دراسات وبحوث

علي عبد الرازق وإشكالية النفي المبتور للروح الإصلاحي (1-2)

ميثم الجنابيلم يكن انكماش التيار الإصلاحي الإسلامي في السلفية الجديدة لمحمد رشيد رضا قدرا لا بد منه، كما لم يكن بالإمكان التخلص منه كليا. فهو الكمون المتناقض في مدارج الصيرورة المعاصرة لوعي الذات العربي.

فالافتراق "التاريخي" الحاصل في مسار الاصلاحية الإسلامية هو افتراق مكوناتها المتناقضة. وهي عملية طبيعية تلازم كل تيار أصيل في محاولاته تجديد ما يمكن تجديده، أو توليف ما يمكن توليفه في مواجهة المستجدات الكبرى في الحياة الاجتماعية والسياسية. فالأخيرة هي المحك الدائم للمعاصرة والمعيار الدائم لما في الأفكار من قيمة واقعية أو وهمية، وصدق وكذب، وصواب وخطأ. وإذا كان من الصعب بالنسبة للإصلاحية الإسلامية أن تجادل موضوعاتها الأولى فلأنها كانت في ردودها تختمر في "واحدية" الدولة الاستبدادية. وحالما جرى انهيارها مع نتائج الحرب العالمية الأولى، فإن تشرذم مكوناتها الدولية والقومية قد رافقه بالضرورة وعي الحرية المتزايدة في مشاريع الرؤية السياسية والثقافية.

وفد أدت هذه العملية إلى انتقال هموم الإصلاحية الإسلامية بأقدار متفاوتة إلى ما في ذاتها من عناصر من أجل إعادة لحمها بالشكل الذي يستجيب "لتحدي" الظروف الجديدة. وبهذا المعنى كانت محاولات محمد رشيد رضا في (الخلافة والإمامة العظمى) التنظير المناسب لإدراك قيمة الدولة والسلطة في الكينونة العربية ما بعد انهيار العثمانية وسلطتها التركية (القومية). إذ تعكس هذه العملية في ذاتها تبلور العناصر الفكرية لوعي الذات التاريخي والسياسي والدولي والأدبي. وليس مصادفة أن تظهر حينئذ تلك الأعمال التي أثارت ردود الفعل العارمة كما هو الحال بالنسبة لكتاب (الإسلام وأصول الحكم) و(نقد الشعر الجاهلي). فمن الناحية الفكرية ليس في ذلك ما يعاب ويستهجن، أما من الناحية التاريخية فقد كان ذلك رد الثقافة المتحررة للتو على ذاتها. فقد استثار في حفيظتها التقليدية أوليات النزوع الباحث عن مخارج متعددة. ومن ثم فسح المجال للمرة الأولى أمام شرعية التعدد الفكري ومعقولية البدائل الكبرى بالنسبة للدولة والمجتمع. وبالتالي تجاوز التقليدية المضخمة في أحكامها الجزئية عن واحدية الثقافة المتهرئة، التي كانت مستعدة للتضحية بكل شيء من أجل قمع كل تحد مهما كان صغيرا لقاموسها العقائدي.

إننا نقف أمام واقع التوسع الجديد للتجربة الذاتية وتحررها من قيود العقائد. وبالتالي انقلاب ذخيرتها الفكرية المتجمعة في غضون قرن من الزمن باتجاه مواجهة مكوناتها الذاتية نفسها. وبالتالي، العمل فيها بالشكل الذي يمكّنها من رؤية ذاتها في مرآتها الخاصة. وهي الظاهرة الجلية في ما يمكن دعوته بخفوت الانتقاد الوجداني للأنا المتصيرة في إمكانيات الدولة ومشاريع الفكر السياسية، ومن ثم تغير أولوية الاهتمام الفكري وانتقاله من ميدان السياسة إلى ميدان الفكر. ولا يمكن عزل ذلك عن واقع الكينونة التاريخية الجديدة للدولة العربية.

وبهذا المعنى يمكن القول بأن (الإسلام وأصول الحكم) لعلي عبد الرازق (1888-1966) لم يكن ردا سياسيا على مساعي ملوكية مصر لاستحواذها المحترف على الرمز الثقافي الدولي السياسي وتوظيفها بما يخدم ترميم ضعفها السلطوي، بل ردا فكريا على التيار السلفي لمحمد رشيد رضا في تنظيره "للحكومة الإسلامية". ومن ثم، فإنه كان ردا فكريا سياسيا لمشروع الدولة والثقافة المفترض رؤيته في آفاق النهوض الجديد للعالم العربي[1].

