دراسات وبحوث

في نقد العقلانية المبتورة لطه حسين (3): شخصية طه حسين وإنتاجه الفكري

mutham aljanabi2كانت عقلانية طه حسين (1889-1973) هي الأخرى نزوعا نحو التحرر أكثر مما هي تأسيسا فكريا لها. وليس مصادفة أن نعثر على مذاق الحرية والدفاع عنها بمختلف صورها وأشكالها ونماذجها في كل ما كتبه. بحيث يمكننا القول، بأن دفاع طه حسين عن الحرية ينبع في الوقت نفسه من دفاعه عن فكرة الحرية وإدراك قيمتها وأهميتها وأثرها الفعلي بالنسبة لصيرورة الإنسان والمجتمع والدولة والثقافة. بعبارة أخرى، إن الدفاع عن الحرية نابع من كونها فكرة عميقة ودائمة في تفكيره ومواقفه. وقد تكون كلمته عن أن "الكلمة الأخيرة ستكون دوما للحرية" هي احد النماذج الجلية بهذا الصدد. ومن هنا استكماله إياها بعبارة "النار مهما كانت ملتهبة لا يمكنها أن تحرق كتابا"[1]. ومن ثم لا يمكنها أن تحرق الذاكرة والذكرى المتعلقة بمصادر الحرية المتنوعة، تماما بالقدر الذي تجعل من مختلف أشكالها ومستوياتها ونماذجها صورة معقولة ومقبولة بحد ذاتها. والسبب يكمن في كون الحرية مصدر الإبداع العظيم كما أنها الصورة المثلى للوجود الإنساني، أي القوة القادرة على صنع العدالة والسعي الدائم من اجل إيجاد صيغها المقبولة. فقد أدرك طه حسين إشكالية العدل والحرية المعقدة. وأشار بهذا الصدد إلى أنها مشكلة قديمة رغم ظهورها الجلي في القرن التاسع عشر والعشرين. وإذا كان التاريخ القديم والحديث لم يحل هذه القضية على مستوى الفكر والممارسة، فان الأمل يبقى في أن يجري حلها من خلال إيجاد الصيغة المعتدلة[2]. وليس هذا بدوره سوى الإبقاء على فكرة الاحتمال بوصفها توليفا بين الحرية والعقلانية، أي البحث والاجتهاد عن صيغة ممكنة ومحتملة.

ومع إن طه حسين لم يكن ضليعا في ميدان التفكير الفلسفي وفكرة الاحتمال العقلانية، إلا انه كان منهمكا في التعبير الحر عن حرية الفكر والتفكير لما لها من اثر وقيمة بالنسبة للعدل والحق. ففي مجرى تحديد موقفه من "ثورة الزنج" نراه يشير إلى ما اسماه باستنادها إلى تقاليد الخوارج[3]. وبغض النظر عن ضعف دقة هذا الربط، إلا أن من الممكن رؤية بواعث الدفاع عن فكرة العدل كما هي. وهذه بدورها وثيقة الارتباط بالحرية. من هنا قوله، بأن تناول ثورة الزنج وأمثالها في التاريخ الأوربي لا يعني الأخذ بها بقدر ما تعني الإشارة إلى ما في تراثنا من تقاليد عريقة في الدفاع عن العدل الاجتماعي من جهة، وأهميتها بالنسبة للأدباء من جهة أخرى، أي أهمية استلهامها في الإبداع الفني والأدبي[4]. والشيء نفسه يمكن ملاحظته حالما نراه يتكلم عن الحب والعشق في مجال الأدب والشخصية من خلال ربطه بالتحرر العقلي وفكرة الفن. بحيث نراه يجري مقارنة بين ستندال وابن حزم بصدد قضية الحب والعشق، بينما نراه يفرد لعشق اوغست كونت صفحات عديدة توصله في نهاية المطاف إلى القول، بأنك ترى الإنسان ساذجا وهو شديد التعقيد[5]. وبالمقابل نراه يدافع عمن يدعوهم بالشخصيات الحرة العقلية ويتناول فيمن يتناوله شخصيات متنوعة مثل بول فاليري[6] ويزيد بن المفرّغ[7].

إن الحرية بالنسبة لطه حسين هي معقل الثبات بسبب ارتباطها الجوهري بالعقل والمعرفة. بعبارة أخرى، إن الحرية بالنسبة لطه حسين هي حرية مدركة. وسواء سار هو بطريق تحديد الحرية بمعايير الضرورة المدركة أم لا، فإن مما لا شك فيه هو انه جعل منها مصدر الإبداع الأدبي الرفيع والارتقاء الشامل للفرد والمجتمع والدولة. من هنا نراه يشدد على أن "الحرية لا تستقيم مع الجهل. والدعامة الصحيحة للحرية الصحيحة إنما هي التعليم الذي يشعر المرء بواجبه وحقه الفردي والاجتماعي"[8]. ووضع هذه المقدمة أيضا في صلب دعوته عن حاجة مصر إلى ما اسماه بسلوك طريق "تكوين العلماء الأحرار المستقلين". وفي حال عدم قيامها بذلك فإنها ستبقى عالة على أوربا وتخدع نفسها بالأوهام والاستقلال في العلم[9]. وإذا كانت هذه العبارة لا تخلو من بقايا أو فاعلية الاستلاب الثقافي المميز لطه حسين، إلا أن مضمونها العملي يبقى سليما من الناحية المجردة. وضمن هذا السياق أيضا يمكن فهم مظاهر المراهقة الثقافية في أحكامه من فكرة الحرية والعدل والمساواة وحقوق الإنسان. إذ نراه يجعل من بروز هذه الفكرة (الحرية والعدل والمساواة) جزءا مما اسماه بالارتباط الضروري بأوربا وتقاليدها. من هنا دعوته إلى ضرورة تحقيقها من خلال التربية والتعليم السليم، مع ما يترتب عليه من مهمة توظيف الأموال من اجل بلوغ الرقي والاستعداد للدفاع عن الحرية والاستقلال[10].

إن تلازم وتعايش الرؤية الموضوعية والاستلاب الثقافي والمعرفي كان النتاج الملازم للطابع التأملي والجزئي لتوليف العقلانية والحرية. وهذا بدوره لم يكن إلا الوجه الآخر لأثر وثقل التراكم البطيء لفكرة الحرية، ونمو الوجدان، ووعي الذات القومي، والتجديد، والفكرة النقدية، والتنوير، وثقل الضغوط الأوربية الكولونيالية آنذاك، أي ذلك الخليط الهائل الذي أراد طه حسين أن يصهره في بوتقة صغيرة. من هنا طفح الخليط واستحالة صبه في قوالب مناسبة. ولم يكن ذلك معزولا عن كمية ونوعية المتناقضات المبتورة في فكره وتفكيره ومواقفه. لكنها كانت تعمل في الوقت نفسه ضمن إطار توسيع الرؤية العقلية النقدية، والإثارة المعرفية، والتجديد المبهور بكل شيء بما في ذلك بصغائر الأشياء والأمور والأحداث. غير أن هذه النتيجة المبعثرة لكمية التجارب التاريخية كانت في الوقت نفسه الثمن الضروري لفكرة الحرية.

لقد نظر طه حسين إلى الحرية باعتبارها الحافز الأكبر والغاية العظمى القائمة وراء كل إبداع حقيقي، ووراء حقيقة الإبداع نفسه. لهذا كان يكرر بين الحين والآخر عبارات عن "تقديسه للحرية"، بما في ذلك السياسية، والاجتماعية. وإذا كانت هذه الحرية مرتبطة وثيقة الارتباط في آرائه بحرية الرأي، فلأنه أراد من وراء ذلك تحويل اللغة والأدب إلى أن "تدرسا لذاتها"، أي هدم أسس الأيديولوجية التقليدية في تحويل الأدب العربي إلى وسائل لتدعيم الدين والتخلف. ومن هنا دعوته لاستقلالية الأدب ومطالبته برفع هذه الاستقلالية إلى مصاف "العلم الطبيعي"، أي عدم إخضاعه للهيمنة الأيديولوجية والسياسية. واستند في موقفه هذا إلى رؤية منهجية عن موقع الأدب ووظيفته في الوعي الاجتماعي الثقافي. وهو السبب القائم وراء معارضته "للرؤية السياسية" في لأدب. وبالتالي رفضه لفكرة أن تكون السياسة معيارا لفهم تاريخ الأدب وحقائقه، رغم تأثيرها الكبير في تطوره وتنوع مدارسه. وينطبق هذا بالقدر ذاته على موقفه من "الرؤية العلمية" التي حاولت أن تجعل من الأدب علما يتطابق مع العلم الطبيعي. رغم ما لهذه الرؤية من أهمية في تدقيق المعرفة التاريخية بالأدب وشخصياته وإبداعها. وجعله ذلك يركن، في نهاية المطاف، إلى ما اسماه بالفكرة الوسط، أي اعتبار الأدب وسطا بين العلم والفن. وكان يقصد بذلك أن يكون الأدب محببا للناس ومفسرا في الوقت نفسه للظواهر. ومن هنا لم تكن مساعيه الرامية إلى مساواة استقلالية الأدب باستقلالية العلم الطبيعي، سوى الصيغة المناسبة لتحريره من سطوة الهيمنة التقليدية واحتكارها للروح الثقافي، أي كل ما كان يعمل على تحنيط الأدب العربي كما وصل إلينا الآن. وكتب بهذا الصدد يقول: "فما لي ادرس الأدب لأعيد ما قاله القدماء؟ ولا اكتفي بنشر ما قاله القدماء. وما لي ادرس الأدب لأقصر حياتي على مدح أهل السنّة وذم المعتزلة والشيعة والخوارج، وليس لي في هذا كله شأنا ولا منفعة ولا غاية علمية؟[11]. من هنا دعوته إلى ما اسماه بضرورة تحرير الأدب واللغة من التقديس[12].

