أقلام حرة

أقلام حرة

النظام التركي ساند وبقوة ثورات الربيع العربي التي هوت بعديد الانظمة العربية، ساعدته في ذلك بعض الانظمة العربية، المؤكد ان اردوغان اراد من خلال ذلك اعادة بناء إمبراطورتيه التي شملت عديد البلاد العربية، وقد حكمها بالحديد والنار وفرض الاتاوات التي ترسل راسا الى الاستانة عاصمة الخلافة حيث شهدت تقدما معماريا واستحدثت بالبلاد مشاريع عادت بالنفع على الشعب التركي.

انقلاب العسكر في مصر على حكم الاخوان تلبية لرغبة الشعب المصري الذي خرج في مظاهرات عارمة مناديا بإسقاط مرسي وزبانيته من جماعة الاخوان المسلمين ادى الى توتر العلاقات بين تركيا التي ساعدت وآوت قادة الاخوان بالتعاون مع قطر وفتح قنوات اعلامية لمهاجمة النظام المصري الذي يرونه انه قضى على حلم الاخوان في اقامة امبراطورية تتزعمها تركيا وتدعمها ماليا قطر.

 الخلاف الشديد بين الدولتين لم يصل الى الصدام المسلح لكنه اثّر سلبا على المناطق التي تتنازعان حولها ومنها ليبيا حيث ساعدت كل منهما احد طرفي النزاع من اجل الحصول على مصالح لبلديهما واقتسام الكعكة الليبية والفوز بمشاريع الاعمار بها، وقد رسما لنفسيهما خطوط حمر (مداده بالطبع دماء الليبيين) لئلا يتعداها الطرف الاخر ومنذ ذلك الوقت تشهد البلاد نوع من الهدوء الحذر.

ومع موجة الانفتاح على الاخرومحاولة رأب الصدع بينهما، ليقينهما التام بان الخلاف بينهما ليس لمصلحتهما، وان جماعة الاخوان لم يعد بإمكانها تصدر المشهد في البلاد التي اجتاحتها موجة الربيع العربي، حيث اثبتت فشلها في الحكم في كل من مصر وتونس وليبيا، وان الجماهير انخدعت بشعارات الاخوان التي تدغدغ عواطفها، حدثت خطوات تنازل خلالها كلا الطرفين التركي والمصري عن بعض الامور التي يصعب تحقيقها وتعيق تحقيق اهدافها.اجتمع الزعيمان في اماكن خارج بينهما لحصر الخلاف وتذليل العقبات.

 بعد نحو 12 عاما من القطيعة بين البلدين، اجتمع الزعيمان في القاهرة بتاريخ 14 فبراير 2024 وعقدا مؤتمرا صحافيا اكدا فيه ان الدولتين تواجهان العديد من التحديات المشتركة مثل خطر الإرهاب والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يفرضها الواقع غير المستقر في المنطقة، ويعنزان بمستوى التعاون بينهما من أجل النفاذ السريع لأكبر قدر ممكن من المساعدات لأهل غزة. ووقف اطلاق النار والعمل على استئناف عملية السلام في أقرب فرصة وصولا لإعلان دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. والشيء الاهم هو سعيهما معا إلى رفع التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار خلال السنوات القادمة.

نتمنى ان ينسحب الاتفاق بينهما على مناطق نفوذهما، وبالأخص ليبيا فيسعيان الى تقليل الفترات الانتقالية التي طال امدها وشهدت صراعات مسلحة ادت الى سقوط المئات من القتلى والاف الجرحى ونزوح سكان مدن وقرى بأكملها، ونهبا للأموال العامة وسوء التصرف بها ويسهلان الوصول الى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا، لينعم البلد بالخير والرخاء واعادة ما تهدم من قبل الشركات المختصة بالبلدين ويستفيد شعبيهما.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

حزب الله يقصف قاعدة عسكرية في العمق الإسرائيلي بثمانية صواريخ من العيار الثقيل والدقيق فيما اعترضت القبة الحديدية بعضها وفق المصادر الإسرائيلية، من جهته يرد جيش الاحتلال بقصف أهداف مدنية جنوب لبنان. فما مدى خطورة هذا التحول في المواجهات التي بدأت بعد طوفان الأقصى بيوم ( 8 أكتوبر 2023) في إطار دور الحزب المساند للمقاومة في غزة ضمن وحدة الساحات؟.

هذا ما أعلنته مصادر إسرائيلية حيث نجم عن القصف مقتل مجندة وإصابة ثمانية عسكريين حالة بعضهم حرجة.

واستهدف القصف الصاروخي الذي شنه حزب الله القيادة الشمالية والقاعدة الجوية في ميرون وقاعدة عسكرية في محيط مدينة صفد بالجليل الأعلى شمال فلسطين المحتلة بما يسمى"إسرائيل".

وعقب ذلك بساعات جاء الرد الإسرائيلي بشن غارات مكثفة على عدة بلدات في جنوب لبنان منها مدينة النبطية في جبل عامل، أسفرت حتى الآن عن ارتقاء 4 شهداء وإصابة 11 آخرين من المدنيين.

من جهته، كأحد أشد أعضاء الكابينت تطرفاً، اعتبر وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير قصف حزب الله الموجع لمواقع عسكرية في صفد، "حرباً فعلية" يشنها الحزب على "إسرائيل" ودعا "للتخلي عن الفرضية المعمول بها حاليا في الشمال مع لبنان".

في دعوة منه لتغيير قواعد الاشتباك.. وقد تجلى ذلك من خلال طبيعة الرد الإسرائيلي الذي استهدف تجمعات سكنية في العمق اللبناني خلافاً لما كان دارجاً من قبل، وبالتالي ترك حالة التصعيد في تدحرج مفتوح كأحد أهم أهداف نتنياهو، حتى يتحرر من أزماته الداخلية.

فمنذ أكثر من أربعة أشهر والقصف المتبادل بين حزب الله اللبناني وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود في جنوب لبنان يتصاعد بحذر شديد، دون أن تتجاوز المواجهات الخطوط الحمر.

فهل ما حدث قبل أيام سيغير المعادلة أم ستتدخل على خط الأزمة عوامل تهدئة إقليمية؟ كون الطرفان يعانيان من أزمات خانقة.

ف"إسرائيل" غارقة في مستنقع غزة وتكابد للخروج من عنق الزجاجة، أما الأزمات في لبنان وعلى كافة الأصعدة فحدّث ولا حرج.

ولكن في حرب الإرادات فغالباً ما تهمش حسابات الربح والخسارة والسطوة فيها تكون للأهداف المعلنة.

فحزب الله -من جهته- ربط هدفه بإيقاف الحرب على غزة فيما ربطته "إسرائيل" بسحب قوات الرضوان إلى شمال الليطاني.

ما يعني أن قواعد الاشتباك الجديدة ستبنى على مبدأ هدفٍ بآخر شبيه.. على نحو: (مدينة بمدينة وإقليم بآخر…ألخ) في سلسلة أهداف متعاقبة "محتملة" حتى الذروة، أي: (بيروت مقابل تل أبيب).

ففي الحروب كل الاحتمالات ممكنة وخاصة أن التصعيد لن يتوقف وفق الأهداف اللبنانية إلا بتوقف الحرب على غزة.

أما بالنسبة لجيش الاحتلال فهو يحلم بدفع قوات الرضوان التابعة لحزب الله إلى شمال نهر الليطاني، وفق ما طُرِحَ على طاولة المفاوضات بين الوسطاء الأوروبيين بالنيابة عن "إسرائيل" وحزب الله.

فهل دخلت المواجهات بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي في مرحلة عضِّ الأصابعِ بعد أن حُدِّدَتِ الأهداف؟ وكيف سيربط هذا التصعيدُ قواعدَ الاشتباك الجديدة ببنك الأهداف لدى الطرفين؟ أم أن قرار الحسم سيأتي من غزة التي أنهكت جيش الاحتلال بصمودها الإسطوري؟

أسئلة ورهانات باتت تقض المضاجع في الإقليم الذي يوشك أن ينجر لحرب إقليمة يأنف الجميع الاقتراب منها؛ إلا نتنياهو ومن ورائه اليمين الإسرائيلي المتعطش للدماء.

***

بقلم: بكر السباتين

15 فبراير 2924

لا شيء يبقى على حاله، لا الظلم ولا الأستبداد ولا الأنظمة القمعية أو الديكتاتورية، فهي إن لم تسقط بثورة، فسوف تسقط في حرب، أو في أزمة اقتصادية، أو بهيمنة تيارات أخرى عليها… لا شيء بَاقٍ على ما هو عليه.، ، من حادث المنصة، الي القصر الرئاسي، الي السجن، ومن السجن الي القبر، ما حدث منذ يناير 2011م في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من نفحات أمل بأن التغيير يأتي من الشعب ذاته، أملاً في المزيد من الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، والارتقاء بالإنسان وتحسين معيشته. هذه كلها كانت الهواجس التي دفعت بالملايين إلى الشوارع، بصدور عارية، واقفين أمام الدبابات وأجهزة الأمن، مؤمنين بما ينادون به، مات الكثير حتى اليوم، خصوصاً في البلدان التي تحولت فيها الثورة إلى صراع مسلح مع أنظمة قمعية، وميليشيات، وجيوش مستوردة أو حركات إسلامية متطرفة، من حدوث إبادات جماعية ومجازر، وقصف لا يزال ونحن نكتب هذه السطور مستمراً في العديد من المناطق.في ليبيا، وسوريا، واليمن، والسودان.

سؤال يتردد الأن بعد أكثر من عقد، ليته لم يكن..؟ هكذا نجرب كيف أن ثمن الحرية غالٍ.

ليكن كي لا تذهب كل هذه الدماء التي سالت هدراً، كي لا يذهب كل هذا الدمار هدراً، كي لا تذهب هذه المعاناة والتهجير والقسوة والألم هدراً… حتى تبلغ هذه الشعوب غايتها، الحرية والإنسان… ليكن.

لا تحكموا على الربيع العربي بعد مرور هذة سنوات. فالتخلص التام من أنظمة ديكتاتورية احتكرت السلطة لعقود زمنية طويلة مع احتضانها تيارات إسلامية لاستخدامها كفزاعة يحتاج إلى سنوات طويلة. ولكن البداية كانت حتمية والطريق نحو العدل والوعي والكرامة العربية طويل.كان الربيع العربي حلماً، كان الجميع يرقص فرحاً وهو يستمع للمحامي الیساري التونسي وهو يصرخ امام القصر الجمهوري في شوارع تونس العاصمة “بن علي هرب بن علي هرب”/ليردد أخر {لقد هرمنا ارحل } كانت طائرة زين العابدين في سماء تونس تنتظر مدرج للهبوط في "جدة "

وكانت طائرة أخري تستعد للإقلاع من مطار القاهرة الي/منتجع شرم الشيخ في سيناء /تحمل ديكتاتور أخر، وجماهير حاشدة تهتف تعلن من عاصمة المعز لدين اللة الفاطمي:

رایحین العصر الي القصر "كان إعلان بسقوط ديكتاتور وكانت لحظة فارقة ونادرة في تاريخنا العربي، أن نرى تحرر الشعب التونسي من الاستبداد، ثم يسقط بعد ذلك "حسني مبارك" وتصبح سوريا ملعب لتصفية حسابات دولية، (من يحارب من في سوريا).

ولم يستطع "اليمن" إكمال المسيرة، فجرى ما جرى، وحدث ما حدث في جميع دول الربيع العربي، وتغير المسار الديمقراطي، وفي البحرين تم إخمادها قبل إشتعالها، لم يتم التوصل لتسوية بين المعارضة والحكومة.

في المقابل تمددت الحركات الجهادية التكفيرية وانتشرت الطائفية ولغة الكراهية في الدول العربية، والقتل علي الهویة، ، وكان نتاج ذلك أكثر من ( 200 ألف قتيل وأكثر من 4 ملايين من اللاجئين) في حين لا يزال عشرات الآلاف في السجون.

ولكن على النقيض من ذلك، كانت الأمة العربية بحاجة لأن تصاب بصدمة وعي لكي تنتفض على الفكر الاستبدادي الذي لعب بمقدرات الأمة وسلب الشعوب من الحرية وأذاقها الظلم. تلك التضحيات والتاريخ الذي سيكتب عن الربيع العربي سيكون محفزاً للأجيال القادمة، وسيكون لها إرث نضالي تستمد منه قيم الحرية والعدالة، ويولّد لديها القدرة على الثورة مجدداً على الظلم. متى ستأتي اللحظة التاريخية المقبلة لثورة جديدة، لا أحد يمكنه تقدير ذلك، كما لم تستطع كل مراكز البحوث وأجهزة الاستخبارات التنبؤ بالربيع العربي القادم.

الربيع العربي لم ينتهِ، ولكن نحتاج لثقافه الوعي، لا لثقافة الفوضي والهدم والحروب الاهلية والبلطجة والصراعات علي الكراسي، فهو ليس فصلاً من فصول السنة. إنه تاريخ مشرق لهذه الأمة ويحق لها أن نتباهى به، ففي كل بلد قصة، وفي كل قصة ألف عبرة في صناعة التغيير والتعلم من تجارب الحياة.

ومع ذکري/ سقوط "مبارك " والثورات العربیة تنتظر كل الشعوب العربية للإحتفال بعيد الثورات العربية القادمة من حریة وکرامة إنسانیة وعدالة إجتماعیة”وان نتعلم مما سبقونا في دول لها تجارب في نفس المسار في شرق اوروبا وجنوب افريقيا ..!!

***

محمد سعد عبد اللطیف - کاتب وباحث، مصري

 

حدّث أيّوب بن أيّوب الغزّاوي، قال: وأمّا ما جرى في السابع من أكتوبر 2023 لميلاد المسيح عليه السلام، وللسنة السبعين عن النكبة الكبرى وفضيحة التقسيم، فأمر عجيب، لم يكن ينتظره عدوّ ولا صديق، و لم نقرأ عنه في كتب اليونان وصحائف الرومان، ولا فلسفة أرسطو وسقراط وأفلاطون ولا في قصص الف ليلة وليلة، ولا في إلياذة هوميروس ولا في كوميديا أليغري دانتي ولا في حكايات (بقديدش والغولة)*. فقد أصاب قوم الصهاينة العمى في الأبصار والبصائر، وتحقّق فيهم قوله تعالى: " وجعلنا من بين أيديهم سدّا ومن خلفهم سدّا فأغشيناهم فهم لا يبصرون " (يس / 9) **. فكان مثلهم كمثل كفار قريش في مكّة في ليلة الهجرة المباركة. فقد حلّق شباب غزة فوق غلاف غزّة كطيور الأبابيل ورمت الصهاينة الغزاة (بحجارة من سجيل، فجعلتهم كعصف مأكول)***. لقد غزا شباب غزّة العزّة غزوتهم الكبرى، فعبروا جدارهم الأسمنتي، الشائك، المكهرب، المرصّع بعيون كاميرات المراقبة والجوسسة، فوجدوا قوما ظالمين، وفي لهوهم غارقين، فآسروا منهم خلقا كثيرا ؛ من الذكور والإناث، والكبار والصغار، وساقوهم إلى قلب غزّة صاغرين. وأخبروهم، أنّهم ضيوفهم إلى حين، وما ضربوهم ولا أهانوهم ولا عذّبوهم ولا نكلوا بهم، بل آووهم وأطعموهم وعالجوا جراحهم وأمّنوهم، كما أمّنوا أنفسهم، ودعوهم إلى الإسلام، دين المحبّة والسلام.

أمّا، وقد ادّعى كبراء قومهم، من الساسة السفهاء والعسكريين الرعان، بأن شباب غزّة العزّة، قد عذّبوا ونكّلوا وقتلوا وقطعوا رؤوس الأطفال من قوم الصهاينة، فهو محض كذب وافتراء وتلفيق وبكاء تماسيحي على حائط من سراب، وهو ممّا عُرف به الصهاينة، وتعوّد عليه اليهود منذ خليقتهم الأولى. غرضه استجلاب تعاطف الغرب الصليبي والشرق المجوسي وعطاياهم ومساعداتهم العسكريّة وولائهم السياسي الإعلامي. وقد حقّقوا مرادهم في ذلك، ووقف الغرب - المتخفّي وراء ستار الديمقراطيّة، والمتدثّر بغطاء حقوق الإنسان – مناصرا للظالم على المظلوم، وداعما للطغاة على المستضعفين، وظهيرا للصوص الحريّة والأرض على أبناء الوطن. وها نحن فريسة للإبادة الجماعيّة الفظيعة أمام أعين لا تبصر وآذان لا تسمع وألسنة معقودة، بكماء. أمّا الأعراب العاربة والمستعربة من أبناء العمومة والخؤولة، فقد سُقط بأيديهم، وتواروا عن الأنظار من وراء جدران الصمت تارة، والتنديد والاحتجاج في السرّ والعلن. كأنّهم أصيبوا في عقولهم أو مسّهم سحر بني رزيق في بئر ذروان. أو كبّلهم سحرة فرعون وسحر هاروت وماروت. وها نحن في غزّة يتضوّر أهلنا جوعا وعطشا وبردا. ولم نر في هذا الزمن الصليبي الديمقراطي جيشا، يسمّي نفسه " جيش الدفاع " يطلق نيران أسلحته الفتّاكة على الرضّع والخدّج والأطفال والنساء والمرضى والجرحى والمسنّين، وكأنّه يمارس هواية الرماية على أهداف من حجر أو خشب. إنّهم عصابات فاشيّة، سليلة أولئك الصليبيين الذين أبادوا (الهنود الحمر) (4) في أمريكا و(الأبورجيّون) (5) في أستراليا و (خوي خوي)(6) في إفريقيا عن بكرة أبيهم، دون رحمة أو شفقة أو ذرّة إنسانيّة.

بينا الأعراب قد استلذّوا النوم، فهم في سبات كسبات أهل الكهف. وأضاف أيّوب بن أيوب الغزّاوي: ولم توقظ أنّات الأطفال ولا صرخات النساء ضمائر الأعراب، ولم تحرّك لهم طائرة أو دبابة أو مدفعا أو بندقيّة عمريّة مختاريّة أو رشّاشا أوراسيّا أو خنجرا كخنجر سليمان الحلبي أو سيفا مسلولا خالديّا أو أيّوبيّا أو معتصميّا أو عصا موسويّة، فكأنّ دماء الغزّاويين ودموعهم وجراحهم وآلامهم لا شرف مراقا لهم فيها. وقد نسوا أو تناسوا أنّ الشرف لا يسلم من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم. لقد عرّت غزوة غزّة الأبيّة سوءات الأعراب العاربة والمستعربة، المطبّعة والممانِعة على حدّ سواء. وفضحت خطبهم العصماء وأبطلت أقوالهم الجرداء وسياساتهم العرجاء. وكم في بلاد الأعراب من المضحكات، ولكنّه ضحك كالبكاء. لقد سمع أهل غزّة أحدهم يرفع عقيرته على أحد منابر الخطابة – والأعراب جهابذة في الخطابة وفنّ اللغو - قائلا: نحن معك يا فسطلين. فابتسم للحنه اللغوي صبيّ من غزّة، وقال: بل فلسطين، يا أيّها المطبّع الأبله.

وختم أيّوب بن أيّوب الغزّاوي منظومة الكلام الوجيع في انتظار مولد الفجر الموعود والصباح المشهود، وحكمة أبي عبيدة الغزّاوي: وإنّه لجهاد، نصر أو استشهاد.

***

بقلم: علي فضيل العربي – روائي وناقد جزائري

....................

هامش:

1- الغولة وبقديدش: حكاية شعبيّة شهيرة متداولة في منطقة الظهرة بالجزائر.

2- الآية 9 من سورة يس.

3 - الآيتان 4 /5 سورة الفيل

4 - سكان أمريكا الأصليين

5 - سكان أستراليا الأصليين

6 - سكان إفريقيا الأصليين

نكتب ونخطب ونؤلف متوهمين بأن الشعب موجود والسيادة قائمة، ونتناسى أن الشعب مختصر بفرد أو بضعة أفراد، والسيادة لا وجود لها، لأن معظم دولنا تحت الإستعمار بأنواعه المباشرة والغير مباشرة، والتي تطورت في عصرنا الفتاك ، وأصبحت من ضرورات الحفاظ على قوائم الكراسي.

ولأننا نتجاهل هذه الحقيقة المريرة، فما تجود به الأقلام والألسن مجرد هذيان، لا أثر له في واقع متصور وغير موجود أصلا، فنحن نعيش عوالم خرافية تنافي الحقيقة ومنطلقات العقل.

فواحدنا منهمك بحشو السطور وتأليف الكتب، ظنا منه بأنه يقدم شيئا نافعا للشعب، وما تساءل:

هل يوجد شعب؟

هل توجد سيادة؟

إن غياب الشعب له دوره المروع في صناعة التداعيات المريرة التي تعاني منها مجتمعاتنا.

فالشعب أرقام أو موجودات خاملة مكدسة في أوعية السمع والطاعة، والمدجنة في أقبية التبعية والخنوع، والمثمولة بخمور الأدينة التي تنوّمها، ولا تسمح لها باليقظة وتفعيل العقل، لأنه من الجرائم الكبرى والآثام العظمى.

فعندما تتعطل العقول، ينتفي الشعب، وحينما يكون القرار بقبضة طاغية فردية أو فئوية، فالشعب رقم على يسار القوة المفترسة لوجوده.

أما القول بأن السيادة قائمة فضرب من الهذيان، فأنظمة حكم دولنا لا تمتلك حق تقرير مصيرها، وعليها أن تنفذ لحين بلوغها سن الإنتفاء لحاجتها، لتسقط في أهون قاع!!

و"لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى.. حتى يُراق على جوانبه الدم"

***

د. صادق السامرائي

 

تصاعدت عمليات الاختفاء القسري وما يعقبها من إعدامات في ضوء استمرار الإبادة الجماعية في غزة. وما إصرار جيش الاحتلال على إبقاء المعتقلين رهن الإخفاء إلا نيته في تنفيذ المزيد من التعذيب بحقهم، حيث رفض الجيش تزويد المؤسسات الحقوقية التي تطالب بالكشف عن مصيرهم وأماكن تواجدهم.

