أقلام ثقافية

شدري معمر علي: ثلاثية النهوض الحضاري وتكاملها

تطرق المفكر الاستراتيجي والطبيب الكويتي المعروف جاسم سلطان صاحب مشروع النهضة في إحدى مقالاته إلى التصورات الخاطئة لمفهوم العبادة وذكر قصة صديق له مقبل على التقاعد فسأله عن خطته ما بعد التقاعد ؟ فقال له: سأتفرغ للعبادة فقال له جاسم سلطان ولكنك حججت واعتمرت مرات وأنت على التزام فقال له صديقه: مزيدا من العبادات..

وهنا أشار  لهذه التصورات الخاطئة لدى كثير من المسلمين فيما يخص هذه الثلاثية: الجانب الإيماني والجانب العبادي والجانب العمراني..

وقد عشت نفس قصة صديق جاسم سلطان عندما نشرت على صفحتي في الفيسبوك منشورا يتحدث عن الاهتمامات المستقبلية لحظتئذ رد علي شخص متقاعد وقال لي: تفرغ للعبادة واتركك من هذه الانشغالات الكتابية فكان هذا التصور الخاطئ للعبادة هو من الأسباب الكبرى في التخلف الحضاري وعدم انطلاق أمتنا نحو التقدم والرقي والريادة فالمسلم الحق الواعي لدينه وقيمه يعرف بأن هذه الثلاثية متكاملة لا يمكن أن نفصل جانبا منها فالتسلح بالإيمان وعبادة الله بمفهومها الشامل وعمارة الأرض ونفع الخلق من تمام الفهم الصحيح للدين  وقد عرف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله العبادة تعريفا شاملا واعيا حيث قال:" العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة: فالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث وأداء الأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد للكفار والمنافقين والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين والمملوك من الآدميين والبهائم والدعاء والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبادة وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله والإنابة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه والرضاء بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف لعذابه وأمثال ذلك هي من العبادات لله"

لهذا أخي المسلم لتضع نصب عينيك أن ثمار الإيمان ونتائج قيامك بالشعائر التعبدية هو أن تعمر الأرض وتترك أثرا طيبا يفيدك ويفيد اسرتك وأمتك بل الإنسانية جمعاء ولا نهوض لنا من تخلفنا إلا بالفهم الصحيح الواعي المتبصر بتكامل الجوانب الثلاثة من إيمان وعبادة وعمران وإلا سنبقى نعيش هذه الانفصامية والسلبية والخروج من دائرة التأثير ومنافسة الكبار  سياسيا واقتصاديا وثقافيا.

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

شدري معمر علي

في المثقف اليوم