أقلام ثقافية

سنكون ونكون!!!

اليُسر ينتصر على العسر، والنور على الظلام، والخير على الشر، والفضيلة على الرذيلة، والمحبة على الكراهية، والألفة على الشقاق والتناحر، واللون الأخضر على الأسود، وتنقشع الغيوم وتتضاحك السماء، لتمنحنا البهجة والطمئنينة والشعور بالأمان.

والدنيا تتمسك بثوابتها البقائية المتوّجة بأعمال الرحمة والتكافل والتفاعل الإنساني السامي المبين.

وتمر في نهر الوجود البشري أمواج وأعاصير وزوابع، وتحصل فيضانات، وكل يمضي إلى مداه الأليم، لكنه ينكمش وينتهي، ويجري نهر الحياة بإنسيابية الأمواج المتهادية المنسجمة الإيقاع.

فلن يدوم ويتواصل إلا ما ينفع الناس، ولن يحيد عن هذا القانون أي عصر من العصور.

فالدنيا تمضي في رحلتها الدورانية، وفي كل يوم هناك جديد، وصيرورة ذات ولادة واعدة مؤسِّسة لمتوالية إنطلاقية ذات طاقات لا محدودة.

وما يئِست البشرية ولا أذعنت لجحيم الويلات وسعير التداعيات، وإنما إنتفضت في جميع الملمات ونهضت أقوى وأحكم وأعظم إصرارا على أن تكون.

وتجاربها القريبة تعضّد ذلك وتسانده، فعندما تتجول في طوكيو اليابانية وتتخيل محقها في الحرب العالمية الثانية، وتتأمل صورتها اليوم تجد أنها إنبثقت من تحت الركام، وكذلك برلين الألمانية، ووارسو البولونية، ومدينة براغ، وغيرها من مدن الأرض التي أزيلت عن بكرة أبيها في الحروب البشعة في نهاية النصف الأول من القرن العشرين.

هذه الدول والمدن والشعوب، لم تيأس أو تذعن أو تستكين، وإنما تلاحمت إراداتها وأفكارها، وتوحّدت كلمتها في طريق النهوض والتقدم والبناء، فكانت معبّرةّ أصدق تعبير عن مجدها الإنساني الوطني الحضاري.

ونحن اليوم يمكننا أن نكون أحسن وأقوى، ونوفر للأجيال الأسس الصحيحة لإنطلاقات حضارية معاصرة تليق بثرائنا المعرفي والحضاري، الذي علينا أن نترجمه إلى شواهد مادية وأخلاقية وسلوكية، مدونة بدستور جامع مانع يحرس مسيرة التفاعل المتطلع إلى الأفضل الصالح الدائم السليم.

نعم سنكون، وتلك إرادة الأرض والسماء، وديدن الأكوان، وإصرار الزمان، وعزيمة الإنسان، الذي يأبى الذل وما يوما إستكان.

نعم سنكون، فقد بلغ السيل الزبى، وإندحرت العواصف في ذراها، وما عاد في الوجود متسع للخراب والدمار والخسران، ونداء سنكون يحاول التحرر من سينه والتحول إلى "نكون"!!

فهيا بنا جميعا لتحقيق إرادة "نكون"، لأننا إمتلكنا الأهلية النفسية والفكرية والعملية، لقيادة دفة سفينة مصيرنا المبحرة في غاب الوجود الأرضي، الذي يستنفر فينا طاقات "نكون"!!

وليكن عامنا الجديد عامَ "نكون"!!

ولكم أطيب الأماني والأمان والسلام من قلب "نكون" الواعد بالخير واالمحبة والوداد الوطني السعيد!!

 

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم