أقلام ثقافية

الخير المأزوم!!

الخير حالة مأزومة، لا يُرضي حاجات الغرائز الكامنة في الأعماق البشرية، التي لا تطيق هيمنة النفس العلياء والمطمئنة إلا فيما شذ وندر.

فالغالب على البشر أنهم محكومون بالنفس الأمّارة بالسوء، والتي حاولت العقائد والرسالات الأرضية وغيرها أن تنتصر عليها، وما تمكنت إلا بدرجات نسبية متفاوتة.

فهذه النفس هي التي تسود وتنتصر في معظم الأحيان، وتسخّر العقل لتسويغ شرورها وفظائعها وخطاياها وآثامها.

وحالما تقرن سلوكها البشع بالدين، فأنها تستعبد البشر وتستخدمه لغاياتها وأهدافها، أي أنها تمتلك قدرات المخادعة والتضليل وتحريف الرؤى والتصورات.

فهي طاقة تخريبية متأججة في الأعماق، ولابمكن لجمها إلا بجهد عظيم، ولهذا فأن التفاعلات الدامية لا تنتهي والحروب على أشدها كلما إزداد عدد الناس.

وما يدور اليوم في واقع الحياة، أن هذه النفس قد كشّرت عن أنيابها، ووظّفت الأدمغة والعواطف والمشاعر والمعتقدات لتسويغ ما تقوم به وتراه، وتَقدِم عليه من إجراءات وتداخلات ذات مطامع وشنائع وجرائم بحق الوجود الأرضي بأسره.

ومن عجائب هذه النفس أنها تحفز في الآخرين قدرات تساهم في إستلطاف سلوكها، وإنتشاره ووصوله إلى كل مكان.

فالنفس الأمّارة بالسوء تستنهض السوء البشري، وتلهب طاقاته وتجعله متناميا ومؤثرا ومدويا في الأصقاع.

وما يدور في هذا المكان أو ذاك، إنما يشير إلى إنفلات هذه النفس من عِقالها، وإنهيار طبقات النفس الأخرى وإندحارها في زوايا الأعماق، التي حوّلتها إلى أسيرة مصفدة بإرادة السوء والشرور!!

 

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم