تلك بناء عدّة معابد لها، وهو من التزم ان يكون مصدراً تفصيلياً لهذه العقيدة والقصة عند بداية التاريخ الميلادي، بنحو يزيد عن السرد المصري القديم .

وفي الوقت الذي يكتب (مينوكيوس فليكس) عند القرن الثاني الميلادي (انّ هذه الآلهة المختلفة - المصرية أصلا - أصبحت الان رومانية ايضا)، تشكّل كهنوت الآلهة في الامبراطورية المتأخرة من طبقة خبيرة، بعض أفرادها كانوا مصريين فعلا، كالمدعو (حرنوفيس)، الذي عمل مع مركز القيادة الرومانية العامة في (اكويليا)، ايّام الحروب (الماركومانية)، الى جانب كهنة رومانيين . فيما استبدل واحد من أشهر ملوك الرومان (يوليوس قيصر) الذي حكم في منتصف الاول قبل الميلاد التقويم القديم بالتقويم المصري .

ورغم انّ معبد الآلهة الفرعونية (حتحور) قد بناه (بطليموس التاسع) إِلَّا انّ الرومان هم من اتمّوه في عهد تراجان . وتحكي قصة هروب (بومبي) عدو (يوليوس قيصر) الى مصر تلك الرابطة العضوية بين الحضارتين، لا سيما عند إتمامها بقصة العلاقة بين (يوليوس) والملكة (كليوباترا)، التي كانت تحكم مصر باسم البطالمة اليونان حينها، حيث ساعدها على هزيمة اعدائها، وأخذها في زيارة لروما، مما يوحي بدائرة عضوية بين الأقاليم الثلاث . فيما تشير المكتشفات الاثرية انّ طقوس زيارة تمثال (ابو الهول) - التي كان يقوم بها الفراعنة المصريون - قد استمرت حتى نهاية العصر الروماني . وفي نهاية للصراع الذي نشب في عهود الاسرة المتأخرة في مصر - بما فيهم البطالمة - بين الكهّان والسلطة حول سلطان كل منهما قام الرومان بحصر الاشراف على الحياة الدينية عند احتلالهم مصر بيد كبير كهّان الاسكندرية، والذي كان يشرف على التحركات الكهنوتية والعسكرية .

لقد رأى المعتقدون بالديانة الفرعونية القديمة انّ الفرعون كان جزءاً من حظيرة الآلهة، وهو ظلّها على الارض، وهكذا كان يرى المعتقدون بالديانة الرومانية في الإمبراطور . حيث انّ العبادة الامبراطورية التي تقوم على تأليه القيصر كانت سارية في كل ارجاء المملكة . وقد كان ذلك واضحاً في كم التشريفات التي نالها (أوغسطس) في حياته وبعد مماته . فيما كان (دوميتيانوس) غيوراً جداً على القيم الإلهية التي أضفيت على سلطته . امّا (ديوكلتيانوس) فقد طالب باحترامه على نحو العبادة، باعتباره (الكاهن الأعظم)، وراح يدعو نفسه (رب = سيّد العالم)، وهذا نظير الخطاب الفرعوني [ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى [الجزء: ٣٠ | النازعات (٧٩) | الآية: ٢٤]، وطلب الى زوّاره السجود بين يديه، ولم يكن يخطو دون اسرار الكهانة والعرافة . وقد يبدو ذلك غريبا، حيث كان الفراعنة يحكمون بالوراثة، لكنّ الاباطرة كانوا يصلون الى العرش الإمبراطوري عن طريق المؤامرة، كما في عمليات الاغتيال والسمّ، مثل عملية اغتيال (كاليجولا)، او بالقوة، كما في تنصيب (ڤاسبيان)، فلماذا كانوا يحظون بهذا التقديس ؟!، يبدو انّ جواب ذلك كان مرتبطاً بحقيقة ما عليه الديانة الرومانية من باطنية، حيث كان عموم من وصلوا للعرش قد مَرُّوا بمرحلة من الطقوس الباطنية اللازمة ليكونوا متحدثين باسم الآلهة، وكذلك هم يخضعون لذات الطقوس وأكثر بعد استلام العرش والتاج .

