ترجمات أدبية

آر. جى.لارسين: زوجة الواعظ

تأليف: آر. جى.لارسين

ترجمة: د.محمد عبدالحليم غنيم

***

كانت هى زوجة الواعظ وخادمة المحتاجين، تعطى كل فرد ما يطلبه، وتأخذ من كل فرد ما يستطيع  أن يعطيه. وكل هذا فى معظم الأحيان فقط  فى مقابل كلمة "شكراً لكم " أو مجرد إيماءة تواضع بسيطة، لكن فى كثير من الأحيان لم تكن تقدم كخدمة على الرغم من ضآلة  الدعم المقدم للكنيسة من رعاياها، إلا أن العشب كان يشذب دائمًا، ويتم الاعتناء بالزهور، وفوق ذلك  تم إنجاز أنشطة التوعية العديدة نحو الرعية.

كانت كاثلين تيت ماجينس صغيرة جداً لأن تكون زوجة لواعظ لتخلو للثرثرة خلف السياج و كانت كذلك جميلة جداً. لقد تجنبت كاثرين الثرثرة وجلسات الشاى ومعظم صلوات النساء الجماعية، ولكن بدلاً من ذلك انهمكت فى الأعمال اليومية للكنيسة. كانت الأبرشية واحدة فقط من خمس أبرشيات تحتاج إلى رعاية. الأربعة الباقية كانت متفرقة على بعد خمسمائة ميل، وكانت جميعها ريفية صغيرة وأكثر ازدهارًا قليلاً من هذه. قضى زوجها معظم وقته متنقلا بين الأبريشيات بينما كانت تدير هى الجبهة الداخلية. بدأ خط سير رحلته كإجراء مؤقت من قبل الأبرشية ولكنه سرعان ما أصبح دائمًا بسبب العروض الهامشية وتقلص عدد الكهنة المتاحين. فلن يقبل الكثيرون العمل فى  أبرشية ريفية حيث أصبح جمع التبرعات جزءًا ضروريًا لتأمين دخلها..

تعرفت كاثلين على جيم ذات صيف،معسكر نشاط الكنيسة، فكرت أن ريفراند ماكجينى ذكى وجسور.بالتأكيد كان مختلفا عن الشباب الذين قابلتهم من قبل. تزوجت من جيم فى العام التالى. فى السنوات الثلاثة الأخيرة، لم تعد متأكدة جداً أنها قد اختارت جيداً.الأمسياب القليلة التى قضاياها معاً افتتحت بالصلاة وانتهت بها. ولمدة طويلة كانت هناك فترات صمت ممل بينهما،وفوق ذلك، كانت هناك أوقات بدا فيها تحفظ جيم الشديد وكأنه نقص في الطاقة، و فى أوقات أخرى بدا فيها تصميمه،أقرب إلى العناد. ولكن أقلقها أكثر ميله نحو المزيد من الغلظة وثقل الدم حيث أصر أن تدعوه جيمس وليس جيم حتى عندما يكونان وحدهما. وكانت  وحدها كثيراً كثيراً، انتظرت وصبرت وصلت من أجل أن يتغير حتى تعبت من الانتظار ثم شرعت فى إيجاد الأجوبة."الله يساعد الذين يساعدون أنفسم ". هذا بالضبط ما قالته لنفسها.

كان صباح يوم الأحد وسط تقديم الخدمات عندما اكتشفت ذلك الشاب الغريب. قدرت أن سنه بين اثنتين وعشرين و وثلاثة وعشرين عاما، بدا ذلك من ملامحه اللطيفة وبنيته القوية. كان أطول قامة أو أقل و كان هناك فى عينيه السمرواتان ما يغرى باقتحامه. كانت كيث قد أخذت موضعاً بالقرب من القهوة والخط الفاصل بين الباب والشماسة التى تبيع التذاكر لدعم نشاط الكنيسة القادم من الشباب. كان الرجال يحضرون بانتظام من أجل التبرع الآن بعد غلق الطواحين وانخفاض أسعار الماشية و اشتروا المزيد من القوارب، كبارا و صغارا ولكنهم جميعاً يبدو الجوع على بطونهم والتعب فى عيونهم. حزرت كيث بشكل صحيح أن الشاب كان عابر سبيل، مسج الغرفة بأمان من تحت القبعة ذات الحافة العريضة، تحركت مقتربة من منضدة بيع التذاكر. ركزت كيث عينيها عليه وهو يدخل، قرأت ما فى عينيه، الآن صارت أكثر قرباً منه.

سألته:

- هل تهتم بتناول كوب من القهوة  بدون مقابل؟

أدهش العرض الشاب حين أخذ على غرة، لكنه قبل العرض فى تردد. ناظراً حوله وعرف أنه فى مكان غير ملائم.

- سيكون ذلك بالتأكيد أفضل اختيار من أخذ تذكرة النقود والجرى بها من الباب. أليس ذلك ما كنت تفكر فيه؟

اتقد الغضب فى داخله، فتغير وجهه وقد رأت كيث شعلة الغضب فى عينيه.

قال محتجاً:

- أشك بان زوجة واعظ كبير السن تقوم بمراقبة درج النقود يمكن أن تتركنى أفلت بدون عقاب.

لكن كان يمكن رؤية الكذب فى رده وعينيه اللتين كانتا الآن تنظران بعيداً تجاه الخمس عشر أو الست عشر دولار التى فى الطبق. لم تبد هى أى رد. كانت هادئة، ذلك بالضبط ما كان يفكر فيه بالفعل، يمسك بالنقود ويضرب بقوة. كيف عرفت؟

- حسناً، عليك أن تعذرنى. نحن هنا فى الغالب جادون ولا نبتسم كثيراً.

وعندئذ ضحكت، وابتسمت له قائلة:

- الآن هل يمكن أن أثير اهتمامك بكوب من القهوة؟

كان صوتها هذه المرة ناعمًا وغنيًا وجذابًا بدون أى تحريف.

قال:

- نعم سيكون ذلك لطيفاً يا ماما. شكراً لك.

لم يكن واثقاً من نفسه فى كثير من المرات لكن تأكد جداً من أنه أحب الدفء البسيط فى هذه المرأة الجميلة ذات الشعر الأسود.

قدمت له كوب القهوة فى المطبخ مع عدد من الكعكات المحلاة، مقترحة أنه سيكون أكثر راحة هناك معه ولكى تضمن أن يتبعها جازفت وقالت له:

- لقد أخطأت هناك.

- ماذا تقصدين؟

أجاب، دون أن يكون مستعداً للاعتراف بأنها قرأت مقاصده بأإحكام

- حسناً، السيدة العجوز دومجريه كانت ستعطيك النقود التى تريدها إذا سألت ولكنك لم تسأل مرتين  مهما يكن، ليس هذا خطأ. إنها ليست زوجة الواعظ بل أنا زوجة الواعظ.

فغر الشاب فمه دهشة وقال:

- آسف. لم أقصد أية إساءة، أنا حقاً انزلقت رجلى فى هذا الأمر دون أن أقصد؟

ضحكت ثانية، ضحكة حلوة ودودة، ليس له ولكن استمتاعاً بالموقف.

- ذلك جيد تماماً. كل شىء على ما يرام. ليست هناك مخالفة.

بينما استدارت لتأتى ببراد القهوة، لاحظ هو أسلوبها الناعم فى حركتها وأحب ما رآه. عادت فى ثوان وصبت كوباً آخر من القهوة.حاول تقدير عمرها وقدر انها فى نفس عمره، جلست فى مواجهته لفترة دون كلام ولكنها لم تكف عن التحديق فيه.ركز بعينيها الصافتى الزرقة بقوة عليه. وجد نفسه ينظر إليها،غير قادر على الابتعاد.ثمة تجعيدة خفيفة ظهرت تحت عينيها أثناء عودة الابتسامة إلى وجهها. قالت:

- انظر، أعرف أنك من المحتمل أن تعمل معروفاً، لكن أيضاً يمكننى أن أرى لديك الكثير من الكبرياء، يمكننى أن أستفيد من مساعدتك فيما بعد بعد ظهر اليوم مبكرا قبيل المساء. أنا قصيرة اليد وعلى أن أعد وجبة على شرف كل الذين قدموا مساعدة أو نشاطاً خلال هذا العام. لا استطيع أن أطلب منهم المساعدة، لأنهم هم الذين سيكونون الضيوف.إذا أردت أن تحصل على عشرين دولارا يمكنك أن تحضر إلى هنا حوالى الرابعة والنصف بعد ظهر هذا اليوم عند الباب الخلفى وتمكث للمساعدة فى غسل الأطباق والقدور والغلايات.

