دراسات وبحوث

علي بن ابي طالب: مثال الروح والحق والحقيقة

ميثم الجنابيالتحليل التاريخي الثقافي والنقد الفلسفي لفكرة الخلافة  (على مثال خلافة الراشدين)

لقد توصلت في المقال السابق، الى أن الخليفة علي بن ابي طالب أراد مواجهة العالم وما فيه بما فيه. وأنه لم يسع إلى وضع نفسه بالضد من العالم بقدر ما أراد أن يجعل العالم وذاته المترامية بين الأزل والأبد محكومين بفكرة الروح المتسامي، التي عادة ما تؤدي بالشخصية الكبرى إلى مواجهة خطرة في ميدان السياسة وأشد خطورة في ميدان الروح. لكنها المواجهة الوحيدة القادرة على صنع مرجعيات الرجال والفكرة في التاريخ ووعي الذات الإنساني والتاريخي. وليس مصادفة أن تكون هذه المرجعية شعار مواجهته المواقع حالما تسلّم الحكم بعد عثمان، بحيث تحول كيانه وكينونته إلى نفي شامل لهما. لاسيما وأنها كانت الخطوة الأولية والضرورية لأية مواجهة تعي وتدرك قيمة الروح بالنسبة للدولة والحق. من هنا محاولته الأولية استرجاع ما اقتطعه عثمان لأصحابه وأقاربه من أراضي الدولة وأموال الأمة كما وضعها في كلماته الشهيرة القائلة:"والله لو وجدته قد تزوج به النساء وملك به الإماء لرددته. فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق"[1].

لقد كانت تلك مواجهة الروح المتسامي لزيغ السلطة. من هنا عنفوان بقاياها الخربة في استثارة رذيلة الدهاء السياسي والعمل بمعاييره. الأمر الذي جعل من "دم عثمان" شعارها للمعركة من خلال اتهام الإمام علي بن أبي طالب. فعندما اتهمته بنو أمية من أنه شارك في مقتل عثمان، فانه أجاب:"أنا حجيج المارقين وخصم المرتابين. وعلى كتاب الله تعرض الأمثال، وبما في الصدور تجازى العباد"[2]. كما رد على من اتهمه بمقتل عثمان بعبارة:"ألا وان الشيطان قد ذمر حزبه، واستجلب جلبه، ليعود الجور إلى أوطانه، ويرجع الباطل إلى نصابه. والله ما أنكروا عليّ منكرا ولا جعلوا بيني وبينهم نصفا. وإنهم ليطلبون حقا هم تركوه، ودما هم سفكوه"[3]. وعندما وقف وقفته الأخيرة أمام حصيلة الاتهامات التي وجهت إليه من جانب القوى العفانية، فإنه وضع القضية ضمن حدودها الفعلية عندما قال:"لو أمرت به لكنت قاتلا، أو نهيت عنه لكنت ناصرا. استأثر فأساء الأثرة. وجزعتم فأسأتم الجزع. ولله حكم واقع في المستأثر والجازع"[4]. وتكشف هذه المواقف عما يمكن دعوته بمنظومة الخلاف الكبرى والشاملة والجوهرية بين نمطين في الموقف من الدولة والسلطة. والشيء الجوهري الذي قدمه الإمام علي بن أبي طالب بهذا الصدد يقوم في نفي تجارب المرحلة السابقة بدأ من البداية التأسيسية للنبي محمد وانتهاء بالخراب العفاني من خلال تقديم فكرة الحق الشامل.

مما سبق يتضح، بأن سلوكه لم يكن رجوعا إلى الوحي المحمدي ولا إلى الخلافة السياسية لأبي بكر وعمر، بقدر ما كان مشروعا بديلا مبنيا على تجاوز فكرة العدل السياسي والديني بفكرة الحق الشامل. وهو الانقلاب الأعظم في كينونة الدولة الجديدة ومنطق روحها الثقافي. فقد أسست المرحلة السابقة وأثارت بركان الاحتجاج الاجتماعي وبروز الشخصية الفردية السياسية والأخلاقية. وأدت هذه العملية إلى صنع دراما الدولة السياسية وديناميكية الحضارة التي أشركت وألهمت مختلف القوى في الصراع من اجل مصالحها ومعتقداتها. وضمن هذا السياق كانت شخصية الإمام علي بن أبي طالب الأكثر مثالية بالنسبة لتقاليد الأرواح لا الأشباح، أي للروح وليس السلطة. وذلك لأن الحوافز الكبرى القائمة وراء أفعاله كانت تهدف إلى إعادة ترتيب الحياة على أسس ومبادئ العدالة الاجتماعية، والحق الشرعي، والقانون الأخلاقي. وهي الثلاثية الكبرى والضرورية للروح الثقافي في مواجهة إشكاليات العصر.

وقد كانت الإشكالية الكبرى التي واجهها هي إشكالية الحق والشرعية في سلوك السلطة بوصفها محور وبؤرة التجسيد الفعلي للعدالة الاجتماعية والقانون الأخلاقي. وانطلق في ميدان المواجهة العنيفة حول الحق في السلطة من موقفه العميق القائل، بأن "أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه، وأعلمهم بأمر الله فيه. ألا واني أقاتل رجلين -  رجلا ادعى ما ليس له، وآخر منع الذي عليه"[5].

وعندما نقل القضية إلى ميدان الصراع الاجتماعي والسياسي المباشر، نراه ينقل نفس مضمون خطابه مع الفكرة المجردة كما في قوله:"أيها الناس لو لم تتخاذلوا عن نصر الحق، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يطمع فيكم من ليس مثلكم ولم يقو من قوى عليكم. لكنكم تهتم متاهة بني إسرائيل. ولعمري ليضعّفن لكم التيه من بعدي أضعافا بما خلفتم الحق وراء ظهوركم، وقطعتم الأدنى ووصلتم الأبعد"[6]. وقد صور سلوكه الفردي والسياسي حول الصراع الدائر بصدد قضية الشورى قائلا:"لم يسرع احد قبلي إلى دعوة حق، وصلة رحم، وعائدة كرم. فاسمعوا قولي، وعوا منطقي. عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم تنتضي فيه السيوف، وتخان فيه العهود، حتى يكون يعضكم أئمة لأهل الضلالة، وشيعة لأهل الجهالة"[7].

لقد أراد أن يجسّد في ذاته وسلوكه وإحساسه ورؤيته للماضي والحاضر والمستقبل معايير الحق الشرعي والقانون الأخلاقي. من هنا رده على أولئك الذين طالبوه بمعاقبة من قتل عثمان قائلا:"إني لست اجهل ما تعلمون. وأن الناس من هذا الأمر على أمور: فرقة ترى ما ترون، وفرقة لا ترى هذا ولا ذاك. فاصبروا حتى يهدأ الناس، وتقع القلوب مواقعها. وسأمسك الأمر ما استمسك. وإذا لم أجد بدا فآخر الدواء الكي"[8]. وهي صورة مثالية عن وحدة الحق الشرعي والقانون الأخلاقي، الذي يجد في الاعتدال الإنساني بعدا شاملا للحق والحقيقة والإنصاف، ويجعل من القوة والعنف آخر الوسائل التي ينبغي أن تلجأ إليها السلطة في حال استفحال آلية ونفسية الفتنة. من هنا نفيه الشامل لنفسية وفكرة الاستبداد والتحكم الفردي الخارج عن سيادة الحق الشرعي والقانون الأخلاقي. لهذا نراه يحذر أتباعه من أولئك الذين يواجهون مشروعه السياسي قائلا:"والله لو ولوّا عليكم لعملوا فيكم بعمل كسرى وقيصر"! من هنا مطالبته إياهم قائلا:"سيروا إلى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا في الأرض جبارين ملوكا، ويتخذون المؤمنين أربابا ويتخذون عباد الله خولا"، أي خدما. ومن هنا جعله شخصية محمد مثالا مجردا للعمل عندما وصفه قائلا:"إمام من اتقى وبصيرة من اهتدى. سراج لمع ضوءه، وشهاب سطع نوره، وزند برق لمعه. سيرته القصد وسنّته الرشد، وكلامه الفصل، وحكمه العدل"[9]. إننا نقف هنا أمام شخصية فردانية متسامية اقرب إلى الفكرة المثلى. وحالما وضعها في ميدان الصراع المباشر، فإنها اتخذت مطلبا روحيا سياسيا وعمليا في عباراته التي وجهها لأتباعه:"اعملوا على أعلام بينة. فالطريق نهج يدعو إلى دار السلام، وانتم في دار مستعتب على مهل وفراغ. والصحف منشورة، والأقلام جارية، والأبدان صحيحة، والألسن مطلقة، والتوبة مسموعة، والأعمال مقبولة"[10]. وحالما جعل منها برنامجا عمليا للسلطة، فإنها اتخذت هيئة القواعد العملية التي تجمع وحدة العدالة والحق والأخلاق كما نعثر عليها في كتابه للاشتر النخعي عندما ولاه على مصر. إننا نعثر في هذه الوثيقة التي لا تخلو من إضافات لاحقة، لكنها لا تتجاوز إشكاليات العصر آنذاك وكمية الأفكار والمواقف والقيم المتداولة بين قواه المتحاربة، على صيغة رفيعة المستوى عن فكرة الدولة السياسية المحكومة بقانون العدالة والشرعية والأخلاق. إننا نعثر فيها على ثلاث وعشرين قاعدة كبرى هي نموذج متسام لرجل الدولة، وهي:

- إن الناس تنظر في أمور السلطة مثل ما كان الرجل ينظر في أمور الولاة قبله. ومن ثم فأنهم يقولون فيه مثلما كان يقول فيهم.

- يستدل على الصالحين بما يجري على ألسن الناس.

- لهذا ينبغي أن يكون أحب الذخائر للوالي ذخيرة العمل الصالح.

- من هنا مهمة التحكم بالهوى والشح بالنفس عما لا يحل لها.

- أن يشعر الوالي فلبه بالرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم (فالناس بالنسبة له صنفان أما أخ في الدين أو نظير في الخلق).

- ألا يندم على عفو ولا يتبجح لعقوبة.

- التجرد من مساماة الله في عظمته والتشبه به في جبروته.

- إنصاف الله وإنصاف الناس من النفس. لأن من ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده.

- وليس شيء ادعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم.

- ليكن أحب الأمور أوسطها في الحق وأعمها في العدل واجمعها لرضى الرعية.

- سخط العامة يجحف برضى الخاصة وسخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة.

- إنما عماد الدين وجماع المسلمين والعدة للأعداء العامة من الأمة، فليكن صغوك لهم وميلك معهم.

- أن يطلق عن الناس عقدة كل حقد.

- ألا يدخل في مشورته بخيلا ولا جبانا ولا حريصا، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله.

- ألا يكون المحسن والمسيء بمنزلة سواء.

- ألا ينقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة واجتمعت بها الألفة وصلحت عليها الرعية.

- والإكثار من مدارسة العلماء ومناقشة الحكماء في تثبيت ما صلح عليه أمر البلاد وإقامة ما استقام به الناس من قبل.

- اختيار أفضل الرعية من بين الناس للحكم.

- استعمال العمال اختبارا لا محاباة وأثرة، على أن يجري اختيار أهل التجربة والحياء ثم إسباغ الأرزاق عليهم فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم ثم مراقبتهم.

- عدم الاحتجاب عن الرعية، وان ضنت الرعية بالوالي حيفا فمن الضروري الاصحار لهم بالعذر وذلك بإزالة ظنونهم لأن في ذلك رياضة للنفس ورفق بالرعية وتقويمهم على الحق.

- المسك عن الدماء وسفكها بغير حلّها. فانه ليس شيء ادعى لنقمة ولا أعظم لتبعة ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدة من سفك الدماء بغير حقها.

- ترك الإعجاب بالنفس والعجلة بالأمور والاستئثار.

- تذّكر ما مضى من حكومة عادلة أو سنة فاضلة أو أثر عن نبينا أو فريضة في كتاب الله[11]

إننا نعثر في هذه القواعد العملية على رؤية واضحة المعالم ومشروع بديل تنتظم فيه فكرة الفردانية المتسامية، التي سعى الإمام علي بن ابي طالب إلى تجسيد أنموذجها التاريخي والروحي الأول على مستوى الدولة والمجتمع والثقافة (السياسية). ابتدأها برفض شرط العمل بسّنة أبي بكر وعمر مقابل مبايعته للخلافة. وشدد على التزامه بفكرة الحق المجرد كما هو والقائلة:"إنما كلنا عاملين بالحق حيث عملا". وسوف ترتقي هذه الفكرة ترتقي إلى مصاف المرجعية العقلية والروحية والثقافية الشاملة في عبارته القائلة، إنما الرجال بالحق وليس الحق بالرجال. كما أنها الفكرة التي تمثلت رحيق الإبداع الحر والانفتاح الإنساني والوجدان الصادق والإخلاص للمطلق. وفي هذا كانت تكمن فاعلية أقواله وأفعاله وحياته وموته في صنع الصيرورة السياسية للدولة الإسلامية اللاحقة ومشاريع كينونتها الروحية. ومن ثم تأسيس الأبعاد الضرورية لفكرة المرجعيات الكبرى، التي تحول هو نفسه فيها إلى مرجعية روحية كبرى. إذ أصبح الشخصية الأولى والكبرى لتقاليد الأرواح، والنموذج التاريخي الأولي لمناهضة تقاليد الأشباح. من هنا جوهريته بالنسبة للفكر الإنساني الحر والعدالة المحكومة بقوة الحق والأخلاق. ومن هنا أيضا قوتها الملهمة لأهل الفكر، التي لم تكن محكومة بمثاله الفردي وفردانيته المتسامية فحسب، بل وبموقفه من العلم والعلماء (الثقافة والمثقفين). فإليه تنسب الفكرة القائلة، بأن الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح. كما إليه تنسب الفكرة القائلة، بأن "العلم خير من المال"، و"العلم دين يدان به، وبه يكسب الإنسان الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته"، وأن "العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة"، و"لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا". فقد كانت هذه الأفكار تتمثل "غيب" الأبعاد المتراكمة في مساعي الروح لبلوغ وحدة الأنا الفاعلة بمعايير الإخلاص للحق والحقيقة. ويمكن العثور على هذه الحصيلة في إدراكه لمبدأ وجوده وغايته، ولواقع جهاده ومعاناته، ولمشقة حياته ومماته بوصفها دراما الروح في محاولاته تأسيس منظومة الفضائل ومرجعياتها الروحية للثقافة والمثقفين على السواء.

ومن الممكن العثور على هذا الإدراك في العبارة التي شكلت بحد ذاتها لغز وجوده الحياتي، وجلاء معناه التاريخي، وقيمته الأبدية للروح الإنساني، التي قال فيها:"أنا فقأت عين الفتنة ولم تكن ليجرأ عليها احد غيري... فسألوني قبل أن تفقدوني". فقد احتوت هذه العبارة في أعماقها على كل تناقضات الوجود التاريخي لخلافة الوحي، التي كان ينبغي لها المرور بمعاناة احتكامها إلى الصيرورة المتمردة للدولة من اجل أن تستتب في قيم الثقافة ومرجعياتها الروحية والعقلية. لاسيما وأنها الصيرورة التي تحرق وتسرق وتنعش وتفرش وتميت وتحي كل الممكنات في الوجود العام والخاص للأفراد والجماعات والأمة، بما في ذلك "وحيها المقدس". وقد وضعته هذه العملية أمام إشكالاتها العديدة زمن الفتنة السياسية التاريخية الكبرى للخلافة. بمعنى إشكالية استخلاف الروح أو السلطة. وكان اختياره لمواجهة إشكاليات الفتنة هو عين اختباره الذاتي، الذي جعله يقول، بأنه الوحيد القادر على تحديها. بمعنى أنه الوحيد القادر على دفع ثمنها حتى النهاية، بما في ذلك تقديم التضحية الروحية الكبرى من اجل أن تبقى فكرة الحق والحقيقة سلطان الوجود المادي والروحي. وفيها يمكن سماع الحشرجة الكبرى لصوت المتناقضات عندما تواجه الأرواح الكبيرة إشكاليات العصر الكبرى. كما أنها تمثل حشرجة الوحدة المرعبة للشك واليقين، والقلق والاطمئنان الملازمة لإدراك قيمة ومعنى التضحية من اجل أن تبقى فكرة الحق والحقيقة مرجعية أبدية. الأمر الذي يجعل منها تحد لا يأس فيه، لأنها من حيث مبدأها وغايتها هي حشرجة التناقض الكوني للروح والسلطة. بمعنى الصوت المبحوح في توكيده على أن السلطة شبح والحقيقة روح، وأن السلطة عابرة لأنها محدودة، بينما الحقيقة أبدية لأنها سلطان الجلال والبيان. (انتهى).

***

ا. د. ميثم الجنابي

......................

[1] علي بن أبي طالب: نهج البلاغة، ج1، ص46.

[2] علي بن أبي طالب: نهج البلاغة، ج1، ص125.

[3] علي بن أبي طالب: نهج البلاغة، ج1، ي59- 60.

[4] علي بن أبي طالب: نهج البلاغة، ج1، ص75- 76.

[5] علي بن أبي طالب: نهج البلاغة، ج2، ص86.

[6] علي بن أبي طالب: نهج البلاغة، ج2، ص79.

[7] علي بن أبي طالب: نهج البلاغة، ج2، ص22- 23.

[8] علي بن أبي طالب: نهج البلاغة، ج2، ص81.

[9] علي بن أبي طالب: نهج البلاغة، ج1، ص185.

[10] علي بن أبي طالب: نهج البلاغة، ج1، ص186.

[11] علي بن أبي طالب: نهج البلاغة، ج2، ص82- 110.

 

في المثقف اليوم