انّ الإمبراطور قد حمل سلطة ما فوق البشرية، لكنها ليست سلطة الآلهة، فهو المختار من قبل الآلهة، الذي باستطاعته توفير السلام الالهي للإمبراطورية، عن طريق التواصل مع العالم اللامرئي، الذي يكفل التواصل معه سلام الامبراطورية وراحة الشعب الروماني، وهذا بالضبط ما كان يعتقده شعب الفراعنة . غير انّ هذه السلطة ما فوق البشرية لم تكن ممكنة الادّعاء والسرقة، وهي لم تكن لتنتقل عن طريق الدم في الاسرة الواحدة، بل تخضع لقدرة المرشّح على ممارسة الطقوس المتعلقة بضرورة التواصل مع الآلهة، او القدرة على الصمود في قدس الأقداس . لذلك بعد وفاة (ليبيدوس) في ١٢ ق م لم يكن هناك معترض على حصر الزعامة الدينية الكبرى والتشريع الديني بيد الإمبراطور، بالاضافة لمهامّه كقائد اعلى للجيوش والسياسة، لكن ذلك لم يمنع ضرورة ان يكون للإمبراطور الكفاءة اللازمة لإدارة الحكم، والّا تعرّض للاغتيال او الخيانة .

لقد كانت روما في عهد قيصر ممتلئة بالآلهة المصرية، وهذا قد يكون وارداً في عالم اقتباس المعبودات، لكن ان تقام فيها أيضاً مجموعة من (المسلّات) المصرية التي ليست تُفهم - وثنياً - إِلَّا وفق معادلة التواصل الماورائي المصري، القائمة على أساس ميتافيزيائي، فذلك يثبت انّ الديانة الرومانية أخذت الكثير عن الفرعونية الباطنية .

ورغم تمتع الدولة الرومانية بنسبة استقرار هي الأكبر عالمياً حينذاك، إِلَّا انّ الغريب فعلاً هو المآل الذي وصل اليه أباطرتها، فطيباريوس خنقه جنده، وكاليجولا قتله حرسه، وكلوديوس مات مسموماً بفعل زوجته، ونيرون منتحرا، واخرون قتلهم جندهم، او ماتوا منتحرين، او تمّ إعدامهم من قبل الشعب . ومن الغريب حدوث ذلك في دولة أشبه ما تكون بدول حديثة كالولايات المتحدة الامريكية او المملكة المتحدة .

ولعلّ المشترك الأهم بين الديانتين الفرعونية والرومانية كان مبدأ (العرافة)، بمعنى التنبّأ بالمستقبل، ولم يكن بنحو ساذج كما هو الحال في بعض مدّعي ذلك اليوم، بل كان قائماً على قياسات فلكية وماورائية، احتاجت الى انشاء مدارس، كما خضع أصحابها لمراحل من التعلّم وادراك طرق التواصل مع الآلهة المفترضة .

المشترك الاخر بين الفراعنة والرومان كان ملفتاً للنظر، فهم رغم انتصاراتهم وقوتهم العسكرية - في أوجها - لم يحاولوا إقامة حاميات عسكرية دائمة في بلاد ما بين النهرين (العراق)، على عكس ما فعله الإسكندر المقدوني، الذي اختار بابل مركزاً لتحركه في اسيا، ثمّ اختار ان يموت فيها . والذي أراه انّ هذه العلاقات المختلفة بين الجانبين مع العراق كانت قائمة على أسس عقائدية تاريخية، تدخّل في إيجادها خضوع الإسكندر لأساتذة ينحدرون عن المدرسة الرافدينية علميا، مثل (أرسطو)، الذي استدعاه الملك المقدوني (فيليب الثاني) لتعليمه، فيما كان الرومان - تبعاً للفراعنة - يستشعرون العداء العقائدي مع الشعب العراقي، فضلاً عن العداء السياسي، الذي كان من الممكن معالجته بنحو ما تمّ في البلدان التي احتلتها هذه الدول لولا الرسوخ التوحيدي للعقيدة العراقية .

وقد وجدت التمائم الفرعونية السحرية مساحة كبيرة للانتشار في العصرين اليوناني والروماني . ومثال ذلك رواج (لوحات حورس)، التي هي لوحات صغيرة الحجم، زوّدت بحمالة في احد اطرافها، يتم عليها تصوير الاله الفرعوني (حورس) . وهي رغم وجودها منذ عهود قديمة، لا سيما في عهد الاسرة التاسعة عشر، إِلَّا انها لاقت رواجاً كبيراً في العهد الروماني، واستمرت حتى العهد القبطي . وكانت هذه اللوحات تُستخدم للحماية من المخلوقات الضارّة او المفترسة .

انّ الآلهة الفرعونية التي أخذت عند اليونانيين والرومان اسماءً جديدة، كما هي عادة هذين الشعبين في تغيير المسميات، ظلّت داخل مصر تحمل أسمائها الأصلية، مثل (حورس وابوللونيوس) و(باخوم وهيراكس)، او اسماءً هجينة للتوفيق بين الجانبين الشعبي والرسمي مثل (سيرابيس حابي) .

 

 

في المثقف اليوم