تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

آراء

كريم المظفر: بوتين لم نرفض السلام مع أوكرانيا

ما يجري من تطورات في ساحة المعركة لعملية الروسية العسكرية الخاصة، هي إيجابية في مجملها بالنسبة للاتحاد الروسي، وهذه التطورات، فندت كل " التخرصات " التي يحاول الغرب، اللعب من خلالها لتشويه الانتصارات الروسية المتحققة على كافة المحاور، وبالطبع فإن الوضع العام وكما قال الرئيس الروسي خلال لقاءه بمراسلي الحرب، انه وفقًا لوزارة الدفاع، فإن روسيا لا تحتاج حاليًا إلى تعبئة إضافية، ومثل هذا القول يفند وبشكل قاطع الإدعاءت الغربية .

فمنذ كانون الثاني (يناير)، جددت القوات المسلحة للاتحاد الروسي مواردها، بأكثر من 150 ألف جندي بموجب العقد، وتطوع 6000 آخرين، واعترف بوتين "حتى بشكل غير متوقع بالنسبة لي: بعد كل شيء، تطوع 156 ألف شخص"، وفي حديثه عن التناوب المحتمل، أشار إلى أنه في يوم من الأيام سيكون من الضروري إعادة الأشخاص الذين تم حشدهم تدريجياً من منطقة العمليات الخاصة إلى ديارهم.

ويتردد عند الشخصيات العامة الكثير من الهمسات والحاجة الماسة إلى جمع مليون أو مليونين آخرين، لكن الرئيس بوتين أوضح ان ذلك طبعا يعتمد على ما تريده العملية الخاصة، ولكن اعتمادًا على الأهداف التي "وضعناها لأنفسنا"، يجب حل قضايا التعبئة، ولكن لا توجد مثل هذه الحاجة اليوم، في الوقت نفسه، القيادة العسكرية تؤكد أنهم لا يخططون لإرسال مجندين إلى منطقة NVO، لأن هذا ليس ضروريًا.

أن ما يحدث الآن في أوكرانيا لا يلائم روسيا أبدا، وأشار بوتين إلى أن الغرب يستخدم أوكرانيا في زعزعة الأوضاع في روسيا، وكذلك، فإن الغرب يحاول هز روسيا طوال الوقت، لأنه لا أحد يحتاج إلى دولة لديها مثل هذه الإمكانات، مؤكد في الوقت نفسه ا أن موسكو لم يكن لها أي ضلوع في الأحداث في دونباس عام 2014، ولكن "تم إجبارنا على الدفاع عن أنفسنا"، موضحا أن كل ما فعلوه كان من منطلق زعزعة الاستقرار في روسيا، ويواصلون أفعالهم، لماذا؟، لأنها (روسيا) دولة كبيرة جدا، ولا يريدون لدولة بهذا الحجم في أوروبا، في مثل هذا المكان، مع مثل هذه الإمكانات، وبالتدريج يحاول الجميع تقطيع" أوصالنا وتقسيمنا".

الرئيس الروسي قطع الشك باليقين، وهو يشير بكل ثقة إلى أن الهجوم المضاد للقوات المسلحة الأوكرانية، والذي بدأ في 4 يونيو ويستمر حتى يومنا هذا، قد فشل، وان الخسائر في صفوف الجيش الروسي أقل بعشر مرات من الخسائر في صفوف الجيش الأوكراني، ومن بين جميع الخسائر - وهم يقتربون من تقييم يمكن أن يسمى كارثيًا من حيث الأفراد - فإن هيكلهم لهذه الخسائر غير موات بالنسبة لهم، كما، إن دبابات "ليوبارد" الألمانية ومركبات "برادلي"أمريكية الصنع، التي تستخدمها أوكرانيا، تحترق بشكل ممتاز، وتنفجر ذخيرتها بداخلها، واكد بوتين حق بلاده واحتفاظها بحق استخدام ذخائر اليورانيوم المنضب، وقد تقوم بذلك ردا على استخدامها من طرف نظام كييف، وقال "لدينا الكثير من هذه الذخيرة، مع اليورانيوم المنضب، وإذا استخدمتها قوات نظام كييف، فإننا نحتفظ أيضا بالحق في استخدام نفس الذخيرة".