لقد كانت دعوته إلى حرية الأدب بذاته تعني بالنسبة له أيضا الأسلوب المناسب لتحرير جيله. لهذا أكد على أن جيله المعاصر لا يمكنه أن ينتج تاريخا للآداب العربية بمعناها المعاصر ما لم يحرر نفسه، تماما بالقدر الذي لا يمكنه أن يحرر نفسه من دون أن ينتج آدابا عربية حية[13]. وقد كانت هذه الدعوة قائمة في صلب مشروعه العقلاني النقدي، المتعلق بإدراكه الجديد لمهمة الأدب. فهو يضع في مهمات انتقاده للتيارات التقليدية الأزهرية في مواقفها من الأدب مهمة رفعه إلى مصاف الأدب الحي. بمعنى تخليصه من وظيفته التقليدية كخادم وضيع للاهوت. وبالتالي تحويله إلى أدب مرتبط بمشاعر الناس وحياتهم وقضاياهم[14]. ووضع هذه الفكرة في أساس موقفه من مهمة الأدب بوصفها مهمة الارتباط بالحياة الفردية والاجتماعية والوطنية والقومية بمختلف مظاهرها. بحيث نراه مرة يقول، بأن "الأدب متصل دائما بالحياة الواقعية. وكلما تصبح الحياة شعبية كلما يكون الأدب شعبيا. وهو مسار الحياة الأدبية، لأنه مسار حياة الشعوب"[15].

وليس مصادفة على سبيل المثال أن يقول، بان مهمته دراسة الأدب العربي وتاريخه هو لما فيه من ضرورة بالنسبة للوعي القومي والتاريخي. ومن يجهله ويزدريه لا يحق له الحكم فيه أو عليه. وضمن هذا السياق أشار إلى أن الغاية من وراء جمع المقالات التي كتبها عن حافظ وشوقي تقوم في إثارة "الميل القومي إلى درس الأدب والاعتناء به، وتقوية الذوق الفني وتوجيهه صوب الحياة ومشاكلها ومثلها العليا"[16]. ومن الممكن العثور على التوجه والتوجيه في الحافر القائم وراء قصة (ما وراء النهر) وغايتها[17]. فمع أنها لم تكتمل، لكنها تسير ضمن سياق القصة الاجتماعية، وضمن سياق أفكار ومفاهيم وقيم ومواقف طه حسين الاجتماعية. بمعنى وضع الأدب في خدمة المجتمع والعدالة والحق. وسوف يقول طه حسين في وقت لاحق إلى ثورة يوليو لم تكن معزولة عن اثر الأدب الإصلاحي، وإن للأدب دوره ومكانته فيها. ونعثر على ذلك على امتداد كتابات الأدبية والاجتماعية. فنراه يؤسس لفكرة العدل والدفاع عنها ولكن بمعايير الحكاية والخطابة كما هو الحالة على سبيل المثال في (المعذبون في الأرض). إذ نعثر فيه على انتقاد متنوع لحالة البؤس والخراب المادي والمعنوي في مصر، عبر انتقاد الواقع[18]. ومع أن "قصص" (المعذبون في الأرض) واقعية فنية إلا أنها تتبخر في مجرى القراءة كما لو أنها لا شيء. والشيء الوحيد الباقي فيها هو رغبتها في إيصال فكرة، شأن كل تلك الروايات الحماسية لفرح انطون وأمثالها التي لا يمكن قراءتها الآن إلا من جانب حثالة الفكر اليساري المتعصب أو نصف الجاهل والمولع (بالأيديولوجية). وليس مصادفة أن يحتوي الكتاب على قصص عن صالح وقاسم وخديجة والمعتزلة (مع أن العنوان لا علاقة له بفرقة المعتزلة بقدر ما يرتبط بعائلة بائسة[19]! لكنها تصب في مسار المهمة السياسية والاجتماعية للأدب كما فهمها طه حسين.