لم يكن هناك رد فورى من ناحيته.

- يمكنك أن تأكل عندما يأكلون، وسأعد لك وجبة غذاء أخرى يمكنك أن تأخذها فيما بعد، لك أن تقبل هذا أو ترفضه، لكن يجب أن أعرف الآن.

تأمل المرأة من ناحيته ووجدها جذابة جداً. لم يسبق له أن كان مع العديد من النساء. استيقظت قوته كاملة وهو يراقب شفتيها، وعينيها، ويديها. ثمة قوة وجمال هناك لم يجربهما بعد. اراد أن يعمل أى شىء ليسعدها ولم يكن متأكداً لماذا شعر بهذه الطريقة، أجاب:

- نعم،سأكون هنا.

- عليك أن تفهم أن هذا عمل دقيق، لا عمل لا مال. أحتاج إلى الالتزام. لابد أن أكون متأكدة من الاعتماد عليك فى هذا الأمر.

- بالطبع، أنا عند كلمتى.

- ما اسمك؟ لعله من الأفضل أن أعرف الكثير عنك.

- يدعوننى فرانك.

- أوه.أحب ذلك كثيراً.نعم. إنه يناسب جداً. فرانك سأتوق إلى رؤيتك هنا بالضبط ( أشارت إلى الباب الخلفى )عند الساعة الرابعوالنصف،  بالمناسبة، اسمى كاثلين ولكن ادعونى كيث.

أخذت يديه بين يديها لتؤكد على الصفقة. شعر الدفء من لمس يديها. تمنى لو يدوم ذلك لوقت طويل. استدار ونظر بينما الباب يغلق خلفه لكنها كانت قد ذهبت لترعى جمعها من الضيوف. فكر فرانك "يا إلهى. لقد وقعت فى حب زوجة الواعظ". تمشى عبر قضبان السكة الحديدية، حتى وجد مكاناً معوشبا تحت برج خزان للماء. ثم جاء النوم فى النهاية. مع المرأة ذات العينين الزرقاوين حلقت جيئة و ذهاباً فى حلمه قائلة:  "أوه أحب ذلك جداً يا فرانك ". وكانت عارية تماماً بجواره.همست:" يمكنك أن تقبل هذا أو ترفض فرانك،لكن لابد أن اعرف الآن ".

كان فرانك عند مدخل الكنيسة الخلفى فى الرابعة والنصف تماما وكان قد اغتسل بالماء الفائض من خزان الماء، وجفف نفسه، ومشط شعره الكنستائى بمشط كان يحمله فى حافظة نقوده، وكان قد ارتدى قميصاً نظيفاً مازال يرى منه التجاعيد حيث كان ينام على ظهره،القميص مثل البنطلون الجينز به عدد من الخروق وإحدى ساقيه ممزق من عند خلفية الساق. نظف أسنانه عدة مرات، وهندم نفسه أمام نافذة محطة السكة الحديد قبل أن يغاد.وقف باعتدال ثم طرق الباب الخلفى، كان على وشك أن يطرق طرقته الثالثة عندما صر الباب الخارجى فجأة.

- حسناً حسناً، انظر إلى نفسك فرانك، رجل جديد لم أره أبداً من قبل.

ابتسمت كيث ودعته للدخول. كانت هى قد نجحت فى الذهاب إلى المنزل والنوم حوالى ساعة، وإرسال جميع الرسائل لاجتماع الواعظ لشهر قادم. وبعد ذلك، فحصت الحلوى التى تعدها لحدث المساء. فكرت فى العشاء الأخير وتمنت أن يكون عشاء لجمعها الأخير. تعرف أن ذلك لن يكون. أخذت حماماً، وغيرت ملابسها مرتدية ملابس الشغلل العملية.اتصلت بالعديد من الكبار لترى إذا ما كان برنامج هذا المساء جاهزاً وسألت إذا ما كانوا يقومون هم  بالخدمة بينما تهتم هى بالسفرة والطبيخ. وهذا ما اتفق عليه، ثم كان هناك اتصال بقائد مجموعة الشباب، بوب، نعم. هناك يمكن أن يكون هناك عشرة صبية لتقديم خدمة الطعام والمنضدة الحافلة. فتشت كيث فى خزانة جيمس لمدة دقيقتين وحصلت على ما تحتاجه  ثم حملت الحلويات فى شاحنة جيمس توقفت عند مكتب البريد لتضع دعوات الاجتماع وهى فى طريقها إلى الكنيسة، وصلت إلى الكنيسة مبكرة خمس عشر دقيقة لتجلس فى هدوء فى ظلام المطبخ   استجمعت أفكارها، وأخذت تخطط للمساء.

