أقلام ثقافية

نهاد الحديثي: أيها السادة.. لمن نكتب؟

يسألونك لماذا تكتب قل لهم في زماننا الردئ؟..

الكتابه هي صراخنا الذي فقد صوته.

هي الوصيه الأخيره للكبرياء.

هي الروح الممزق أشلاء.

هي الأحلام المتناثره.

هي حياه رغم اللا حياه هي كل ما تبقى من الوجود المعدوم.

هي كل ما تعانيه من الألم هي الحزن المدفون الذي يسكن داخلنا.

ليس كل من يكتب هو باحث عن شهره أو غايه، أنما هناك أرواح أرهقت..

فأحبت أن تبكي بالحروف هذا كل ما في الأمر.

يقول محمود درويش / الفقراء يعشقون الإبداع والجمال، وقد كنتُ فقيراً، كذلك المكان لعب دوراً كبيراً فقد عشتُ في مدينة تمتهن الشعر، فعاصرتُ الكبار من المبدعين في مدينتي، كذلك الرغبة العارمة في التعرف على كبار المبدعين العرب، إنها عوامل كثيرة دفعتني للدخول إلى هذا العالم.

ويقول احد الفلاسفة  / هناك صراع بين الآباء والأبناء، وهناك صراع بين جيل وجيل عندما يتمسك كل طرف بآرائه ومعتقداته، نتيجة التغيير الحاصل في مجمل التصورات نحو الكون والحياة. في مجال الإبداع تكون القراءة المستمرة والاطلاع على تجارب الآخرين، ودراسة مناهج النقد بروح رياضية منفتحة والتفاعل الإيجابي مع ما يستجد تساهم جميعها على تضييق الفجوة بين زمن وآخر. لقد انسلخت من مسيرة حياتي سبعة عقود وثلاث سنوات، وما زلت أشعر بالفتوة مع قلمي رغم أن جسدي يقترب من نهايته وكل مؤشراته تنذر بالرحيل.

ونتساءل احيانا... هل نكتب عن اولئك الذين امتطوا صهوات المجد؟ ام اولئك الذين امتطوا صهوات الأمال البيضاء؟ ام نكتب عن الحائرين والمتلظين بالجمر من شظف الحياة ومأسيها؟ ام نكتب عن الواقع المتردي لمجتمعاتنا بوجه عام؟

ونتسأل ايضا/ اين وضوح الطريق لهذه الوجوه الكالحة المتخبطة في ظلمات الجهل والأنانية والتصرفات اللاخلاقية—احيانا—في مجتمع فوضوي، انعدمت فيه الرؤيا وضاعت معها الاحلام!!

لابد آن يدرك الجميع أن الكتابة وجع وهم ولن يكون لها الحضور المشرف ألا من خلال انسياقها في قانون يحررها من النفاق، والكاتب الجيد لابد أن يتمرد على القيود فهو يموت بين حضيض الورق لان الكتابة تظهر بدون وساطة وتخرق كل القوانين وتكشف العيوب ولا تلمع الباهت فهي نظام يقوم على الحق أو الباطل بحسب نوعية الضمير الذي يحمله الكاتب لكي يُمتع الآخرين ويلغى نموذجه ويكون هوية لقلمه الذي يمثل وعية أو يكون مطبل لمن يكتب عنهم أو لهم !! لكي تكون كاتب جيد يجب أن لاترقص لمن حولك بقلمك أو بفكرك أو بورقك لكي يكون اكثر بياضا!! يعتبر الكثير من المبدعين أن الكتابة وجع يتشرب الروح ولا يستطيع الإنسان أن يساير الواقع إلا من خلال العمل، والكتابة من الأعمال الشاقة التي تربط بين الجسد والروح بين الحياة والموت، والكتابة خلدت الكثير من المبدعين في ذاكرة التاريخ وكل مبدع وكاتب قادر على أن يدخل قلوب الآخرين والكاتب اقرب الناس آلي القلوب إذا أراد أن يكون له السبق في شرف الحضور لذلك يعيش الكاتب اجمل لحظات العذاب والروعة والألم لان الكتابة لغة المعارف والتجلى مع وظيفة الحياة لأنها الروح التي تضخ الدم للحياة والموت!!

وجيل الخمسينيات وماتلاها انجب ابداعا عربيا غزا المشرق والمغرب بروائع الاقلام والحكم السياسية والنضالية والثقافية، واسسوا لنهضة عربية اعلامية- ثقافية تفتخر بها الاجيال لقرون طويلة، واليوم نعود ونبحث عن كاتب كبير يملأ الساحة الثقافية والابداعية كايام نجيب محفوظ والمنفلوطي والسباعي واحسان عبد القدوس، وشعراء ملؤا الدنيا ضجيجا ولكننا.. للاسف لا نجد الا احباطا وغزارة في الانتاج وكتب الرفوف!! حتى الكتاب والمثقفون ماعادوا يقرأون الا اعادة قراءة كتب ودواوين قديمة

لمن نكتب ايها السادة؟!، فاعيد القول ان عبقرية الادب العربي  انه جسد شخصيات الناس البسطاء لمن عضهم ناب الزمان بمكره وكفره واستوحشتهم وعود صفراء تبرق كالسراب اذا طلبته لم تجده شيئا ووجدت الموت عنده، وعندما تصرخ وامعتصماه تجد صدى الف صرخة وليس ثمة معتصم هناك!.

***

نهاد الحديثي

في المثقف اليوم