لقد أدت غلبة "المهمة" الاجتماعية والسياسية على القيام بما لا يرغب القيام به من الناحية المجردة. من هنا يمكن فهم قوله بأنه "أكثر من بنفر من إلقاء دروس الوعظ والإرشاد وتنبيه الغافلين وما شابه ذلك إلا انه مضطر لذلك انطلاقا من إدراكه لواجبه الوطني الصادق والكرامة الإنسانية[20]. وأن يقول في حالة أخرى، بأنه "لا يحب الديمقراطية المحافظة ولا المعتدلة، ولا اقتنع بالاشتراكية الفاترة، وإنما أياسر إلى أقصى ما أستطيع". ولا علاقة لهذا "الغلو" بغلو الراديكالية السياسية أيا كان شكلها ومحتواها بقدر ما أنها مؤشر على بعض معالم الرؤية النقدية الأدبية والاجتماعية التي تشطح بين الحين والآخر، خصوصا إذا أخذنا بنظر الاعتبار خلو فكر وتفكير طه حسين، شأن كل رعيل وممثلي عقلانية الفطام التاريخي من رؤية منظومية. والشيء الوحيد القادر على تنظيم هذا الخلل أو التعويض عنه هو مزاج الرؤية النقدية وتجانسها في ميدان المواقف والأحكام الأدبية والاجتماعية والسياسية لحد ما. ومن الممكن العثور على سبيل المثال في موقفه من التربية والتعليم نموذجا على هذه الحالة. فهو يدعو للفكرة الديمقراطية في التعليم، على أن يجري من خلال تعليمها[21]. كما يدعو إلى أن "تكفل الديمقراطية للناس الحياة. ويجب قبل كل شيء أن تكفل لهم القدرة على الحياة"[22]. ويستكمل ذلك بفكرة توحيد المناهج وإعلاء فكرة الوطنية والعلم والطابع الاجتماعي، مع إقراره بان ذلك لا يتعارض مع التنوع والاختلاف لكن بشرط وجود الحد الضروري من المناهج والبرامج التي تكفل "تكوين الشخصية الوطنية في نفس التلميذ. ويركب في طبعه الاستعداد لتثبيت الديمقراطية وحماية الاستقلال"[23]. من هنا مطالبته بحصر التعليم بيد الدولة، أي أن توكل للدولة إلى أمد بعيد.على أن يبنى ذلك على أساس "التنظيم الدقيق والإشراف القوي والملاحظة المتصلة"[24]. بل ونراه يجعل من الدولة بداية ونهاية القوة الحاكمة في "تكوين العقلية المصرية". وكتب بهذا الصدد يقول بأن "الدولة هي المسئول الأول، والمسئول الأخير عن تكوين العقلية المصرية تكوينا يلاءم الحاجة الوطنية الجديدة.... إنها تنحصر في تثبيت الديمقراطية وحماية الاستقلال"[25].(!)

إن هذا التناقض الجلي والعميق و"المستقبلي"، أي الخطر بالنسبة لمستقبل الثقافة في مصر ينبع أولا وقبل كل شيء من ثقل المرحلة وثقل فكرة المهمة الاجتماعية والسياسية وصهرهما في كل واحد. وهذا بدوره ليس إلا النتاج غير المباشر لانعدام الرؤية المنظومية مع ما يترتب عليه من ضعف أو انعدام تنظيم الأفكار والمواقف والأحكام والبدائل. والقضية هنا ليست فقط في استحالة تثبيت الديمقراطية في دولة خديوية وبالأخص بعد أن يجري تحويلها إلى المسئول الأول والأخير عن صنع"العقلية المصرية"، بل وبما فيها من خطورة مستقبلية. بعبارة أخرى، إن هذا الغلو هو الوجه الآخر للرغبة العميقة في تمثل الإمكانات الواقعية في الدولة والمجتمع من احل تجاوز الهوة الواسعة بين الواقع المصري والصيغة النموذجية التي وجدها آنذاك في أوربا. الأمر الذي طبع اغلب أفكاره بصدد التربية والتعليم بطابع سليم وعملي رغم الثغرات المنتشرة في نوعية تفكيره وتأسيسه للمواقف والأحكام. ومفارقة الظاهرة هنا تقوم في أن مصدر هذا الخلل يكمن في تعايش وتنافر الرؤية النقدية والواقعية والمستقبلية. وذلك لان الغاية التي كان يسعى إليها بهذا الصدد تقوم في الدعوة لإعارة الاهتمام الأكبر بالتعليم وصرف الأموال من اجله وتحريره وتوسيعه والاهتمام بالتلاميذ من الناحية المادية والمعنوية والصحية[26].

النزعة المصرية – وطنية ضيقة أم قومية مبتورة؟

فقد وجد طه حسين في مصر آنذاك كيانا مريضا. ونستطيع تلّمس ورؤية وسماع معاناته وحسّه الوطني والإنساني العميق والعقلاني أيضا في الموقف من حالة مصر وعلاقتها بأوربا بشكل عام وفرنسا بشكل خاص. وليس مصادفة أن نعثر في كتاباته الاجتماعية آنذاك على كتلة من المواقف المتناقضة والاغتراب بسبب التاريخ الحديث. لهذا نسمعه يقول، بأنه وأمثاله بذلوا الغالي والرخيص من اجل حرية مصر وتطورها ونجاحها، بينما يروها معقودة اللسان والأيدي وفاقدة الحركة، على خلفية إصابة مصر آنذاك بمرض الكوليرا. من هنا ظهور السؤال: ما هو الشيء الذي تجاوزته مصر؟ أنها مازالت تعاني من مختلف الأمراض (الكوليرا وما شابه ذلك). انه مؤشر على بقائها ضمن حيز التخلف رغم كل ما قيل ويقال. ويختتم المقال بسؤال بسيط: بأي طريق تسير مصر؟ طريق الحياة أم طريق الموت[27]؟ انه سؤال المثقف الكبير في مواجهة إشكاليات العصر والنفس ولكن دون الوقوع في حالة اليأس والقنوط.

وقد تكون الفكرة المصرية، أو الوطنية المصرية المرفوعة إلى مصاف الرؤية القومية احد نماذج الغلو الواقعي آنذاك في إدراك وتأسيس مهمة الأدب الاجتماعية والسياسية والوطنية. من هنا نراه يقول بوجود "صورة جديدة للقومية والوطنية قد نشأت في العصر الحديث[28]. ولم تكن هذه الصيغة الأولية في الواقع سوى الشكل الجديد لنمو الفكرة القومية الجديدة التي لم تع ذاتها بعد بمعايير المستقبل، رغم أنها تتكلم عنه. وذلك لأنها كانت محكومة بثقل التقاليد المصرية المتراكمة والمشوهة لحد ما من تفاعل السيطرة الأوربية المباشرة وغير المباشرة على الوعي الاجتماعي والسياسي والأدبي الجديد، أي المنبهر بتقاليد الغريب القريب، وهيمنة التقاليد الغريبة والقريبة لماليك العائلة الخديوية.

لهذا نراه يظهر بصورة الوطني المصري الحر المدافع عن الاستقلال السياسي والاجتماعي والمعرفي[29]. وكذلك في شخصية المدافع عن المجتمع وحقه في إدارة شئونه الذاتية بنفسه، ومن ثم معارضة فكرة الوصاية على المجتمع كما لو انه قاصر[30]. بل ويتعدى ذلك إلى مجال الدفاع عن مظاهر الاحتجاج والمقاومة الاجتماعية السياسية الوطنية (المصرية) والبحث عن القيم الجميلة والنبيلة فيها والانتماء إليها[31]. وان يضع هذه المواقف في صورة نقدية ساخرة عندما كتب مرة يقول "فليهنأ الأزهر برضا الحكومة، ولتهنأ الجامعة برضا الأمة وغضب الوزراء"[32]. وعندما ينتقد حالة الإدارة المصرية، فإننا نراه يتناولها مقارنة بحالة العراق أيام زياد بن أبيه! انطلاقا من أن الشيء بالشيء يذكر[33]. والشيء نفسه يمكن قوله عن محاولاته تحديد ماهية النزعة المصرية وتأسيسها. بمعنى الانطلاق من الواقع من اجل تلافي الخلل فيه. وانطلق هنا من مقدمة خطابية مقبولة بمعايير الخطابة الاجتماعية تقول، بان "الله هو الوحيد القادر على خلق كل شيء من لا شيء. أما الإنسان فعاجز". من هنا فان "مصر لن تبتكر ابتكارا ولن تخترع اختراعا، ولن تقوم إلا على مصر القديمة الخالدة، وبأن مستقبل الثقافة في مصر لن يكون إلا امتدادا صالحا راقيا ممتازا لحاضرها المتواضع المتهالك الضعيف"[34]. وهي فكرة سليمة من حيث تأكيدها على وحدة الماضي والحاضر بالنسبة للمستقبل. لكنها فكرة مبتورة حالما يجري وضعها ضمن سياق الفكرة الوطنية والقومية وذلك لطابعها الخطابي. وذلك لأنها تجمع كل ما يمكن جمعه من وقائع ودقائق وحقائق في خواطر اقرب ما تكون إلى خطاب يدغدغ الوعي المسطح لا العقل النقدي. وانطلق في تأسيس فكرته هذه من مقدمة تقول، بان الدين واللغة ليست قواما وأساسا للوحدة السياسية وتكوين الدول. وان تطور الحياة الإنسانية قد قضى منذ عهد بعيد على الدور الذي يمكن أن تقوم به "وحدة الدين" و"وحدة اللغة" بهذا الصدد[35]. والمسلمون أنفسهم قد تخلوا عن هذا المبدأ منذ زمن طويل. وأقاموا سياستهم على المنافع العملية[36]. بل إن تجربة الخلافة والإسلام دليل على ذلك. وكتب بهذا الصدد يقول، بان المسلمون فطنوا إلى جوهرية المنافع العملية وليس الدين واللغة. وهو أساس الحياة الأوربية، أي المنافع الزمنية (يقصد الدنيوية) لا على الوحدة المسيحية ولا على تقارب اللغات[37]. وبغض النظر عما في هذا التصوير التاريخي من ضعف شديد للرؤية التاريخية، بمعنى انه ينظر إلى حصيلة التطور الأوربي بمعزل عن تاريخه الفعلي، أي ينسى تاريخ هذه العملية، بحيث تصبح أوربا بالنسبة له كائنا جوهرانيا قائما بذاته ولذاته منذ القرن التاسع عشر. إلا أن هذا الخلل الذي هو جزء من نمط الخطابة الفكرية، كان يهدف في آراء ومواقف طه حسين إلى تأسيس أهمية وفكرة الوطنية والقومية (المصرية) الحديثة. من هنا محاولته استرجاع الماضي بطريقة تجعل من مصر كما يقول "أول من استرجع شخصيته القديمة التي لم ينسها في يوم من الأيام"(!!). ولم تهدأ في محاولاتها هذه إلا حالما استعادت نفسها في ظل ابن طولون(!!)[38]. بل إن تاريخ مصر مليء بالسخط والتذمر زمن السيطرة الأجنبية (الرومانية الغربية والشرقية). والشيء نفسه يمكن قوله عن "السلطان العربي" والسيطرة التركية.

