أقلام ثقافية

على هـامـش الـعـنـوسـة

abdulrazaq mohamadjafarكتبت المقالة الموسـومة "رفقاً بالعـوانـس"، في الكاردينيا الغراء، وأقتبسها موقع لسمو الأمير الوليد، بدون ذكر أسمي،..ثم تلقيت العديد من الردود أشـعرتني بمتعة السجال مع الآراء المطروحة،وكنت في غاية السـرور لتلك المساهمات الهادفـة لحل ما اوابداء الرأي حول هذه الظاهرة، ولقد أستغربت من جعلها عاراً لـدى البعض على المرأة التي لم توفق البته بالزواج لظروف لا حصر لها !

لذا اقول لكل من بلغت سـن الزواج الشـرعي ولم تجد بعلاً يلبي بالحلال رغباتها، ان لا تشعر بالعار،.. ولو تحرينا عن هذه الظاهرة في بقاع الدنيا لوجدنا العديد من النساء عازبات، وتُعرف العزباء في الوثائق الرسمية بـ : "غيرالمتزوجة "،.. فأين العار اذا ما لم توفق المرأة في مرحلة مبكرة من عـمرها بالحصول على الفارس الذي حلمت به طيلة ايام المراهقة ؟!

من الأجحاف ان نضع اللوم على الأنثى فقط،.. فهذا ظلم لها، ولعائلتها، وبالخصوص النساء الملتزمات بالأعراف التي تقيد العازبة بكنف عائلتها، ولم ترضي ببيع نفسها بثمن بخـس لمن لا ترضـاه بعلاً لها، او قل زواج متعة لدى بعض الرجال ممن يطلق عليهم ( زيرنسـوان)، حيث توفرت له ظروفاً سهلت زواجه متى شاء وبمن شاء، مســتغلاً أمكانياته المادية والأجتماعية !

ولم لا ؟ ... فقد وظف مثل هذا النوع من البشرالسلطة والشرع وفق رغباته ليحمي مجونه، ولم يتعض بالنص الحقيقي للدين اوالأعراف،..اضافة لعدم احساسه بأ لم حواء المنكوبة التي رماها القدر بأحضانه، وارتضت بقسمتها ورقصت في حضـرته،.. كما يرقص الطير مـذ بـوحاً من الألـم !

قال الكاتب الروسـي الشـهير ليو تولـسـتوي:" نشكر الحرب، لأنها علمتنا السلام"، وجعلتنا نتجنب الحرب !

ولذا وجب تقديم الشـكرللدارسين لظاهرة العنوسة في عالمنا العربي حتى يتجنبها الجيل الجديد !

لا يمكن التغاضي عن أثـرالتخلف والتعصب المذهبي في بعض مجالات الحياة على" العنوسـة"، وانني اناشـد كل انثى بلغت سـن الزواج ان تصبر ولا تسـتعجل نصيبها، وان لا ترضى ببيعها لـمـن يدفع المهـرلها بـسخاء،.. اوتخويف عائلتها من نفوذه السياسي اومركزه الأجتماعي !

لدي دراية عن ســلوك بعض الأباء الذين يرفضون زواج بناتهم من زملاء دراستهن او أبن محلاتهن، متذرعين بأسباب واهنة كقولهم :

والله قبلك ُد فـع لها مَهراً يساوي "كذا" من آلاف الدنانير!!، وهكذا يـسبب الأب اوولي الأمر تدميرمستقبل ابنتهم،.. ولن تحل مثل هذه المشكلة الا بقدرة قادراورفـض البنت " للطارق الطلسـم"،.. وبهذا تضيف هذه المرأة رقماً الى عدد العوانس!

ان اهم رابط بين الزوجين يجب ان يكون نابعاً من كليهما،.. بغض النظر عن اي تفاوت مادي او ما يسمى بزواج المصلحة،..ولقد اطلعت عن كثب على هشاشة زواج المصلحة وكلما قلت الفوارق في كافة مجالات الحياة، كلما كان الزواج أكثرمتانة، وبالخصوص فارق العمر يجب ان لا يتجاوز العشرة سـنوات،.. ولا يقل عن الخمسة ســنـيـن البته .

لا اريد التوسع في الموضوع والدخول في سجال لا طائل منه، ولا اريد ان اناقش افكاراً لم اتطرق لها، ليس خوفاً من السجال أو المواجهة بأدب،.. بل لكرهي الكلام غير اللائق أوالصيد في الماء العكر وأسناد كلام لي لم أقله !،

ولذا وجب التنويه: ان ما اكتبه يخص فقط المرأة الملتزمة بدينها وشرف عائلتها وعادات مجتمعها،.. وتنتظر نصيبها او قل فارس احلامها،.. ولا يهمني ان كانت ستنجح او تفشل،.. فهذا وضع تتقاذفه عوامل عديدة بحاجة لذوي التخصص الدقيق لتحليله ومعالجته !

اضم الى حقل العنوسة، .. شريحة اخرى من الصـبايا لهن نفس صفات العـنوسة التي ذكرتها اعلاه، الا انهن فـشلنً بالزواج لأسباب لا حصر لها، واصبحن اتعس حالاً من العا نـس المتربصة بنصيبها ومثلها كما ورد في المثل باللهجة العراقية، (بلاع الموس)!

وعلى أية حال، توجد اعداد هائلة في مجتمعاتنا العربية حصلن على لقب " متزوجة - عانـس" ولا يدخلن في موسوعة " الأرقام القياسية" للعنوسة،.. وفي نظري حياتهن ألعًـن وأشًـد ألماً من التي تنتظر نصيبها،..التي تعيش الأمل،.. حيث قيل: (لولا الأمل لوجب الحزن) !

مجتمعاتنا العربية بصورة عامة لا تعير اهمية لتصرفات الرجل الجنسية في كافة مراحل حياته بنفس القدر من الأهتمام والمراقبة على الأنثى منذ الطفولة والى ان تصبح جًـدًه، وهذه الظاهرة تحد من رغبة الشباب من الزواج المبكر ويرتضي بعلاقات غير شرعية أو الزواج السري بكافة أنواعه وما أكثرها بفضل فتاوى المشرعين في الفضائيات العربية !

في بعض الأحيان نجد بزوايا وشوارع العديد من المدن العربية نساءاً قد سـُيحَت دمائهن على التراب غَـسـلاً للعار، والفاعل يبتهج لفعلته مـردداً صوت المتنبي:

لا يـسـلمُ الشًـرف الرفيع من الأذى حتى تراق على جوانبه الـدمُ

أليس الأولى التحري عن الأسباب التي تؤدي لتلك الظاهرة ووضع الحلول لها لأرشاد من أنحرفت عن دينها والعرف قبل ان تنفيذ الأعدام بها ؟

 

بقلم / الدكتور عبدالرزاق محمد جعفر

اســتاذ جامعات بغداد والفاتح وصـفاقـس / سـابقاً

 

في المثقف اليوم