غير أن بعض ما حصل مع هؤلاء المعتقلين أخبر عنه من أفرج عنهم بعد أسابيع من اعتقالهم. حيث تحدثوا عن التنكيل والتعذيب الذي تعرضوا له أثناء مدة اعتقالهم. لكن عدد غير قليل ممن لم يظهروا كانت قد طالتهم يد الغدر فنفذت بهم عمليات القتل. فقد اكتُشفت مقبرة جماعية في شمال قطاع غزة تضم ما يزيد عن ٣٠ جثة متحللة، تم قتلهم وهم معصوبوا الأعين ومكبلي الأيدي.

وما هذه المقبرة إلا غيض من فيض من الانتهاكات التي يرتكبها جيش الاحتلال بدعم من الولايات المتحدة ودول الشيطان وخنوع العرب ومباركة من اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها وقوانين منظمات حقوق الإنسان.

لكن لا ضير في كل جريمة حرب أن نذكر ما نصت عليه هذه الاتفاقيات والقوانين التي بات الجميع يعلم زيفها وكذبها.

حيث يعتبر الاختفاء القسري في القانون الدولي معقد فهو يشمل مجموعة من جرائم الحرب المنفصلة أولها - الاعتقال غير الشرعي وقد تناولته في مقال سابق.

أما ثاني هذه الجرائم فهو - الحبس وثالثها - جريمة القتل"الإعدام غير الشرعي".

وهنا فإن عملية الاختفاء ما هي إلا اعتقال شخص ما بسرية بحيث لا يسمح بأي نوع من الاتصالات مع العالم الخارجي وقد يشمل اختفاؤه التعذيب والمعاملة غير الإنسانية، وقد ينتهي الأمر به إلى القتل.

وينص القانون الإنساني الدولي فيما يتعلق بالمرحلة الأولى"الاعتقال" "أن على السلطات أن لا تقوم باعتقالات تعسفية، ويجب أن تستند إلى أسس قانونية سليمة عندما تحتجز شخصا وتبقيه لديها ضد إرادته".

أما بالنسبة للجريمة الثانية "الحبس" فينص البروتوكول الإضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف على أن للشخص حالما يتم احتجازه حق المعاملة الإنسانية من ضمنها حق إرسال رسائل وتلقيها وأن لا يجبر على اعتراف بالإضافة إلى أمور أخرى.

أما الجريمة الثالثة فهي جريمة التعذيب التي قد تصل إلى القتل وهو أمر غير قانوني أيضا. ويعتبر نظام محكمة الجنايات الدولية الأساسي الصادر في روما عام ١٩٩٨ بصراحة على أن " الاختفاء القسري للأشخاص ..جريمة إنسانية إذا ارتكب بشكل واسع ومنظم".

وفي غزة لا استثناء في حالات الاختفاء القسري، فالرجال والنساء والأطفال جميعهم تعرضوا لمثل هذه الممارسة.

وغالبا ما تستخدم دولة الاحتلال جريمة مثل هذه كاستراتيجية لنشر الرعب في غزة.

***

بديعة النعيمي

مفردات السلوك البشري ومنذ الأزل لم تتبدل، والذي حصل أن أساليب التعبير عنها تفاعلت مع مكانها وزمانها، فالبشر محكوم بأمّارة السوء التي فيه، وقد تصدت لها الأديان، وحاول ترويضها المصلحون والمفكرون، ومعظمهم باؤوا بفشل كبير.

لو أخذنا أي سلوك لتبين أن جذوره ضاربة في الماضي البعيد جدا، وما يميزه أنه إرتدى أزياء عصره، وتوشح ببراقع مكانه.

والحقيقة المريرة أن الغابية تهيمن على التفاعلات البشرية، وإن بدت بوجه ما، فالقوي دوما يفترس الضعيف، ويفرض إرادته عليه، ويرغمه على ما يريده منه.

وهذه المفردات تتجلى بوضوح ساطع في التفاعلات الحاصلة بين الدول، وتكون في المجتمعات، ويتحقق تغذيتها وتطويرها والإستثمار فيها لإفتراس أي مجتمع.

ولا يوجد سلوك بشري تجسد في سابق الأزمان وإختفى، وإنما تواصل بأساليب معاصرة قد تنطلي على المغفلين، ويتوهم الكثيرون بأن ما يحصل لا يمت بصلة لما كان فاعلا في المجتمعات البشرية.

فالقوة سلطان وعدل وقانون في جميع الأزمان، والبشر يميل إلى الإستحواذ على الأموال، وتعزيز رغباته ونوازعه المطمورة أنى توفرت له الفرصة، وتحرر من الرقيب.

فلا يوجد قوي يرأف بضعيف، كما لا يوجد أسد يرأف بغزالة تمكن منها.

الإستعباد متواصل، والعدوان قائم والحروب لا تنتهي، والسلام أوهام، وبإمتلاك البشر لأدوات متطورة للتعبير عن شراسته، فأنه سيستخدمها للقضاء على بني نوعه بوقاحة، ويعتبر ذلك فخرا وفيه نشوة النصر والشعور بالقوة والهيمنة والإقتدار.

والفقر لا يمكن التخلص منه، وما أكثر الفقراء والمساكين على مدى العصور، وما أفظع إستخدام العقائد والأديان للنيل من الآخر، بعد توصيفه بما يبرر محقه.

فالتراب تراب، وما ينتجه من طبعه الجذاب!!

و"الطبع شيئ قديم لا يُحس به...وعادة المرء تُدعى طبعه الثاني"

و"النفس تطمع والأسباب عاجزة... والنفس تهلك بين اليأس والطمع"

***

د. صادق السامرائي

 

ماذا فعل الإسرائيليون  للتغطية على الهالة الإعلامية الضخمة التي أحدثها كمين المقاومة المركب في عبسان وقد فاجأت به جيش الاحتلال الإسرائيلي جنوب شرق خان يونس وفق ما نشرته وسائل إعلام عبرية -TRT عربي- متسبباً بسقوط نحو 11 قتيلاً، فيما استغرق نقل القتلى والجرحى ساعات.

وللخروج من المأزق الذي وضعتهم فيه المقاومة في كمينها المحكم قبل الهجوم الإسرائيلي على رفح، فقد اجتمع كما يبدو قادة الكابينت الإسرائيلي بقادة الجيش السيبراني، وخبراء ألعاب الأتاري والأكشن-وفق تخيلي للمشهد المتواري- لبناء قصة مقبولة تجمع ما بين الممكن والخيال في سياق فلم يرقى إلى مستوى الفبركة الهوليوودية.. فهل نجحوا في ذلك؟

إذْ تمخضت هذه الجهود المضنية عن إعلان جيش الاحتال الإسرائيلي في أن أحدى الفرق العسكرية الإسرائيلية الخاصة من الملثمين، نجحت في تحرير! أسيرين إسرائيليين طاعنين في السن، كانا لدى المقاومة الفلسطينية في رفح جنوب قطاع غزة، خلال عملية عسكرية ليلية، تزامنت مع قصف عنيف على المدينة أسفر عن ارتقاء 63 "شهيداً "فلسطينياً على الأقل -بينهم أطفال كدأب الاحتلال في كل عملياته- وإصابة عشرات آخرين.

يأتي ذلك في حصادٍ يُدْرَجُ في سياق بطولات هذه الجيش "المنكسر" الذي لم يجد إلا الإبادة البشرية كعنوان لبطولاته "الخرقاء".

من جهته وصف معدُّ السيناريو والحوار، نتنياهو، العمليةَ بالاستثنائيةِ في تاريخ "إسرائيل" متجاهلاً المرور بأبشع الجرائم التي اقترفها هذا الجيش وقد سقط عن وجهه قناع الهيبة لتتبدى فيه ملامح الخوف ورهاب المستقبل المجهول.

ووفقاً لرواية نتنياهو الركيكة، فقد استعان جيش الاحتلال الإسرائيلي لتحرير الأسيرين بأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الثلاثة الأساسية، سواء كانت الموساد أو جهاز الأمن العام (الشاباك)، بالإضافة إلى شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، - وربما إلى جانب ذلك شاركت شخصيات خارقة هوليوودية مثل باتمان وسوبر مان وغيرهما.

ولا أعتقد بأن جاكي شان كان من بين المشاركين لأصوله الصينية (!!!) .

فلا بأس! إذْ أن جميع تلك الأجهزة كانت قد أثبتت فشلها الذريع المذل في طوافان الأقصى يوم 10 أكتوبر الماضي.

ويبدو أن نتنياهو قد وجد في هذا الفلم المضلل ما يساعد قادة الكابينت على استعادة هيبتهم، ويحصنهم من النقد، ويفعّل الأجهزة الأمنية الفاشلة لوجستياً باقتدار في العمليات الميدانية العسكرية؛ كي يحقق نتنياهو عنصر الضغط اللازم على المقاومة حول موضوع "الرهائن" الإسرائيليين لدى حماس.

من جهتها فإن حماس ومعها فصائل المقاومة التي تجمعها غرفة عمليات مشتركة، تدرك تفاصل اللعبة ومغزاها، والتي تتلخص في محاولة نتنياهو اليائسة للحصول على فرصة إطالة أمد الحرب؛ كي يخرج من عنق الزجاجة على صعيدين داخلي وخارجي، من أجل كسب المزيد من أوراق الضغط على حماس التي تتحكم بمجريات الحرب وهي متمركزة تحت الأرض وتتنفس تحت أقدام جيش الاحتلال كأنها بركان.

مع أن الحملة الإعلامية الإسرائيلية الأضخم التي يقودها نتنياهو بنفسه حول العملية، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك؛ بأن الورطة التي وقع فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي "القوي" كبيرة والحملة مضللة.

إذْ يحدث كل ذلك لمجرد أن قوات خاصة من جيش الاحتلال إدّعت بإنقاذ أسيرين فقط من "براثن" المقاومة (!!).

ما هذا التردي الذي وصل إليه جيش كان قبل "طوفان الأقصى" يصف نفسه ب"الجيش الذي لا يقهر".

الا يثبت هذا بأن باتمان وابن عمه سوبرمان هما من المقاومة خلافاً لأوهام الممثل الفاشل نتنياهو؟

ليكتشف القاصي والداني -أخيراً- سر هذه الفبركة حيث أن حبل الكذب أقصر مما يعتقد قادة الكابينت الإسرائيلي.

استمعوا إلى تعقيب القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسامة حمدان في مؤتمر صحفي عقده ببيروت، على هذه الفنتازيا البائسة حيث كان بطلها نتنياهو الذي ملأ وجهه بالمساحيق الوردية مداراة لخيبته:

" إن روايات صحفية ميدانية تؤكد أن الأسيرين الإسرائيليين اللذين زعم الاحتلال تحريرهما في مخيم الشابورة برفح جنوبي قطاع غزة لم يكونا في حوزة الحركة وإنما لدى عائلة مدنية". مؤكدا على ضرورة انتظار رواية المقاومة عن الحادثة.

فالرواية الإسرائيلية تجاوزت هوليوود في خيالها غير المنضبط على إيقاعات الواقع.

وأضاف حمدان -الجزيرة نت- "بأن تسويق وتضخيم ما حدث في ظل ما يواجهه جيش الاحتلال من انكسارات ومقاومة في مختلف محاور القتال يأتيان في إطار البحث عن إنجاز مفقود في مواجهة المقاومة، ومحاولة مفضوحة لرفع الروح المعنوية المنهارة لجيش الاحتلال وجنوده".

وأخيراً فإن فشل جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية في تحقيق أهداف نتنياهو، حَوَّلَ الكابينت إلى مؤسسةٍ بائسة لإنتاج الأفلام المفبركة الفاشلة؛ بغية انتاج قصص وهمية لنصر مزعوم، ومن ثم توزيعه مجاناً في السوق الإسرائيلية الضيقة والعالم الذي بات لا يثق بالسردية الإسرائيلية المضللة.

الإسرائيليون من جهتهم لم يعودوا قادرين على تجرّع هذه الأكاذيب، فلم يجدوا ضالتهم إلا عند أصحاب "المثلث الأحمر الشهير" الذي يتحكم به الإعلام العسكري للمقاومة، كونه يمتلك الحقيقة الموثقة، في حرب عمياء طال أمدها.. وأزالت كل الأقنعة عن وجوه قادة الاحتلال الإسرائيلي -وحلفائه الإقليميين- الذين أصابهم الخوف على مصير كيانهم الزائل، في حرب إرادات لا يفك سرّها إلا أصحاب الحق المتمثل بالمقاومة.

***

بقلم: بكر السباتين

14 فبراير 2024

 

أنه عملٌ احترافيٌ موجه وليست صيرورة اجتماعية، لأن حركة المجتمع الطبيعية مرتكزة علىٰ تحقيق المصلحة العامة، بمعنى أن العوامل الاجتماعية المؤثرة في صناعة محتوى اجتماعي تعمل بدوافع المصلحة العامة دون النظر إلى حدوث ضررا خاصا، لذلك تجد مثلا في العراق في مرحلة من المراحل كانت تقام مجالس التأبين للميت لمدة أسبوع تقدم فيها مآدب الطعام يوميا للمعزين مما يُحَّمل كاهل اهل الفقيد حِملا ثقيلا. على مستوى الجهد النفسي والبدني وكذلك على مستوى النفقات، ولكن هل كان من الممكن لأحد أن يتخذ قرارا بمنع تلك التقاليد رغم إقرار الناس بأنها غير معقولة لذلك تكفلت العوامل الموضوعية التي تصنع تصورا عاما جديدا بتغيير تلك المفاهيم تدريجيا دون الحاجة إلى تدخل صارم يشبه التداخل الجراحي، لذلك ستجد أن السبعة ايام تحولت إلى ثلاثة ومآدب الطعام تحولت إلى مأدبة طعام واحدة في اليوم الأخير ومن ثم الثلاثة أيام أصبحت يومان وفي حالات كثيرة يوما واحدا وصلى الله وبارك، على ان هذه المتغيرات تحدث في مجالات لاحصر لها دون أن نشعر بها شعورا صارخا يؤجج حالة الرفض النفسي، في الواقع أنها تشبه عملية انتخاب يقوم بها المجتمع لافضل الخيارات المتاحة والتي تؤدي في النهاية إلى تقليص الأضرار وتعظيم الفوائد، من هنا فإن أي تطور أو تحول دراماتيكي لايدخل ضمن هذا الفهم انما هو مُنتج اصطناعي مدفوع بعوامل مصطنعة يراد منها إحداث ضررا عاما وتحقيق مصلحة خاصة لأن التحولات الاجتماعية الطبيعية تأخذ منحىٰ انسيابي يستغرق  وقتاً طويلاً نسبيا ولايُحدِث ضوضاء لأنها تحدث تدريجيا دون أن تخلق قبولا أو رفضا، اذن كيف يكون ممكنا أن تصطنع مرحلة جديدة من خارج السياق الاجتماعي الطبيعي !؟

اول الأمر أن ترمي حصاةً في الماء

لاحظ أن من يرمي حصاةً في الماء الراكد يعرف جيدا أن هذه الحصاة لن  تحدث تغييرا كبيرا أو مباشرا على طبيعة الماء ولكنها بالتأكيد ستنتج.

حركة ولو بسيطة، اذن فأن المطلوب دائما أن يكون المتغير الاجتماعي المصطنع مسبوق بحصاة تُرمى في الماء الراكد أو لنقل أنها عملية تحريك المُستقِر الاجتماعي وخلق حركة متعاقبة من الأمواج بفعل فاعل

الجينز المُمزق بين ليفي ولافي

لا أدري كيف تصادف هذا التشابه في الأسماء بين مخترع بنطال الجينز  (ليفي شتراوس) المولود في المانيا 1829 والمهاجر إلى أمريكا رفقة والدته وشقيقتيه 1847 وبين مصممة وعارضة الازياء (ميشيل لافي) المولودة في فرنسا 1944 وهي ماسونية من عبدة الشيطان والمتزوجة من مصصم الازياء الأمريكي الثري (ريك اوينز) والتي حولت اختراع ليفي شتراوس شراكة مع الخياط (جاكوب) الذي تم تصميمه بدوافع اقتصادية ربحية يحمل في طياته مغزى انساني وهو خدمة عمال المناجم بسبب قوة تحمل نوعية القماش للأعمال الشاقة بعد مرحلة طويلة من استخدام الخيش «قماش مصنوع من القنب» يتميز بالمتانة وقوة التحمل يسمى في العراق بـ [الجُنفاص] عن أصلها الانجليزي: [canvas]: حيث حولته هذه الشيطانة إلى مشروع اقتصادي اخر يحمل في طياته مغزى  يتناسب مع توجهاتها الشيطانية فكان أن أطلقت تلك الحصىٰ الشيطانية في بِركَة المجتمع المستقر على حدود الصيرورة الطبيعية حيث لم يكن مُتصَورا لأحد أن يمشي في الشارع ببنطال ممزق الا إن كان باليا يستر به فقره أو أنه قد قُدَ من شائك عَرَضاً، ! حيث ستكون ردة الفعل الطبيعية أن تشعر بالحرج من أن يرى أحد ماحصل لبنطالك من عطب لتضع يدك على موضع التلف لا إراديا ومن ثم قد تُسرع الى أقرب مكان يمكنك فيه معالجة الأمر أو استبداله بملبس لائق قبل أن يشاهدك أحد، هذا ماحصل عندما تجرأت أو تجرأ اول انسان على مخالفة الطبع البشري ليرتدي ملابس لم تكن بالية ولا قُدت من دُبرٍ ولا قُدت من قُبُل بحجر حاد في مناجم الذهب ولكنه فقط التدخل على الشأن الاجتماعي لإحداث مُتغير اجتماعي قسري ينتج عنه خلايا سرطانية انشطارية تشبه ماينتج عن ارتداد الأمواج من أثر رمي الحصى من زبد ومايحمله من نفايات إلى حافة الشاطئ، من الطبيعي أن مشاهدة رجل أو امرأة في الشارع بملابس ممزقة من دون علة سيكون مُستغربا ومستنكرا ومستهجنا في بادئ الأمر ولكن ذلك الاستنكار والاستغراب لن يستمر طويلا قبل أن تعتاد العين على هذا المشهد الغريب ومن ثم بتكرار  انطباع هذه الصورة في بؤرة العين تبدأ مرحلة الاعتياد ومن ثم  يتحول الاستنكار إلى استفسار عن المغزى من ذلك ومن ثم استحسان البعض ممن يختزن في نفسه طبعا لايستطيع البوح به لأنه طبع يخالف السائد ومن هنا ستبدأ نقطة شروع اجتماعية موازية لتدخل في صراع فكري لنسف الحركة الطبيعية للتحولات الاجتماعية واستبدالها بتحولات ليست طبيعية وانما هي انتقالات سريعة تدار من أفراد وجهات وفق سيناريوهات ترتكز على تحقيق المصالح الخاصة ثمنها تدمير التعاقب الزمني المنضبط للأمواج بافتعال إعصار يضرب البنى التحتية الاجتماعية المرتكزة على محورية الطبع البشري في مايُعقل وما لايُعقل من السلوك الخاص والعام ..

***

فاضل الجاروش

الفلسطينيون حتى مع وقوعهم تحت الاحتلال ومقاومتهم وصمودهم منقطع النظير ليسوا ملائكة، فهم شعب كبقية الشعوب وخصوصاً العربية، فيهم ما فيها من مكونات وشرائح وسلوكيات اجتماعية، فيهم الغني والفقير والجاهل والمتعلم، وفيهم المناضل الشريف وفيهم الوضيع واللص والمرتشي، وفيهم الوطني الفدائي المقاتل والعلماني والاسلاموي الخ.

لذلك فمن غير المقبول والمفهوم لبعض العرب محاسبة عموم الفلسطينين و اتخاذ موقف سلبي من قضيتهم الوطنية اعتماداً على وجود تجاوزات أو ممارسات خاطئة من بعضهم.

كما أن وجود خلافات سياسية بين الأنظمة السياسية والجماعات الإسلاموية لا يبرر موقفها السلبي بل والمتواطئ مع الاحتلال مما يجري في فلسطين وغزة تحديداً، بذريعة أن الحرب في غزة ضد حركة حماس و انتصار هذه الأخيرة انتصار للإسلام السياسي الذي يهدد أنظمتهم.

***

ابراهيم أبراش

 

خلال الحرب على غزة اعتقل جيش الاحتلال مئات الفلسطينيين في أنحاء مختلفة من القطاع وسط الجوع والعطش والبرد. وفي معتقلات خالية من الإنسانية مثل الواقع في منطقة زيكيم وسجن النقب يتعرض هؤلاء المعتقلين للتنكيل فمن الضرب بالهراوات المعدنية وعصي الكهرباء إلى صبّ الماء الساخن على رؤوسهم بحضور متفرجين مدنيين يهود قاموا بتصوير هذه المشاهد بكل متعة على جوالاتهم النقالة. كما شارك هؤلاء المتفرجون بدور آخر بالإضافة إلى المشاهدة والتصوير والتشفي، بتعرية المعتقلين وتعريضهم للعذاب بشكل علني.

وقد تبجح جيش الاحتلال بأن سبب هذا الاعتقال هو التحقق إذا ما كان بعضهم من مسلحي حماس أو نشطاء منها. وحتى لو افترضنا أن هؤلاء المعتقلين مسلحين أو معادين يظل القانون يتطلب معايير معينة،  تبدأ بمعايير المادة السابعة والثلاثين من اتفاقية جنيف الرابعة والتي تضمن لهم الحماية والمعاملة الإنسانية سواء كان من حيث تأمينهم بالطعام والشراب والنوم الكافي،  هذا في حال كما قلنا أنهم مسلحين. فكيف ونحن أمام اعتقال مدنيين لا علاقة لهم بالسلاح؟

ومن هنا فالمادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع بما يخص المعتقلين المدنيين،  تنص على أنه " يجب معاملتهم معاملة إنسانية دون تمييز يقوم على العنصر أو اللون أو الدين أو المعتقد" كما تحظر المادة الثالثة " الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية وبخاصة القتل بجميع أشكاله والتشويه والمعاملة القاسية أو التعذيب".

لكن أين هذه المواد من كل ما حصل ويحصل إلى الآن مع سكان القطاع وصولا إلى الأطباء؟ فها هو الطبيب سعيد عبد الرحمن يعتقل من المستشفى الأهلي من قبل قوات العدو التي اقتحمت المستشفى وحجزت الطبيب لمدة ٤٥ يوما حيث قامت بتكبيل يديه وساقيه وعصب عينية طوال فترة اعتقاله. ويقول الطبيب أن سجانيه أمروه بالنوم في أماكن مغطاة بالحصى دون فراش ووسط موسيقى صاخبة.

