أقلام ثقافية

الشاعر والكاتب المسرحي ادمون شحادة في حضرة الموت

1477 shakerغيب الموت صباح أمس الشاعر والكاتب المسرحي النصراوي المعروف ادمون شحادة، احد ابرز اعلام الحركة الأدبية المحلية، بعد حياة عريضة حافلة بالعطاء والابداع، تاركاً وراءه ارثاً شعرياً ومسرحياً وروائياً، وسيرة حياتية طيبة .

ولد الراحل ادمون شحادة في حيفا بتاريخ ٣ شباط ١٩٣٣، ونشأ في الناصرة . عمل نجاراً لفترة من الزمن، ثم فتح مكتبة في الناصرة لا تزال حتى الآن، وهي المكتبة الحديثة، وظل يعمل فيها حتى اقعده المرض .

وكانت مكتبته بمثابة صالون أدبي وملتقى للشعراء والأدباء والمثقفين من الناصرة وخارجها، لتبادل الخبرات والتجارب والأفكار والآراء وشؤون الأدب وهموم الثقافة، ومناقشة النصوص الأدبية والابداعية .

كان ادمون شحادة عضواً مؤسساً لرابطة الكتاب والأدباء العرب الفلسطينيبن، وعضواً في لجنتها التنفيذية، وشارك في النشاطات الثقافية والأدبية المختلفة .

ادمون شحادة كان مثقفاً، واسع الاطلاع، شغوفاً بالمعرفة والثقافة والادب والكتاب . كتب الشعر والمسرحيات والرواية والمقالات النقدية في شتى الصحف والمجلات والملاحق الأدبية، وعرض له التلفزيون الاسرائيلي مسلسلاً بعنوان "الصنم"، وكتب ايضاً الأغنية، وفازت أغنيته " مشوار الحلوة " بالجائزة الأولى في مهرجان الغناء العربي العام ١٩٧٣ .

ومن اصداراته : " تلاحم الوجوه والمعاني، برج الزجاج، حين لم يبق سواك، أصوات متداخلة، قمر بوجه مدينتي، صهيل المطر، على ورق ناضج مختمر، مدارات الغسق، الطريق الى بيروت، مواسم للغناء، جراح للذاكرة، الخروج من مرايا العشق والترحال، لم يعد الوقت حارساً، الطريق الى بير زيت، برج الزجاج " وغيرها .

وتشكل قصائد ادمون شحادة في دواوينه اضمامة فواحة العبير، نترنح على ايقاعها الشجي الشذي، ونتكحل بسناها الفياضة، وهي مصبوغة بالألوان الطبيعية، ونابعة من قلب صادق، لا أثر فيها لا للتكلف العقيم، وبعيدة عن التقريرية والخطابية والشعاراتية، ويطغى عليها المجاز والرمز الشفاف .

وهو صياد ماهر في بحر الجمال الشعري، واقتناص المفردات اللغوية التي يضيفها الى قاموسه الابداعي، بعدما يدخلها في مختبر الولادة والانبعاث ليبث فيها روح جديدة .

ومن جميل شعره قصيدة " شواهد الرجال " التي اهداها الى روح فقيد النضال والأدب الشاعر عبد الكريم الكرمي، أبو سلمى، سنديانة فلسطين، ومنها نقتطف هذه الأبيات :

سل القصائد في الثورات تلتهب

                وفي المواسم لا لهو ولا لعب

وسل فحول القوافي هل مضى أحد

              منهم، وما بقيت من بعده الخطب

تبقى الشواهد للأبطال حاملة

            معنى الفداء ومعنى البذل لو ذهبوا

كم من شهيد هوى فيما الوغى حمم

           والركب مندفع، يهوي وينتصب

ما بين قافلة نحو الخلود وما

          بين الصناديد شوق للوغى عجب

ومذ بلينا بفقد الأرض يا وطني

        ومنذ ذبحنا وسيف الغدر يقترب

مشردون، منافي الأرض منزلنا

         مطاردون، كأنا ما لنا نسب

جفت دموعي وجف الحلق مختنقاً

       وفي السماء، سواداً تلبس السحب

ادمون شحادة كان، بحق، صاحب موهبة واسلوب شعري خاص أسس له وعرف به، اكسب قصيدته رقة وشفافية فنية مميزة . كان شاعراً قلقاً على الانسان وانسانيته ومصيره، وهذا يتجلى بوضوح ويمكن أن نستشفه في ثنايا قصائده .

وداعاً أيها الفارس الذي ترجل عن صهوة القصيدة، ولروحك الرحمة، وستبقى صورتك حية في القلب والوجدان وذاكرتنا الثقافية .

 

بقلم : شاكر فريد حسن

 

 

في المثقف اليوم