أقلام ثقافية

من أوراقي: التلال الكاذبة

jafar almudafarالموضع الذي كنت فيه في البسيتين الثانية.. يتداخل الأعداء مع بعضهم. ليس هناك خطوط تماس،  التلال الملتوية مثل جغرافيا لم تنهِ الطبيعة عملية تكوينها.

في الأحوال العادية يمكن لرسام ان يكتب تحت صورة للمكان : سيريالية الطبيعة،  حيث يبتعد تل عن آخر مسافة متر ثم يعود للإلتصاق به من الجانب الآخر عبر خاصرة كأنها لحسناء رشيقة.

 لكن حينما تكون الأرض ذاتها مكان حرب بين جيشيين فإن تخصرات الطبيعة تلك تتحول إلى تخصرات إفعى سامة قد تقتلك وأنت تمعن في ملاحقة خط سيرها الملتوي على الرمال،  أما التلال نفسها فتفقد قيمتها الجمالية ولا تعود ذات مسرة إلا حينما تفلح في إخفائك عن عيون الأعداء.

هي تمنحك الحياة بنفس السرعة التي تأخذها منك،  فيوم يبدا إطلاق النار قد تنسحب من مكان الخطر إلى خلف تل مجاور،  لكن حينما يتحدث معك الجندي الذي سبقك إليه هاربا مثلك من الطلقات فقد تكتشف من لغته أنه من جنود العدو وليس جنديا صديقا.

 في تلك اللحظة ربما تقتله او يقتلك،  الأمر يتوقف على سرعة القرار،  وفي بعض الأحيان قد يعفو احدكما عن الآخر في لحظات غير خاضعة لسياق الحدث.

إنها اللحظة المنفلتة من ساعة المعركة والمتمردة على تلقائية القتل ،  فينسحب احدكما بسلام إلى تل آخر لا يشاركه فيه جندي معادي.

 

جعفر المظفر

 

 

في المثقف اليوم