كما أقدمت قوات الاحتلال على اعتقال مدير مجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد أبو سلمية بتاريخ ٢٣/نوفمبر/٢٠٢٣ فوقع فريسة للتعذيب الوحشي حيث حرم من النوم وتعرض للإهانة بإجباره على المشي على أطرافه وقاموا بتكسير يديه وقدميه كل هذا لأنه رفض تسجيل فيديو يتهم المقاومة باستخدام المستشفى كمقر عسكري.

فما الأسباب التي تدفع دولة الاحتلال إلى اعتقال مدنيين لا ضرورة لاعتقالهم، فهم لم يتجسسوا ولم يتسببوا بتهديد أمن دولة الظلم هم فقط نزحوا من منطقة إلى أخرى في القطاع بحثا عن مكان آمن. فأين محاكم العهر واتفاقيات الكذب من كل جرائم الحرب البشعة التي ترتكب في غزة؟.

***

بديعة النعيمي

لحسن الحظ ان الدول الكبرى التي تتحكم بالعالم، لاتستطيع دائماً ان تُلقي بالنتائج السيئة لممارساتها على عاتق شعوب العالم الثالث الفقيرة والضعيفة، بل ان بعضها واكثرها خطورة يصيبها هي ايضاً !!

فعندما تتصرف بعناد مع بعضها في قضية التلوث وكل منها يرفض تخفيض الانبعاثات بحجة ان الآخر لايخفض كما ينبغي فأن تلوث الماء والهواء وارتفاع حرارة الكوكب سوف تصيبها وتصيب شعوبها وتفسد حياتها مثل بقية دول العالم.

تجاربها النووية القديمة على الارض وفي البحار سببت تلوثاً لايمكن السيطرة عليه وانتقل الى مياه العالم وهوائه ووصل تلك الدول شأنها شأن غيرها..

طمرها للاسلحة الكيميائية والنفايات النووية في البحر، سوف يرتد عليها في يومٍ ما .

احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة بين الدول الكبرى تهدد بفناء البشرية، سوف يبيد سكان تلك الدول..ايضاً !!

سكان الدول الكبرى يتمتعون بحياة ذات مستوى عالٍ  وهم لذلك يتمسكون بحياتهم ويخافون من فقدانها، في حين ان معظم سكان العالم النامي الفقير قد يتمنون الموت بسبب تعاسة حياتهم..

الدول الكبرى تطبع وتُصدِر النقود كما تشاء وتجبر العالم على قبولها، وتخلق موجات من التضخم تتأثر هي بها قبل غيرها

وتدفع ثمن سياساتها الاقتصادية الانانية..

حتى دعم تلك الدول للعصابات الدولية وجماعات الجريمة المنظمة من اجل تحقيق غايات استخبارية تستفيد منها تلك الدول، سوف ينعكس على تلك الدول من خلال نشاط تلك العصابات في تهريب المخدرات والاسلحة وغيرها من النشاطات الاجرامية.

مثال على ذلك اطلاق سراح القوات الامريكية خلال الحرب العالمية الثانية لافراد المافيا الذي احتجزهم موسوليني وكاد ان يقضي عليهم، وذلك مقابل مساعدة الجيش الامريكي في تتبع الموالين لموسوليني وقيادتهم الى اوكار اولئك الموالين.

وبعد ذلك توسعت نشاطات المافيا الى الحدود التي نعرفها.

الحياة تخضع لقوانين موضوعية لايستطيعون السيطرة عليها وتوجيهها.

***

د.صلاح حزام

صادقت حكومة الحرب الإسرائيلية (كابنيت) على قرار اقتحام رفح بغية السيطرة على محور فلديلفيا، وتهجير اللاجئين القسري إلى سيناء -رغم الرفض المصري- والقضاء على كتائب القسام الأربع في جنوب القطاع.

العملية لن تكون سهلة؛ لوجود أكثر من مليون ونصف لاجئ فلسطيني يتعرضون لخطر الإبادة، ما سيعرض العملية برمتها للإدانة الدولية.

يأتي ذلك خلافاً لرؤية نتنياهو ومن ورائه اليمين المتطرف في الحكومة، في أن العائق البشري هو أهم أوراق الضغط على المقاومة، متوهماً بأن حماس تتمترس خلف هذه المجاميع البشرية. مع أنه يدرك تماماً بأن التلاحم بين المقاومة والشعب في غزة مصير مشترك أثبتته الشواهد.

من جهتها تتنصل أمريكا من العملية دون أن تعمل على وقفها ربما لغايات انتخابية، بينما تقوم مع 14 دولة أوروبية على وقف الدعم للأونروا التي تشكل عصب الحياة لقطاع غزة المحاصر من العدو والصديق.

وكما يبدو فإن نتنياهو يلعب يائساً بآخر أوراقه من خلال محاولة نقل الأزمة إلى مصر بترحيل اللاجئين القسري من رفح إلى سيناء في ظلِّ غياب موقف عربيّ موحد؛ لكنه ومن باب الحيطة والحذر فقد ترك نتنياهو باب المفاوضات بشأن تعديلات حماس على مقترح الهدنة الأخير الذي رفضه مبدئياً، موارباً، كملجئ أخير؛ بغية الخروج من مستنقع غزة، إذا ما وجد نفسه في نفق مغلق عديم الجدوى.

وكأن الهجوم على رفح الذي بدأ شرساً منذ أيام، سيكون أمل نتنياهو الأخير في نصر موهوم يبدو للخبراء والمراقبين عبر العالم مستحيلا.

بالنسبة لنتنياهو فهو لا يكترث بالضحايا من الفلسطينيين الذين عربد شيطانه في دمائهم من شمال القطاع حتى جنوبه منذ بداية الحرب، لولا الاختلاف الشكلي حول توقيت الهجوم وتوخي الحذر إزاء قرار المحكمة الدولية الذي يدين "إسرائيل" ويطالبها بتطبيق إجراءات السلامة التي تحافظ على الفلسطينيين في القطاع أثناء الهجوم.

وقد حصل الانقسام داخل الكابينت بعد الكمين المركب الذي نفذته المقاومة الموحدة يوم أمس، الأحد، ضد جيش الاحتلال جنوب شرق خان يونس، حيث تضمن عدة رسائل كان من شأنها أن تخلط الأوراق في وجه الكابينت الإسرائيلي، وقد نجم عنه عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف جيش الاحتلال، بدلالة ما نشرته هيئة البث الإسرائيلي الرسمي في أن "عملية نقل المصابين إلى المستشفيات الإسرائيلية استمر لساعات".

فعلى صعيد داخلي أججت العملية النوعية الخلافات في الكابينت الإسرائيلي وتشعبت الآراء -وفق الإعلام العبري- ما بين الهجوم المباشر على رفح دون الاكتراث بالمجاميع البشرية التي دفع بها الاحتلال من خلال ممارسة التطهير العرقي في عموم القطاع المدمر، إلى المخيمات في رفح وخان يونس.

أو الهجوم على رفح؛ مع توخي الحذر- ظاهرياً- انسجاماً مع قرارات المحكمة الدولية وموقف جو بايدن الأخير إزاء الإجراءات التي تؤمن سلامة الفلسطينيين مع وقوفه إلى جانب "إسرائيل" في ذلك الهجوم المدعوم أمريكياً بالمال والسلاح.

ويحاول جيش الاحتلال من خلال هجومه على رفح تحرير الرهائن الإسرائيليين الذيْن قُتِلَ اثنان منهم وفق بيانات المقاومة الأخيرة.. يأتي ذلك من باب التسويق الداخلي أو تجنب تعريضهم للخطر بغية تهدئة الراي العام الإسرائيلي.

ناهيك عن إنهاء الحرب بعد اجتثاث حماس من خلال تفكيك كتائب القسام الأربع العاملة بفاعلية في منطقة العمليات الجنوبية ( رفح وخان يونس).

أما بالنسبة للتسويق الخارجي فضرورة التوافق مع رؤية الرئيس الأمريكي جو بايدن، وذلك من خلال التأكد قبل التخطيط للهجوم على رفح من سلامة البشر؛ لأن غزة باتت تؤثر سلبياً على بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، على نحو ما جرى مؤخراً في ولاية جورجيا حيث أصدر السود الأمريكيون (يشكلون ثلث سكان الولاية) بياناً يؤيد إيقاف الدعم لجيش الاحتلال الإسرائيلي مقابل دعمهم المفتوح للديمقراطيين في الانتخابات المقبلة.

وكانت الولاية قد الغت في وقت سابق، تشريعا يدين حركة المقاطعة ل"إسرائيل" (BDS) وفق موقع "ميدل إيست آي" الإخباري البريطاني.

إلى جانب ذلك تملص "إسرائيل"من ضغوطات مجلس الأمن حيث أوقف الفيتو الأمريكيُّ المقترحَ الجزائريَّ بشأن "التدابير المؤقتة" التي طلبها قرار محكمة الجنايات الدولية، من "إسرائيل" التي أدينت لارتكابها إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر.

طبعاً الكابينت الذي هزئ من القرار الدولي سيلجأ للطرق الملتوية والتضليل الإعلامي لتسويق إجراءات جيش الاحتلال التضليلية. التي لن تحجب جرائمه في خان يونس ومستشفى النصر يوم أمس.

وكما ذكرنا آنفاً فقد تعرض جيش الاحتلال لكمين نوعي نفذته فصائل المقاومة الموحدة في جنوب شرق رفح ضد جيش الاحتلال وإصابة أعداد كبيرة من من الجنود ما بين قتيل وجريح، حيث استمر نقل المصابين (قتلى وجرحى) في غضون ساعات عن طريق المروحيات.. ويبدو أن الكمين-وفق تقديرات خبراء عسكريين- تنوع ما بين تفجير مبنى يستحكم به جنود إسرائيليون ومحاصرة قوات أخرى إلى جانب استدراج عدد غير محدد منهم إلى نفق مفخخ تم تفجيره؟

وأضافت هيئة البث الإسرائيلية أن "الجيش قد يصدر توضيحاً بخصوص ما جرى في خان يونس ".

طبعاً البيان الإسرائيلي المنتظر سيحتوي على أخبار مضللة كدأب ما يفعله الإعلام الإسرائيلي إزاء هزائم جيش الاحتلال، الذي يتعرض لحرب استنزاف تتواجه في أتونها العقول والإرادات، حيث تميل كفتها وفق الشواهد والبيانا إلى المقاومة.

وكانت حركة حماس وبالنيابة عن فصائل المقاومة في غزة قد ردت على مقترح الهدنة الفرنسي القطري المصري من خلال إجراء بعض التعديلات للتوصل إلى هدنة تامة ومستدامة على 3 مراحل، تستمر كل مرحلة 45 يوما، وتشمل: التوافق على تبادل الأسرى وجثامين الموتى، وإنهاء الحصار، وإعادة الإعمار.

وهي تعديلات رفضها نتنياهو فيما ترك الباب موارباً حتى لا يفقد الأمل في مخرج له من مأزق غزة الخانق.

وقد وضع نتنياهو كل أوراقه  في "سلة" الهجوم على رفح؛ ولكن المقاومة فاجأته بالكمين الذي صدم قيادة الكابينت وبعثر الأوراق في وجهها المربد المكفهر.. هذا ديدن حرب الإرادات التي لا ينهزم فيها صاحب الحق حينما يختار طريقه بثبات.

***

بقلم بكر السباتين

13 فبراير 2024

إلحقونا وَقَعَ عليها مليون مواطن محاصرين الآن في منطقة رفح الفلسطينية. ليست عريضة/ كتبها "محمد افندي في فيلم الارض"، وليست عريضة وَقَعَ عليها أكثر من نصف مليون مُشجع لكرة القدم من العراقيين في نهائيات كأس آسيا، ضد صفارة الحكم الايراني الذي يحمل الجنسية الاسترالية، إنها صفارات الإنذار الآخير قبل المذبحة،، عريضة وصلتنا لنشرها في الصحف باللغتين العربية والانجليزية، الي كل ضمائر العالم إستغاثة/

نحن الموقعون أدناه. والذين تزيد أعدادنا على المليون نازح ومشرد في الخيام والشوارع في مدينة {رفح} المدينة الأخيرة التي وصلنا إليها بعد سلسلة طويلة من النزوح في محافظات أخرى. وبعد تعرضنا لاعتداءات الاحتلال المتكررة من قتل أطفالنا ونسائنا. وإبادة ذوينا وجيراننا وأحبائنا. وتدمير بيوتنا ومساكننا. وتعرضنا لحصار قاس أدى إلى تجويعنا وموت بعضنا من البرد والنوم في العراء دون توفر أي مقومات للمساعدة أو الإغاثة الإنسانية. رغم أننا لسنا طَرفَ في النزاع. وقد أعلن المسؤول في حماس (موسى أبو مرزوق) تخلي الحركة عنا صراحة وعلانية بأن مسؤوليتنا تقع على "منظمة الأونروا "التابعة للامم المتحدة والاحتلال. وليس عليهم.

ورغم ذلك. فإن جيش الاحتلال لا يزال يلاحقنا. ويتهددنا في رفح بمواصلة قتلنا وإبادة من تبقى من وتسوية بيوتنا بالأرض، ويستخدم دمنا النازف أداة ابتزاز وضغط في صراعه ومفاوضاته، ويوظفه في معاركه الحزبية الداخلية. وهو يخيرنا بين إعدامين: إما البقاء في رفح لقصفنا بطائراته ودباباته. أو الخروج منها إلى الشمال المدمر والمجوع عبر نقاط تفتيشه التي يقتل بها المارين ويعتقل النساء ويختطف الأطفال والرجال دون أدنى معرفة بمصيرهم إلى الآن.

إننا في رفح كمدنيين عزل لا علاقة لنا بأعمال القتال. نطالب جميع دول العالم التدخل لحمايتنا من تهديد الاحتلال. وذبحنا كالخراف في كل مكان ننتقل إليه بمبررات كاذبة ومضللة. ونطالب بتطبيق الاتفاقيات الدولية علينا لحمايتنا التي هي حقنا كبشر ضمن المنظومة الإنسانية.

إن جميع القوانين الدولية تستوجب حمايتنا، والتدخل العاجل لإنقاذنا، فلماذا تتعطل هذه القوانين عند أهالي غزة المدنيين، وتعمل مع غيرهم بجد ونشاط مثل الأوكرانيين على سبيل المثال الذين تتوفر لهم جميع وسائل الحماية القانونية والمعيشية والدعم اللامتناهي؟.

إن اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12آب/ أغسطس 1949والتي تنطبق على حالتنا تماما، تنص في المادة (3) منها: (في حالة قيام نزاع مسلح... يلتزم كل طرف في النزاع بأن يطبق كحد أدنى الأحكام التالية:

1) الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزين عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة أو أي معيار مماثل آخر.

ولهذا الغرض، تحظر الأفعال التالية فيما يتعلق بالأشخاص المذكورين أعلاه، وتبقى محظورة في جميع الأوقات والأماكن:

(أ) الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب،

(ب) أخذ الرهائن.

(ج) الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.

كما تؤكد الاتفاقية في مادتها ال 15 على ضرورة توفير ممرات ومناطق آمنة لا يجري فيها الاعتداء على المدنيين غير المشاركين في القتال بأي حال من الأحوال.

وهي تنص على ضرورة التزام (دولة الاحتلال بأحكام المواد التالية من هذه الاتفاقية: من 1 إلى 12,27، ومن 29 إلى 34 و47، و49، و51، و52، و53، و59، ومن 61 إلى 77 و143، وذلك طوال مدة الاحتلال).

ومع ذلك فإن الاحتلال يتجاهل تنفيذ جميع هذه المواد، بل الاتفاقية كاملة، ويضرب بها عرض الحائط، ويواصل إبادته وقتله للمدنيين الأبرياء والعزل على مرأى ومسمع من الموقعين على الاتفاقية وغيرها من اتفاقيات الحماية.

إننا أمام هذا الواقع المأساوي الذي لم تتحرك فيه ضمائر العالم لإيقاف شلال الدم المستمر منذ أربعة أشهر، وترك الاحتلال للاستفراد بنا على ضعفنا وقلة حيلتنا، قررنا نحن النازحون والمشردون في رفح، أخذ المبادرة بأنفسنا، محاولين دفع الإبادة الإسرائيلية عن أطفالنا ونسائنا التي يهددنا بها، بالتحرك للاعتصام أمام الحدود المصرية، رافعين الرايات البيضاء، لتذكير العالم بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية أمام آلة القتل الإسرائيلية التي تزحف نحونا، وموعد هذا التحرك سيكون مباشرة في ساعة الصفر التي يعلن فيها الاحتلال بدء تنفيذ تهديداته، لتفريغ السكان إلى الشمال، أو مهاجمة دباباته رفح.

إن هذا هذا الاعتصام والذي سيكون بمئات الآلاف، ليس موجها ضد أحد، وهو اعتصام غير مسيس، ولا تقف وراءه أي جهة غير مخاوف أكثر من مليون مدني أعزل في رفح، يعانون من أفعال الإبادة الإسرائيلية، ويطالبون بحمايتهم ودفع الموت عنهم. وهو جدارنا وملاذنا الأخير الذي حشرنا الاحتلال فيه، ويريد سحقنا، وهو فرصتنا وفرصة أطفالنا الأخيرة لإنقاذنا حتى لا تتكرر أفعال الإبادة في رفح مثلما حدثت في غزة والشمال، ووهو رسالة إلى المؤسسات الدولية للقيام بواجباتها اتجاه المدنيين العزل، وعلى رأسها الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش، والدولة الراعية لاتفاقية جنيف سويسرا التي لم تتحرك إلى الآن للتعبير عن غضبها لانتهاك ميثاقها الأممي في غزة.،، !!

***

محمد سعد عبد اللطيف

 كاتب وباحث مصري في الجغرافيا السياسية

 

وأخيرا وضعت حرب البسوس الآسيوية أوزارها! بفوز قطر ببطولة آسيا وتربعها على العرش الآسيوي!. لاتوجد بطولة بكرة القدم شابتها الشبهات والتكهنات والأقاويل والتحليلات الفيزياوية والكيمياوية والذرية مثل هذه البطولة التي نجحت دولة قطر في تنظيمها تنظيما عال المستوى أخلب الابصار وجعل عيون العالم المتشوقة لكرة القدم، تتوجه ببوصلتها صوب الدوحة التي لم تترك ثغرة واحدة في التنظيم إلا وأبدعت فيه كإبداع بيكاسو ودافنتشي في الفن الكروي مجازا... فقد رسم عفيفي القطري الجنسية! لوحة ليوناردوا دافنشي الموناليزا الكروية بمهارته وإبداعه وسرعته وسيطرته وتمركزه ومراوغاته وتفننه فكان اعظم لاعب اسيوي في الدورة وهدافها الاول وكسر ب3 جزاءات رقم العراقي أيمن حسين! وهذا إعجاز كروي كبير جعل الفرق العالمية الاوربية كلها تبحث عن التعاقد معه! باريس سان جيرمان قدما عرضا خياليا بحكم وجود القطري الخليفي! والمان ستي قدم عرضا لايقاوم! ومالك جلسي الامريكي اعطى رقما فلكيا للتعاقد معه...اما البايرن ميونيخ فهو قدّم عرضا نقديا مع بعض اللاعبين بالصفقة!! اما فلامنغو البرازيلي فلقدرته الشرائية الضعيفة قدّم بيع مزرعة الابقار الكبيرة لشراء اكرم عفيفي! هذا هو الفخر للكرة الاسيوية!

 لم يكن عفيفي لاعب كرة قدم في الفريق القطري فقط بل كان رساما ماهرا للهجمات ونحاتا للمواقع التمركزية داخل المستطيل الاخضر ومعماريا في رسم الخطط الهجومية وبارعا في التكنلوجية الافتراضية!

هذه الدورة هي أشبه بقصص ألف ليلة وليلة! حتى المنجمون وقارئوا البخت والسحرة لم يتوقعوا سيناريو خروج اليابان وكوريا الجنوبية وإيران وأستراليا والسعودية! هذه من أحلام اليقظة!! فمن كان يتوقع صعود الاردن للنهائي؟

هذه الدورة  الاسيوية الكروية ..من قصص ألف ليلة وليلة  الخيالية  منها قصة اكرم عفيفي والمصباح السحري) وعذرا من السيد علاء الدين بطل الرواية الخيالية الأصلي! فقد أستطاع عفيفي من تحرير مارد المصباح السحري الذي سرقه الساحر وحقق له المارد... كل امانيه! فوز قطر بالدورة هو هداف الدورة هو احسن لاعب في الدورة!

انا لا احب نظرية المؤامرة ولا أحب الإفتراضات ولكن اقول بهدوء ان مستوى قطر في الدورة مستوى عادي حتى الوداد المغربي والاهلي المصري والهلال السعودي والجوية العراقي أفضل فنيا تكاملا وإبداعا ومجموعة من الفريق القطري!

اليوم قدم الاتحاد الآسيوي أسوأ نسخة للفرق الاسيوية امام الكرة العالمية وحدها الجماهير والملاعب والتنظيم فازت! اما النتائج الكارثية والمستويات والتفاعلات الكيمياوية الغريبة في المباريات) فقد أبهرت كل المستويات العلمية في الكون!

هذه النسخة هي جعلت كرة القدم الاسيوية عبارة عن لعبة أطفال! انظروا الى الفرق الاوربية التي كانت تراقب المبدعين والموهوبين والمتميزين من اللاعبين... كم صفقة قيد التفاوض والشراء؟ المحصلة صفر! على مقياس ريختر) المهم... فازت قطر بالدورة!!

