أقلام ثقافية

الخيميائي لباولو كويلو ورحلة البحث..

khoulod albadri"من ذا الذي يشعل نار الحكمة ؟وإلى أين تذهب ؟"

"إن الحياة، في الحقيقة، سخية مع من يعيش أسطورته الشخصية "

بهذا أنهى الروائي باولو كويلو الأسطر الأخيرة من روايته. وعند تتبعنا لأحداث الرواية نجد البطل الذي يعيش من مهنة الرعي يراوده حلم يتكرر معه بأن هناك كنز ما في منطقة الأهرامات في مصر.

ظل الراعي الذي كان يقرأ الكتب، يعيش في أسبانيا مع أغنامه، يلتقي بابنة التاجر الذي يبيع له الصوف، يبدأ التفكير بهذه الفتاة، لكنه يظل يردد، ماذا يعني هذا الحلم فيتذكر امرأة عجوز في طريفا تفسر الأحلام يذهب إليها ويخبرها بحلمه، فتطلب منه عشر الكنز عندما يجده، وتخبره أن يذهب إلى مصر ليجد الكنز . يبيع أغنامه ويبدأ رحلته في البحث .

يلتقي بالشيخ الملك فيخبره عن أسطورته الشخصية فيسأل الفتى ما هي (الأسطورة الشخصية) فيجيب الشيخ "هي ما تمنّيت، باستمرار، أن تفعله . أن كلأ منا يعرف، في مطلع شبابه ما هي أسطورته الشخصية .

ففي تلك المرحلة من الحياة، يكون كل شيء واضحا وممكنا، ولا نخاف أن نحلم بكل ما نحب أن نفعله في الحياة .بيد أن قوة غامضة تحاول، مع مرور الوقت، أن تثبت أن من المستحيل تحقيق أسطورتنا الشخصية "ص37

وأخبره بلغة الإشارات قائلا ."لكي تصل إلى الكنز، ينبغي لك أن تنتبه إلى الإشارات .لقد كتب الربّ، في العالم، لكل منا الطريق التي يجب عليه اتباعها ومهمتك تقتصر على قراءة ما كتب لك "ص44

وروى له قصة الحكيم ونقطة الزيت ...حيث قال الحكيم بعد أن أختبر فتى بنقطة زيت في الملعقة وطلب منه أن يشاهد الروائع التي في القصر دون أن يسكب هذه النقطة، في المرة الأولى حافظ على النقطة ولم ير الروائع .أعاد حكيم الحكماء الاختبار له للمرة الثانية، فأسقط النقطتين لكنه رأى كل شيء، وهنا قال له حكيم الحكماء :"تلك هي النصيحة الوحيدة التي يمكنني أن أسديها لك :أن سر السعادة هو في أن تشاهد كل روائع الدنيا دون أن تنسى، إطلاقا، نقطتي الزيت في الملعقة .ص47

1081 baowloنصل إلى (المبدأ الملائم) في تحقيق الأسطورة الشخصية هذا ما أكتشفه عند عمله مع بائع البلور وما المبدأ الملائم يقول هو حظ المبتدئ

يكمل رحلته فيلتقي عند محط القوافل بالرجل الانكليزي الباحث في الكيمياء، وعن رجل يدعى بالخيميائي، فيصادف أن توجها إلى نفس الرحلة بقافلة ستجوب بهم الصحراء ليلتقي بفاطمة ويعشقها، يرى اشارات للحرب، وفعلا تحدث حرب بين القبائل، هنا يدخل في لغة الكون وروح العالم ..بنظر الكاتب ...حيث يدرك الجّمال:"...... ويعرف أن أي شيء، على وجه الأرض، يستطيع أن يروي تاريخ كلّ الأشياء .إذا فتحنا صفحة من كتاب أو تفحّصنا يدي شخصا، أو راقبنا تحليق طائر، أو أمعنا النظر في ورق للعب، أو في أي شيء آخر، فأن كلاّ منا يمكنه أن يكتشف صلة بما يعيشه، لا تكشف الأشياء، في الحقيقة، أمرا بذاتها، بل أن الناس هم الذين يكتشفون، بملاحظتهم الأشياء، طريقة للنفاذ إلى روح العالم .ص119

نصل الى (التقليد) في الصحراء ثم (الإنجاز العظيم ولوح الزمرد) "أن لوح الزمرد هو ممر مباشر نحو روح العالم "

"أن روح العالم قبل أن تحقق حلما، تريد أن تقيّم دائما، ما تعلمناه أثناء مسيرتنا .وإذا كانت تتصرف على هذا النحو، فليس بدافع أذيتنا، بل لنتعلم، مع أحلامنا في آن، أن الإفادة من الدروس التي يتخلّى فيها معظم الناس عن حلمهم .وهذا ما نسميه، في لغة الصحراء: الموت عطشا، عندما تكون نخلات الواحة بادية في الأفق ."أن أي مسعى يبدأ دائما، بخط المبتدئ، وينتهي، دائما، باختبار المقتحم "ص151

فهل وجد الفتى الكنز في الأهرامات أم وجده في نفس المكان الذي كان يرعى فيه أغنامه؟.. إذن هي رحلة للبحث واكتشاف العالم واكتشاف الأنا .التزود بالحكمة وفلسفة الكون .

أخيرا ...الرواية مؤثرة تترك أثر عميق لدى القارئ، وهي واحدة من تلك الروايات التي تحفز فيك عند القراءة، كل ما هو إيجابي .

 

خلود البدري

 

 

في المثقف اليوم