أقلام ثقافية

حول كيفية احتساب الوقت

akeel alabod- هل ان قيمة الوقت مادية، ام اخلاقية-إنسانية، ام الاثنين معا؟

وانت تنظر نحو اليمين تارة، ونحو اليسار تارة اخرى، تجد ان هنالك طرقا تكاد ان تشتمل على جملة من التفاصيل والمشاهد.

اما التفاصيل، فهي علاقتك مع مفردات العمل، بما فيه المسؤول، والزملاء، اي المجموعة التي تعمل معك، ومقدار الراتب وكيفية تفاعلك مع العمل، الذي هو فعل، ونتيجة لتلك التفاصيل في ان واحد.

وهذه العلاقة رياضيا يتم احتسابها بمقدار النسبة بين الاخرين من جهة، وبين نظامك النفسي والحسي-منظومتك الاخلاقية من جهة اخرى. 

ذلك لان موضوع التفاعل، هو حالة شعورية وجدانية، ترتبط باستجابة النظام الاخلاقي، والنفسي الخاص بك كعامل، اوموظف،  للمحفزات التي تحصل في عملك، بما فيها المنغصات والمنعشات، اما المنعشات، فهي الشكر، والاطراء والتشجيع ،والإشادة بالعمل المنتج، اي نتيجة عملك، بمعنى قيمته الظاهرة، والباطنة؛ الحاضرة والغائبة، المحسوسة والملموسة، الاخلاقية والمعرفية والإبداعية، والمادية، وهذا ما يجعلك سعيدا، اوتعيسا، بحسب ما تراه، اوتشعر به.

اما المعرفية فهي عبارة عن مفردات وشروط الأدوات المعرفية الي تمتلكها، لكي تكون ناجحا ومُبدعا بالطريقة التي ترضي الضمير والاخلاق والاخرين- كما قال الله سبحانه في كتابه الكريم "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".

وهذا يعني ان العمل مقترن برضا الضمير اولا، وهو يشكل اعلى درجات النجاح.

فعندما تعمل طبيبا في جراحة القلب مثلا، ستجد انك حريصا لإجراء عملية القلب لمرضاك بنجاح باهر. وكلمة باهر بمعنى انك ستكون واثقا من خطواتك اللاحقة. وخطواتك اللاحقة، هي المؤدى لإجراء العملية الثانية بخطوات تكاد ان تكون اكثر دقة، وثقة،  وجرأة من قبلها، وهكذا.

- هنا تحدثنا عن التفاصيل، ترى، ما هي المشاهد؟

هي تجاربك الصورية هذه التي تشاهد فيها ثمار عملك، مثلها مثل شجرة وارفة الظلال، يتنعم تحت أغصانها الآخرون، وهنالك حيث تمتد الأشجار، الحدائق تنحني لأزهارها اكراما لاستضافتها الطيور، والفراشات.

- اذن قيمة الوقت ليس بهذه الطريقة التي نفكر بها نحن، فهي لا يمكن قياسها بمقدار الراتب، ولا بحجم الموقع، الذي يشغله هذا، اوذاك..

نعم، هي بكلمات اخرى، لا تقاس بمقدار الدخل الذي من خلاله نبني القصور، ولا بالمنصب، إنما هو قيمة حسية اخلاقية، من خلالها، الانسانية تحافظ على اعلى درجات الكرامة، ومن خلالها الشعوب تسعى لأن تحتفي كل عام تقديرا واجلالا لإنجازات العظماء.

- وهذه الشعوب، مثلها مثل هذه الأشجار التي تحتفي اكراما لزهو خضرتها، كما اشرت.

نعم اذن الوقت قيمته إنسانية، ترتبط بكينونة الانسان، كونه يمثل اعلى درجات الارتباط الحسي.

-احسنتم، لأن الشعور بالوقت حالة وجدانية  قبل ان تكون فيزيائية مادية، فهو بحسب ما تفضلت، قيمته ترتبط بمدى انتمائك لإنسانيتك التي منها يصبح للإنسان حق على الانسان، وهذا الحق من خلاله تحتسب كل دقيقة، وثانية على انها بدائل إنسانية لا يجوز التفريط بها.

نعم، لأن الدقيقة لو استغلت بشكل صحيح ونافع، لتم بتشديد الميم،  النهوض بعالمنا الإنساني على اكمل وجه، ومنه قوله تعالى- والو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا، والطريقة هي الوقت. هذه الطريقة استخدمها الصينيون، والشعوب، والدول التي فهمت معنى الطريقة، فتسلحت بها لبناء مجتمعاتها.  

اذن اول فهم للطريقة هو أدلجة نظرية إلغاء لغة التفكير بالمناصب، والمال، لان السعادة الحقيقية قائمة على اساس الشعور بقيمتك الانسانية.

- شكرًا لمحاضرتك القيمة استاذنا الفاضل، أتمنى ان يتم التثقيف بهذا النمط من المحاضرات في جامعاتنا ومحافلنا العراقية.

 

عقيل العبود/ ساندياكو   

 

 

في المثقف اليوم