***

عزيز الحافظ

لماذا يصر نتنياهو رئيس حكومة كيان الحرب الإسرائيلية على القيام بمغامرة كبرى بالهجوم على رفح الفلسطينية بالرغم من كل التحذيرات الدولية، هذه المدينة التي لا تزيد المساحة المأهولة فيها عن 20 كيلو متراً مربعاً، من أصل 63 كيلو متراً مربعاً تشكل مساحة المحافظة الجنوبية الخامسة لقطاع غزة، حيث يقيم فيها قرابة 1.4 مليون مواطن فلسطيني، جلهم من النازحين إليها من مدينة غزة والشمال، ومن مخيمات المنطقة الوسطى وبعض سكان محافظة خانيونس، من الذين ظنوا أنها ستكون منطقة آمنة، لا خطر فيها ولا حرب عليها، بعد أن أعلن جيش الاحتلال أنها مناطق آمنة، ولن تشهد عملياتٍ عسكرية، ودفع المواطنين الفلسطينيين بقوة السلاح وكثافة القصف والغارات، إلى الانتقال إليها والإقامة فيها، بعد أن قصف مناطقهم ودمر بيوتهم وخرب مناطقهم التى تقع فى نطاق ما يعرف بمحور صلاح الدين، الملاصق للحدود مع مصر. المنطقة لها بروتوكول خاص يحكمها منذ الانسحاب الإسرائيلي الاحادى 2005، يحدد طبيعة الأمن فى المنطقة، وعدد الجنود والآليات التى تقوم بحماية الحدود وفقا للمتعارف عليه دوليا، والبروتوكول يُعد ملحق المعاهدة المصرية الإسرائيلية، وأي خرق من الجانب الإسرائيلي لمحور صلاح الدين بأى ذريعة كانت، يعد بالتالى خرقا للمعاهدة، يترتب عليه مواقف دبلوماسية عملياتية مختلفة، من بينها اتخاذ إجراءات حماية أمنية مكثفة إلى حد تعليق العمل بمجمل المعاهدة، وبالتالى تغيير كامل لطبيعة التوازن فى المنطقة ككل، وليس فقط بين طرفي المعاهدة. وهو ما تؤكده المواقف المصرية المُعلنة منذ الثامن من أكتوبر الماضى، وتم توضيحه لكل الأطراف الدولية، ومنها الولايات المتحدة التى تُعد ضامنا رئيسيا للمعاهدة وسريان بنودها وملحقاتها دون أى تغيير. وبالتالى فهناك مسؤولية كبرى على الرئيس بايدن فى منع مقامرة نتنياهو لحسابات خاصة بمصيره السياسى اذا لايريد ايهام الناس بمخالفته تصرفات نتنياهو وخضوعه التام للمتطرفين الذين يحمون حكومته من السقوط، وعلى رأسهم الوزيران بن غفير ومودريتش. الإصرار الإسرائيلي على اختراق رفح الفلسطينية والتمركز فى محور صلاح الدين كليا أو جزئيا بزعم القضاء الكامل على حماس، يجسد عقلية المقامرة التى تسيطر على حكومة الحرب الإسرائيلية، ويكشف المدى الذى وصل إليه نتنياهو فى تحدى كل الالتزامات القانونية الدولية، وعدم اكتراثه بأى معاهدات ثنائية مع أى طرف كان.

***

عبد الخالق الفلاح - باحث

 

تورق الأشواك في قلب المحتوى، وتتحول الفحوى إلى رمال تذروها  أعاصير السأم والتشاؤم والقنوط، وتتكسر أقلام الحقيقة، وتدوسها أقدام الباطل والبهتان، وتطمرها في طيات النسيان. العالم بلا قيم ولا أخلاق ولا معايير، رغم أننا نعيش أفضل عصور التأريخ البشري المأساوي فوق التراب، الذي يمتلك جاذبية فائقة للأبدان المتبرعمة من جوهره الغدّار.

أيام إندثارات وتداعيات وتفاعلات بالسوء والعدوان، لموجودات منوّمة ومثمولة بسلاف الويلات، وخمور النازلات، وهي تلهث وراء حاجات تغتالها حاجات.

الأبرياء يموتون قتلا أمام أنظار العالم المتمنطق بالمُثل السامية، ويحسب بعض البشر أرقاما أو دون مراتب الحيوان، وبعض مقدس وعنوان.

لا أثر وتأثير لموت عشرات الآلاف من الأبرياء، والقيمة العليا لبضعة أشخاص يمارسون الحياة في مطامير التحدي والمقاومة والمطالبة بأبسط حقوق الإنسان.

العالم على حافة القارعة، وما هي إلا إستعدادات ليوم سقر، الذي سيتفاعل فيه النووي مع النووي وستنمحق دول الضعفاء، وتستباح ثرواتها من خلائق العدوان الحضاري التكنولوجي المعاصر الفتاك.

فما معنى الإنسان؟

وما هي علامات الأوطان؟

القوى المهيمنة تصنع ما تريد والدول الضعيفة "نبديد"!!

فهل إنتصر البشر على البشر؟

وهل تأسد التراب، واستنفر أفواهه الشرهة الطامعة بأبدان طرية ودماء زكية؟

إنها محنة التراب بالتراب، والبشر وميض وسراب، وما لذ العيش ولا طاب!!

و"لا يتعلم المرء حتى يتألم"!!

***

د. صادق السامرائي

 

من أمام معبر كرم أبو سالم بتاريخ ٦/شباط/٢٠٢٤ تعالت أصوات الكراهية من حناجر قطعان المستوطنين في مظاهرة تطالب بعدم دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة حتى الإفراج عن الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية. وقد منعت هذه المظاهرات بالفعل دخول تلك المساعدات المتجهة إلى جنوب القطاع والذي كانت الأمم المتحدة الأمريكية الصهيونية قد صرحت أنه على شفير كارثة.

ياللعار عندما يتمكن حفنة من مستوطني الشتات ويهود الخزر من منع دخول المساعدات إلى قطاع ينام ويستيقظ على أنّات الجوع والموت ،وفي المقابل يمر خط الخيانة بكل سلاسة وبلا منغصات من بلاد العُرب محملا بأفضل ما تنتجه إلى بلاد الأعداء. فعن أي بلاد نتكلم والعُرب في أقفاص صنعتها دول تعتبر شرقنا متخلفا وقذرا ،وهي التي أصبحت عظمى بخيراتنا؟ عن اي عُرب نتكلم والحرب على غزة تدخل شهرها الخامس وقد وصلت إلى حافة هاوية مجاعة كارثية؟

فأين البروتوكولات التي تعتبر تجويع السكان المدنيين كوسيلة من وسائل الحرب محظور في كلا النزاعين الدولي والداخلي. وهو حظر نص عليه بصراحة في كلا البروتوكولين الإضافيين لعام ١٩٧٧ الملحقين باتفاقيات جنيف. وفي غزة اليوم يتذرع المستوطنين بأن المساعدات تذهب لما يطلقون عليهم "إرهابيين" في تجويع صريح للمدنيين،دون استخدام القوة من الدول التي تدعي الإنسانية.

أما اللجنة الدولية للصليب الأحمر فتتخذ موقفا يقول "بأن الخوف من تحويل المدد إلى عسكريين لا يشكل مبررا قانونيا لرفض مروره. غير ان الأمر عندما يتعلق بغزة فإن الموقف يصبح غير مقبول عند دول الشيطان".

وأين هي المادة الثالثة والعشرين من اتفاقيات جنيف الرابعة التي تنص على أن " المساعدة الإنسانية للمدنيين تتمتع بحق المرور الحر عبر خطوط المعركة إذا كانت مرسلة إلى الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر والحوامل والنفاس" كما يمكن حسب المادة إعطاء استثناء أوسع عندما يكون جميع أو بعض السكان المدنيين في أرض محتلة غير ممونين بشكل كاف".

دولة الاحتلال لم تتسبب في منع دخول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين فقط بل قصفت ودمرت الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين بما في ذلك المواد الغذائية والأراضي الزراعية ومرافق مياه الشرب. وكل ما ذكرنا يُحظر تدميره وفقا للمادة ٥٤ من البروتوكول الأول.

وغزة ما بين أقوال محكمة العدل الدولية في لاهاي وتصريحات الأمم المتحدة وتخوف منظمات حقوق الإنسان تقع بين فكي كماشة القصف والجوع.

***

بديعة النعيمي

 

الذين يحكمون على الحياة والأحداث وعلى الآخرين وعلى أنفسهم انطِلَاقًا من معاييرهم المحلية فحسب، ينطبق عليهم وصف الفيلسوف \"برنارد شو\" في أن هؤلاء يعتقدون أن عادات القبيلة وأحداث الشارع ومعايير المنطقة والعقيدة التي يؤمنون بها والناس الذي يعيشون معهم وأحلامهم والبلد، هي قوانين طبيعية، ومعاييرهم ونظرتهم للحياة تتطابق مع شعوب الأرض، تخيل الآخر كنوع من الشعوذة \" سامحه، فهو يعتقد أن عادات قبيلته هي قوانين الطبيعة، فالزواج والطقوس والشعوذة في دول أفريقية تنقل العقل إلى العصور الأولى البدائية...، كما في "الأسطورة اليونانية" عن بقرة ترى الفلاح نفسه كل يوم في الحقل، فاعتقدت أنه الإنسان الوحيد على الأرض... حين يدافع الإنسان عن عقيدة من عقائده المذهبية يظن أنه أنما يريد بذلك وجه الله أو حب الحق والحقيقة. وما يدري أنه بهذا يخدع نفسه. إنه في الواقع قد أخذ عقيدته من بيئته التي نشأ فيها، وهو لو كان قد نشأ في بيئة أخرى، لوجدناه يؤمن بعقائد تلك البيئة من غير تردد، ثم يظن أنه يسعى وراء الحق فالبيئة عامل مؤثر في الإنسان...،، والحقيقة. إنها مهزلة العقل البشري. وهذا الوصف الأخير شرحه بالتفصيل الكاتب/ علي الوردي في كتابة{ مهزلة العقل البشري}. البشر على الجانب الآخر من الأرض يعيشون خارج مقاييس العقل الضيق والأسير وهم يحكمون على الحياة وعلي أنفسهم وعلي الآخرين من معايير مختلفة بلا فرض ولا إكراه.

(الجغرافيا الثقافية) تربط المكان بالثقافة والاقتصاد والقيم والعادات والتقاليد وهي ليست ثابتة لدى كل الشعوب، وما هو شرعي وأخلاقي وقانوني في مكان، هو غيره في مكان آخر بل حتى داخل البلد الواحد تختلف المعايير في قضايا محددة وعلي سبيل المثال في ألمانيا كل مقاطعة لها قوانينها الخاصة، كذلك الزي الملابس يختلف من مكان لآخر كذلك الأغاني والمأكل والمشرب، مَثلًا في مصر تختلف عادات أهل وجه بحري تختلف عن عادات أهل الصعيد الوجه القبلي أو أهل سيناء ومدن القناة، وفي حالات تختلف بعض المعايير داخل المدينة الواحدة، مدينة "القاهرة "مَثلًا نقسمها /مناطق شعبية ومناطق راقية، وحتى داخل أفراد الأسرة الواحدة بين (صوفي وعربيد مدمن خمور ومثقف ومتطرف ويساري... إلخ.،، عندما نحكم على الحياة وعلى الآخرين من معايير محلية، محلية ومعطوبة وتختلف حتى عن معاييرنا القديمة الواضحة التي تفصل بين الحدود، نكون نموذج البدوي الذي دخل شاطئ للسياح العراة، أودُخُولًا هِندُوسيًّا  في قداس كنسي أو موكب في مولد للحسين. هناك حياة مختلفة وبشر ومعايير ولعبة \"تخيل الآخر\" كما نرغب قد تكون مسلية، لكنها.غبيةجدًّا ، أكثر مما نتوقع. تخيل الآخر وبناء صورة نمطية عنه بلا اقتراب منه هو نوع من الشعوذة لأنها تستند على ذات الذهنية التخيلية الغربية دون أي أساس واقعي وهذا النوع هو السائد في العلاقات حيث يختزل الآخر بصورة أو موقف أو عبارة ويوضع له رمز كود للحفظ ويخزن كما لو أنه ملف وليس بَشرًا .في كثير من الحوارات عندما نتحدث في قضايا جديدة فكرية أو ثقافية أو أدبية، تكون تعليقات البعض كالتالي:

\"أنا لم أسمع بذلك، أنا، نعم أنا لم أقرأ عن ذلك، أنا، أي أنا، لم يقل لي أحد ذلك وإلخ\"، أي أنه محور الكون والحقائق وما لم يسمعه، لا وجود له، والحقيقة لا وجود موضُوعِيًّا لها بل توجد في عقله، وكل ما لا يعرفه \"غريب\" عنه لأنه هو مركز الكون، وكل ما لا يعرفه، يتخيله كما يحب، أي أن الآخر المختلف لا وجود له إلا صورة في عقل يعاني من التشوه المعرفي ويرى الواقع من نظام تصفية ذهنية، أي لكي يدرك الواقع والآخرين ويرى نفسه، يجب أن يقوم بعملية تحريف وجودي في نظرته للحياة وعلاقاتها لا كما هي بل كما يرغب، أي لا يدرك شيئًا في الحقيقة بل مستغرق في وهم، دون وعي أو إدراك ومن هنا مصدر كثير من الشرور للحياة، العالم الكوني ليس أنقَاضًا ومُعاناةً وفخاخًا  وأرض خراب كما نراها من معاييرنا بل هناك بشر على السفوح الأخرى من الأرض يعيشون حياة مختلفة تمامًا.ويمكننا أن نكون أفضل لو عرفنا الطريق وسلامة الخطوة والبوصلة، فمنذ أكثر من قرن عثر على طفل داخل إحدى الغابات في فرنسا يعيش حياة المأكل والمشرب مثل حيوانات الغابة من الجمع والالتقاط،...!!

***

محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث مصري

كان أخر مهرجان للمربد في العراق له قيمة أدبية وحضور أدباء .حقيقيين.في سبعينات القرن الماضي ..وبعدها تحوّل هذا المهرجان الى مظاهرة لتمجيد الصنم المقبور ونظام البعثيين الفاشستيين والترويج الرخيص لأفكارهم والتطبيل لحروبهم العبثية التي دمّرت البلاد وأنهكت العباد في بداية الثامنينات حتى سقوط الصنم المقبور عام 2003 حيث سخّر الصنم وزبانيته أموال الشعب العراقي الصابر المبتلى لتمجيد الطاغية والتسويق لنظامه حيث كان ينفق على هكذا مهرجان تافه بكل سخاء وغباء حيث كان عدد المدعويين بالألاف وتصرف لهم مخصصات 400 $ كل يوم طيلة أيام المهرجان وتحجز لهم أجنحة في كل الفنادق الراقية في العراق الى درجة كانوا يدعون حتى أصحاب (الأكشاك) الذين يمتهنون بيع الصحف والمجلات وليس لهم أية علاقة لا بالشعر ولا بالأدب لا من قريب ولا من بعيد ..أمّا أبواق النظام المقبور فكانت لهم صولات وجولات في أيام المربد وكونّوا علاقات أدبية وفي النشر في طول وعرض الوطن العربي وسوّقوا أنفسهم ك أدباء وشعراء حقيقيين بينما الحقيقة انّ مواهبهم أقرب الى القاع بل وصل الأمر بهم الى تكوين علاقات جنسية وعاطفية مع الضيوف وهذا كله بعلم ومباركة نظام الصنم المقبور ..ولا تختلف الحالة كثيرا ألان بعد التغيير منذ 2003 الى لحظة كتابة هذا المقال فقد ظهر على السطح جيل ممن تمسحوا بأدباء النظام المقبور وكوّنوا أسماءهم وتسنموا مناصب لا يستحقون حرفا واحدا منها وأصبح هؤلاء الغوغاء أسوأ خلف لأسوء سلف وأصبحوا يتزعمون مهرجان المربد ويتحكمون بتوجيه الدعوات الى الأدباء سواءا داخل او خارج العراق من العراقيين والعرب ..امّا الكيفية التي يتمّ بها أنتقاء أسماء المدعويين فهي طريقة لم يصل لها ولم يفكر بها حتى من وضع سيناريوهات الكارتون (توم وجيري) فهم يوجهون دعوات لأصدقائهم في صفحات الفيسبوك ممن يطري ويعلّق على منشوراتهم السخيفة والتي ليس لها أية علاقة بالأبداع مطلقا لكن يحصلون على تعليقات بالمئات على كتابات اقل ما يقال عنها تافهة وبلا قيمة ..وهكذا يتمّ دعوة أدباء الفيسبوك الى مهرجان المربد الشعري بهذا الطريقة المخجلة والا أخلاقية ..وبهذه الطريقة تم تشويه صورة البلد الذي كان يتباهى في سبعينات القرن الماضي بمثل هكذا مهرجان بغياب تام للسلطة ولمحافظ البصرة ودوره الرقابي على هؤلاء الأمعات الذين يتحدثون بأسم العراق العريق تأريخا وحضارة وأدبا وشعرا ..لديّ صديق أتحفظ عن ذكر أسمه كلما بنشر مدونة او منشور في صفحته تنهال عليه التعليقات وهي عبارة عن مجاملات رخيصة مثلا: دراسة ممتازة ..مجهود تنظيري رائع ..ألخ وحدث ذات يوم ان طلب رأيي بما كتب فقمت بمحاولة فتح الرابط في صفحته في الفيسبوك فلم يفتح بالمطلق فقلت له أنّ الرابط لا يفتح فتعجب فحاول فتحه لكن دون جدوى فلم يفتح مطلقا ..عندها أستغرب فقال لي كيف يطري عليّ هؤلاء عن دراسة لم يقرأوا حرفا واحدا منها ؟!! ثمّ قلت له تأكد من بقية الدراسات التي في صفحتك والتي تمّ التعليق عليها من قبل هؤلاء وهكذا ذهب الى بقية الدراسات واذا بالمفاجأة ولا رابط منها يفتح بالمطلق ..وذات المعلقين يكتبون له: دراسة راقية وأسلوب متين ولديك رؤيا نقدية دقيقة ..ولكن الحقيقة انّ جميع هذه الروابط لا تفتح بالمطلق ولم يقرأوا حرفا منها!! هل تعرفون من هم المعلقون عليها؟ أوّلهم مسؤولون مهرجان المربد وثانيهم ضيوف المربد وثالثهم من يضعون أ .د أمام أسمائهم وغالبتهم أساتذة جامعات ورابعهم نقاد كبار ولهم أسماؤهم في عالم النقد ..عندها قال صاحبي: هذه مهزلة ومسخرة ولن أحترم أيّ منهم بعد الآن!! نعم هي مهزلة ومسخرة وهؤلاء الذين قاموا بهذه المسخرة أصبحوا مسوؤلين يوجهون دعوات الى المدعوين لحضور مهرجان المربد ..ومن هم المدعوون ؟ في الحقيقة هم أصدقاؤهم في صفحات التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك ..بهذه الطريقة الفجّة يتمّ إدارة مهرجان عريق في العراق الجديد كمهرجان المربد البصري .. ولا أعرف أيّهما أكثر سوءا العهد القديم حيث الصنم وزبانيته ام العهد الجديد وأبطاله من الفيسبوكيين؟ لكنّي أقول قول الشاعر: بليت بأعور فعدلت عنه .. فكيف وقد بليت بأعورين؟.

***

د. رسول عدنان

شاعر عراقي .أمريكا

 

سقطت بغداد عاصمة بلاد المسلمين لعدة قرون، وكانت وهّاجة بالعز والقوة والكبرياء والإبداع الفكري والثقافي والعمراني والعلمي والأدبي الفياض، الذي فتح أبوابا مغلقةً في مسيرة البشرية، وأطلق ما فيها من قدرات إبتكارية وعلمية لا محدودة.

سقطت بغداد يوم الثامن من شباط عام ألف ومئتين وثمانٍ وخمسين (8-10\2\1258) على يد هولاكو،  بل أنها إحترقت وذُبحَ أهلها عن بكرة أبيهم، بأفظع جريمة إبادة جماعية عرفتها البشرية على مر العصور!!

جوهرة عمرانية وثقافية تحولت إلى ركام ودخان وأشلاء متناثرة، تفوح في أرجائها عفونة الجثث والدماء المراقة بعدوانية الوحوش الفائقة الفتك والإهلاك.

إنطفأت شمس الكرة الأرضية الحقيقية، فارتجت البلاد المسلمين من أقصاها إلى أقصاها، وحسب الناس أن الدنيا أشرفت على نهايتها، والقارعة واقعة لا محالة.

هولاكو حفيد جنكيز خان مؤسس الإمبراطورية المغولية، والذي عاش ثمانية وأربعين عاما فقط، صنع فيها الأهوال، فكان أعتى قوة شر ذات زوبعة عدوانية مروعة الإكتساح والدمار والخراب.

وقبل أن يهاجم بغداد تبادل رسائل التهديد والوعيد مع الخليفة العباسي المستعصم بالله، وهذه مقتطفات منها كما جاء في كتاب (جوامع التواريخ للهمداني):

هولاكو:

ومهما تكن أسرتك عريقة وبيتك ذا مجد تليد، فأن لمعان القمر قد يبلغ درجة يخفي معها نور الشمس الساطعة.

فسوف أنزلك من الفلك الدوار، وسألقيك من عليائك إلى أسفل كالأسد، ولن أدع جيشا في مملكتك، وسأجعل مدينتك وأقليمك وأراضيك طعما للنار.

المستعصم بالله:

كيف يمكن أن تتحكم بالنجم، وتقيده بالرأي والجيش والسلاح.

فلا تتوان لحظة ولا تعتذر، إذا إستقر رأيك على الحرب، إنّ لي ألوفا مؤلفة من الفرسان والرجالة وهم متأهبون للقتال، وإنهم ليثيرون الغبار من ماء البحر وقت الحرب والطعان.

هولاكو:

لقد فتنك حب الجاه والمال والعجب والغرور بالدولة الفانية، بحيث لم يعد يؤثر فيك نصح الناصحين بالخير. وإن في أذنيك وقرا فلا تسمع نصح المشفقين، ولقد إنحرفتَ عن طريق آبائك وأجدادك، وإذن فعليك أن تكون مستعدا للحرب والقتال، فإني متوجه إلى بغداد بجيش كالنمل والجراد، ولو جرى سير الفلك على شاكلة أخرى فتلك مشيئة الله العظيم.

المستعصم بالله:

لو غاب عن الملك فله أن يسأل المطلعين على الأحوال، إذ كل ملك – حتى هذا العهد – قصد أسرة بني العباس ودار السلام بغداد كانت عاقبته وخيمة.

ومهما قصدتم ذوو السطوة والملوك وأصحاب الشوكة من السلاطين، فإن هذا البيت محكم للغاية، وسيبقى إلى يوم القيامة.

...........

فليس من المصلحة أن يفكر الملك بقصد أسرة العباسيين، فاحذر عين السوء من الزمان الغادر.

هولاكو:

إذا كان الخليفة قد أطاع فليخرج وإلا فليتأهب للقتال.

المستعصم بالله:

(الرسالة النهائية بعد أن أيقن بالبوار بعد هزيمة جيشه وبدء بغداد بالسقوط في يد هولاكو)

إن الملك قد أمر أن أبعث إليه بالوزير، ها أنذا قد لبيت طلبه فينبغي أن يكون الملك عند كلمته.