عند الدقة الثالث سمحت لفرانك بالدخول.

- أعتقد أنه الأفضل أن نبدأ يا فرانك. حانت ساعة العمل.

كانت تشرح بينما فرانك ينصت.أسرع فرانك للإطلاع على الأشياء والاحتياج إلى المساعدة القليلة لكل شىء تحت يده.عمل فرانك تقريباً لمدة ساعة ونصف دون توقف فيما عدا الأوقات التى كان يراقب فيها كيتى وهى تنحنى لوضع شىء أو الوصول لشىء ما على الموقد. يا إلهى!  لقد كانت رائعة. كانت ترتدى قطعة واحدة من الملابس القطنية فوق ما يفترض أنه ملابس قطنية داخلية. عندما كانت تنتحنى أو تعتدل كانت ملابسها ترتفع. وبينما كانت تتحرك بعيداً مع كل حركة قليلة من أردافها كان اللباس ينزلق قليلاً حتى تحرر أخيراً، استطاع بالكاد أن يمسك نفسه، من وقت لآخر تنظر إليه. تمنحه ابتسامة لطيفة ولأنها كانت تقف فى المطبخ الحار بدأت ملابسها القطنية الخفيفة تنقع بالعرق فاستطاع أن يرى حدود ظهرها وأضلاعها والشق بين ردفيها والمنطقة الصغيرة المبتلة التى شوهدت عبر المريلة تحت صدرها. كانت ما تزال تعمل. عند الساعة السادسة والربع، دخل قائد الخدمة المسائية المطبخ وهمس بشىء إلي كيتى استدارت واندفعت بسرعة نحو المساحة الصغيرة التى تحمل الأحواض والرفوف تغسل الصحون، المساحة التى يشغلها فرانك حالياً مع وعاء كبير يبدو أنه يحتاج إلى جهد كبير جداً لدعكه وتنظيفه.لم يشعر بمجيئها بسبب ضوضاء عتاد المطبخ والماءالجارى.تحركت بالقرب

منه وقالت فى صوت ناعم.

- فرانك

قفز وشعر بالإحراج لأنه لم يكن يلحظ وجودها.

- أنا جد آسف. لم أكن أعرف أنك هنا.الضوضاء كثيرة جداً.

- أعرف. أحتاج منك أن تتولى الأمور بينما أقوم بتبديل ملابسى. يريدون منى أن أخرج وأقدم إنحناءة تحية عند تقديم خدمة الحلوى.لا يمكن أن أخرج هكذا.أنا فى فوضى.

فكر فرانك إنها على العكس من ذلك ولكن بحكمة لم يقل شيئاً. أضافت:

- أنا ذاهبة لأقوم بتبديل ملابسى سريعا فى تلك الحجرة حيث احتفظ بالملابس الاحتياطية. فقط تأكد من عدم وصول أحد إلى هنا. حسنا.

- أكيد.

مالت فوق الحوض قليلاً وهى تتحدث إليه. استطاع أن يشم عرق بشرتها ورائحة خفيفة لعطر الليلك. كذلك أمكنه أن يرى امتلاء صدرها تحب الفستان القطنى. تحدثت بصوت أرق من الذى تحدثت به إلى الآخرين خلال الساعتين الماضيتين.

- أقدر لك عملك الشاق يا فرانك. الآن راقب ذلك الباب. إنه بدون قفل.

