علوم

شاكر عبد موسى: الذكاء الاصطناعي وباء أم دواء؟

المقدمة: الذكاء الاصطناعي أصبح موضوعًا متنوعًا ومثيرًا للجدل في الوقت الحالي، فهو يتمتع بإمكانات عظيمة لتحويل العالم وتغيير العديد من الصناعات وقطاعات الحياة، كونه أداة قوية تربط بين الكمبيوترات والقدرات الذهنية البشرية.

ومع ذلك، فإن له أيضًا استخدامات سلبية وآثار جانبية لا يمكن تجاهلها، ويُعَدُ الجدل حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي وباءً (مشكلة تحتاج إلى حل) أم دواءً (حلاً للمشاكل الحالية) يثير العديد من التساؤلات المثيرة للجدل.

والسؤال هام ولنا الحق في أن نقلق من هذا التطور الكبير في مجال تقنيات ذكاء صناعي مخيف خصوصا إذا ما تصورناه كما صورته لنا أفلام الخيال العلمي.. ستتوارد علينا عواصف من الأسئلة تعصف بالدماغ من أمثال ماذا لو: تمكنت الآلة من السيطرة على حياة البشرية؟.

نعم استطاعت الآلة أن تكٌّون لنفسها ما يشبه العقل والمرجع والقانون كدستور يعاقب من خرج عنه من البشرية (من وجهة نظر الآلة)؟.

ماذا لو استطاعت الآلة أن تكون في حجم نانومترات ومزوده بنظام الكتروني علي شريحة نانومتريه، تستطيع اجتياز حاجز الدماغ أو الوصول لأدق المناطق في جسم الإنسان كما في شريحة إيلون ماسك؟.

 العلم (ومنه الذكاء الصناعي) عندما يكون في أيدي مجموعة من الحمقى، توُّظف الآلة وذكائها في التدمير وفرض الهيمنة… حينها وجب الخوف منه!.

أولاً: الذكاء الاصطناعي والذكاء الفطري

 الخوف من تداعيات الاعتماد علي الذكاء الصناعي بات شيء مشروع في الوقت الراهن.. فأنا وانت قبل أن نعتمد علي ذاكرة الموبيل في تسجيل أرقام تليفونات من تعرفهم اليوم، كنت في السابق تعتمد علي ذاكرتك الدماغية، مما ينذر الآن بضعف ملكة الذاكرة في الأجيال المقبلة، لمن اعتمد علي ذاكرة الذكاء الصناعي فلا يعود يتذكر أبسط الأشياء، وأصبح وكأنه لم يعد بحاجة إلي تلك الملكة ضمنيا دون انتباه، وبالتالي مع الوقت يتم تعميم تكاسل الذاكرة كتداعيات لتدهور الذكاء البديهي.

مما يؤدي الى جفاف للذكاء الفطري الإنساني، وينذر بجفاء في قلوب الأبناء تجاه الآباء مثلا كدليل لأثر سلبي خطير لذكاء صناعي يسيطر علي حياة هذا الابن أو هذا الجيل، وعليه وجب الخوف عندما يؤثر الذكاء الصناعي علي الذكاء الفطري (العقل الفطري الإنساني) والاجتماعي أو العاطفي، فينبئ بجيل عنده نوع من الجفاف العاطفي لتدني في مستوي الذكاء العاطفي والذاتي.

فالذكاء الصناعي وسيلة وغاية الإنسان وتوجيهه لتلك الوسيلة أو غيرها هي ما تحدد النتيجة ومدي قيمة تلك الوسيلة ومستوي الخطورة أو الأمان.

فلا تنخدع بـ الذكاء الصناعي فتركن إليه (فهو مغري) متخليا عن عقلك وملكاته وهو الأسمى من جميع أنواع الكفاءات والمحدد لقيمتها.

والذكاء الاصطناعي بمعناه المبسط: هو تعليم الآلة كثيرا من البيانات حتى تصبح قادرة على اتخاذ بعض القرارات التي يحددها مبرمجها، مثل أن تعطي الآلة 500 صورة لأشخاص بعيون خضر وتخبرها أن عيونهم خضر، فهي ستعرف أن هذه الدرجات اللونية تندرج تحت العيون الخضر، وتعطيها شرطا: إذا رأيتِ صورة تحوي هذه العيون فهي بعيون خضر.

وعندما تعطيها صورة جديدة لون عيونها خضر وتسألها ما لونها؟ فستخبرك باللون حسب عدد البيانات التي عندها، فآلة تعلمت 500 صورة مثلا ستخبرك انها خضراء.