إن هذا الخلط الفكري في المواقف كان نتاجا لتمازج الرؤية النفسية والعقلية الساعية إلى إبراز أولوية النزعة المصرية بوصفها نزعة وطنية. بمعنى أنها كانت تخلو من أبعاد الرؤية القومية العربية رغم أنها تتضمنها بصورة منفية. وهو خلل يعكس أولا وقبل كل شيء خلل التطور التاريخي أو بصورة أدق زمن التجزئة وانعدام التاريخ السياسي الموحد للعالم العربي. الأمر الذي جعل من الممكن الحديث عن "ثبات" مصر زمن "السلطان العربي" ومقارنة ذلك بغيره من "الثبات" أمام الغزو الخارجي. كما انه الخلل الذي جعل من الممكن إدراك الكل في الجزء وليس بالعكس. وبالتالي لم تكن هذه الهفوة المنطقية سوى الزلة العقلية في متاهات ودهاليز الانحلال السياسي والتجزئة الثقافية التي وقع فيها العالم العربي لعدة قرون بحيث جعلته أجزاء مبعثرة أمام مختلف أشكال ومستويات وقوى الغزو الخارجي، ومن ثم تحوله إلى فلك من أفلاكها أو طرف على حواشيها بعد إن كان مركز العالم الحضاري ومصدر الثقافة الكونية.

من هنا يمكن فهم بواعث هذه الرؤية المتناقضة من حيث مقدماتها وغاياتها والمتجانسة من حيث مواجهتها لحالة التجزئة والخراب المادي والمعنوي الذي حاولت مصر، قبل غيرها من الأقطار العربية، الخروج منه. وضمن هذا السياق يمكن فهم موقفه من حالة مصر والعالم العربي ككل بعد ما اسماه بالغزو التركي، الذي لعب من الناحية الثقافية نفس الدور الذي لعبه البرابرة في قتل الثقافة اليونانية والرومانية، كما يقول طه حسين. إلا أن مصر "ثبتت أمام غارة الترك. إنها آوت الإسلام وعلومه وحضارته وتراثه المجيد"، فما بال "قوم ينكرون على مصر حقها في أن تفاخر بأنها حمت العقل الإنساني مرتين، حين آوت فلسفة اليونان وحضارته أكثر من عشرة قرون، وحين آوت الحضارة الإسلامية وحمتها إلى هذا العصر الحديث"[39].

إننا نعثر في هذه العبارات على صدى الرؤية الوطنية والنقدية والتنويرية في الوقت نفسه، رغم تأسيسها الخاطئ. والقضية هنا ليست فقط في أن هذه المواقف والأحكام تحتوي على تضخيم لا علاقة له بالتاريخ الفعلي، انطلاقا من إن "الحفاظ على الثقافة اليونانية والإسلامية" لم يكن من النصيب الأكبر لمصر،  بقدر ما كان من نصيب العراق وسوريا والأندلس، بل ولخطئها الثقافي وخطيئتها القومية. لكنها كانت تتمثل ثقل التقاليد النفسية والخطابية المصرية آنذاك. بعبارة أخرى، إنها كانت تتمثل في غلوها ملامح الوطنية المصرية الصادقة بوصفها مرحلة من مراحل الوعي الذاتي الثقافي والقومي أيضا. وفي هذا كانت تكمن فضيلة هذا الغلو أيضا. وذلك لان الجذر الثقافي لتفكير طه حسين وميدان نشاطه الفكري ظل من حيث الجوهر حبيس الثقافة العربية والإسلامية.