أصابت فرانك رعشة لكنها لم تكن شيئاً بالمقارنة بما شعر به عندما أعيد فتح باب غرفة الملابس. كشف مدخل الباب عن جسدها. ارتدت لباساً حريراً وردى اللون ولبست حذاء بكعب عال ومشطت شعرها إلى أعلى فى لفة ووضعت فوقه قبعة ذى حافة مرنة لتغطية شعرها الممشط بغير عناية، وأفضل من كل ذلك، فكر فرانك. كانت مضيئة من الخلف. لقد كشف  المصباح ذى المائة وخمسين وات الآتى من المخزن عن كسمها الرائع.

- حسناً، ما رأيك؟

- أعتقد أنك حقا كاملة.

شعر بالحرارة تصعد إلى وجهه وعرف بأنه خجول. استدارت لكى تخرج من المطبخ. اتخذ قرارً سريعاً.عرف أنه لن يستطيع أبداً أن يغير وضعه أو حياته بالسرعة الكافية التى تجعله يصنع أى فارق،لكنه أيضاً فكر أنه بطريقة أو بأخرى يمكن أن يعبر لها حقيقة مشاعره نحوها. لقد اتخذ ذلك القرار، بدأ فى وضع القدور بعزيمة جديدة. سمع صوت التصفيق من حوله قبل أن تعود كيث.عندما لاحظ عودتها إلى المطبخ.أنزل القدور. مسح يديه ليجففها،واقترب منها.كانا وحدهما فقط مع صوت غليان القهوة فى الخلفية، وصوت طنين الثلاجة الخفيض.

اقترب أكثر وأمسك يدها. سألها:

- كيف سارت الأمور؟

لم تحبه ولكنها لم تبعد عنه أيضاً، لم تكن هناك أية إشارة إلى ما تفكر فيه وهى تنظر بثبات إليه. بدأت الكلام:

- فرانك.

فكر على الفور أنه قد تجاوز الحد.ولكنها استأنفت:

- أتساءل إذا ما كنت تحب أن تجلس وتأكل بعد أن أغير ملابسى.

قال:

- آه، نعم  سيكون ذلك عظيماً.

غادرت سريعاً، توقفت للحصول على حذائها وغيارها من حجرة المخزن بعد 15 دقيقة. عادت وقد غيرت ملابسها كلها.تلبس الآن صندلاً وثوبا بسيطا من الكتان. شعرها نازل خلفها فى شكل ذيل الحصان بسيط. بدت نظيفة ومغسولة ولكن أكثر احتشاما. ثمة أثر لكل انحناءة أو خطوط تحت الرداء.لاحظ فرانك أنها أزالت احمر الشفاه، كذلك اختفت رائحة عطر الليلك، جهزت طبقين من كل ما قدم للضيوف هذا المساء،أكلا فى صمت، من وقت لآخر كانت هناك مقاطعات بسبب تحريك الموائد أو فحصها بعد التنظيف، وفى النهاية صارا وحدهما، تكلمت هى أولا:

- كيف كانت الأمور يا فرانك؟

- بالتأكيد جيدة. كل الأمور حقا جيدة.

- بدوت عصبيا إلى حد ما لفترة قصيرة، اعتقدت ربما أنا الذى جعلتك مضطرباً أو ربما أكون قد قلت شيئاً ما كان يجب أن يقال. أحياناً أصير متسلطة بعض الشىء؛ فأعيش الدور أكثر من اللازم.

أجاب:

- لا ؛ لقد كنت عظيمة. لست متسلطة مطلقاً.

كذب فى ذلك.

- فرانك، أنا متسلطة. أحب أن أكون مسئولة. أنا لست متملقة. أعرف. وبعض الناس حولنا يستائلون عن ذلك، لكن شخص ما يجب أن يترك الأشياء تجرى. زوجى جميس، يكون بعيداً فى معظم الأوقات.أنا أعمل أفضل ما أستطيع، وهذا غالباً ما يكون صعباً على.أفكر فى

مسئولياتى بجدية.هل تفهم؟ عهودى؟

- نعم. أستطيع  أن أفهم هذا.

كان قد اقترب منها بوصة ولكنه الآن تراجع قليلا مع تطرق الحديث إلى زوجها وعهودها. حسنًا، لقد افترض أن هذا كان من أجل الليلة. فرض الأمر عليه وسُجن في سجن بلدة صغيرة حتى بلغ الثمانين، إلا إذا تم شنقه على الفور. أنهيا الطعام وتحدثا فى أشياء التى لا أحد منهما يمكن أن يذكرها فى الصباح، قال:

- أظن أننى على وشك الانتهاء من هذه القدور الأخيرة.