فقد كان على عبد الرزاق في نفيه للاتهامات التي وجهت إليه من جانب الأزهر والسلطة عن انتمائه لبعض الأحزاب السياسية، أو تأييده لها، صادقا مع نفسه. لكنه صدق يعكس حوافز الرد المهذب بوداعة الانتماء التقليدي للسمو العلمي. تماما بالقدر الذي كان مميزا لمحمد عبده وأمثاله. ولهذا شدد على انه رجل دين ورجل شريعة. وانه لم يحمله على وضع كتابه إلا غاية علمية. وليس لموضوع كتابه علاقة بالسياسة. وإن كتابه لا يخدم مآرب السياسة[2]. فمن الناحية النفسية كان التخوف من السياسة انعكاسا للإدراك المباشر والسطحي لحد ما لوظيفتها. مما يعكس بدوره ثقل الروح الأخلاقي في تقييم الصراعات الاجتماعية وتناحر المصالح. ومن الناحية التاريخية يعكس واقع عدم اكتمال الدولة ومؤسساتها. وبالتالي عدم تحول السياسة إلى الوسيلة العقلانية والفعالة في رؤية وصراع المصالح الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقومية. الأمر الذي حوّلها أيضا إلى جزء من المآرب والمشارب السياسية والعقائدية. وبهذا المعنى كان إصراره على البقاء في حيز الدين والعلم، هو التعبير المناسب عن تناقض العناصر التقليدية والراديكالية في الرؤية النقدية العقلانية لتراث الإصلاحية الإسلامية. إذ لم يعن الابتعاد عن مآرب السياسة هنا سوى الاقتراب من رؤيتها العلمية. كما لم يعن ذلك من الناحية التاريخية، سوى النقد الأكثر عقلانية لانحراف الإصلاحية الإسلامية النظري عن تراثها الإصلاحي المتراكم في غضون قرن من الزمن. ولهذا ابتدأ وانتهى في (الإسلام وأصول الحكم) بمناقشة الفكر السياسي ذاته.

فقد شدد علي عبد الرازق على واقع إهمال التقاليد الإسلامية للبحث في القضايا المتعلقة بمصدر الخلافة وقوتها وضعفها، أي الجوانب المتعلقة بشرعيتها وفائدتها. فالفكر الإسلامي يأخذ المسألة الأكثر أهمية بالنسبة لوجوده التاريخي كما هي دون أن يحلل مكوناتها[3]. كما أنها تقاليد فكرية وسياسية شحيحة على خلفية إبداع الثقافة الإسلامية وانجازاتها الهائلة في مختلف جوانب الحياة الأخرى. فقد كان حظ السياسة فيهم بالنسبة لغيرها من العلوم، كما يقول علي عبد الرازق، أسوء حظ. وإن وجودها بينهم كان أضعف وجود. إذ أننا لا نعرف لهم مؤلفا في السياسة ولا مترجما ولا نعرف لهم بحثا في شيء من أنظمة الحكم وأصول السياسة[4]. وهي حالة غريبة بالنسبة لمجتمع تميز بكثرة صراعاته بما في ذلك ما يخص مسألة الخلافة وظهورها، أي كل ما كان يستلزم ضرورة الاهتمام به والبحث فيه سواء ما له علاقة بقضايا الحكم وتحليل مصادره ومذاهبه، ودرس الحكومات وكل ما يتصل بها، أو نقد الخلافة وما تقوم به، باعتباره الحصيلة الملازمة لعلوم السياسة. وبهذا المعنى كان ينبغي للعرب كما يستنتج علي عبد الرازق، أن يكونوا أحق بهذا العلم من غيرهم[5]. أما التبرير القائل، بأن ذلك قد يعود إلى أن الخلافة تقوم عند المسلمين على أساس البيعة الاختيارية (الحرة)، فإن الواقع يدحضها. وذلك لأن الخلافة في الإسلام لم ترتكز، كما يستنتج علي عبد الرازق، إلا على أساس القوة الرهيبة[6]. مما جعله يستنتج بأنه لا سبب حقيقي لذلك غير خوف السلطة نفسها من هذا العلم. وذلك لأنه "من أخطر العلوم على الملك، بما يكشف عن أنواع الحكم وخصائصه وأنظمته إلى آخره. لذلك كان حتما على الملوك أن يعادوه"[7].

