قضايا

عصام البرّام: هل أنتهى زمن الشعر؟

الشعر له تأريخ طويل وعريق في الثقافة العربية، وما زال هناك متذوقون وقراء للشعر العربي في الوقت الحالي، فالشعر يظل وسيلة تعبير فنية يُكتب ويُلقى لنقل الأفكار والمشاعر والتعبير عن الجمال بطرق فريدة.

وعلى مر العصور، قد تتغير أساليب ومواضيع الشعر، وتتطور مع التغيرات الاجتماعية والثقافية للزمن، لكنه لا يزال جزءًا حيويًا نابضاً من الثقافة العربية، وما زال هناك شعراء يكتبون قصائدهم الجديدة والمبتكرة بتنوع الأساليب الفنية، وهناك أيضًا جمهور واسع مهتم بالقراءة والاستماع إلى الشعر.

فالذي يسعى بالاهتمام في الشعر العربي، سيجد مجموعة متنوعة من الأعمال الابداعية الشعرية الكلاسيكية والحديثة التي تستحق الاستكشاف والتمتع بها بما تحمل من الصور البلاغية المعبرة، والمعاني والتجارب الانسانية، وما تحمل من دافع في تحريك المشاعر الانسانية.

 فالشعر العربي تحديداً، يمتلك من السحر والبيان والتأثير ليس على الساحة الثقافية العربية بل العالمية أيضاً، ولا يزال له مكانة خاصة في حياة الكثيرين، على الرغم من التغيرات في الثقافة المعاصرة والتطورالتكنولوجي، إلا أن هناك لا زالت مجاميع كبيرة من الناس المتذوقين له تستمتع بقراءته واقتناء ما يصدر من أصدارات شعرية حديثة.

ولا شك فأن طبقة المثقفين من الشعراء الذين يلقون ما يحملون من اختلاجات روحية تعتصر وجدانهم عن واقع، يتوزع بين الانطباعية الذاتية، أو عن واقع سياسي متردي يدعوه للثورة من خلال ما يصدر منهم إبداعاً شعرياً على الطغيان، وهذا ما وجدناه عبر العصور القديمة والحديثة، فضلاً عن هناك أغراض للشعر عديدة.

 كما يعتبر بعض الأشخاص، إن الشعر وسيلة للتعبير عن الهوية والثقافة الخاصة بهم، ولازلت تعقد المسابقات الشعرية والمهرجانات التي تجمع الشعراء و محبي الشعر وتعزز من حضوره الدائم على الساحة الثقافية، والتواصل بين المثقفين العرب من جهة وتلاقح التجارب بين الاجيال المختلفة، لذا، يمكن القول بأن الشعر لا يزال له مكانة مهمة في الثقافة العربية ومجتمعها، ولديه متذوقون وقراء وكتّاب نشطاء يستمرون في الاهتمام به ودعمه.

 والذين يعتقدون أن لا زمن للشعر اليوم، إنما هو زمن الرواية، فهذا بعيد عن الواقع ! إذ لا يمكن التنبؤ بمصير الشعر العربي في المستقبل بدقة، فالشعر العربي له تأريخ طويل ومتنوع لا يمكن اجحاف هكذا رأي عليه من قبل البعض من الكتاب والنقاد، وقد شهدت تطورات وتغيرات عديدة على مر العصور، إلا أنه بقي الشعر وهاجاً في النفس الانسانية، على الرغم من التحولات التي قد تطرأ على الأدب والثقافة بشكل عام في حياتنا المعاصرة، إلا أن الشعر العربي يظل جزءًا هامًا من التراث الثقافي للعالم العربي.

قد يتأثر تطور الشعر العربي بعوامل مثل التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي والتغيرات الاجتماعية والثقافية، ومع ذلك، فإن الشعر لديه قاعدة وله عشاقه ومحبيه، وله مكانة خاصة في قلوب الناس، وحتى وإن قلنا بعض الناس، فالشعر للنخبة التي ترتقي بالذوق والاحساس وتتفاعل معه.

ما يمكن التأكيد عليه هو أن الشعر العربي سيظل موجودًا وله جمهوره ومتابعيه، إذا كان هناك تغييرات في تطور الشعر العربي في المستقبل، فإنها قد تكون مرتبطة بالتحولات الثقافية والاجتماعية والتكنولوجية التي تحدث في المجتمع، ولكنه من غير الوارد أن ينتهي الشعر العربي بالكامل أو أن يفقد جمهوره، كما لا يمكن التنبؤ بمستقبل الشعر العربي بأشكاله بدقة، لكنه من الصعب تصور انقراضه بالكامل.

يمكن أن تتغير أشكال الشعر العربي مع مرور الزمن بظهور مدارس شعرية جديدة او أجناس أدبية تنتمي لأصل الشعر كما ظهرت قصيدة التفعيلة و قصيدة النثر أو القصيدة الشاعرة و قصيدة الهايكو، ليلبي تطلعات واهتمامات الأجيال الجديدة وحركة الحياة السريعة ليبقى حاضرًا ومستمرًا ينبض مع نبض الانسان والحياة.

فالشعر العربي له أمتداده العميق وغني بالتجارب الانسانية عبر التأريخ، ولديه تأثير كبير على الثقافة العربية على مر العصور، حيث تطورت أساليب الشعر العربي وتغيرت مواضيعه ومضامينه، وظل هذا الفن الأدبي سيد الفنون ومحورًا هامًا للتعبير الثقافي.

إذن هل إنتهي زمن الشعر؟ ... هذا سؤال مطروح للجميع.

***

د. عصام البرّام - القاهرة

في المثقف اليوم