قال ذلك ثم أخذ نفساً عميقا.

- سيكون ذلك عظيماً سأنظف أنا هذه الصحون وأنت تعمل ذلك. ولكن يجب أن أتأكد قبل  من أن الأولاد أغلقوا الباب وهم خارجون.

كانت قد ذهبتت لإنهاء شئونها بينما علق هو بعض المناشف الرطبة لكى تجف ثم خلع مريلته البلاستيكية التى كان قد لبسها لكى لا تبتل ملابسه.وبمجرد أن انتهى من القدور عادت كيتى. قالت:

- فرانك. هل تأتى معى لدقيقة؟

كانت هذه الدعوة مصحوبة بابتسامة لطيفة.

- إلى أين نذهب؟

- أوه، سوف ترى.

ضحكت وسحبته من يده. سارا عبر الكنيسة الخالية. كانت الدنيا قد أظلمت فى الخارج ، فقط نور الشوارع يلمع عبر زجاج التوافذ المغبش وهما يسيران فى محراب المعبد، وفوق منصة المذبح. أحس فرانك بدفء يديها، فشعر بالارتياح. خاف أن تتركه، وهو لم يرد أن تمسكه اليد حتى النهاية، عهود أم لا عهود.

- أحضر هنا غالباً فى الليل عندما تكون الكنيسة هادئة والجميع قد آبوا إلى منازلهم. أليس جميلاً؟

التفت لتواجهه الآن.أخذها بين ذراعيه وقبلها. شعر باستجابتها وهو يقبل عنقها وكتفيها. وضع يديه على وركهاوهى تحتضنه، أبعدت يديه، قائلة:

- لا. فرانك. رجاء لا.

وضع يده مرة ثانية ونجح فى مداعبتها قبل أن تبعد يديه مرة أخرى، فى المرة الثالثة لم تقاوم ولكن بدأت فى فتح الأزرار فى مقدمة جلبابها بينما واصل فرانك تقدمه بمجرد سقوط الجلباب عن كتفيها، رمته بعيدا وقالت:

- بسرعة فرانك، رجاء.

فى لحظة كانا معاً فوق المذبح فى عناق، عاريين تماما، فى غمرة عاطفته لم يلحظ أنها علقت ساقها اليمنى خلف ركبته اليسرى وذراعها اليمنى لفته حول ذراعه اليسرى. فجأة انقلبت واندفعت بسرعة، ممسكة بيده الطليقة من رسغها لتقلبه على ظهره، دبست يده بكل قوة على الأرض وبدأت تطلع وتنزل بقوة فوقه، نقلت يدها اليسرى لتدبس رسغه الآخر. كان مندهشاً لحركتها وقوتها أيضاً.عندما أراد أن يتحرك وجد صعوبة فى ذلك نتيجة لعاطفتها وعزيمتها. ارتفعت فوقه على مرفقيها،وهى ما تزال تهتز فى إيقاع رقيق بينما ثدياها فوق وجهه.

- فرانك لا تتوقف.

ثم بدأت تقفز بقوة وعنف.آخذة به إلى أماكن لم يرها أبداً.عندما كانت جاهزة وحاسمة لم تستطع أن تنتظر طويلاً. اندفعت إلى أعلى وإلى أسفل مع زيادة فى القوة حتى انتهيا. ظلت فى نفس الموضع وهى تقبل عنقه ووجه مراراً وتكراراً. بذات المفاجأة التى بدأا بها لقاؤهما

انتهى أيضاً، نهضت كيتى، أمسكت بجلبابها. ابتسمت:

- ابق هنا وانتظرنى، سأعود حالاً.

تساءل:

- أين ستذهبين بملابسى؟

- فقط لا تتحرك. ارقد هنا. سأعود سريعاً. أوه. إذا الضوء فى الدهليز دخل هنا فإنه سيكون الحارس الليلى. لم يدخل إلى هنا أبداً، ولكن لا تبدى أى صوت حتى لا تلفت نظره. سأرسله للمبيت فى البيت الليلة وسأعود حالاً بأشيائك. ثق فى يا فرانك. لن أنساك. يكفى أنك كنت رائعاً.