ثانياً: هل يجب أن نخاف من الذكاء الاصطناعي؟

أن مخاوف الذكاء الاصطناعي تنبع من عدة أسباب شائعة:

1 - التخوف العام بشأن الذكاء الاصطناعي وما يمكن أن يكون قادرًا عليه:

أحد أكثر مخاوف الذكاء الاصطناعي انتشارًا موضوع (Hardware Artificial Life الحياة الاصطناعية للأجهزة)، وهو متكرر في أفلام الخيال العلمي، تلك أنظمة الذكاء الاصطناعي التي أصبحت شريرة،والتي لا يحبها كونها اصبحت ذكية جداً، كسلسلة أفلام A Space Odyssey التي ظهرت عام/ 2001،لأننا نخشى أننا لا نستطيع التحكم فيها، هذا التمثيل الشائع للذكاء الاصطناعي الذي أصبح سيئًا يسبب حذرًا عامًا في الجمهور المحيط بتطوير تقني.

2 - التكنولوجيا اليوم تسير بخطىً محمومة يصعب اللحاق بها:

غدت أخبار التكنولوجيا التي تتردد يومياً أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع، فيا تُرى هل اقترب العصر الذي ستصبح فيه حياتنا مشابهةً لما كنّا نراه في أفلام الخيال العلمي؟ حيث يملك الجميع مركباتٍ طائرة تسير بنفسها والروبوتات تقوم بكل مهام البشر، والبشر يهاجرون إلى الفضاء... على ما يبدو أن هذا قد يكون ممكناً في الأعوام القادمة!.

3 – الثورة الصناعية الرابعة وتأثيرها على البشرية:

نعيش اليوم على أعتاب ما يسمى بـ الثورة الصناعية الرابعة التي قام المنتدى الاقتصادي العالمي بالإعلان عنها عام/2016، ومما قيل فيه: ” نحن نقف على شفا ثورة تكنولوجية من شأنها أن تغيّر بشكل جذري الطريقة التي نعيش بها ونعمل ونتواصل مع بعضنا البعض”. وتتميز هذه الثورة عن الثورات السابقة بأنها تتطور بوتيرة أسيّة وليست خطيّة، والسبب الأساسي في ذلك هو أن المعرفة تتزايد وتتراكم بشكل غير مسبوق عبر التاريخ، وتشير الدراسات إلى أن المعرفة في العالم تتضاعف كل عام تقريباً.

4- إنترنت الأشياء أو الجيل الجديد من الإنترنت ومخاوفنا المشروعة:

منذ انتشار الإنترنت، كان الوصول إليه محصوراً بأجهزة الحاسب أو الهواتف الذكية عن طريق عنصر بشري يشرف على عملية الاتصال، لكن ماذا لو تمكنت الأجهزة المختلفة من التواصل مع بعضها دون الحاجة إلى تدخّلنا؟.

 لقد ظهر مصطلح إنترنت الأشياء لأول مرة منذ نحو عقدين من الزمن عام/ 1999، وتم العمل على تطوير الفكرة في معهد ماساتشوستس للتقنية MIT حتى انتشرت عام/ 2009، ولفتت أنظار العالم التقني، وبدأت بالتطور بشكل سريع تزامناً مع التقدّم في صناعة أجهزة الاستشعار الالكترونية (الحسّاسات) وتصغير حجمها وملاءمتها للعمل في بيئات مختلفة، إضافة إلى تطوّر تقنيات الشبكات والاتصالات اللاسلكية.

لنفهم هذه التقنية أكثر دعنا ننتقل في رحلة إلى المستقبل القريب: -

استيقظت اليوم صباحاً، التقط الحساس الذي في ساعة يدك الذكية هذه المعلومة، وأرسلها إلى جميع الأجهزة المتصلة به، لتبدأ هذه الأشياء بالعمل على راحتك وتهيئتك ليومك الجديد، وجرى الآتي:-

* تم رفع الستائر وفتح النوافذ لتدخل أشعة الشمس.

* كما بدأ سخّان المياه بالعمل، حتى تتمكن من أخذ حمّام نظيف قبل التوجه للعمل.

* وقامت آلة صنع القهوة بتحضير فنجانك الصباحي.

*  وأخذ صوت فيروز يتسلل من مشغل الموسيقى.

 كل هذا جرى على أرض الواقع وأنت ما زلت ممدّد على سريرك الخشبي! وتستمع إلى الموسيقى وأخبار التكنولوجيا.