ووفقا للبيانات الروسية فان خسائر القوات الأوكرانية في إطار الهجوم المضاد تتراوح بين 25 و30% من حجم المعدات العسكرية التي تم تسليمها إليهم من الغرب، وقوات كييف كما أوضح الرئيس بوتين، فقدت 160 دبابة و360 مركبة مدرعة، ووصفها بانها تقترب من الكارثة، مشيرا إلى أن العدو لم يحرز أي نجاح في الهجوم المضاد، وانه من أجل إنهاء الصراع، وكما يشدد الرئيس الروسي، يجب على الغرب التوقف عن إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، والاشارة إلى أنه لا أحد، بما في ذلك الولايات المتحدة، يمكن أن ينتصر في حالة نشوب حرب عالمية ثالثة، وعلى حد قوله، فإن الولايات المتحدة تتظاهر بأنها ليست خائفة من تصاعد الأزمة، ولكن في الواقع، لا يرغب الكثير من الأمريكيين في جلب الأشياء إلى صراع عالمي.

ان أهداف العملية العسكرية في أوكرانيا، في المنظور الروسي، تتغير وفقًا للوضع الحالي، لكنها تظل كما هي بشكل عام، ويؤكد بوتين، "لقد بدأوا هذه الحرب، ونحن نحاول وقفها، لكن علينا أن نفعل ذلك بمساعدة القوات المسلحة"، وتنبأ في الوقت نفسه، باختفاء وشيك للمجمع الصناعي العسكري في أوكرانيا، لأنه" لا ينتج أي شيء - "يتم إحضار كل شيء إليهم".

وحذر الرئيس الروسي، من أن روسيا، وفي حال استمرار قصف مناطقها، ستنظر في مسألة إنشاء "منطقة عازلة" على أراضي أوكرانيا، وعلى مسافة تجعل من المستحيل بلوغ "أراضينا منها"، وفي معرض أجابته عن سؤال حول المدى الذي يمكن أن تذهب إليه روسيا هذه المرة، قائلا، "سيعتمد ذلك على الوضع في نهاية الهجوم المضاد الأوكراني ن، ولدينا خططا ذات طبيعة مختلفة".

وطبعا أسئلة كثيرة لدى العديد من المراقبين وحتى الناس البسطاء، عن أسباب ترك الحدود الروسية مع أوكرانيا وتحديدا في مقاطعة بيلغورود، والتي تسمح " بالمخربين "، في تنظيم هجمات بين الفينة والأخرى، والتي أصبحت أكثر تكرارا في الآونة الأخيرة، اعترف الرئيس بوتين بصعوبتها في بعض الأحيان، لكنها برأيه مهمة قابلة للحل، وأوضح الرئيس أن الهجمات على المناطق الحدودية مرتبطة "بشكل أساسي بالرغبة في تحويل جزء من القوات الروسية ووسائلها إلى هذا الجانب، لسحب جزء من الوحدات من تلك المناطق التي تعتبر الأهم والأكثر أهمية، لتخفيف القبضة الروسية على المناطق التي تتواجد فيها القوات المسلحة الروسية .

والحديث عن العملية الروسية الخاصة لا يمكن ان يكون بمعزل عن الجريمة الإرهابية في محطة كاخوفسكايا لتوليد الطاقة الكهرومائية، فقد أكد فلاديمير بوتين أن مسؤولية الانفجار تقع على عاتق كييف التي أصابت عمدا محطة الطاقة الكهرومائية بصواريخ HIMARS، واعرب في الوقت نفسه عن أسفه لأن تدمير محطة الطاقة الكهرومائية أحبط الهجوم المضاد الأوكراني في هذا المكان، وقال - لسوء الحظ - لماذا؟ لأنه سيكون من الأفضل لو كانوا يتقدمون هناك، وكان من الأفضل للروس، لأن الهجوم هناك سيكون سيئًا للغاية، ولكن منذ حدوث مثل هذا التسرب، وبناءً عليه، لم يحدث الهجوم، وتعمل الآن وزارة حالات الطوارئ الروسية، والسلطات العسكرية والمحلية بنشاط لإزالة عواقب الدمار .

والحديث عن القتال وتطوراته، لا يمنع من الحديث أيضا عن السلام، الذي تنشده روسيا، برأي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن بلاده لم ترفض أبدا إجراء أي مفاوضات قد تؤدي إلى تسوية سلمية للوضع في أوكرانيا، وقال "أولا، لم نرفض ذلك أبدا، لقد قلت هذا بالفعل ألف مرة، لم نرفض أبدا إجراء أي مفاوضات يمكن أن تؤدي إلى تسوية سلمية للوضع، لطالما تحدثنا عن هذا مرارا وتكرارا"، وأشار إلى أنه خلال المحادثات بين روسيا وأوكرانيا في اسطنبول، تم بالفعل إعداد وثيقة.

***

بقلم الدكتور كريم المظفر

في المثقف اليوم