أقلام ثقافية

هيثم القيّم: ورود مِن بستان الـعَلمانية (7-9)

haytham alqaim1- الجانب الأخلاقـي: في الجانب الأخلاقـي  يمكن الحديث عن مستويين من القيـَم الأخلاقـية:

- مستوى ثابت تشترك به جميع المجتمعات البشرية من الشرق الى الـغرب ومن الشمال الى الجنوب .. أي هناك قيم أخلاقـية تُـعتبر من صـُلب صفات البشر الأسوياء، كالصدق، والنزاهـة، والعدل، والأمانـة، والشهامـة، والـنظافـة، والشجاعـة في قول الحق، واحترام الـوقت، وأحترام العمل والأبداع، واحترام الآخـر المُختلف، ورفض الظـُلم والعبودية ..! أذ لا يمكن أن تجد شخصاً واحداً في العالم يقول لك : أن الصدق مثلاً قيمة أخلاقية سيّـئة ..!

وهذه القيَم طـَرَحها الفكر البشري عِـبر مسيرتـهِ قبل الأديان .. وجاء الأسلام لـيؤكـّـد في جوهـر رسالتـهِ على العديد منها .. وفي الحقيقة لا تكاد تخلـوا منها أي نظرية أو فلسـفة أو دين ...!!

- مستوى مُتحرّك، نسبي، مُتغـيّر .. يعتمد على طبيعة المجتمعات، ونوعـية الموروث الأجتماعي والأعـراف والمفاهيم التي تسود كل مجتمع، وطبيعة الـنظرة للحياة ودور الأنسان فيها ، كـ قيَم الشرف،  النظرة الى المرأة، مفردات السلوك المجتمعي، العلاقات الـبيـنيّة بين الأفراد، القيم العشائرية، القيم الدينية ..!

هـذه القيم تختلف من مجتمع لآخـر .. وتتغـيّر بمرور الزمن في المجتمع الـواحد ... أي ماهو مقبول منها في مجتمعنا العراقي مثلاً .. غير مقبـول عليها في مجتمع آخـر ...! وما مقبول منها في مجتمعنا قد يكون غير مقبول عندنا غـداً ..!

فمثلاً قـيَم الفصل العشائري والنهوة في مجتمعنا شيئ مُعتاد ولا يزال نافـذ .. لكنـّـه مرفوض ومُـستهجن في مجتمعات أخـرى .. أو مفهوم الشرف في مجتمعنا الـذي يرتبط بـعـفـّـة المرأة .. أي أن الرجل والعائلـة والعشيرة، يرتبط شرفهم بـعـفـّة نسائهم .. بينما في مجتمعات أخـرى لكل فرد شرفـهُ الشخصي الخاص بـه والذي يعتمد بالأساس على مدى أقترابه أو بُـعدهِ عن المستوى الأوّل من القيَم التي وردَت أعلاه ...!

هـذا النوع الثانـي من القيم الأخلاقـية هو ما يتمـسّك بأذيالـهِ،  الأسلام السياسي وتوابـعه .. ويبـني عليـه موقـفهُ الـرافض للعـَـلمانية ...!! مُتناسياً عن عـمد  نسبيـّة هذا النوع من القيَم .. وأنـهُ ليس بالضرورة أن نتبـنّى نحن ما يتبـنـّاه غيرنا منها ... ومُــتـغافلـين عن حـقيـقة أن المجتمعات البشرية في حالـة تطوّر وصيرورة مُتجدّدة .. وما كان مرفوضاً بالأمس قد يصبح مقبولاً غداً .. والعكس صحيح ...!!

 

2- الجيش والتشكيلات الأمنية ألأخرى:

في النظام الـعـلماني لا يُسمح للجيش والشرطة والأجهزة الأمـنية بالعمل أو التدخل في السياسة أو حتى مِن المُشاركــة في الأنتخابات السياسية في أغلب البلدان ..! الـقوى الأمـنية بكل أشكالها مهمّـتها حمايـة الـوطن والـمواطن والدستور (أن أقـتضى الأمـر) ...! لـكي لا يـُصار الى أستخدام القوى الأمنية في التنافس أو الصراع السياسي مِن قِـبل السلطة أو الأحزاب أو ذوي الـنفوذ ..!

          

3- الفصل بين السلطات:

في النظام الـعـَـلماني يكون الـفـصل بين الـسلطات الرئيسية الـثلاث (التشريعية – التنفيذية – الـقضائيّة) حقيقياً، ولا يُسمح بالتداخل بينهما .. وبالـتالـي كل سلطة لها مهامّـها وواجباتها الـمُحدّدة دستورياً وقـانونياً .. ولايحق لـطرف التدخـّـل في مهام وأداء الـطرف الآخـر .. ألاّ في حالـة المصلحة العامة للوطن والمواطن، أذ لكل كيان من هذه السلطات أستقلالـيّته الأعتبارية والقانونية والمادية .. ولا يجوز التداخل أو التأثير بينَ أو مِن أحداها على الأخرى .. وخصوصاً السلطة الـقضائية ..!!

 

هيثم القيّم - مستشار ثقافـي / منظمة بلاد السلام لحقوق الأنسان

 

في المثقف اليوم