هولاكو:

إن هذا الشرط قد طلبته وأنا على باب همدان، أما الآن فنحن على باب بغداد، وقد ثار بحر الإضطراب والفتنة، فكيف أقنع بواحد، ينبغي أن ترسل هؤلاء الثلاثة (الدواتردار وسليمان شاه والوزير).

ومن رسالة هولاكو إلى الناصر الأيوبي صاحب حلب بعد سقوط بغداد:

أما بعد: فقد نزلنا بغداد سنة ستة وخمسين وستمائة فساء صباح المُنذَرين، فدعونا ملكها فأبى فحق عليه القول فأخذناه أخذا وبيلا.

وقد هزمته مصر العربية الإسلامية في معركة (عين جالوت) يوم (14-8-1260)(15 رمضان  658)، بقيادة الملك المظفر سيف الدين قطز المعزي، أي بعد سنتين وستة أشهر وستة أيام من إحتراق بغداد.

ومن هذه الرسائل يبدو:

- أن "الخليفة اظهر جهلا بالقوى التي يواجهها ويحاربها، كما أظهر غرورا وعجزا كبيرين. .....فقد وصف الخليفة هولاكو بالشاب الحدث المتمني قصر العمر...."

- "إستشهد بحوادث التأريخ ليثبت لهولاكو أن بني العباس مكللون بالعناية الإلهية، وإن كل من قصدهم بأذية لا بد أن يُقصم. وأن العناية الإلهية تحرسه وتحرس أسرة العباس: فليس من المصلحة أن يفكر الملك في قصد العباسيين، فاحذر عين السوء من الزمان الغادر".

- "يبدو أن الخليفة كان معتقدا حقا بحماية إلهية له ولأسرته، ولذلك تصرف بهذا الشكل الإعتباطي، ولكنه كان واهما في ذلك، ودفع ثمن هذا الوهم حياته وعرشه وسلالته كلها".

- "أدرك الخليفة بعد فوات الوقت، أن تهديدات هولاكو في محلها، وأن لا شيئ ينقذه من مخالبه، فحاول الصلح وتلبية قسم من طلبات هولاكو، ولكن هذا رفض وشن الحرب على بغداد والخليفة حتى أوصلها إلى نتيجتها الحتمية وهي غحتلال بغداد وتدميرها".

وفي هذه الرسائل دروس وعِبر سياسية ذات قيمة معرفية، فهل نعتبر أم أن العِبَر ما أكثرها، والإسْتعبار ما أقله وأندره؟!!

***

د. صادق السامرائي

في مثل هذا اليوم الحادي عشر من شباط وقبل 34 عاماً أطلق سراح نيلسون مانديلا بعد أن قضى 27 عاماً في السجن . بالتأكيد لم يعرف العالم سياسياً مثل صاحب الابتسامة الدافئة، ليس لأنه سُجِن أكثر من ربع قرن، بل لأنه كان صاحب الشخصية الساحرة والمناضل المتسامح داخل السجن وخارجه، الرئيس الذي رفض إعادة إنتاج الظلم، والسجين الذي قال لسجانيه: "عندما أخرج من هذا المكان سأمدّ يدي لكم لنبني معاً مستقبلاً جديداً لهذه البلاد".

في حكاية مانديلا التي كُتب عنها مئات الكتب وآلاف المقالات، ما الذي يمكن لكاتب مثل جنابي أن يضيف بعد أن تحولت حكاية الجوهرة الأفريقية إلى مرايا تعكس لنا صورة عفوية للتحولات الكبرى التي تحدث من حولنا، فقبل شهر والعالم يتابع الشكوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية ضد جرائم إسرائيل في غزة، كانت صورة الزعيم الجنوب أفريقي وهو يبتسم تطوف في خيال الملايين في معظم أنحاء العالم، فالكل يتذكر كيف كان وجود هذا الرجل ضمانة للعدالة الاجتماعية .

سحرَ مانديلا العالم بتواضعه، وبعفوه الدائم وبابتسامته السمحة وبإيمانه بأن السير نحو المستقبل أهم من لعبة إعادة الماضي واقصاء الخصوم . ولهذا عارض بشدة مطالب شعبه من السود بالتفرغ للانتقام فيكتب في مذكراته: "كنت أعلم أن حاجة الظالم إلى الحرية، أمسّ من حاجة المظلوم، فالذي يسلب إنساناً حريته، يصير هو نفسه أسيراً للكراهية والحقد ".

قبل سنوات وقفت أرملة مانديلا السيدة غراتشا ماتشيل لتذكر العالم بأن أهمية زوجها كانت: في مدى إدراكه بالشعور بالكرامة لدى كل فرد. وكانت له القدرة على فهم وتقدير ما يصبو إليه الآخرون. فهو ظل يؤمن حتى اللحظة الأخيرة من حياته بأن الإنسان لا يستطيع أن يبني جسور الثقة مع الآخرين إذا لم يدرك جيداً أن ثمة حقاً للآخرين أيضا يجب أن لا يصادر .

قبل وفاته بسنوات أجرت معه مجلة التايم حديثاً عن أهم درس تعلمه في السجن فأجاب بجمل قصيرة: " إن الشجاعة لا تعني انعدام الخوف.. إنما تعني تشجيع الآخرين لتجاوز الخوف .. إحرص على وجود أنصارك بقربك، ومنافسيك أقرب إليك "، لم يستبعد أو يسحق منافسيه بل أصر على أن يجعلهم شركاءه.

لعل التجربة السياسية لزعيم جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا تستحق منا نحن العراقيين ان ندرسها جيدا ونحن نتابع برلماننا المقر وهو منقسم وتعلوا فيه نغمة الكراهية، البعض يخون من يختلف معه، والبعض الآخر يريد البرلمان لطائفة واحدة، فيما ظل مانيلا يذكرنا بان "الإنسان الحق هو ذلك الذي لا يكرر خطأ الظلم الذي ناضل كي يرفعه".

***

علي حسين

وسط الحصار، الموت، الجوع، البرد، تقف غزة اليوم أمام العالم عارية من أي متطلبات للحياة تواجه الآلة التدميرية لدولة لا تشبع من دماء ضحاياها ودول تحتضنها من الخلف تتناوب على مناولتها المبضع كلما قارب على فقدان قدرته على الذبح.

اليوم وقد دخلت الحرب على غزة شهرها الخامس، لن أسأل عن التدخل الإنساني الذي لا يوجد تعريف قانوني رسمي له، تدخل إنساني قاعدته الأساسية أن من حق الدول الخارجية في بعض الظروف التدخل لحماية أناس يقعون ضحايا في بلدان أخرى. غس أن في غزة الأمر مختلف فليس هناك ضحايا تقع إنما هناك إبادة حقيقية ولا وجود لأي تدخل إنساني.

وفي حين نجد أن حقوق السكان المدنيين تفوق وزنا أية اعتبارات أخرى نجدها في غزة لا تساوي شيئاً فلا حقوق ولا وزن. فحتى التدخلات الإنسانية من طرف الأمم المتحدة ومنظمات الغوث الإنسانية ملغية عندما يتعلق بغزة. وهذا حال هذه المؤسسات التي قائدها الولايات المتحدة الأمريكية التي تريد الموت لغزة. فهذه الولايات هي رأس الشيطان بلا منازع. أليست هي من وضعت ثلاثة نماذج من التدخلات في الشؤون الداخلية بعد انتهاء الحرب الباردة من ضمنها" تدخل الولايات المتحدة الأمريكية المدعوم بشرعية الأمم المتحدة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول تحت غطاء حماية حقوق الإنسان وإرساء الديمقراطية أو أن الوضع الإنساني في هذه الدول يهدد السلم والأمن الدوليين ويتم ذلك عن طريق التدخل العسكري" فأين هي اليوم من هذا النموذج وهي القادرة على إيقاف الحرب على غزة بكبسة زر؟ أم أنها تلجأ لهذا النموذج فقط تحت واجهة التدخل الإنساني لتدمير الدول التي لا تنتهج طريقها، مثلما حصل في العراق وغيرها؟.

واليوم غزة خُذلت بكل ما تحمل الكلمة من ألم، خُذلت من إخوة يسيطر عليها رأس الشيطان لصالح حليفتهم المدللة"دولة الاحتلال "، فصمتوا وتغاضوا عن دماء أهلها وجوعهم وصراخ أطفالها ونسائها. غزة اليوم لا تبكي القصف والدمار والفقدان والتشرد، لا تبك برودة الخيم البلاستيكية ولا أكفان الموت. غزة اليوم تبك تآمر الأخوة..غزة المعزولة التي تحدق بعينيها فيتراءى لها الجسر البري الذي يمر من عقر دارهم يحمل المساعدات الإنسانية لدولة الظلم وهي التي تقف خلفها دول عظمى ولن تشكو الجوع والبرد ومرارة الموت يوما. غزة اليوم تتألم بقلبها، فكيف يكون التدخل الإنساني لصالح عدو سينقضّ بأنيابه يوما على الأخوة فيكونوا ذلك الثور الأبيض.

***

بديعة النعيمي

لأكثر من اربعة اشهر يتعرض القطاع لأعنف هجوم بري وجوي تشهده المنطقة، مئات المجازر تقشعر لها الابدان في مختلف انحاء القطاع المحاصر منذ عقود، ادى الى مقتل وجرح اكثر من 100 الف غزاوي ثلثهم من القتلى، وعلى مرأى ومسمع العالم الذي يدعي الانسانية فانه لم يرف له جفن بل يناصر المعتدي بإمداده بمختلف انواع الاسلحة والعتاد ليمعن في القتل والتشريد وهدم البنى التحتية، قد لا نستغرب من الغرب ذلك، ولكن الذي نستغربه هو ان نطلب منهم عدم الكيل بمكيالين، انهم يعتبرون العرب والمسلمين الهدف الثاني بعد القضاء الشيوعية وهم خططوا لذلك منذ سنين، ويتوقون الى جني محصولهم المتمثل في اعادة تقسيم المنطقة لأجل السيطرة عليها والتمتع بخيراتها .

العالم العربي والاسلامي مصاب بالوهن والشيخوخة وفقدان الذاكرة، غالبية النظم الرسمية العربية تقف متفرجة على ما يحدث لغزة، وكأنما الامر لا يعنيها ولا توجد روابط الدم التاريخ المشترك، اما الشعوب فإنه قد ضيّق عليها الخناق فلم تعد تقو على توفير الاشياء الاساسية للعيش، فالتظاهرات كانت هزيلة ورمزية على غير االعادة، والتبرعات ضئيلة جدا لا تكاد تذكر.

النظام المصري ومن هم على شاكلته يتحدثون عن رفح وكأنها تختلف عن بقية المدن الغزاوية المدمرة كليا او جزئيا ويهولون من اقدام العدو الصهيوني على اقتحامها، عجبا لهؤلاء أ لم تحرك فيكم المجازر المتعددة النخوة لمؤازرة بني جلدتكم وجيرانكم، اعلام النظام المصري يتشدق بانه في حال اقتحام رفح فإن اتفاقية كامب ديفيد تعتبر لاغية، واعتبارها خط احمر لان ذلك يمس بالسيادة المصرية، أ لم يكن قطاع غزة بأكمله ذات يوم تابع للسيادة المصرية؟، أتوجد لمصر سيادة حقا؟ هل مصر في حاجة الى تعاون اقتصادي مع العدو في مجالي النفط والغاز ام انها مجبرة على ذلك؟ ألهذه الدرجة وصل الاستخفاف بعقول الجماهير المصرية والعربية؟، للأسف الشديد النظام المصري كان البادئ بالتطبيع وشجع بقية الانظمة العربية على التطبيع، النظام المصري لن يتجرأ على الخروج من اتفاقية كامب ديفيد، لأنه لم يعد العدة لذلك، أين مصانع الحديد والصلب؟ هل دخل مجال التصنيع الحربي على غرار الدول الاقليمية الاخرى التي اصبحت لاعبا اساسيا في المنطقة؟ النظام المصري لن يهاجم كيان العدو الا اذا شعر بدنو اجله.

اما عن العرب المطبعين، هل كانوا في حاجة ماسة الى ذلك أم انهم كانوا مجبرين؟ ماذا جنوا من التطبيع سوى الذل والمهانة والاحتقار؟ يشترون السلاح لتدوير عجلة الاقتصاد في امريكا والغرب ليزداد دخلهم، بينما تفتقر شعوبهم الى سبل العيش الكريم، كل ما يفعلونه في سبيل بقائهم في السلطة ليس الا .

الامل يحذوا شرفاء الامة وهم على يقين تام بان النصر سيكون حليف المستضعفين الرافضين للحلول الاستسلامية، المقدمين على بذل ارواحهم فداء للوطن، لينعم الخلف بالحرية والعيش الكريم فوق ارض ساهمت في تكوينهم الجسماني والفكري ليكونوا اسيادا لا عبيدا للغير داعين للأمن والسلام والاستقرار في مختلف بقاع المعمورة.

صمود المقاومين في غزة ومؤازرتهم من قبل اخوانهم في الضفة وبقية البلاد العربية يعيد القضية الى الواجهة ومحاولة جادة لحلها، فلا يمكن لصاحب الارض ان يعيش مشردا بينما الدخلاء ينعمون بالأمن فيه ويفعلون ما يشاؤون، فأحداث 7 اكتوبر جاءت ردة فعل لما يرتكب بحق الفلسطينيين على مدى ثمانية عقود .

***

ميلاد عمر المزوغي

 

البيض هو رمز الربيع والحياة عند قدماء المصريين، ولإيمان المصريين القدماء بالخلود أطلقوا اسم البيض على الأكفان الداخلية التي تغطي أجساد المومياوات.

كثيرا ما تدفع الأقدار أولئك الذين يتفاعلون مع هموم الشعوب ويحرصون على إبراز عدالة قضاياهم ويدافعون عن حقوقهم الضائعة إلى التعامل الاضطراري تناولا وتعليقا مع غرائب الأمور في الحياة، متحملين رؤية سخافات وسماع خرافات، ومن أحدثها أن بيضا غريبا فقس حديثا في البيت كائنا صار أشبه بالبشر، مشهور بأنه كثير ما يقع أرضا،وهوإن رأى لا يبصر، وإن سمع لا يعي فلم تكن البيضة كما ظن أغلب المتفائلين رمزا للخير ولا بشيرا بعدما ادّعى منذ أيام فقط أمام الصحافة العالمية أنه التقى حديثا رئيس دولة أوروبية يعلم القاصي والداني انه متوفي منذ 28 سنة، ثم أنه تحدث مع رئيس دولة عربية معروف أنه قد بح صوته دفاعا عن قضية شعب مقهور وأرهق أحبال صوته تأكيدا بالحجة والبرهان وأمام شهود العيان بمساندته الفعّالة له فزعم كاذبا أنه هو من أقنعه بضرورة القيام بواجب فتح مسارات هي مفتوحة أصلا منذ خمس شهور !!بل وأوصي ـ عن جهالة بحقائق الوضع ـ بتوصيل الدعم إلى مستحقيه وتقديم كل أشكال المساندة للشعب المقهور!! مع العلم استحالة تحقيق ذلك بسهولة .إن ما يزيد من غرابة الموقف أن يواصل الكائن انتاج الفقس السيءأمام الصحافة العالمية حديثه عن هوية هذا الرئيس العربي بأنه رئيس دولة في أمريكا الجنوبية !!

عندما تضطرب السلامة العقلية لمسؤول رفيع المستوى في أعلى هرم الدولة ويفقد تركيزه ويضيع حضوره الذهني ـ شفاه الله ـ يصبح حديثه وتصريحاته في واقع الأمر خطرا جسيما على البلاد والعباد لوجود احتمالات قوية بوقوع خلط غير محمود في تقديره للأمور، ويكون في هذه الحالة من الأفضل له إن أراد والعياذ بالله التعبيرعن توجهاته وتبليغ آرائه وتوضيح مواقفه أن يلجأ إلى أسلوب "المتحدث الرسمي" نيابة عنه للتقليل إلى أدنى حد ممكن فرص الوقوع في الزلات وبالتالي تجنب سخرية الأوساط السياسية والإعلامية وشماتة الخصوم وتهكم قوى المعارضة، ولعله لا يدري هذا البائس أنه على أبواب حدث سياسي هام منتظر العام الجاري سيحدد بنسبة كبيرة شكل مستقبله السياسي.

لا يجوز أن يحكم الشعوب من لا يملكون المؤهلات الضرورية للقيادة الحكيمة والواعية على الأقل، فما بالك إذا تعلق الأمر بأصول الحوكمة والرشادة السياسية، لقد ضاق الرأي العام في دولة البيض الأبيض بحكم القادة المسنين عديمي اللياقة البدنية والذهنية وفاقدي الصبر السياسي، ومثل هؤلاء لا شيء يضمن للشعوب في ظل قيادتهم استمرارية عدالة حكمهم ودوام سلامة قراراتهم وبقاء صحة بصيرتهم، وحيادية عدالة أحكامهم، بمعنى أنه لا يوجد شيء يضمن للشعوب بعد ذلك إمكانية تجنب وقوع المصيبة إن هم ضحوا بأبنائهم للذهاب إلى ما وراء البحار تنفيذا لسياسة عمياء لدولة أرادت أن تقحم أبناء شعبها في قضايا ليست قضاياهم ليرووا بدمائهم تراب بلاد ليست بلادهم.

سيحكم التاريخ حتما أن البيض الأبيض قد طغا وتضامن مع الظالم  وقوى الفساد في الأرض ووقف في وجه إرادة الشعوب وأنكر حقها في الحياة .لقد فضحت المواقف حقيقة أن البيض الأبيض لم يكن في جوهره ابيضا .

***

صبحة بغورة

 

السادة أعضاء مجلس محافظة البصرة قرأنا بيانكم الثوري حول منع النساء من المشاركة بماراثون المحافظة، واستمعنا إلى خطب وردود تحذر أهالي البصرة من الهجمة الغربية التي تريد الإساءة إلى قيمهم العشائرية، وكيف أن البعض يريد جعل أهالي البصرة " يخرجون من عفتهم ويسقطون في مكائد الفاسدين بحجج الرياضة والانفتاح المنحرف " كما جاء في عريضة بعض رجال الدين حفظهم الله .

وكنا نحن المواطنين في عموم العراق كلما نسأل عن التنمية والعدالة الاجتماعية وأولويات مجالس المحافظات في توفير العمل والسكن والصحة والتعليم للناس وحفظ كرامتهم من العوز تقولون لنا بلهجة الواثق أنكم مكلفون بالحفاظ على أخلاقنا ومنعنا من الانحراف، ولهذا فعلى كل مواطن سواء في البصرة أو الأنبار أو ميسان أو بابل أن يخضع لقوانينكم، فأنتم والحمد لله مكلفون شرعياً بتنفيذ هذا الأمر، لهذا عليكم أيها السادة أعضاء مجالس المحافظات وعلى رأسها البصرة أن تتحملوا سوء فهم العراقيين، الذين توهموا بأن عملكم يتلخص في تقديم الخدمات والنهوض بواقع المحافظات وتنميتها، وفاتهم أنكم تعملون ضمن شرطة الآداب لضبط أخلاق هذا الشعب .

لا تهتموا أيها السادة أعضاء مجالس المحافظات وأنتم تعيشون زهوة النصر بمناصبكم الجديدة لأننا نحن شعب يعيش أعلى حالات البطر، يريد أن يعيش الرفاهية، ويجعل البصرة مثل مدن الخليج قبلة للناظر ومقصداً للسياح وواحة للأمان والاطمئنان، ماذا يعني ياسيدي أن النفط يُسرق أمام أعين المسؤولين ؟ ماذا يعني أن تتحكم العشائر بالأمن والاقتصاد، ما دامت الأخلاق مصانة ؟ ماذا يعني أن تغرق البصرة في المخدرات، فهي ليست حراماً، وتساعد على تنمية الاقتصاد، المهم أنّ مجرد تفكير النساء في الماراثون الرياضي في البصرة حرام، مثلما الموسيقى والغناء رجس من عمل الشيطان!

أيها السادة أعضاء مجلس محافظة البصرة، وأنتم تطالبون الشعب بالالتزام بالأخلاق، نتمنى عليكم أن تجيبونا على تقرير وزارة التخطيط عن نسبة البطالة والفقر في المحافظة، ففي آخر إحصائية جاءت على لسان مسؤول دائرة التخطيط في البصرة السيد علي محمد صبيح وبثتها إذاعة المربد قبل أسبوعين وبالمناسبة يحتفظ موقع غوغل بنسخة منها يخبرنا مسؤول التخطيط أن نسبة البطالة في البصرة تأتي في المرتبة الرابعة بعد نينوى والمثنى وذي قار .. أما نسبة الفقر فالبصرة في المرتبة العاشرة، ولا تخفى على سيادتكم الأوضاع الأمنية في المحافظة والتي تستخدم فيها العشائر أحدث القاذفات .

أيها السادة، أهالي البصرة بحاجة إلى قانون للحياة لا قانون للأخلاق فالناس تعرف الصخ من الخطأ . يريدون الأمن والاطمئنان، ويحلمون بالسعادة، وهذا ليس ترفاً، لكنه حدّ أدنى، وصلت إليه مجتمعات العالم، يريدون مجلس محافظة، يضمن للجميع فرصة لحياة لا تخضع للوصاية، ولا لخطب الأخلاق والفضيلة.

***

علي حسين

خضعت الثقافة عموما وثقافة التعبير عن الرأي على وجه الخصوص، في بلد الحضارات، بلد ألف ليلة وليلة، بلد السندباد والشعراء والصور، بلد أول النصوص القانونية، بلد شهرزاد وقصصها إلى قمع وكبت شديدين، طيلة ثلاثة عقود ونصف جثم فيها حكم البعث -فيما جثم- على صدور نخبة المثقفين، حيث كانت المفردة تمر -قبل خروجها من قلم الكاتب والشاعر او حنجرة الخطيب- بسلسلة من التمحيصات والقراءات غير الحيادية، من قبل لجنة من الجلادين والسجانين، ولطالما جرّت قصيدة او قصة او حتى ومضة، صاحبها إلى دهاليز السجون وظلمات الزنزانات الانفرادية، وقد تؤدي به في نهاية المطاف الى أحواض تذيب قصيدته وجسده وذكراه في آن واحد. فانكمش الحرف الحر -قسرا- وقُصت جناحاه وضاقت فضاءات التعبير لدى الشاعر والكاتب والمثقف العراقي، حتى صارت محصورة في شخص واحد وحزب واحد.

ثم حل عام 2003 فاشرقت شمس الحرية التي كنا نظن انها غير قابلة للكسوف، وبها انطلقت الحريات بجميع اشكالها، اولها التعبير عن الراي، وحرية النقد وغيرها من نعم الديمقراطية التي وصلتنا مدولبة في (سرفة) دبابة، او محمولة على طائرة، والإثنتان -قطعا- أمريكيتان. الأمر الذي أطلق العنان للسان الشعراء والكتاب والنقاد، في البوح بما يختلج بخواطرهم من آمال وما يعتمل بنفوسهم من آلام، وكان بذلك متنفسا لهم. فمنهم من أعاد توثيق أحداث كان يخشى ذكرها حتى في أحلامه، فأرخها كذكريات للتاريخ ولقرائه، ومنهم من وجد في الحرية ضالته بعد كبت خانق، ففتحت قريحته في إطلاق مسميات جماليات الحياة وما يهوى وما يعشق. ومنهم من اتخذ لنفسه موضع الرقيب وموقع الناقد ومنصب المنبِّه والمحذِّر، فأصبح رقيبا على أفعال معيته وردودها، ممن عاشوا معه كسوف الشمس الطويل في تلك العقود، وناقدا لتصحيح تخبط من يتعثر في خطوه وسيره، بعد ان فكت الحرية كبوله وعتقته من أغلال الماضي. ومنبها من عاقبة اليأس والخذلان والخَوَر، والتقهقر الى الوراء.

وقطعا فان أول غبطة شعر بها الكاتب، هي أنه استطاع قول مايريد من دون خشية رقيب (زيتوني) او رفيق (بعثي) يجبره على التملق والتحيز، فراح يصب جل اهتمامه في ذكر هذه السلبية والرذيلة، وتلك الهفوة والزلة، وذاك التقصير والتقاعس، وهذا الإهمال والتسيب، وذلك التواطؤ والتخاذل، فضلا عن الخيانات والفساد بأنواعه، وساعده في هذا كثرتها -مجتمعة وفرادى- في سلوك الشخصيات التي تولت زمام القيادة في مفاصل البلد. لكن من غير المعقول ان لاتكون هناك إيجابيات في عراق مابعد 2003 ومن غير المقبول والمنطقي ان يخلو بلد مثله من جوانب مشرقة ومفرحة.

فللحق -والحق يقال- رغم كل ما كتبه الكتاب -وانا أحدهم- عن هفوات وسلبيات وأخطاء كثيرة حدثت في العقدين الأخيرين، كان ابطالها ساسة وقادة ومسؤولين، إلا ان هناك صالحات وإيجابيات من الإنصاف ان تكون نصب اعيننا، فنذكرها -على شحتها- لعلها تكون دافعا لبعث الأمل في نفوس العراقيين من جديد، وتبعد عنهم شبح اليأس من الحاضر والمستقبل على حد سواء.

فهلا شحذتم ياساسة البلاد هممكم لتقديم إيجابيات وصالحات للبلاد وملايين العباد، لاسيما أن الجميع ينتظر منكم انتشاله من تدني أحواله الاقتصادية والاجتماعية؟ وإنه لمن المعيب عليكم حثكم على أداء واجبكم، من منطلق حرية الرأي، كما لا يخفى عنكم ضرورة وفائكم بالعهد والبر بقَسَمكم عاجلا وليس آجلا، فالخوف كل الخوف من غد مجهول لاتعلمون ماينتظركم فيه، وقد قيل:

لا تدع فعل الصالحات إلى غد

لعل غدا يأتي وأنت فقيد

***

علي علي

مع روابط التحميل في نهاية المقال

فيديو وثلاثة روابط لتحميل ثلاثية شلومو ساند مع ندوة مهمة للباحث الفلسطيني أنطوان شلحت مترجم ومراجع ترجمات ومقدم كتب الباحث وأستاذ التأريخ المعاصر في جامعة "تل أبيب" شلومو ساند الثلاثة "ثلاثية شلومو ساند" وهي "اختراع الشعب اليهودي" و"اختراع أرض إسرائيل و"كيف لم أعد يهوديا"! هنا عرض تعريفي بالكتب الثلاث أعددتُه من الموسوعات الحرة وعن بعض ما قاله شلحت في ندوته، علما أنه قدم هذه الندوة بعد العدوان الإبادي المستمر على قطاع غزة، والهدف من التعريف بهذه الكتب والندوة هو الترويج لما فيها من معلومات علمية موثقة تدحض الصهيونية من داخلها مع تسجيل التحفظات اللازمة على سلوك شلومو ساند الذي مايزال مقيما في الكيان الصهيوني ولم يقطع معه تماما ويهاجر منه:

1- كتاب اختراع الشعب اليهودي:

تصدر الكتاب قائمة «أفضل الكتب مبيعاً» لمدة 19 أسبوعاً في "إسرائيل" نفسها، وصدرت منه ثلاث طبعات في فرنسا، وحاز جائزة (Prix Aujourd'hui) الفرنسية.

*وفيه يقول ساند أنه ليس هناك وثائق تاريخية تثبت طرد الرومان للشعب اليهودي في أي وقت من الأوقات، حيث أنه من المستحيل لوجيسيتيا في ذلك الوقت ترحيل مئات الآلاف من مكان لآخر.

* اليهود المعاصرون لا ينحدرون من أصول اليهود القدامى "بني إسرائيل" الذين عاشوا في أرض إسرائيل القديمة، ولا يوجد ما يسمى «العرق» اليهودي، واليهود لا ينتسبون لمنبع واحد، إنهم بالضبط مثل المسلمين والمسيحيين المعاصرين من شعوب وقوميات متعددة في حوض البحر المتوسط.

* لم يتم ترحيل اليهود خارج البلاد على أيدي الرومان خلال القرن الثاني الميلادي، وأغلبهم ظل يعيش في البلاد حتى أزمنة «الفتح الإسلامي- القرن السابع والثامن الميلادي»، وقد تحول الكثير منهم إلى الإسلام.

* يرى «ساند» أن أسطورة «الشتات» اليهودي بدأت مع عصور المسيحية الأولى، لجذب اليهود للديانة الجديدة.

* ظهرت في ألمانيا مجموعة من المثقفين اليهود الذين تأثروا بالحماس المتقد للقومية الألمانية، وأخذوا على عاتقهم مهمة «اختراع» قومية يهودية.

* يرى «ساند» أن فكرة الوعد بعودة الأمة اليهودية إلى الأرض الموعودة، هي فكرة غريبة تماما على «اليهودية»، وهي لم تظهر إلا مع ميلاد "الصهيونية"، حيث تعامل اليهود من قبل مع الأراضي المقدسة كأماكن يتم تعظيمها، وليس من الضروري العيش في كنفها –تماما مثلما يتعامل المسلمون مع أماكنهم المقدسة.

2- الكتاب الثاني "اختراع أرض إسرائيل": صدر سنة 2012

* تنبع أهمية هذا الكتاب من كونه يشكل انقلاباً على الأساطير التي اختلقتها الصهيونية حول أرض إسرائيل بوصفها الحق التاريخي التي وعدهم بها الرب، وبذلك يمكن القول إن ساند وبالأدلة المستقاة من التناخ "الكتاب المقدس اليهودي" ويعيد النظر في عدد كبير من أكاذيب الحركة الصهيونية المتعلقة باختراع أرض إسرائيل وبناء الأساطير حولها عبر إخضاع هذه المسلمات إلى المحاكمة التاريخية الصارمة.

* إن تفكيك مبدأ الحق التاريخي والروايات القومية المرافقة له التي كانت تهدف إلى منح الشرعية الأخلاقية للاستيلاء على الحيز الجغرافي كان من أهم أهداف هذا الكتاب بما يشكل خطوة نقدية تتعلق بتاريخ الصهيونية التي حاولت إعادة إحياء اليهودية المنهكة في نفوس اليهود حول العالم.

* ينطلق هذا الكتاب من أن الحركة الصهيونية قد اختلقت المصطلح الديني «أرض إسرائيل» وحولته إلى مصطلح سياسي لا تعرف إلى الآن ما هي حدوده، ولا ما هي تطلعاته المستقبلية

* وكيهودي يشرح ساند عبر التعمق في الأدبيات اليهودية كل ما يتعلق بنشوء هذا المصطلح مبتدئاً بالقول إن أرض فلسطين كانت تسمى «أرض كنعان»، لكن الاسم تغير لاحقاً إلى أرض يهودا قبل خراب الهيكل الثاني. أما المصطلح الذي اختلقته الصهيونية فقد ظهر في الميشناه لكنه لم يكن مطابقاً للبلاد التي منحها الإله لإبراهيم. في الوقت ذاته استخدم التناخ الاسم الفرعوني للمنطقة وهو أرض كنعان.

* أما مصطلح أرض إسرائيل فقد ظهر في الأدبيات اليهودية بعد أن غيرت الرومانية اسم المكان من يهودا إلى بلسطينا (أو سورية بلسطينا) وذلك عقب التمرد اليهودي على الرومان عام 132 ميلادية.

* ويوضح ساند أنه هذا المصطلح ظل إلى وقت بعيد مصطلحاً دينياً يعبر عن قداسة هذا المكان في عقيدة اليهودي ، لكن اليهود لم يسعوا في ذلك الوقت إلى الهجرة إليه أو السكن بالقرب منه، بل على العكس من ذلك يبين ساند أن اليهود تمسكوا بالمنفى مكتفين بالتوق إلى الأرض المقدسة، وبذلك أسست الديانة اليهودية هوية مؤمنيها على أساس الوعي الذاتي بكونهم شعب مختار لا يرتبط بأي قطعة أرض محددة.

* ويتابع البروفيسور ساند تشكل مفهوم القومية الذي ظهر في أوروبا وكان أحد أسباب ظهور الصهيونية التي عملت على خلق الشعور بالقومية اليهودية، واستملاك أرض بهدف وهبها لهذه القومية، وبما أن هذه الأرض لم تكن واضحة المعالم فقد اختلفت الروايات الصهيونية على تخيل حدودها الإقليمية، فقد امتدت بعضها لتصل إلى مساحات شاسعة من الضفة الشرقية لنهر الأردن (المملكة الأردنية حالياً)، وإلى صيدا في لبنان وإلى مناطق في جنوب الجولان السوري وشبه جزيرة سيناء المصرية. وقد أطلقت الصهيونية اسم أرض إسرائيل على كل تلك المناطق التي شملتها خرائطهم وآمالهم ولم تكتفِ بالحدود التي سيطرت عليها بعد العام 1948.

3- الكتاب الثالث "كيف لم أعد يهوديا": وعن هذا الكتاب نقرأ في عرض له على موقع "مدار" الخاص بمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية" ويشكل هذا الكتاب جزءاً أخيراً من ثلاثية يعرض من خلالها المؤلف إعادة نظر جذرية في عدّة مسلمات صهيونية صنميّة كاذبة بواسطة إخضاعها إلى محاكمة تاريخية صارمة. وفي هذا الكتاب الثالث يسلسل ساند العوامل والأسباب التي تجعله يقرّر أن يكفّ عن كونه يهودياً مشيراً على وجه الخصوص إلى أن التزوير وعدم الاستقامة والتبجّح صفات محفورة عميقاً في جميع أشكال تعريف اليهودية في دولة إسرائيل، وإلى أن تعريف الدولة بـأنها "يهودية"، عوضاً عن تعريفها بأنها "إسرائيلية"، ليس تعريفا غير ديمقراطي فحسب، وإنما أيضاً يشكل خطراً على مجرد وجودها وبقائها.

في هذا الإطار يركّز الكاتب على أن ثمة علاقة وثيقة بين تعريف اليهود كـ "إثنوس" أو شعب ـ عرق أبدي وبين سياسة دولة إسرائيل، سواء حيال مواطنيها الذين لا يعتبرون يهوداً، أو حيال مهاجري العمل الذين قدموا إليها يائسين من شواطئ بعيدة، أو - بالتأكيد - حيال جيرانها مسلوبي الحقوق الواقعين تحت وطأة احتلالها المستمر منذ نحو خمسين عاماً.

* ويلفت ساند إلى أن من الصعب التنكر لحقيقة جارحة ومؤلمة فحواها أن تنمية هوية يهودية جوهرانية لا دينية، تشجع على التمسك بمواقف استعراقية (متمحورة حول العرق)، عنصرية أو شبه عنصرية، لدى أوساط عديدة واسعة، في إسرائيل وفي خارجها على حد سواء.

* أشار شلحت في سياق تقديمه إلى أن ساند يرمي أساساً من خلال هذا الكتاب إلى دحض مفهوم اليهودية العلمانية الذي كرّسته الصهيونية، إلى جانب تفنيد مفهوم الانتماء الإثني الواحد لليهود. وفي هذا الإطار يشدّد على أنه لا وجود قطّ لـ "ثقافة يهودية علمانية"، نظراً إلى غياب أي لغة مشتركة أو نمط حياة مشترك بين اليهود العلمانيين، وانعدام أي أعمال فنية أو أدبية يهودية علمانية.

1- رابط يحيل إلى فيديو ندوة انطوان شلحت: الاسطورة والذاكرة البديلة في التاريخ اليهودي في مقاربة المؤرخ شلومو ساند

https://www.youtube.com/watch?v=yqn_6sBsSww&ab_channel=%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86

2- لتحميل كتاب "اختراع الشعب اليهودي:

https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A5%D8%AE%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%87%D9%88%D8%AF%D9%8A-%D9%84%D9%80-%D8%B4%D9%84%D9%88%D9%85%D9%88-%D8%B3%D8%A7%D9%86%D8%AF-pdf

3- تحميل كتاب اختراع أرض إسرائيل:

https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A3%D8%B1%D8%B6-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%84%D9%80-%D8%B4%D9%84%D9%88%D9%85%D9%88-%D8%B3%D8%A7%D9%86%D8%AF-pdf

4- تحميل كتاب "كيف لم أعد يهوديا"

https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D9%83%D9%8A%D9%81-%D9%84%D9%85-%D8%A7%D8%B9%D8%AF-%D9%8A%D9%87%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A7-%D8%B4%D9%84%D9%88%D9%85%D9%88-%D8%B3%D8%A7%D9%86%D8%AF-pdf

"الناس على دين ملوكها"، المقصود بالدين، النهج أو المنهج الذي يسير عليه الحكام، فأخلاقهم تنعكس على سلوك المجتمع، فيتفاعل الناس فيه وفقا للمنهج، الذي إختطه الحاكم لنفسه وحاشيته وحزبه، أو غيرها من المتصلات به وبما فيه وعليه.

وهذا مثل عربي معروف منذ قرون، وتتداوله الأجيال على مر العصور.

فالحاكم العادل يحقق أمنا وسلاما وعدلا ورفاهية، والحاكم الظالم يتسبب في المساوئ والتداعيات والمظالم والآلام والمقاساة، والحاكم الجاهل ينشر الجهل والفساد والعكس صحيح.

والتفاعلات على طرفي المعادلة متوازنة ودقيقة، فلا يمكن تبرئة أي مسؤول أو حاكم، مما يحصل في بلاده أو دائرته، أو رقعته الجغرافية التي يتولى المسؤولية فيها.

فأنى يكون الحاكم أو المسؤول يكون الشعب !!

فالعيوب في الكراسي وليست في الشعوب!!

والكثيرون من الجالسين على الكراسي في البلدان المتأخرة، من الذين يتمتعون بجهل فاضح، وثقافة قليلة، ومهارات ضعيفة، وتتحكم فيهم أحوالهم الإنفعالية، وتصوراتهم المبدئية والعقائدية المتحجرة الضيقة، العاجزة عن صناعة ما يمت للحياة بصلة.

وتتمكن منهم النفس الأمارة بالسوء، وتستلب إرادتهم بطانتهم، والحاشية النزقة المنفلتة الرغبات، والساعية إلى الإكتناز وجمع الذهب والفضة، لأنها تعرف بأن الحال لا يدوم، وسيمضي إلى مآل، لا بد لها أن تستعد له بالأموال.

فالشعوب بحاجة إلى قادة أطهار أنقياء أصفياء، يؤمنون بالشعب والوطن، وبالحياة الحرة الكريمة.

فليس من الصائب إتهام الشعوب فقط، لأنها تريد أن تبقى، وتتصرف وفقا لإرادة البقاء، التي قد تخرجها عن خلقها ومبادئها ودينها في أكثر الأحيان.

لكن الأصوب أن نشير إلى الكراسي، التي تمتلك قدرات تخريب الشعوب، وتدمير الوجود الوطني والإنساني، خصوصا عندما تنغمس في مشاريعها الشخصية والحزبية والفئوية، وتمعن في الفساد، وتتمسك بالمناصب والكراسي، وتنكر وجود الشعب وتلبية حاجاته.

فالكراسي السيئة تصنع نظاما سيئا، يسوّغ مساوءها، والكراسي الخيّرة، تصنع ما يعزز خيرها ويعين أخيارها على العطاء الصحيح.

وفي التأريخ دروس وعِبَر، وفي الزمن المعاصر مئات الصور، فأي شعب بحاجة لقادة، ولم يكن الصينيون بأفضل حال منا، كذلك الكوريون، لكنهم إمتلكوا قادة وطنيين مؤمنين بالوطن والشعب، ولهذا كانوا، وتقهقرنا وتراكمت أسباب الإذلال والهوان في ربوعنا!!

***

د. صادق السامرائي

 

لم توفر العمارات السكنية والمنازل في قطاع غزة عامة منذ بداية الحرب مزايا عسكرية بالنسبة لجيش الاحتلال ولم تقف خططهم في البحث عن أنفاق المقاومة الفلسطينية. وليس للقصف المجنون الممنهج وتدمير كل تلك "الملكية المدنية" إلا من أجل إنجاح خطة حكومة نتنياهو في إجبار سكان القطاع على تركه، في حرب إبادة الهدف منها التطهير العرقي. وطالما كان حلم قادة دولة الاحتلال أن يستيقظوا ليجدوا غزة وقد ابتلعها البحر. فما يفعله الجيش من قصف وتدمير لهذه الملكية إلا لذلك الهدف (التطهير العرقي) وليس لضرورات معركة إن جاز لنا أن نسميها.

وتدمير الملكية المدنية بهدف دفع السكان المدنيين على الفرار بشكل دائم يعتبر انتهاك لقوانين النزاع المسلح وأن ما يقوم به جيش الاحتلال من تدمير ومحو لمربعات سكنية كاملة ما هو إلا خرقا قانونيا لاتفاقيات جنيف والبروتوكول الأول الملحق بها. وطبقا لاتفاقيات لاهاي لعام ١٨٩٩ وعام ١٩٠٧ فإن "تدمير ملكية العدو أو مصادرتها إلا إذا كان مطلوبا بإلحاح لضرورات الحرب "ليس قانونيا". كما تنص الاتفاقيات أيضا على"ضرورة احترام الملكية الخاصة ".

وتحكم أحكام قوانين النزاع المسلح أيضا الظروف التي يمكن في ظلها تدمير الملكية كضرر جانبي. "إذ يجب أن لا يتجاوز الضرر حد الضرورة العسكرية وأن لا يكون تعسفيا". وعند التدقيق بهذه الفقرة فإننا سنخرج بمخرج واحد وهو أن تلك العمارات السكنية حتى لو كانت تخدم مثلما تدعي دولة الاحتلال المقاومة الفلسطينية فإن طريقة تدميرها يجب أن لا تتجاوز الضرر الجانبي وأن سياسات مثل سياسية الأرض المحروقة تدمر ليس فقط بشكل تعسفي بل هو الانتقام الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية.

وتؤكد اتفاقية جنيف الرابعة أن تدمير الملكية الواسع ومصادرتها الذي لا تبرره ضرورة عسكرية ويتم بشكل لا شرعي وتعسفي"خرق قانوني جسيم".

لكن من يتجرأ على دحض مزاعم دولة الاحتلال بالضرورة العسكرية أو على رغبتهم القانونية في الحصول على ميزة عسكرية.

وهنا ما الفائدة من الاتفاقيات الدولية والقوانين الدولية والإنسانية إذا كانت معاييرها تتسم بالازدواجية؟ وموادها لا تنطبق على هذه الطفرة السرطانية التي نبتت ونمت وتضخمت في شرقنا، حتى غدت تمرح وتلعب وتلهو، تسرق الأرض وتتعدى على العرض وتسلب ما ليس لها تحت مسمى أرض الأجداد والممالك وهي لا تملك شبرا من ارضنا.

***

بديعة النعيمي

"أيا شعبي أننا في ظلام فكري"، ماذا يمكن أن نقول نحن الذين تنجر لهم هذه الأيام وليمة الموت وطقوس الجنازة على مرآى من العالم، نحن الذين نهتف للحرب ونصلي للقتل، من أجل إرضاء البيت الأبيض الذي سوف لن يراه أحد عبر الشاشة لأنه سيكون موت حشرات وجدت خطأ على هذه الأرض العربية المستباحة لكل جيوش التتار الجدد، التي تتسع لكل أنواع الوحوش والنازيين الجدد، والقتلة... وكيف سيكون الاحتفال...؟

في أمريكا تثور عاصفة رملية هوجاء، إنه صوت الحرب الهادر كالرعد. \". في ليلة الذبح يوم أن خرجت أحدث الطائرات الأمريكية هذا الأسبوع من قواعدها داخل أمريكا بحجة قتل ثلاث جنود في إحدى قواعدها في شمال شرق الأردن، لتعيد سيناريو الحرب في العراق ويعيش شعبنا "العراقي "مرة أخرى مأساة قتل أكثر من {2مليون عراقي} وتغضب لقتل ثلاث جنود، وماذا بعد...؟ يوم سقوط غزة، وصنعاء، ودمشق، وبيروت، وبغداد للمرة الألف...؟ هل سنموت وبأي طريقة...؟ هل بحرق محطات الوقود والنفط من أجل تكوين سحابة سوداء تجعل الطائرات المغيرة تضل طريقها وتفرغ حمولتها على الحقول وآبار البترول..؟

هل سنموت بالحصار والجوع والفوضى...؟

إن الذين يحلمون من الغرب بمصطلح\" حرب نظيفة \"وسريعة وخاطفة وجراحية، سوف لن يجدوا شَيْئًا يتكئون عليه في النهاية، لأن الحيطان نفسها ستزال مع المدن والجسور والاحلام والاوهام.