فإذا كانت النزعة المصرية تطالبه بالقول بأن اللغة والدين ليسا مقومات جوهرية بالنسبة للدولة والأمة، فإن جذوره الثقافية وثقلها الكاسح في هويته وكينونته كانت تفرض عليه قول العكس. وهو تناقض نسبي وجزئي كان يتغلغل في كل ما كتبه طه حسين، شأن كل التناقضات الكثيرة في فكره ومواقفه. وذلك لأن هذه التناقضات الجزئية كانت محكومة بغياب الرؤية المنظومية والفلسفية. لهذا نراه يدافع دفاعا شديدا عن اللغة العربية قائلا عنها بأنها "لغتنا الوطنية، ومقوم شخصيتنا القومية"[40]. ويقف موقف المعارض والناقد لمحاولات الأزهر احتكار سطوته "الروحية" على اللغة العربية. إذ اعتبر العربية لغة الحياة كلها بالقياس إلى أصحابها، فيجب أن يكون شأنها شأن مرافق الحياة جميعا. لهذا لا بأس أن تأخذ الدولة على عاتقها مهمة الاهتمام والإعداد لها التعليم[41]. كما نراه يقف بالضد من محاولات جعل العامية لغة. وبالمقابل يدعو ويعمل لتعليم العربية الفصحى، باعتبارها "لغة القرآن والحديث ولغة أسلافنا وآدابهم. أما العامية فهي مجرد لهجة مليئة بالفساد من حيث الوضع والشكل"[42]. بل ونراه يطبق ذلك على الموقف من النصارى (الأقباط)، الذين "يتلون صلواتهم في لغة عربية محطمة اقل ما توصف به أنها لا تلاءم كرامة الدين.... الأقباط مصريون فيجب أن يتثقفوا في أمر دينهم ودنياهم كما يتثقف المصريون. واإن العربية هي اللغة الوطنية لمصر فيجب أن يتقنها الجميع بغض النظر عن الدين"[43].

لم تكن هذه الأفكار معزولة عن تجربته الحياتية وأيامها المريرة كما صورها في كتاب (الأيام)[44]، والتي عكست بصورتها الخاصة وضعية العالم العربي واختلاجاته الداخلية بشكل عام، والمصرية بشكل خاص، رغم خلو (الأيام) من الأبعاد الدرامية واقترابها من النص التقريري. بمعنى مظهرها الأدبي وضعفها الفني. الأمر الذي جعل منها معاناة تاريخية اجتماعية أكثر مما هي معاناة فكرية شخصية. لكننا نعثر فيها على صدى مرحلة الانكسار والصعود العربي - المصري في الوقت نفسه، أي انكسار التقاليد القديمة وصعود الثورة، وانكسار الثورة وصعود الوعي المتشكك، وانكسار التشكك وصعود العقلانية الايجابية. وإذا كانت هذه الصيغة شكلية في مظهرها، فإنها تحتوي في مضمونها على واقع العملية التاريخية المنعكسة في تطور النزعة النقدية الأدبية لطه حسين وقيمتها العقلانية بالنسبة للثقافة العربية الحديثة ككل، أي كل ما حدد بدوره مفارقة إبداعه العلمي والثقافية. وهذا بدوره كان وثيق الارتباط بشخصيته.

إن المفارقة الكبرى لشخصية طه حسين تكمن في جمعه بين أضداد حية وأخرى ميتة، كما لو انه يتمثل بصورة دقيقة أنساق التناقض المبتور بين الشك واليقين والنقد والتطمين الذي هيمن عليه بقدر يتكافأ مع هيمنته على أسلوبه في التفكير والمواقف والأحكام. إذ يمكن وضع كل فكر طه حسين في عبارة واحدة تقول: "إنني اجزم لكنني اشك"! وما بينهما يتراوح كل تفكيره ومواقفه وأحكامه. لهذا يسهل السير معه إلى النهاية، تماما كما يستحيل الاطمئنان والركون إلى ما فيه. ومع كل يقين شك يوازيه دون أن يرتقيا إلى مصاف المنظومة. من هنا تعايش مختلف الأفكار والأحكام المتضاربة. والثبات الوحيد هو للقيم. وهذا بدوره لم يكن معزولا عن تجربته الفردية وشخصيته العلمية والاجتماعية والوطنية والثقافية. لكنها شخصية لم تتكامل بمعايير الرؤية المنهجية، بقدر ما كانت تسرح وتمرح بقوالب متناقضة.

فعدما وصفوه مرة بأنه كاتب برجوازي أجاب: "لست كاتبا برجوازيا، وما أحببت أن أكون برجوازيا، وإنما رجل شعبي المنشأ والتربية، وشعبي الشعور والغاية أيضا". كما يمكن للمرء "أن يوصفني بما يشاء ولكني لست ارستقراطيا ولا برجوازيا". وعندما وصفوه مرة بالفوضوي في الأدب، فانه قبل هذا التوصيف استنادا إلى فكرته عن أن لا يستطيع رؤية الأدب وتصوره على غير هذه الحالة، بمعنى اعتماده على الحرية المطلقة بلا قيود ولا تخضع لنظام أو قانون[45]. ووسع هذا المدى على مواقفه الاجتماعية والسياسية والثقافية العقلية منها والوجدانية. ومن المكمن رؤية ذلك على أمثلة كثيرة يمكن العثور عليها في كتاباته العديدة. كما يمكن الكشف عنها على سبيل المثال لا الحصر في مثال نموذجي عندما نراه ينتقد حالة "الضمير الأدبي" أي انفصام الشخصية وخضوع كل شيء لاعتبارات ثانوية[46]. لهذا نراه يتناول في احد أحاديثه (مقالاته) قضية "نزاهة الأدب" مقابل قضية "نزاهة الحكم"[47]. بمعنى الصيغة التي تتزاحم فيها وتتراكم الشخصية الفكرية والاجتماعية والسياسية والأدبية على أساس وحدة العقل والوجدان. لكنها صيغة أشبه ما تكون بما في ذلك من حيث مظهرها بأولئك القصاصين الكبار الذين كانوا يملئون الجوامع والمساجد والمحلات والأزقة في العهود السالفة، كما نراها على سبيل المثال في كتاب (من أدب التمثيل الغربي)[48]. والشيء نفسه يمكن قوله عن كتاب (الفتنة الكبرى) وغيره من كتبه المشهورة. (ينبع.....)