وبغض النظر عما في هذه الأحكام من مجافاة تجاه التراث الفكري الإسلامي السياسي، وعن سطحيتها في تحليل علاقة الدولة بالفكر السياسي، إلا أنها تعكس في مساعيها المباشرة، المواجهة الفكرية للانحرافات الأولى في كل من صيرورة الدولة العربية المعاصرة (المصرية) والبدائل الإسلامية في محاولاتها النظرية الجديدة لتأسيس الفكرة التيوقراطية. إذ لم يعن تشديده على أن تاريخ الخلافة هو تاريخ القوة المتسلطة، وإن الخلافة ارتكزت على القوة، سوى الحقيقة التي تجعل كل ما غير ذلك أمورا لا قيمة لها مثل مناقشة الفكرة القائلة، بأن هذا الواقع المحسوس جاريا على نواميس العقل أم لا، وموافق لأحكام الدين أم لا[8]. بعبارة أخرى، لقد كانت آراءه هنا تصب باتجاه نقض الآراء التي تضافرت حينذاك بين مساعي الملوكية المصرية اغتنام فرصة حل الخلافة "الرسمية" وبين التأسيس التقليدي لفكرة الخلافة كما نراها في (الخلافة أو الإمامة العظمى) لمحمد رشيد رضا. ومن هنا تشديد علي عبد الرازق المتكرر على انه لا توجد في القرآن ولا في السنّة إشارة للخلافة بمعنى النيابة عن النبي في إدارة شؤون المسلمين. وليس هناك من دليل عليها في الإجماع إذ لا دليل فيه[9]. أما الإجماع "التاريخي" في انتخاب الخليفة فهو إجماع بعض الأفراد تحت الضغط والإكراه. وبهذا المعنى لا يمكنه أن يشكل دليلا على ضرورته. ووضع هذه المقدمة في انتقاده لفكرة الخلافة ومحاولات إعادة تأسيسها النظري الجديد عند محمد رشيد رضا.

فهو لم يجد فيها أكثر من تجميع وترديد لمقولات القدماء يمكنها أن تخدم ترميم هيبة المؤسسة المتهرئة للملوكية الفردية (الاستبدادية) ‎. ولهذا أكد في دحضه لآراء محمد رشيد رضا على انه لا دليل في الشريعة يقر بوجوب الخلافة أو الإمامة العظمى، باعتبارها نيابة عن النبي والقيام مقامه من المسلمين[10]. من هنا تشديده على أن الآراء التي يوردها محمد رشيد رضا ما هي في نهاية المطاف سوى ترديد لما في كتابات سعد الدين التفتازاني وأمثاله. أما الاحتجاجات التي جاء بها بهذا الصدد فقد سبقه إليها ابن حزم الظاهري[11]. ووضع هذه الحصيلة في استنتاجه القائل بعدم جدوى إعادة ترميم الخلافة كنظام سياسي سواء من جهة ارتباطه بروح الإسلام أو من جهة استجابته لمتطلبات الظرف الحالي والرؤية العقلانية للأمور. ونعثر على إدراكه لهذه المهمة وصداها النظري في محاولاته نقد الفكر السياسي العربي ومحاولاته المباشرة وغير المباشرة لتأسيس الصلة التاريخية بين النشاط الديني والسياسي للنبي محمد.

وإذا كانت المادة الأساسية أحيانا في كتاب علي عبد الرازق تقوم في نقده المباشر لآراء الطهطاوي ومحمد رشيد رضا، فلأنهما شكلا في غضون قرن من الزمن بداية ونهاية مرحلة لم يدرك على عبد الرزاق نفسه مآثرها ككل، لكنه حدس التغيرات الكبرى في إدراكه للأولويات السياسية. وليس مصادفة أن يضع علي عبد الرازق شخصية الطهطاوي في أول قائمة من حاول إيجاد الصلة بين الدين والسياسة في ممارسة النبي محمد والبحث فيها عما يمكنه أن يكون مثالا نموذجيا للدولة المعاصرة، كما هو جلي في كتابه (نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز). فقد وجد علي عبد الرازق في هذه الفكرة حشرا للأفكار المعاصرة في أفعال التاريخ الإسلامي الأول.

لكن انتقاده للطهطاوي كان الصيغة غير المباشرة لانتقاد آراء محمد رشيد رضا، أو السلفية الجديدة في محاولاتها صياغة وبلورة بديل فكري سياسي للدولة. فالطهطاوي لم يكن ممثلا للسلفية المعاصرة له. ولم يكن في كتاباته، بما في ذلك تلك التي تبدو في مظاهرها تمثيلا صارما لما في تاريخ السلف من نموذجية متناهية، سوى الاستمرار الطبيعي والصيغة المناسبة لذوق المرحلة وأسلوب تأسيسها للأفكار الجديدة. إضافة لذلك أن التشديد على وجود كافة مؤسسات الدولة المعاصرة (الأوربية) في دولة الإسلام النبوي هي خطوة كبرى إلى الأمام في مملوكية مصر وإمارات العالم العربي المتخلفة وسلطناتها. وذلك بفعل وضعها نموذج الدولة المعاصرة في قوالب الرموز التاريخية الذاتية. ذلك يعني، أنها لم تكن تقليدية مفتعلة، بل إصلاحية تنويرية في مواقفها من الدولة العصرية. وسوية مع ذلك فأنها كانت أقرب إلى الدقة التاريخية والموضوعية من آراء علي عبد الرازق في رؤيتها لمكونات الدولة في عهد النبي. ولم تكن هذه الجوانب مجهولة لعلي عبد الرازق نفسه بقدر ما أنها كانت لا تتوافق مع مشروعه الجديد في التأسيس لبدائل الرؤية العصرية. وبهذا المعنى كانت آراؤه خطوة أعمق مقارنة بالطهطاوي وردا شاملا غير مباشر على سلفية محمد رشيد رضا. وبالتالي، كانت تحتوي على توليف نقدي وعقلاني لتقاليد الإصلاحية الإسلامية والليبرالية للعقدين الأولين من القرن العشرين وأحداثه الكبرى وانعكاسها في العالم العربي (فشل مشروع محمد علي التحديثي، وثورة إعرابي، وسقوط الدولة العثمانية، والتجزئة الاستعمارية الأوربية للعالم العربي، وصعود دوله ودويلاته الحديثة).