يوضّح هذا المثال البسيط ما نحن مقبلون عليه بفضل التطور الهائل في تقنية إنترنت الأشياء،  سوف يعمل إنترنت الأشياء على تغيير العالم إلى عالم ذكي، أذ يمكن الوصول إلى كل شيء بشكل فعّال وسريع، ويتيح لنا التخلص من عقدة المكان، إذ تستطيع التحكم بأي شيء تريده من أي مكان بالعالم وفي أي وقت تشاء.

ثالثاً: مراحل تطور الذكاء الاصطناعي:

كان التطور في مجال الذكاء الاصطناعي في البداية بطيئاً جداً بسبب ضعف المعالجات آنذاك، وحاجة الآلات إلى كميات هائلة من البيانات حتى تتمكن من صنع قرارات، مما يستغرق وقتاً طويلاً جداً، كما كانت وسائط تخزين البيانات محدودة للغاية.

ولكن مع التطور الحاصل في صناعة الحواسيب بدأ عالم الذكاء الاصطناعي بالنمو، وكان أول حدث بارز في هذا المجال عام /1997، عندما تمكن (الحاسوب الذكي DeepBlue) المصنّع في شركة IBM من هزيمة بطل العالم للشطرنج الأذري (غاري كاسباروف 1963).

 وتسارعت بعدها عجلة الذكاء الاصطناعي ليصبح اليوم موجوداً في أغلب تفاصيل حياتنا، ومن الأمثلة على ذلك:-

* مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك ويوتيوب تقوم بتحليل بيانات استخدامك للموقع لتنظيم محتوى الصفحة الرئيسية، وتقديم الاقتراحات باستخدام تقنيات تعلم الآلة وهي أحد فروع الذكاء الاصطناعي.

* تقنيات التعرف على الكلام الموجودة اليوم في جميع الهواتف الذكية، تعتمد على تقنيات معالجة اللغات الطبيعية، وهي فرع من فروع الذكاء الاصطناعي.

* تقنيات التعرف على الوجوه وكشف العناصر في الصور تعتمد على تقنيات الرؤية الحاسوبية، وهي أيضاً أحد فروع الذكاء الاصطناعي.

وللذكاء الاصطناعي الكثير من التفرعات والتقنيات والخوارزميات، التي يمكن استخدامها في مختلف المجالات لتحقيق مصلحة الإنسان.

لقد فتح عصر الذكاء الاصطناعي للأشياء الباب لكثير من الابتكارات، وتتهافت اليوم الشركات الكبرى والشركات الناشئة في استثمار هذه التقنية لطرح أفضل الحلول لتحسين حياتنا.

أعلم أن رأسك بات يؤلمك من كل هذه التقنيات الآن وأخبار التكنولوجيا العجيبة، لكن صدقني الأمر لم ينتهي بعد، ما زال هناك العديد من المفاجآت العلمية والتقنيات المذهلة.

هل تعتقد أن هذه التقنيات قد تشكّل بداية نهاية الجنس البشري، كما حذّر عالم الفيزياء البريطاني (ستيفن هوكينغ 1942- 2018): “أنا متفائل بتطبيق الذكاء الاصطناعي. لكن إذا لم يتم بشكل صحيح قد يؤدي إلى انهيار الجنس البشري”، أم أنها ستحقق حلم الإنسان الأزلي بالرفاهية والراحة؟.

 رابعاً: الآثار الإيجابية للذكاء الاصطناعي

أدت التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى زيادة الاهتمام بإمكانية استثمار تكنولوجيا التحكم الذاتي في أنظمة الخدمات اللوجستية الحضرية.

 وقد كانت بعض الشركات مثل أمازون تجري التجارب على استخدام المركبات والطائرات المسيرة الذاتية التحكم للتوصيل بهدف تحسين الفاعلية وتخفيض أزمنة التوصيل.

إضافة إلى ذلك، تُستَخدم الروبوتات الذاتية التحكم (الآلية) في المستودعات لتحسين سلاسة عملية جمع الأشياء وتوضيبها، ومع بلوغ - السيارات الذاتية التحكم – و- أنظمة القيادة الآلية-  المخصصة للطرقات مرحلة النضج، بدأت الشركات الكبرى على مستوى العالم، مثل جوجل وتسلا إجراء دراسات حثيثة للاستثمار التجاري لتكنولوجيا التحكم الذاتي من أجل أنظمة النقل البري.

