أقلام ثقافية

بندقية للبيع لغراهام غرين

صالح الرزوقتوطئة من المترجم: لغراهام غرين أهمية استشراقية عظيمة. فهو غير عمله بالاستخبارات كان صديقا لألد أعداء أمريكا. ولذلك منعته الدولة الأمريكية من زيارة أراضيها. ولم يسمح له بذلك إلا باستثناء من جنرال باناما عمر توريخوس الذي زوده بجواز سفر دبلوماسي.

وفي حياة غرين محطة أساسية هي مدينة نوتنغهام. فقد أقام فيها لفترة وجيزة لكنه تحول هناك إلى الكاثوليكية التي تقف وراء عدد من رواياته عن إفريقيا وكوبا وفيتنام والمكسيك وغير ذلك.

أضف لذلك أنه كتب عنها رواية وضعها بين أعمال التشويق هي (بندقية للبيع). وأعتقد أن نجيب محفوظ اطلع عليها قبيل كتابة (اللص والكلاب) وكان متأثرا بها إلى أبعد الحدود. فكلا العملين عن شخص يقع ضحية لخديعة ويودع السجن ثم يخرج وفي ذهنه غاية واحدة وهي الانتقام. إنما محفوظ أسقط على روايته الإحساس بمراة الواقع بعد استئثار شلة من المرتزقة والانتهازيين على مكامن الثروة (في إشارة خجولة لانقلاب الضباط الأحرار ومن ركب موجتهم). في حين أن غرين رسم صورة إنسان عادي يمزقه السخط والشعور بالغبن ويستيقظ على خطايا المجتمع الرأسمالي الراكد الذي فقد إيمانه بالرب.

وأدناه مقالة صغيرة ولطيفة عن علاقة نوتنغهام برواية غرين.

ص.ر

المقالة:

بندقية للبيع لغراهام غرين رواية تشويق صغيرة تدور أحداثها في نوتنغهام ولكن هذا غير معروف لدى الكثيرين. فالرواية تتطور في مدينة خيالية تدعى نوتويش، ولكن غرين يعترف إنها في الواقع نوتنغهام – المدينة الصناعية التي تقع شمال لندن على مسافة عدة ساعات.

وغراهام غرين يعرف نوتنغهام لأنه عاش فيها لثلاثة شهور بين 1925-1926 وعمل خلالها في مجلة نوتنغهام (نوتنغهام جورنال). ولم تترك المدينة انطباعا مؤثرا عليه، واشتكى منها في واحدة من رسائله بقوله:"هذه المدينة تدفع الإنسان للبحث عن علاج عقلي وفيزيائي في كل ربع ساعة تمر عليه فيها".

عموما، لقد كانت ذكرياته عنها تكفي لاختيارها لأحداث واحدة من رواياته.

نوتويش عوضا عن نوتنغهام

نشرت بندقية للبيع عام 1936 وموضوعها العام كان عن إشعال الحروب بتخطيط وتدبير من حفنة من الناس بحثا عن المنافع. وفي أول عدة صفحات نتعرف على قاتل مأجور يسمى رايفين يغتال وزيرا وسكرتيرته. وهذه الجريمة توفر فرصة لبداية مشكلة أوروبية ممكنة، فالحرب العالمية الأولى بدأت بجريمة قتل أيضا.

يستأجر رايفين رجل صناعي يحتضر هو السير ماركوز الذي ينتج أقنعة الغاز مع أدوات حربية أخرى. ولا يحصل رايفين على أتعابه ويطارد بالقطار من لندن إلى نوتوتش كل من خدعه.

وهكذا تظهر نوتنغهام بين الصفحات، ويذكر غرين الطرقات التي عرفها في منطقة شرفة كل القديسين (وهي منطقة قريبة من محمية الأشجار وهايسون غرين). ويصف أيضا الشارع ويقول عنه إنه "يتألف من صفين من بيوت صغيرة قوطية جديدة متتابعة كأنها فوج في عرض عسكري".

المدينة الغريبة

وذكر غرين إن نوتنغهام كانت "أول مدينة غريبة سكن فيها وحده، في بيت مستقل، دون أصدقاء".

وهذا الشعور بالاغتراب تجده على صفحات بندقية للبيع. فنوتنغهام تبدو كئيبة وموحشة، وبتعبير آخر قريبة من الواقع المادي قليلا.

لماذا أنا أحبها إذا؟.

حسنا، إنها حكاية طويلة تعود لنوتنغهام التي لم أتشرف بمعرفتها.. نوتنغهام التي كانت قبل الحرب، قبل أن يستهلكها الزحام، وسلسلة البارات والأطعمة السريعة الفرنسية.

ربما هي مادية قليلا ومصنعة ولكن لا زلت أحبذ أن أتجول في شوارعها في بعض الأوقات.

ورواية غرين تقربني منها أيضا.

من حديث في إذاعة بي بي سي نوتنغهام

 

بقلم: نيل هيث

ترجمة: صالح الرزوق

 

 

في المثقف اليوم