اختفت كيتى ورقد فرانك بهدوء فوق المذبح، عارياً، يفكر فى كل ما حدث. فكر إنها كانت أعظم ليلة رائعة فى حياته. بدأ يشعر بالإضطراب عندما لم تأت بعد خمس دقائق.وبعد عشر دقائق، بدأ يشعر بالقلق. عند الدقيقة الخامسة عشرة أتى الضوء من الدهليز لذلك انبطح فوق الأرض ممتداً وراء المنبر، وانتظر فى صمت. أخيراً فتح الباب المؤدى إلى المحراب وظهرت كيتى مرة ثانية وهى تحميل أشياءه.

- أين كنت. لقد بدأت أظنك أنك غادرت؟

ضحكت:

- ساذج أنت. ملابسك القديمة ممزقة.هذه على مقاسك ونظيفة. يمكنك أن تحتفظ بها. وفوق ذلك أعددت لك وجبة غذاء لكى تأخذها معك.هذه محفظتك التى كانت فى الجيب وهذه العشرون دولاراً التى وعدتك بها.

اقترب منها ولكنها أوقفته هذه المرة:

- أنا امرأة متزوجة يا فرانك. خذ فقط هذا واذهب ـ رجاء استخدم هذا الباب الجانبى.  وسوف ينغلق خلفك.

- كيث !

- فقط اذهب وإلا ستفقد القطار القادم. إنه متجه شمالاً. سيأتى فى حوالى الساعة الحادية عشرة ونصف.

ضغطت على يده فى لطف وأسرعت إلى مغادرة المحراب.

انشغلت كيتى بالأمور المطلوبة في مكتب الكنيسة لبعض الوقت، مستمتعة بجهدها وسعيدة بالراحة التي استقرت فى داخلها.سجلت ملاحظة لنفسها يجب على الحارس أن يحضر حصرا غير مستعملة من فصل روضة الأطفال الذى فوق إلى الحجرة الصغيرة فى غرفة الكنيسة العلوية الأسبوع القادم. قبل أن تغلق وتعود إلى المنزل للاغتسال، توقفت متساءلة ما ذلك الذى أثاره فيها؟ هل كان القميص الأزرق أم طريقة التصاقه بجسدها؟ ربما كان النسيج الحريرى الشفاف والضوء خلفها؟ ربما فقط تحديقها فيه؟ فكرت قليلاً ثم قررت أن ذلك ربما يكون عندما وضعت قليلاً من عطر الياسمين وانحنت لتقول لفرانك أن يراقب الباب. من يعرف؟ قالت لنفسها أعتقد أن أحسن جزء عندما تركته على المذبح عارياً تماماً. وكانت صعدت السلم من المدخل إلى غرفة الجوقة العلوية وراقبته لوقت طويل. وعندما أصبح قلقاً، نقرت على الضوء فى الدهليز. وهو ما أبقاه ذلك فى مكانه.أحبت الجنس وأحبت أن تكون هى المتحكمة، أحبت حتى فرانك، أخذت قميصه وبنطلونه بساقه الممزقة ( أمكنها أن تشم رائحته فيهما ) وعلقتهما على شماعة فى غرفة صغيرة تحت السلم، بجوار ثمانية أزواج أخرى ليس من بينها ملابس زوجها على الحائط الأول من المكتب. كان هنا; اقتباس داخل إطار يقول " يستجيب الله للصلاة " فى الحائط المقابل استقر إطار آخر يقول " يساعد الله أولئك الذين يساعدون أنفسهم، فكرت: " حسناً، أحياناً كلاهما.غداً سيكون هناك طاقم من مصلحى السطوح لمدة أسبوع لإعادة إصلاح الجناح الجنوبى كله، وبالتأكيد  كان لديها خطة عمل جاهزة لهم.

(تمت)

***

.........................

المؤلف: أر.جى. لارسين / R.G.Larsen: كاتب وروائى أمريكى ولد فى سان فرانسيسكو. و يعيش حالياً فى سانتا روزا بكاليفورنيا حيث يكتب القصص القصيرة والرواية.

 

في نصوص اليوم