إن انطلاقته النظرية في تفنيد آراء الطهطاوي عن وحدة الديني والسياسي في أفعال النبي وأقواله هي الصيغة غير المباشرة لانتزاع الدين من "مآرب السياسة" وتخليص السياسة من الدين. ومن ثم البقاء في حيز السياسة المعقولة والصالحة. أنها الرد غير المباشر على السلفية الجديدة في تنظيرها لبدائل الخلافة أو الإمامة العظمى. ولم يعن ذلك من الناحية التاريخية والنظرية سوى المسار الأعمق في تاريخ الإصلاحية الإسلامية، عبر دفع انجازاتها الفكرية السياسية إلى نهايتها المنطقية من خلال وضع مسألة فصل الدين عن الدولة في أولويات الفكر السياسي ومهماته العملية. وبالتالي التأسيس للحرية الاجتماعية والسياسية وشرعية التعدد في الأفعال والبدائل. (يتبع....).

 

ا. د. ميثم الجنابي

...................

[1] إن هذا الحكم يؤيده من الناحية النفسية والدعائية والأيديولوجية، ما توصل إليه علي عبد الرازق في استنتاجاته النظرية وخلاصة أحكامه التي أثارت بدورها زوبعة الأزهر الفارغة في محاولاته الدفاع عن "أصنامه" القديمة في عقائد الكلام المنخور. غير أن تقريره العام القائل بانعدام تقاليد الفكر السياسي وعند انشغاله بهذه القضايا، فإنه يتسم بقدر كبير من التجاوز على حقائق ووقائع الفكر الإسلامي. بل يمكننا القول، بأنه تقرير أيديولوجي أيضا وينم عن جهل بهذا الصدد. كما انه ليس معزولا عن ثقافة علي عبد الرازق الأزهرية التي كانت ترفض تاريخ الفكر السياسي الحي في تقاليد الثقافة الإسلامية بشكل عام والفلسفية بشكل الخاص. ومن الممكن فهم الحوافز العميقة والايجابية الكبيرة لهذا التقرير ضمن سياق الأحداث السياسية الكبرى لتلك المرحلة. فقد كان تأليفه للكتاب، من الناحية الزمنية، يسبق الأحداث التاريخية المرافقة لحل الخلافة "الرسمي" عام 1924. فهو يشير في المقدمة إلى أن الورقات التي يصدرها في كتابه (الإسلام وأصول الحكم) هي ثمرة عمل بذل أقصى ما يستطيع من جهود وانفق فيه سنين كثيرة كانت سنين متواصلة الشدائد متعاقبة الشواغل ومشوبة بأنواع الهمّ ومترعة كأسها بالألم. بصيغة أخرى أن السنين العديدة السابقة لانهيار الخلافة هي سنين تأمله لمعضلة مشروع الدولة ودورها بالنسبة لآفاق النهوض الثقافي. لهذا نراه يؤكد على أهميتها في المقدمة عندما دعا القارئ لتأمل ما فيه عسى أن يجد فيه أيضا أساسا صالحا لمن يريد البناء (المقدمة ص2).

[2] علي عبد الرازق: الإسلام وأصول الحكم، الجزائر، 1988، ص177.

[3] علي عبد الرازق: الإسلام وأصول الحكم، ص 13.

[4] علي عبد الرازق: الإسلام وأصول الحكم، ص 30-31.   

[5] علي عبد الرازق: الإسلام وأصول الحكم، ص 36.

[6] علي عبد الرازق: الإسلام وأصول الحكم، ص33.

[7] علي عبد الرازق: الإسلام وأصول الحكم، ص39.

[8] علي عبد الرازق: الإسلام وأصول الحكم، ص36.

[9] علي عبد الرازق: الإسلام وأصول الحكم، ص30.

[10] علي عبد الرازق: الإسلام وأصول الحكم، ص24-25.

علي عبد الرازق: الإسلام وأصول الحكم، ص24.

 

في المثقف اليوم