***

 

ا. د. ميثم الجنابي

.....................

[1] طه حسين: ألوان، دار المعارف، القاهرة، ط6، 1981، ص231 (وقد تكون هذه العبارة ترجمة ير دقيقة عبارة التي نطق بها بوشكين والقائلة، "إن المخطوطات لا تحترق".

[2] طه حسين: ألوان، ص250

[3] طه حسين: ألوان، ص165

[4] طه حسين: ألوان، ص167، 187.

[5] طه حسين: ألوان، ص148-163

[6] طه حسين: ألوان، ص 51-64

[7] طه حسين: ألوان، ص 66-75

[8] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1993، ص78

[9] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص208.

[10] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص126.

[11] طه حسين: من تاريخ الأدب العربي، بيروت، دار العلم، 1978، ج1، ص55.

[12] طه حسين: من تاريخ الأدب العربي، ج1، ص55.

[13] طه حسين: من تاريخ الأدب العربي، ج1، ص54.

[14] طه حسين: من تاريخ الأدب العربيج1، ص15-16.

[15] طه حسين: ألوان، ص205.

[16] طه حسين: حافظ وشوقي، القاهرة/ مكتبة الخانجي، المقدمة.

[17] طه حسين: ما وراء النهر، دار المعارف، القاهرة، ط6، 1986

[18] طه حسين: المعذبون في الأرض، القاهرة، الشركة العربية للطباعة والنشر، العدد 6، 195، ص8. وليس مصادفة أن تجري مصادرة هذا الكتاب ومنعه حالما طبع بعد أن جرى جمعه من مقالات متفرقة.

[19] طه حسين: المعذبون في الأرض، ص64.

[20] طه حسين: المعذبون في الأرض، ص118.

[21] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص60-61.

[22] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص76.

[23] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص69-70.

[24] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص60

[25] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص75.

[26] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص82-108

[27] طه حسين: المعذبون في الأرض، ص151

[28] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص74.

[29] طه حسين: حديث المساء، دار العرب، القاهرة، ط1، 1983، ص 36-46.

[30] طه حسين: حديث المساء، ص 50.

[31] طه حسين: حديث المساء، ص76.

[32] طه حسين: حديث المساء، ص94.

[33] طه حسين: حديث المساء، ص100

[34] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص12.

[35] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص18.

[36] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص19.

[37] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص19.

[38] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص19.

[39] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص27-28.

[40] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص224

[41] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص227.

[42] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص231.

[43] طه حسين: مستقبل الثقافة في مصر، ص347.

[44] طه حسين: الأيام، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1994. ففيها يتكلم طه حسين عن "الفتى" أي ليست بصيغة الأنا. وتعكس هذه الصيغة الوحدة الخفية لفقدان الفردية من جهة وطوفان  الموضوعية من جهة أخرى. لكنها مليئة بالحشو، شأن كل ما كتبه طه حسين. بعبارة أخرى أنها لا تخلو من دراما شخصية شأن كل رواية حية وصادقة، لكنها تبقى ركيكة. وذلك لان التجربة الحياتية لطه حسين تبقى تجربة محصورة. من هنا دورانها حول الثقافة والتحصيل العلمي، أي اقرب ما تكون إلى تقرير علمي حياتي بصيغة أدبية. لو قيل أنها لشخص آخر لم يقرأها احد. أي أنها بلا جمال ولا جلال. إن مأثرتها ليس فيها (لأنه لا فكر فيها ولا أصول) بل بسمعة مؤلفها.

[45] طه حسين: حديث الأربعاء، دار المعارف، القاهرة، ط 12، 1993، ج3، ص208

[46] طه حسين: حديث الأربعاء، ج3، ص217-218

[47] طه حسين: حديث الأربعاء، ج3، ص224-230

[48] طه حسين: من أدب التمثيل الغربي، دار العلم للملايين، بيروت، ،1983.

 

في المثقف اليوم