ويعاني قطاع الخدمات اللوجستية المرحلةَ الأخيرة في عملية التوصيل، فهي باهظة التكاليف وتستهلك الكثير من الوقت بسبب ازدحام السير وتعقيدات التحرك والتوجيه ضمن المناطق الحضرية الكثيفة سكانياً.

ويمكن أن يتسبب بعض المشاكل مثل الحوادث والأعطال والكوارث والأحداث الطبيعية بتأخير عملية التوصيل.. وفي منطقة الشرق الأوسط، تواجه مؤسسات الخدمات اللوجستية أيضاً مشاكل إضافية تتعلق بفترة الذروة في الصيف، إذ يمكن أن تتأخر عمليات التوصيل بالدراجات النارية، أو تتوقف بالكامل، بسبب الحرارة الشديدة.

 ويشهد عالم التمويل اليوم تطوراً سريعاً، إذ يتصدر الذكاء الاصطناعي التحوّل القائم ضمن المشهد الاستثماري العام، فوفقاً لتحليلات - وكالة تحليلات قطاع الذكاء الاصطناعي-، من المتوقع أن يتجاوز اقتصاد الذكاء الاصطناعي العالمي32 تريليون دولار أميركي بحلول عام/ 2027، مرتفعاً من 18 تريليون دولار أميركي في عام/2023.

وقد اكتسب الذكاء الاصطناعي زخماً مطرداً في القطاع المالي أيضاً على مدى السنوات القليلة الماضية، فمن المستشارين الآليين إلى التداول الخوارزمي، أظهر الذكاء الاصطناعي إمكانات كبيرة من خلال إحداث ثورة في طريقة إدارة الاستثمارات.

إن التوافر المتزايد لموارد الحوسبة القوية والقدرة على تحمل تكاليفها أتاحا الفرصة أمام الذكاء الاصطناعي لمعالجة البيانات الضخمة، ما يسهم في بناء استراتيجيات استثمار أكثر تطوراً وكفاءة... ويمكن تلخيص أثاره الإيجابية بالنقاط الأتية:

* لقد وصل الى المقابر، ففي مقبرة شرقي الصين، يستمع شخص أسمه (سيكو وو)، إلى صوت ابنه الراحل على هاتفه، لكن ليس عبر مقطع صوتي سجّله قبل وفاته، بل بفضل الذكاء الاصطناعي.

يقول صوت الشاب المتوفى – شوانمو- لوالده بنبرة آلية بعض الشيء: "أعلم أنك تعاني كثيراً كل يوم بسببي، وأنك تشعر بالذنب والعجز، وعلى الرغم من أنني لا أستطيع أن أكون بجانبك مرة أخرى، فإن روحي لا تزال في هذا العالم وتظلّلك مدى الحياة".

على غرار وو وزوجته، يستخدم عدد متزايد من الصينيين الثكالى الذكاء الاصطناعي لاستعادة بعض مظاهر الحياة لأحبائهم المتوفين، وبالنسبة لوالد شوانمو، فإن الهدف هو إنشاء نسخة افتراضية لابنه تتصرف مثله تماماً.

يؤكد وو أنه "بمجرد مزامنة الواقع والميتافيرس، سأعيد ابني إلى جانبي مرة أخرى".

*  أطلقت شركة "أوبن أيه آي" وثيقة إرشادية حول كيفية معالجة مخاطر السلامة التي تشكلها أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، وتتضمن تلك الإرشادات التوقف عن تطوير أي نموذج لا يمكن خفض مخاطره.

* أثارت منصة تيك توك ضجة بين مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي بعد طرحها مؤثراً بصرياً جديداً يعتمد على الذكاء الاصطناعي يُسمى (Expand AI) يوسع أبعاد صور المستخدمين بشكل ملحوظ عبر إضافة تفاصيل وعناصر جديدة للصورة، ما يجعلها تبدو وكأنها ملتقطة أو مصممة بزاوية رؤية أوسع من حقيقتها.

* استخدم حزب حركة الإنصاف الباكستاني، وهو حزب رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان، الذكاء الاصطناعي لإنشاء مقطع صوتي بصوت الزعيم السياسي المسجون، خلال تجمع انتخابي افتراضي.

* تختبر منصة البث الصوتي سبوتيفاي (Spotify) ميزة جديدة لإنشاء قوائم تشغيل مدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكن للمستخدمين كتابة الأوامر الخاصة بهم أو الاختيار من بين أوامر مقترحة، ليقوم البوت بإنشاء قائمة التشغيل.

*  أعلنت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا"، ممثلةً في أكاديميتها، فتح باب التسجيل في معسكر حوكمة البيانات، لتأهيل أكثر من 60 متدرباً ومتدربة من خريجي وخريجات التخصصات التقنية والإدارية والقانونية بالمعرفة والمهارات في حوكمة البيانات.

* قالت شركة توم توم (TomTom) المتخصصة في رسم الخرائط الرقمية، إنها دخلت في شراكة مع شركة مايكروسوفت لإنشاء مساعد افتراضي يعمل بالذكاء الاصطناعي للمركبات، وأوضحت الشركة الهولندية أن المساعد سيسمح للمستخدمين "بالتحدث بشكل طبيعي مع سياراتهم" وتمكين التفاعل الصوتي مع أنظمة المعلومات والترفيه والبحث عن الموقع وأنظمة قيادة المركبات، واستخدمت توم توم، التي تتنافس مع خرائط جوجل ومنصة (HERE) وهي أكبر منصة لرسم الخرائط في العالم، العديد من خدمات مايكروسوفت مثل خدمة (Azure OpenAI).

* باستخدام خلايا القصبة الهوائية عند البشر، طوّر علماء من جامعة تافتس الأميركية روبوتات حيوية صغيرة أطلقوا عليها اسم (أنثروبوتAnthrobot)، والتي تمكنت من تحفيز نمو الخلايا العصبية البشرية على طبق المختبر.

صُمِمت الروبوتات الحيوية التي يتراوح حجمها من عرض شعرة الإنسان إلى رأس قلم رصاص، لتتجمع مع بعضها وتُنشئ كتلاً حيوية، كما تبين أن لها قدرة على تحفيز نمو الخلايا العصبية البشرية، يُعد ذلك خطوة أولى نحو استخدام الروبوتات الحيوية المشتقة من المرضى كأدوات علاج للتجديد والشفاء

خامساً: الآثار السلبية للذكاء الاصطناعي

انقلبت أكبر ثلاث اقتصادات في أوروبا ضد عملية تنظيم أقوى أنواع الذكاء الاصطناعي، ما  يضع مصير قانون الذكاء الاصطناعي الرائد الذي تعده الكتلة الأوروبية على المحك.

وترفض فرنسا وألمانيا وإيطاليا التعاون في المفاوضات الخاصة بقسم مثير للجدل من مشروع قانون يعده الاتحاد الأوروبي بشأن الذكاء الاصطناعي حتى لا يعيق هذا القانون تطوير أوروبا لنماذج الأساس (foundation models)، وهي البنية التحتية للذكاء الاصطناعي التي تقوم عليها النماذج اللغوية الكبيرة يمثل "جي بي تي" من "أوبن أيه آي" و"بارد" من كوكل.

ويجادل المسؤولون الحكوميون بأن فرض قيود صارمة على هذه النماذج من شأنه أن يضر بجهود الاتحاد الأوروبي في السباق لتسخير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

وفي وثيقة مشتركة تمت مشاركتها مع حكومات الاتحاد الأوروبي الأخر، قالت الدول الأوروبية الثلاث إن أوروبا تحتاج إلى "إطار تنظيمي يعزز الابتكار والمنافسة، حتى يتمكن اللاعبون الأوروبيون من الظهور وحمل أصواتنا وقيمنا في السباق العالمي للذكاء الاصطناعي".

أضافة الى ما ذكر قد يؤدي الذكاء الاصطناعي الى:

* فقدان فرص العمل للبشر.

* قضايا أخلاقية ومسائل المسؤولية.

* تهديد للخصوصية والأمان الشخصي.

* التبعية الزائدة للتكنولوجيات. قائمة الاستخدامات المحتملة الضارة للذكاء الاصطناعي كبيرة وواسعة، ومن بينها ما يلي:

* تعزيز القدرات السيبرانية لهجمات حجب الخدمة.

* استغلال الذكاء الاصطناعي من قبل مطوري البرمجيات الخبيثة.

* دمج الذكاء الاصطناعي في برامج الفدية.

* جعل تخمين كلمات المرور أسهل.

* كسر برمجيات حروف التحقق (CAPTCHA) وتجاوزها.

* استخدام مركبات ذاتية القيادة في الهجمات الإرهابية.

* استخدام طائرات بدون طيار مع خاصية التعرف على الوجه.

* الأسلحة البيولوجية المستهدفة وراثيًا.