الذين يدفعون المنطقة نحو الحرب اليوم، من إدارة (بايدن) عن جهل، أو طمع، أو عنصرية، أو مرض، أو استغلال فرص، نبشرهم بأنهم لن يعثروا على اي شيء إلا علي خراب وأرض محروقة، ولا على كرسي لعملاء لهم يجلسون علي كراسي الحكم لقد انحطت اللغة اليوم، لغتنا الى أسوأ حالات الانحطاط، وصرنا نتحدث عن ثمن سقوط ملايين الارواح كأننا نتحدث عن أحجار او رمل أو صفيح.

إننا إذن امام مشهد سقوط أخلاقي مروع، وتدهور خطير في الروح الإنسانية لا مثيل له، ولا أحد يعتقد ان العالم، كل العالم، سيحترمنا ونحن نتحدث عن وطننا بهذه اللغة الدموية التي يخجل منها وحوش ما قبل التاريخ،، بذريعة حكام ديكتاتوريين، الأرض ليست النظام، تسقط حكومات في أوروبا اذا داهم البوليس خاطف أطفال قتلوا نتيجة المداهمة.

وتنهار انظمة لسقوط جسر أو انهيار عمارة أو غرق باخرة، ويطرد وزراء لمذبحة كلاب في مأوى، ولن يتحرك الغرب أمام جريمة إبادة جماعية لشعب أعزل في "غزة وفي الاراضي المحتلة"، نحن نتحدث عن موت بالملايين. على الذين يتحدثون عن ثمن بالملايين، عليهم ألا يتحدثوا بهذه اللغة امام الاطفال لكي لا ننقل هذه الجريمة الى جيل آخر، جريمة الاستهانة بأرواح البشر،

ولكي لا يتعلم هؤلاء هذا النوع من اللغة المشوهة التي تقطر دَمًا وجنُونًا  وحقارة نبشر الحالمين والواهمين بوطن جديد ما بعد حرب غزة، سوف لن تجدوا غير الجثث المتفحمة والجدران المنهارة والدخان الاسود والفئران وهي تسرح بين الانقاض\" حذرناكم ونحن على موعد قريب \". يوم ذاك سنطلق اسم كل واحد منكم من زعماء الغرب وزعماء العرب على كل جثة أو مجزرة أو محرقة أو قصف مدرسة او مستشفي...الخ، تعلموا من التاريخ سوف يكتب سجل من الأجرام بحقكم جمِيعًا وبحق النظام العالمي الجديد وبحق الجالسون في الأمم المتحدة، نقول لكم:- اغتسلوا بدمع ضحايا يجلسون الان في منازلهم وتحت الأرض والخيام ينتظرون الموت في عشية الحرب الدائرة الان\" ولكن هنا أمريكا ورائحة الذرة المشوية تختلط بدماء، أيا شعبي اننا في ظلام فكري، قصيدة للشاعرة (كيري) تقول:- غيوم ترى خلال المرايا تحجب القمر، ويوم ينذر بالرزايا، وظلال تموت. في الخنادق أكفان ملقاة صدئة بالدماء، اننا حبيسون في جمجمة تبتلع كل شيء، فيها هلال غامض حيث الدماغ، لا نسمع إلا طبول الموت المثيرة، والله يرانا، في يأسه، نهشم انفسنا على الجدران، نعلق على الصلبان اجسَادًا  لن تتنفس ابدا. وهو واجب المثقف، ودعوة لنخب ادبية وثقافية، لفضح المخطط الارهابي الغربي المتحالف مع إسرائيل في عدوانها علي الشعب الفلسطيني ودول عربية...!!

***

محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث مصري

 

العقول تفكر، ولا قيمة لما تتوصل إليه إن لم يكن مقرونا بجرأة التعبير عنه.

"إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة...فإن فساد الرأي أن تترددا"

وما أكثر العقول العاملة المحفوفة بالخوف الشديد، والمعتقلة في متاريس الرعب، وفي مقدمتها الطروحات والروايات التي إرتدت أزياء القدسية والمقامات العلوية، وأصبح الإقتراب منها نوع من الجنون والإنتحار.

وبسبب هذا التردد والهلع إستنقع الواقع وتعفن، وتحول الطيب فيه إلى خبيث، والفضائل إلى رذائل، والحق إلى باطل، وإنتصر الغش والخداع والتضليل وتسلط الفساد.

إن جرأة إعمال العقول من أهم مرتكزات التغلب على الضياع والهوان.

ولابد لإرادة السؤال أن تتحرر من أصفاد الممنوع، وتحطم هياكل السمع والطاعة، والتبعية والخنوع للمفترسين لوجود الأمة.

المجتمعات بعقول أبنائها، لا بالخرافات والهذيانات والأوهام والأباطيل المؤدينة، التي تدعو لتكبيل المجتمعات بقيودها القاهرة، وبعدم النظر فيما قيل ويُقال.

جرأة إعمال العقول ترفض الأصنام المشخصنة، والتعبد في محراب أدعياء الدين، وهم ألد أعدائه، ومن المسخَرين لتأمين مصالح الآخرين بإسم الدين.

لابد للأمة أن تتحرر من أهوال الذل والهوان، وتتنفس هواء الحرية وتقرير المصير، وتؤمن بأنها ذات سيادة، وليست من غنائم المنتصرين في حروب القرن العشرين.

ولن تنطلق الأمة، إن لم تمتلك عقولها الجرأة المطلقة في التعبير عن أفكارها ورؤاها، وما تريده لبناء مستقبلها الحر العزيز.

فهل من عقول ساطعة لا تخاف لومة لائم؟!!

و"كذب الظن لا إمام سوى العقل...."!!

***

د. صادق السامرائي

 

عادة ما يتم إخلاء المدنيين من أرض المعركة عندما يكون المتحاربون جيوشا نظامية. لكن الوضع في غزة خاص ومختلف، فالحرب بين جيش وأعضاء حركة. وأرض القطاع جميعها مباحة لقصف جيش الاحتلال. والمعابر مغلقة أمام سكانه وليس أمامهم في هذا الحيز المغلق المكتظ سوى خوض لعبة الموت مع صواريخ وقناصي جيش الاحتلال ومرتزقتهم.

والمدني هو شخص غير عسكري ولا يشترك مباشرة في القتال. وسكان غزة عزّل وليسوا أهدافا عسكرية مشروعة، ففي المعارك الطبيعية هنالك التزام بإخلاء المدنيين من أرض المعركة وتأمين ممرات ومناطق آمنة لهم، ويعتبر تعريض غير العسكري عمدا للخطر انتهاكات لقوانين الحرب. ويجب على قادة أي حرب أخذ مشكلة وجود المدنيين في منطقة الحرب عن طريق تحذيرهم، وقد يتم ذلك بإسقاط منشورات أو إطلاق بلاغات بمكبرات الصوت أو في الإذاعة لكن في غزة نجد أن القصف عشوائي ومفاجئ وانتقامي وجنوني، الهدف منه القتل والإبادة، فالصياد لن يتجنب فريسته في لعبة الموت، ولن يحذرها لأنها باتت هدفا له، يتعطش لدمه، يلاحقه حتى بعد موته. في غزة لا قوانين تطبق على الصياد ولا محكمة تنقذ الضحية، فالجميع متآمر ومتواطئ.

والمنطقة الآمنة تعبير غير رسمي، يغطي تنوعا واسعا من محاولات إعلان مناطق خارجة عن حدود الاستهداف العسكري. حيث تهتم اتفاقية جنيف الرابعة لعام ١٩٤٩ والبروتوكول الإضافي الأول لعام ١٩٧٧ بثلاثة نماذج هي ١- مناطق الاستشفاء ٢- المناطق المحيدة (الآمنة) ٣- المناطق المعزولة من السلاح. وترتيبات هذه الاتفاقية تتطلب اتفاقا بين الدول المتحاربة. ولما كانت الحرب على غزة حربا غير متكافئة كما قلنا فهي جيش ضد حركة، فالسؤال هل تنطبق هذه المعاهدة عليها؟ ام أنها استغلت هذا الوضع لممارسة لعبتها القذرة؟.

والمتابع لمجريات الحرب لا بد بأنه شاهد أو قرأ ما قام به جيش الاحتلال في بداية كانون الأول ٢٠٢٣ حين وجه دعوات لسكان القطاع بالتوجه إلى منطقة الجنوب باعتبارها منطقة آمنة مع تعهدات مسؤولين في الجيش بعدم مواجهتها..لكنهم كذبوا، فوسط البرد والجوع وانعدام المأوى، قصف وموت بل وإبادة. فعن أية مناطق آمنة يتحدثون وأي أمان يدعون والقطاع كله بات على فوهة بركان من الموت؟ وخير شاهد على غدر العدو شارعي صلاح الدين والرشيد الساحلي الذين غرقا بدماء الشهداء وجثامينهم وقت نزوحهم إلى الجنوب بسبب القصف الغاشم.

وها هي الأمم المتحدة التي صممت على مقاس دولة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول العظمى تصرح ومنذ بداية الحرب أنه "من المستحيل إنشاء ما يسمى بمناطق آمنة يفرّ إليها المدنيون داخل قطاع غزة وسط حملة القصف "الإسرائيلية"".

كما قال الناطق باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة"يونيسيف" "جيمس إلدر" للصحافيين في جنيف "إن ما يسمى بالمناطق الآمنة غير منطقية وغير ممكنة، وأعتقد أن السلطات على علم بذلك".

فأين الأمان وغزة اليوم وهي على أبواب الشهر الخامس من الحرب الفاشية عليها وصرخات الأطفال تدوي في خيم النازحين تطالب الأهل بكسرة خبز وشربة ماء؟

***

بديعة النعيمي

أكبر مصائب الأمة أن فيها دول غنية ذات ثراء فائق، وتستثمره في إيذاء دولها لا بتحقيق مصالحها.

والدول الثرية نفسها لا توجد فيها عدالة توزيع الثروات، بل أنها مُحتكَرة من قبل بضعة أفراد أو عوائل، ومعظم أبناء الشعب يعانون القهر والحرمان من أبسط الحاجات، فهناك ثراء فاحش وفقر مدقع في جميع دولنا الثرية.

ويبدو أن الأمة عجزت عن التصرف العادل بثرواتها، وما تمكنت من سن القوانين المنصفة الضرورية للحفاظ على ثروات البلاد والعباد من الضياع والإستنزاف، وأصبحت الكراسي أيا كان نوعها المالك المطلق لها، فتعبث بها كما تشاء لحين إنقضاء فترة إستعمالها في السلطة.

فعلى سبيل المثال، لا يوجد في دول الأمة النفطية قانون ضبط وتوزيع ثروات النفط، وآليات لإستثمارها بما يخدم المصالح الوطنية، وإنما يتم العبث بها وفقا لأمزجة الكراسي وبقرارات فردية، ويحسب الحاكم بأنه صاحب الحق بالتصرف بها، أو أنها غنيمته التي لا يحق لأحد أن يسائله عنها.

إن عدم العدالة في توزيع الثروات الوطنية من أهم أسباب وعوامل تعويق الأمة، وتدمير الأجيال ورهنها بالحاجات وتحويلها إلى أرقام.

والعجيب في الأمر أن الشخص المُغتصب لثروات البلاد يحسب ما يعطيه للمواطنين مكرمات وفضل منه، ويتوهم المواطن بأن الذي يأتيه من أصحاب الكراسي هدية أو عطاء كريم، وهو الذي لم ينل جزء يسير من حقه في الثروة الوطنية.

فالتفاعل بين الحاكم والمحكوم يعزز السلوك الإغتصابي للثروات الوطنية، ولهذا لن تجد صاحب كرسي أيا كان شأنه لم يستحوذ على مقدرات البلاد والعباد، ولم يكنز من الثروات ما لا يستحقه، لكنه يستطيع نيله والوصول إليه، وبموجب ذلك يعم الفساد، والتفاعلات السلبية القاضية بنهب الثروات وتقزيم العباد، وردمهم في مهاوي القطيع وحجرهم في ميادين السمع والطاعة، والتبعية المطلقة للطامعين بهم.

وتلك معضلة المعضلات، وأم المهاوي والويلات، التي تتسبب بتخدير وتغفيل الناس بالدين، ليتم سرقة أموالهم ومصادرة ثرواتهم، وهم في ويلاتهم يعمهون، وعلى بعضهم يتأسدون، والسارقون ينهبون كما يشاؤون!!

و"حق يضر خير من باطل يسُر"!!

***

د. صادق السامرائي

 

التصريحات الامريكية القبيحة لوزير خارجيتها بلينكن من ان واشنطن تسعى للسلام في الشرق الاوسط. وافعال أداء الإدارات الأمريكية المتعاقبة تثبت أنه لا توجد دولة في العالم تنافس أمريكا في تهديدها للسلام الدولي. إن التزامها وحلفاءها بحقوق الإنسان لا يتعدى كونه أسطوريا كاذبا. فهذه الحقوق تتحدد على أساس الإسهامات في حفظ الانظمة العميلة.

لبعض الحكومات العربية حقوق في نظر الإدارة الأمريكية التي تقدم لبعضهم نوعا من الحماية الأدبية، لأن هذه الحكومات ببساطة تسيطر على الشعوب، وتخنقها، وتضمن في الآن ذاته تدفق الثروة إلى الدول الغربية والتي ترتبط مصالحها. هذه مقولة السلام التي تدعي بها ينطبق عليها المثل ' إذا كنت لا تستحي فقل ما تشتهي'. ولعل القصة التي أوردها تشومسكي في كتابه » قراصنة وأباطرة « من أن قرصانا وقع في أسر الإسكندر الكبير الذي سأله كيف تجرؤ على إزعاج البحر؟ كيف تجرؤ على إزعاج العالم بأسره؟ فأجاب القرصان: لأنني أفعل ذلك بسفينة صغيرة فأدعى لصا، وأنت الذي يفعل ذلك بأسطول ضخم فتدعى امبراطوراً. هذه هي قصة أمريكا والعالم، وليس أمريكا والعراق فقط ان كون امريكا تدعو للسلام فهي حقيقة غير منطقة ولا تتناسب مع كل الجرائم والأفعال التي تقوم بها وليس لها دلالات وتتحايل الفرصة للتحرك بسرعة من اجل اعادة هيبتها البولونية التي تنفجر في اي لحظة لتغدر بالعملاء العاملين معها وتريد فرض دورها العسكري والسياسي في المنطقة بعد الفضيحة الكبيرة التي وقعت فيها عندما تخلت بكل سرعة اثر الهزائم التي منيت بها في أفغانستان وما تعانيه من ذهاب ماء وجهها في العراق وسورية هي وذيولها، ابتداء من إرسال سفن حربية وحاملات طائرات إلى البحر الأبيض المتوسط وتواصل دعمها لإسرائيل، وصولا إلى الضربات الجوية العديدة على اليمن، وعلى قواعد خصومها في العراق، وفشل إنشاء تحالف دولي لضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. وباتت المنطقة تعيش حالة من القلق نتيجة التصعيد الحاصل على وقع العدوان الإسرائيلي في غزة، حتى إن البعض بات يرى أن احتمالية اندلاع حرب عالمية "ثالثة بات وشيكا، " وأن شرارة هذه الحرب قد تنطلق من التوتر الحاصل في الشرق الأوسط. فقد تصاعدت حدة التوترات نتيجة الموقف الأمريكي الداعم للكيان الصهيوني، في ما يمارسه من إبادة جماعية في الأراضي الفلسطينية، وبالتالي تعرض الوجود الأمريكي في المنطقة إلى مختلف الهجمات من فصائل قريبة من المقاومة، وكانت إدارة بايدن تتعاطى مع التهديدات والضربات بحذر وتدعي بأنها قادرة على احتواء الأزمة، فكان الأمر يسير وفق سياق أشبه بقواعد اشتباك غير معلنة، ضربة هنا يتم الرد عليها هناك، أو سكوت الطرفين على ضربات غير موجعة يتم استيعابها دون اي رد فعل سوى التهديد. وقد صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن، " إن الضربات سوف تستهدف مواقع في سوريا والعراق، تأتي للردًا على استهداف جنود أمريكيين في قاعدة عسكرية في الأردن".

لاشك ان توقف فصائل الحشد الشعبي عن شن ضربات على الوجود الأمريكي لحين انكشاف الوضع وتقليل التوتر الحاصل. لم تمر وحدث ما كان متوقعا فقد شنت القوات الأمريكية ضربتها على مراكز للحشد الشعبي في العراق تقريبا في كل يوم ما أدى إلى استشهاد عدد من قادة الحشد الشعبي وكانت اخرها الليلة الماضية في استهداف مجموعة من المجاهدين في منطقة المشتل يتقدمهم مقتل القيادي أبو باقر الساعدي، ان هذه الجريمة تعبر عن اصرار اميركا وحلفاءها على العمل بمنطق القتل والوحشية وسفك دماء ابنائنا وعدم الاعتراف باسلوب الحوار والتفاهم، وهو دليل واضح على ان وجود القوات الاجنبية في العراق هو اساس الجريمة والعنف واثارة الفتن، ما يدل ان امريكا ليست لها عهود ابداَ " كما ان هذه الاعتداء غير المبرر هو تقويض وتنصل عن كل الاتفاقيات والتفاهمات السابقة ونحمل الولايات المتحدة وقوات التحالف نتائج وتداعيات هذا العدوان على أمن واستقرار العراق بشكل خاص والمنطقة بشكل عام و تعد هذه الهجمات الأمريكية بين الحين والآخر على القوات العراقية الرسمية على أراضيها انتهاكًا واضحًا للاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين، وبالتالي انتهاكًا للسيادة العراقية، إن "استمرار الاعتداءات الأمريكية على الأرواح العراقية، وانتهاك سيادة بلدنا، هو دليل على الاستهانة والاستهتار الأمريكي بالعراق حكومةً وشعبًا، ومن الواضح أنها ليست في وارد التوقف عن هذه الاستهانة والاستهتار، بل هي مستمرة في اعتداءاتها، رغم الخطوات الإيجابية التي قامت بها الحكومة العراقية الموقّرة، والتزام التهدئة من قبل فصائل المقاومة الشريفة".

ويحذرالمسؤولون العراقيون من أي عملية عسكرية دون علم الحكومة العراقية وفق الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين. وفي أعقاب الاعتداء الصارخ، دعت العديد من الأحزاب العراقية إلى إلغاء الاتفاقية الأمنية لأن الولايات المتحدة انتهكتها بالفعل. وكانت بغداد قد حذرت مرارًا وتكرارًا من مثل هذه الممارسات التي تعد اعتداءات صارخة على حرية واستقلال الوطن، ان مثل هذه الأعمال تتطلب من كافة السلطات والقوى الوطنية والشعبية الى التمسك بموقف وطني موحد تجاه هذه الجرائم التي تستهين بسيادة العراق وكرامته وتستهدف قيادات امنية رسمية مدافعة عن القيم والمبادئ.

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

 

ما تقوم بها أمريكا من عمليات اغتيال بواسطة الطائرات المسيرة تثير الريبة والقلق، خصوصا انها استطاعت تحقيق الاهداف التي تريدها، مع صمت أممي من التجاوزات الامريكية على سيادة العراق وسوريا واليمن، وهنا نشدد ان على خط المقاومة في إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن ان ينتبه لعمليات امريكا الجوية عبر المسيرات، وان يتم اتخاذ الإجراءات التي تحفظ القيادات من الاستهداف الأمريكي، وأن تاخذ خطر المسيرات على محمل الجد، وقد يكون ما وراها عمل عسكري كبير، فالشيطان الأكبر لا يصدر عنه الا كل شيء شرير.

فالأمر خطير جدا وقد تكون هنالك ضربة كبيرة لايران او لقوى المقاومة في المنطقة، حسب التطورات في الشرق الاوسط، خصوصا ان القيادة الامريكية تبحث عن اي نصر ممكن تحقيقه، نتيجة الضغوطات السياسية الداخلية والتظاهرات المعارضة للسياسة الامريكية في الشرق الاوسط.

هناك خطة ما

المتابع للاحدث تنبه الى ان الرد الامريكي تاخر، وهذا يعني ان الهدوء الأميركي والتريّث في اتخاذ القرار بالنسبة للرد يعني أنَّ هناك خطة أميركية معقّدة بشكل لا تتأثر فيه الانتخابات الأميركية، ويضمن الردع ولا يوسّع نطاق التوتر في المنطقة، لا سيما في ظلّ استمرار الحرب على غزة، فكلما طال زمن الرد الأميركي عَظُم الخطر أكثر، لأنّ الولايات المتحدة دولة عظمى، وتدرس ردودها بعناية فائقة، ليست كباكستان التي ردّت بشكل فوري.

لذلك كان على ايران وقوى المقاومة ان تضع تدابير وخطط لتقليل اضرار الرد الامريكي، فالهدوء ليس معناه ان امريكا نسيت الامر.

نتنياهو يغرق

الخيوط كلها تتشابك مع بعض، فالحرب في غزة ليست بعيدة عن ما يجري من استهداف لقادة المقاومة بواسطة المسيرات، حيث أنَّ حرب غزة أوصلت رئيس الوزراء الكيان الصهيوني نتنياهو إلى حافة المقصلة، حيث أنّ حكومة نتنياهو متّجهة إلى السقوط المؤكد.

إنّ الحرب في غزة وصلت إلى مرحلة حرجة على الساحة الداخلية في الأراضي المحتلة، حيث أصبح الصراع بشأن الحرب بين العسكريين والسياسيين داخل حكومة نتنياهو علنيًا، وتجاوز الحدود الطبيعية ليشكّل مرحلة خطيرة في الكيان الصهيوني.

لقد تصاعدت الخلافات داخل الحكومة الصهيونية معه المعارضة، في ما يبدو أنّ نتنياهو فقد ثقته تماماً بوزير الحرب في حكومته، لكن يستبعد ان يكون نتنياهو على طريق الإقالة على المدى القصير، خصوصا ان حرب غزة مازالت مستمرة  ولم تحسم بعد، لكنها حتما ستكون النهاية السياسية لنتنياهو وجميع حلفائه.