* ومن ناحية أخرى، لا يمكن إنكار إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي بشكلٍ مسؤول لمكافحة الإرهاب والتطرف، إذ ساعد الذكاء الاصطناعي بشكلٍ خاص في تنفيذ هجمات مكافحة الإرهاب بسبب قدرته على التنبؤ بالحركات الإرهابية.

كما يتم تعقب الجماعات الإرهابية عن طريق استخدام التكنولوجيا التي تستخدمها هذه الجماعات الإرهابية لتنفيذ الهجمات، وبالتالي منع عملياتهم المخطط لها مسبقًا إلى حدٍ ما.

لذلك، يمكن القول إن للذكاء الاصطناعي اليوم ومستقبلًا أهمية كبيرة فيما يتعلق بالإرهاب، سواء بشكل إيجابي أو سلبي، سيعتمد كل شيء على التطوير والتطبيق، ومن بإمكانه الوصول إلى هذه الأنظمة، ومدى فعالية وكفاءة الحكومات في تنظيم استخدامها.

الاستنتاجات:

بعد تحليل فوائد ومخاطر الذكاء الاصطناعي، يمكن القول إنه لا شك أن له تأثيرات كبيرة على المجتمع والاقتصاد، ويجب أن نتعايش معه بشكل أخلاقي ومسؤول، وأن نضع قواعد ومعايير لحماية البشر وتعزيز الفوائد الإيجابية.

مع مراعاة هذه الاعتبارات، يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي دواء للمجتمع بدلاً من يكون وباءٍ، لأن الذكاء الاصطناعي (AI) يتطور بشكل مستمر ويشهد تقدمًا كبيرًا في العديد من المجالات، ومن المتوقع أن يؤدي التطور المستمر في هذا المجال إلى تأثيرات وتغييرات عديدة في المستقبل، هنا بعض الاتجاهات المحتملة التي يمكن أن يسلكها الذكاء الاصطناعي:-

* يتوقع الكثيرون أن يكون للذكاء الاصطناعي تأثير كبير في العديد من الصناعات مثل الرعاية الصحية، والتصنيع، والنقل، والزراعة، والتجارة، وغيرها، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة والدقة واتخاذ القرارات الذكية في هذه الصناعات.

* السيارات الذاتية القيادة: يعتبر الذكاء الاصطناعي عاملًا محوريًا في تطوير التكنولوجيا المتعلقة بالسيارات الذاتية القيادة. يتم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتمكين السيارات من التعرف على البيئة المحيطة بها واتخاذ قرارات قيادة آمنة وفعالة.

* تفاعل الإنسان- الآلة: يتوقع أن يزداد التفاعل بين البشر والأنظمة الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، قد تشمل هذه التطورات الروبوتات الاجتماعية ومساعدي الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا القائمة على الأصوات والأوامر الصوتية.

* تطور الذكاء الاصطناعي العام (AGI): الهدف النهائي لبعض الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي هو تطوير نوع من الذكاء الاصطناعي يتفوق فيه الجهاز على القدرات العقلية للبشر، هذا المفهوم المعروف باسم AGI يشكل تحدٍ كبيرًا ولم يتحقق بشكل كامل حتى الآن

* القضايا الأخلاقية والقانونية: يعتبر التطور السريع للذكاء الاصطناعي تحديًا للقضايا الأخلاقية والقانونية المتعلقة بالخصوصية والمسؤولية والتمييز والتشغيل الآلي. يجب أن يتم التعامل مع هذه القضايا بعناية لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطرق مسؤولة وأخلاقية.

* التنبؤ بالتطورات المستقبلية بدقة: من الصعب التنبؤ بها، ولكن يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي سيستمر في تحقيق تقدم وتطورات كبيرة وسيكون له تأثير كبير في حياتنا اليومية وفي المجتمعات والصناعات المختلفة.

***

شاكر عبد موسى - العراق

.....................

المصادر:

1-Russell، S.، & Norvig، P. (2016). Artificial Intelligence: A Modern Approach. Pearson.

2-Tegmark، M. (2017). Life 3.0: Being Human in the Age of Artificial Intelligence. Vintage.

3- Searle، J. (1980). Minds، Brains and Programs. Behavioral and Brain Sciences، 3(3)، 417-457.

4- موقع مسار/ الأثار السلبية للذكاء الاصطناعي/ 3 أكتوبر 2022. https://masaar.net/ar/

5- الخوارزمية من أم أي تي تكنلوجي ريفيو/ نشرة الخوارزمية لتحديثات الذكاء الاصطناعي. https://mail.google.com/mail/

في المثقف اليوم