العداء المتبادل

يمكن تلخيص علاقة ايران امريكا بانها دائمًا علاقة عداء متبادل بين الجانبين، حيث أنّ الطرفين اعتمدوا سياسة متسامحة ومنطقية مؤخرًا، حيث باتت الخصومة بينهما محسوبة وفق مبدأ الربح والخسارة، فالجمهورية الاسلامية الايرانية اعتمدت سياسة تتّفق مع المصالح الوطنية، وتتجنّب أي مواجهة مباشرة، وتهدف لإخراج الوجود الأميركي من المنطقة، اما اميركا ورغم علاقتهم العدائية مع إيران بسبب استراتيجيتها طويلة الأمد، إلا أنهم لا يبحثون عن مواجهة مباشرة معها، لادراكهم بانها ستخسر مصالحها في المنطقة، وتكلفها المواجهة المباشرة مع إيران الشيء الكثير.

ولا يمكن إخفاء المخاوف من اتساع رقعة الحرب في المنطقة، سيما ان الحرب على غزة مستمرة منذ السابع من أكتوبر لعام 2023.

تحليلات خطيرة

هناك تحليلات استخبارية وصحفي تحدثت منذ البداية عن أن توسع الحرب أمر لا مفر منه، وأنّ هذا الأمر يزداد تأكيدًا مع كل تطور في الحرب، لا سيما بعد الهجوم على القاعدة الأمريكية “برج 22” شمال الأردن،  فإنّ كل طرف في التوتر يعلم بأنّ الطرف الآخر لا يرغب بالدخول في حرب، وبالتالي فإن جميع الأطراف تحاول وضع أقصى ضغط ممكن على الجانب الآخر لكن بطريقة مُسيطر عليها.

أنّ واشنطن تعمل من خلال التوتر في المنطقة على توفير متنفّس للكيان الصهيوني، وخاصة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، في مواجهة الرأي العام العالمي والاحتجاجات الداخلية، وتقليل التركيز على أحداث حرب غزة.

فهنالك قراءات للاحداث تتوقع توسع الحرب، وحصول ازمة اقتصادية خطيرة تؤثر على كل بقاع العالم.

حرب الانتخابات الأمريكية

أنَّ منطقة الشرق الأوسط وتطوراتها هذه الأيام أصبحت محور السجالات السياسية والانتخابية الأميركية، خاصة موقفهم من إيران، إنّ المرشحين المتوقعين للانتخابات المقبلة هما دونالد ترامب وجو بايدن، وكلاهما مهتم بشكل كبير بإيران في حملته الانتخابية، وأنَّ كلا المرشحين يهاجم الآخر بنجاحه في السيطرة على إيران او احتوائها.

حيث يفتخر ترامب الجمهوري بضرب إيران من خلال اغتيال الجنرال قاسم سليماني، فيما يتباهى بايدن الديمقراطي بمهاجمة مواقع المقاومة في المنطقة للسيطرة على طهران، ويتضح هنا اهمية ايران في الصراع الانتخابي الامريكي، وعلى صعيد آخر فأنَّ الضربات العسكرية الأميركية على العراق وسوريا كانت استعراضًا إعلاميًا ومسرحية مبتذلة لأهداف انتخابية، حيث أنَّ امريكا في وضع يُرثى له بعد اهتزاز صورتها أمام العالم، تحت وقع خسائرها الكبيرة وتراجعها في أوكرانيا والشرق الأوسط، لذلك أرادت امريكا تنفيذ ضربات وهمية ضد أهداف ومواقع فارغة للتغطية على تراجعها.

فالواضح إنَّ الكثير من الأهداف التي هاجمتها الطائرات الأميركية كانت فارغة، حيث كان الجميع على علم بالأهداف المقرّر ضربها، كما أنّ تحرّك القاذفات الأميركية الاستراتيجة كان بمثابة استعراض إعلامي واضح.

قرارات ما بعد الانتخابات

يمكن ادراك ما ستفعله الادارة الامريكية بعد الانتخابات، فالحرب غزة والتي أدت إلى اهتزاز صورة امريكا بالعالم، وارتفاع الاستياء من سياسة واشنطن، وتراجع امريكا في أوكرانيا، وتورّطها بحرب جديدة ألا وهي حرب البحر الأحمر مع الحوثيين، وادخال العالم في ازمة كبيرة، مع ازمتها الدائمة في والعراق، أمور تجعل الأميركيين في حالة لا يُحسدون عليها، حيث باتوا في مستنقع من المشاكل والهزائم.

لذلك ندرك أنَّ الضربات الأميركية في العراق وسوريا ما هي إلا مسرحية أميركية يجريها الرئيس الأميركي جو بايدن لخدمة مصالحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

فالنتيجة إنَّ الضربات الثقيلة للمقاومة ضد القوات الأميركية أوصلتها لنتيجة مفادها بأنه لا فائدة من البقاء في المنطقة، وهو ما قررته الولايات المتحدة، إلا أنَّ الانتخابات الأميركية والحرب في غزة تضغطان على بايدن للقيام ببعض المسرحيّات.

***

الكاتب: اسعد عبدالله عبدعلي

ذات اجتماع في القيادة الجنوبية للجيش بتاريخ ٩/أكتوبر/٢٠٢٣ قال وزير الدفاع يوآف غالانت "لقد أمرت بفرض حصار كامل على غزة، لن يكون هناك كهرباء ولا طعام ، نحن نقاتل الحيوانات البشرية ونتصرف وفقا لذلك".

 أما النائبة عن الليكود ريفيتال تالي جوتليف فقد دعت وفي نفس التاريخ أي التاسع من أكتوبر قوات الجيش لاستخدام كل ما في جعبتها، قائلة" حان الوقت لصاروخ يوم القيامة، إطلاق صواريخ قوية بلا حدود ، لا تسوي حيا واحدا بالأرض بل تسحق غزة كلها وتسويها بالأرض، بلا رحمة ، بلا رحمة"

المطالع لهذه التصريحات التحريضية وغيرها الكثير، تعني شيئا واحدا وهو الدعوة من أجل إبادة الشعب الفلسطيني وفقا لتاريخ اليهود القائم على النظرة الدونية إلى غير اليهودي ما يتيح لهم الحق باستعباد الآخر وارتكاب أي شيء بحقه. وقد دأب قادة دولة الاحتلال منذ قيامها على إطلاق مثل هذه التصريحات التحريضية.

وبالرجوع للقانون الإنساني الدولي الذي لا يعترف بحق مطلق لحرية التعبير، ويعتبر التحريض على الإبادة وفقا لذلك غير قانوني كليا. فحسب المادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع لعام ١٩٤٩ "يعامل المدنيون في جميع الأحوال معاملة إنسانية دون أي تمييز يقوم على العنصر أو اللون أو الدين أو المعتقد أو الجنس أو المولد أو الثروة أو أية معايير مماثلة أخرى". وتنص المادة الثالثة لاتفاقية الإبادة لعام ١٩٤٨ على أن " التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة محظور".

وبصرف النظر عن الذرائع التي تتبجح بها دولة الاحتلال وأبرزها الدفاع عن النفس ، تبقى هذه الحرب حرب إبادة وانتقام من كل ما هو فلسطيني..لكن لماذا؟؟

لأن اليهود يرون كل فلسطيني سيعود مطالبا بحقه الذي سلب منه يوما. وهم يخافون هذا اليوم ويسعون بكل ما أوتوا من قوة ونفاد وقت للتخلص من الحقيقة (الفلسطيني) وإحلال الوهم مكانها (اليهودي)، لكن المنطق يقول أن لا وهم يدوم والحقيقة هي الواقع الصادق والثابت. أما القوانين الدولية والإنسانية فإنها لا زالت تتساقط كلما هزت الضحايا طرفي "الغربال".

***

بديعة النعيمي

لم يمر العراق في تاريخه الحديث، ومنذ قيام الدولة العراقية سنة 1921، بحالة من الهوان والذل واسترخاص دماء أبنائه ومن التبعية والفساد ونهب ثروات البلاد وتحكم الأجنبي ربما إلا في السنوات الأولى من العهد الملكي والذي لم يكن يخفي تبعيته للاستعمار البريطاني فهو حكم مستجلَب من خارج العراق.

ورغم تبعيته المعلنة فقد اضطر النظام الملكي البائد إلى إلغاء تجديد معاهدة بورتسموث وإلغاء المعاهدة الأصلية لسنة 1930 (المعاهدة العراقية البريطانية) تحت ضغط الانتفاضات الشعبية العارمة التي قادتها القوى الاستقلالية بقيادة اليسار وخاصة انتفاضة وثبة كانون سنة 1948. أما الزعامات الطائفية الحاكمة اليوم فترفض مجرد التفكير بالخروج من التبعية الأميركية وإلغاء اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي وقَّعها نوري المالكي مع الرئيس الأميركي أوباما! ومعلوم أن هذه الاتفاقية قد تقرر بموجها سحب معظم القوات الأميركية المحتلة سنة 2011 بعد أن هزمتها المقاومة الشعبية شرَّ هزيمة والإبقاء على الهيمنة السياسية والاقتصادية والثقافية الأميركية على العراق لتوفير الحماية للزعامات الانتهازية الطائفية في الحكم.

يمكن للمراقب المحايد أن يستنبط إنَّ المعادلة الجيوسياسية لحكم العراق التي وضعتها إدارات الأميركية وسارت عليها الزعامات الشيعية وحليفتها الكردية العراقية ومن التحق بهم من المقاولين العرب السنة وباركتها المرجعية الدينية ومقاولاتها العتباتية وبعض القوى العشائرية المتلقفة للفتات من المتساقط من مكينة الفساد والإفساد هي كالتالي استنباطاً:

* لكم - يا ساسة المحاصصة الطائفية والعرقية - حكم العراق والتمتع بحمايتنا لكم حتى من شعبكم إذا انتفض عليكم ولكنه حكم بلا سيادة ولا استقلال ولا كرامة ولنا كل شيء بما فيه أرواحكم!

* فإن قلتم لا أو فكرتم مجرد تفكير بالرفض أو الاعتراض والخروج من تحت المظلة الأميركية ضيعتم الحكم والتمتع بأموال الفساد واستبدلناكم بغيركم أو فرضنا عليكم الحصار الشامل!

هذه هي معادلة الحكم في عراق اليوم بكل صراحة ووضوح والأدهى والأمر هو أن النخبة "المثقفة" العراقية في غالبيتها ومعها محازبو الليبرالية واليسار المزيف الانتهازي إما أنها مستقيلة من "السياسة ووساختها" أو أنها تصفق للعدوان وتشمت بضحاياه وتتمنى المزيد من سفك الدماء وتدافع عن مبرراته لأن الحاكمين الطائفيين حرموها من حصتها في الحكم ومغانمه!

فأي مشهد عراقي هذا وإلى أين يتجه؟

***

علاء اللامي

مما لاشك فيه؛ ان العلاقة بين امريكا والعراق، علاقة ملتبسة تفتقر الى الوضوح في الرؤية والسلوك. امريكا التي لها في العراق سفارة هي من اكبر سفاراتها في العالم، وقد استغرقت في بناءها عدة سنوات بعد الاحتلال، وتقع في قلب المنطقة الخضراء، وعلى مساحة كبيرة وواسعة جدا؛ لم تعمل وربما لن تعمل مستقبلا على بناء علاقة تكافيء بينها وبين العراق، بل تريد ان يكون العراق ارضا وشعبا في علاقته مع الولايات المتحدة الامريكية، لها شكل أخر يختلف كليا عن العلاقات المتكافئة بين الدول والشعوب في المعمورة. الولايات المتحدة الامريكية، في هذا تقع، بل هي واقعة فعلا في خطأ استراتيجي جسيم، وخطير سوف يكلفها الكثير، من دون ان تحصل على ما تريد من تلك العلاقة غير السوية. الشعب العراقي، شعب تمتد جذوره وجذور الامة التي ينتمي إليها عميقا في اغوار التاريخ؛ لأكثر من ثمانية آلاف سنة. أن هذا الامتداد التاريخي سوف يفعل فعله في هذه اللحظة التاريخية؛ باتجاه ان يكون حرا في قراراته على كل الصعد، وفي وطن ذو سيادة كاملة غير منقوصة. لذا؛ فأن امريكا هنا تقع في خطأ، بل خطيئة تاريخية وكارثية؛ سوف تكلفها الكثير من مواردها ومن سمعتها، وسوف يتأكل جرف هيمنتها وسيطرتها على الكثير من مقدرات الدول والشعوب في العالم الثالث وحتى في دول الاتحاد الاوربي. عندما بدأ الكيان الصهيوني في ارتكاب المذابح والمجازر في حق الشعب الفلسطيني في غزة على مرأى ومسمع كل العالم المتحضر، من دون ان يحرك هذا العالم ساكنا على طريق اجبار هذا الكيان على التوقف عن مواصلته لهذه المذبحة. الامر والادهى ان كل انظمة الدول العربية وغير العربية، والدول الكبرى والعظمى؛ ساعدوا من حيث يدرون او لا يدرون والأخير مستبعد كليا؛ في البحث عن حلول لهذه الحرب كما يسمونها بخلاف واقعتها وحقيقتها؛ فهي مجازر من جانب واحد يمتلك كل عوامل الدمار والخراب والقوة والفتك بالبشر والحرث والضرع، وليس حربا بين قوتين متكافئتين؛ في منحه الفرصة في الزمن، وفي استخدام كل انواع الدمار من الاسلحة الامريكية الصنع في اغلبها؛ في تسوية المدن والقرى في غزة بالأرض وتشريد اكثر من ميلوني انسان ودفعهم الى العراء في اجواء البرد والمطر. ان هذا التوجه اصلا في التحرك سواء الدولي او الاقليمي او العربي؛ يقع في زاوية الاتهام لجهة المساعدة والعون لهذا الكيان الصهيوني المجرم، وليس في زاوية المساعدة والعون للشعب الفلسطيني الذي يتعرض الى ابشع مذبحة عرفها تاريخ المذابح التي تقوم بها قوى الطغيان والعدوان على مر التاريخ في العالم، بل هي الابشع من كل هذه المذابح. في ظل هذا المشهد الاجرامي، في المنطقة العربية، وفي جوارها الاسلامي؛ تنخى اصحاب الغيرة والمرؤة والضمير، وشدوا الاحزمة على الخواصر والايادي على الزناد؛ لنصرة الشعب الفلسطيني في غزة، في مقدمة هذه الصفوف كان شعب العراق العربي المسلم؛ فأمطرت فصائل الجهاد فيه؛ قواعد امريكا في العراق وسوريا، المشاركة مع هذا الكيان المسخ في محارقه على الشعب الفلسطيني في غزة؛ بوابل من المسيرات والصواريخ؛ دعما لنضال الفلسطينيين وايضا لإجبار امريكا على الانسحاب كليا من ارض العراق، ارض الحضارات والتاريخ والشيم النبيلة، الذي لم يسكت يوما في كل تاريخه على مصادرة حريته وسيادتها على ارضه. ان اغلب الهجومات التي نفذتها فصائل مقاومة المحتل الامريكي على القواعد الامريكية في سوريا والعراق، وفي حيفا وغير حيفا على ارض فلسطين المحتلة. لذا هددت امريكا هذه المقاومة بالرد وقد نفذت تهديدها في سوريا وفي العراق، في عكاشات وفي القائم، وأخيرا، في ليلة الثامن من شباط فبراير؛ قصفت بالمسيرة، في قلب بغداد العاصمة، في حي اور والمشتل او في المنطقة بين المشتل والبلديات؛ وبصواريخ هلمفاير؛ ليستشهد فيها؛ ابو باقر الساعدي واركان العلياوي. ان هذه الهجومات الامريكية هي لمساعدة الكيان الصهيوني في الاستمرار في جرائمه على الشعب الفلسطيني في غزة، اولا واخيرا وتاليا ونهائيا؛ لجعل المجرم الصهيوني ينفرد في تدمير غزة وشعبها الغزاوي. ان من المفارقات وسخريات السياسة الدولية التي تعمل بها وعلى قواعدها ومعاييرها الولايات المتحدة الامريكية، وليس كل السياسة الدولية، فهذه لها موضوع اخر، لا يمت باي صلة لهذه السياسة الدولية الامريكية؛ ان قولهم وهم يبررون افعالهم هذه وايضا جرائم اسرائيل، من انها هي للدفاع عن النفس. اي دفاع عن النفس وامريكا قامت قبل اكثر من عقدين بغزو واحتلال العراق، والآن تريد من العراقيين ان يقبلوا بها كدولة احتلال، وان لا يهاجموا قواعدها على ارضهم، وان هذه الهجومات هي اعتداء عليهم وعلى جنودهم وضباطهم؛ يستوجب منها الرد دفعا عن النفس. انها حقا سخرية الاقدار وظلم العالم الذي يدعي من انه، او يصف نفسه؛ بانه عالم الحرية والعالم الحر، هذا اولا وثانيا؛ ان العراقيين لم يهاجموا قواعد امريكا وجنودها وضباطها على ارض امريكا، بل انهم هاجموهم في قواعدهم الموجودة على ارض العراق، وطنهم الذي يريدون ويناضلون على طريق اخلاء هذه القواعد من الامريكيين العسكريين؛ لحفظ سيادة العراق وقراره المستقل سياسيا واقتصاديا. عليه؛ فأن هذه الهجومات هي شرعية وقانونية بحسب القانون الدولي. في النهاية وفي رأيي المتواضع ان امريكا سوف تخرج عاجلا او اجلا من ارض العراق، وهي تجر خلفها اثناء خروجها اذيال الخيبة والذل والخسران والندم. تحية حب وتقدير فائق واحترام لكل من يكافح ويضحي بنفسه وحياته ومستقبله وشبابه على طريق حرية العراق شعبا وارضا وحاضرا ومستقبلا.

***

مزهر جبر الساعدي

 

حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهلنا في قطاع غزة ليست فقط لا سابقة لها تاريخياً من حيث حجم التدمير للمنازل والمستشفيات والجامعات والبنية التحتية  بل أيضاً غير مسبوقة في حجم المعاناة الإنسانية للمدنيين وللعاملين في القطاع الطبي والدفاع المدني، وإن كان الحديث يدور غالباً عن معاناة الأطفال والنساء حيث نصف الضحايا تقريباً منهم فإن الرجال يعانون أيضاً ومعاناتهم مركبة معاناة شخصية نتيجة تعرضهم للموت أو الجرح أو الأسرـ يضاف لها معاناة ثقيلة تفرضها عليهم مسؤوليتهم عن جميع أفراد عائلتهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وإن  كان رجالات غزة ككل رجال فلسطين تعودوا على الحروب إلا أنه لأول مرة أشاهد وأتعايش مع رجال يبكون وينتحبون بحرقة وقد عهدتهم شامخين جبارين يواجهون  الموت بشجاعة.

 ليس عيباً أن يبكي الرجال، مع أن الثقافة الاجتماعية السائدة في العالم العربي تعتبره عيباً وضعفاً في الشخصية، ولكن في قطاع غزة يكون لبكاء الرجال طعم مختلف، حيث تأتي في سياقات مختلفة لم يمر بها كل رجال العالم في كل الحروب التي مروا بها عبر التاريخ.

قوة الإرادة والصمود والشجاعة عند رجالات غزة التي طالما تغنى بها الأدباء والشعراء لا يعني أنهم بلا قلوب وعواطف، في حروب الكيان اليهودي الصهيوني على شعبنا وخصوصاً في حرب الإبادة الأخيرة لم ينج رجل من فقدان شهيد من أبناء أسرته أو إصابة جريح أو وقوع ابن أو ابنة في الأسر وأحياناً يفقد كل أفراد الأسرة، وقد شاهد العالم كيف ينبش الرجال بأيديهم العارية البيوت المقصوفة بحثاً عن أحياء أو جثث أو بقايا أشلاء لابن أو أخ أو زوجة أو أب أو أم الخ، وكيف يدفن الرجال جثث موتاهم أو بقاياها بقبور جماعية بدون أي طقوس جنائزية، وكيف بتر طبيب رجل ابنة أخيه بدون بنج وكيف يجوب الرجال الشوارع في شمال غزة حفاة عراة بحثاً عن الماء أو أي شيء يقتات به الأبناء حتى الحشائش وأعلاف الحيوانات وكثيرون منهم تلاحقهم طائرات كوادكابتر فيسقطون شهداء أو بإعدامات مباشرة ان واجهتم قوة معادية. في تراجيديا الموت هذه يستشهد الأب فيواصل الابن أو الزوجة البحث عما يسد الرمق وتجنب الموت عطشاً، هذا ناهيك عن الوقوف يومياً في طوابير تمتد لساعات للحصول على ربطة خبز أو كوبونة غذاء حيث ذل الانتظار وتنمر المتبرع أحياناً لا يقل عن قساوة الجوع.

الرجال في غزة لا يبكون ضعفاً بل قهراً لعدم قدرتهم على القيام بواجب الأبوة ومتطلبات الرجولة والشهامة تجاه أبنائهم ونسائهم، وعدم قدرتهم على مواجهة المجرم المتحصن في الدبابة المصفحة أو في طائرات الموت التي تجوب السماء. بعد أربعة أشهر من الحرب اتصل رجل أعرفه جيداً من شمال القطاع بعد أن تمكن من الحصول على مكالمة نت من صديق وخلال المكالمة أجهش بالبكاء وهو الرجل المقتدر وله مكانته في بلدته، بكى بحرقة وأبكاني وهو يصف ما يعانون من جوع وكيف يجوب الشوارع بحثاً عن أعشاب لإطعام أفراد أسرته وكيف فقد من وزنه ٣٠ كيلو جرام...

عندما يبكي الرجال قهراً وذلاً وهم يشاهدون أبنائهم يتضورون جوعاً ويشربون المياه الملوثة ويرتجفون برداً في الخيام وتفتك بهم الأمراض ويطاردهم شبح التهجير القسري إلى جحيم سيناء.. حينها فلتصمت كل الأصوات التي تتحدث عن الصمود وبطولات المقاومين وأن النصر صبر ساعة وقد طال الصبر دون أن يتحرك هذا العالم الظالم، ومؤشرات النصر ومفهومه ملتبسة ولم يعد المواطنون في غزة يتابعون سير المعارك أو يترقبون انتصار المقاومة بقدر اهتمامهم بالبحث عن كيس الطحين أو مياه للشرب أو خيمة تقيهم البرد القارص ووقف الحرب بصفقة أو هدنة دون الخوض في تفاصيلها فالمهم أن تتوقف ألة الموت اليهودية، فلا قيمة لأي نصر عندما يتعرض القطاع لكل هذا الدمار ويسقط كل هذا العدد من الشهداء والجرحى، أكثر من مائة ألف، وعندما تمتهن كرامة المواطنين ويبكي الرجال.

***

إبراهيم ابراش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم