أقلام ثقافية

عن العمل نصف المنشور!

يسري عبد الغنيعن ضرورة الترجمة قال إرنست رينان :” إن الأثر غير المترجم يعتبر نصف منشور” . أي أننا لا نستطيع تصوّر أمة تعيش على تراثها فقط، بل يجب التفتح على العالم وما يجري خارج الحدود، ويشمل أيضا الاقتصاد والعلم . ويُذكر أن الكاتب المعروف ميخائيل نعيمة قد سٌئّل مرة عن الترجمة فقال: “فلنٌترجم ” ورددّها ثلاث مرات، وهي دعوة صريحة إلى الترجمة . ومادامت الترجمة ضرورة لابد منها لنقل العلوم والآداب من لغة إلى أخرى أو أكثر، فإنه من الضروري أيضا أن نعرف كيف نٌترجّم، حيث يذهب الكثير إلى أن أحسن ترجمة هي الترجمة الحرفية بينما يذهب البعض إلى التأكيد على الترجمة بتصرف، في حين أن البعض الآخر يحث على أن تكون الترجمة أمينة للأصل، أي أننا لا نٌظّهر عليها على أنها ترجمة بحيث يتخيل إلينا أننا نقرأ في النص الأصلي . ومن بين المترجمين والباحثين الذين يحٌثون على الترجمة الحرفية الدكتور سهيل إدريس حيث صرح في أحد الحوارات مع مجلة الحوادث اللبنانية : ” إن الترجمة الحرفية أصلح ما نقدمه للقارئ شرط عدم تشويه النص الأجنبي ” . ويضيف الدكتور سهيل في هذا المجال ” أننا إذا اعتمدنا الترجمة الحرفية فإننا سنخفّف من خيانة الترجمة بشكل كبير وبذلك نتجنب كثيرا من الخلل وإذا كان ثمة غموض أو التباس في النص المترجم، فربما كان ذلك في أصل النص، وليس في طريقة ترجمته، وهذا لا يكون المترجم مسؤولا عنه بقدر ما كان مسؤولا عنه النص الأصلي، والمهّم في هذه النقطة أننا نٌوسع آفاقنا الفكرية أيضا بنقل روح النص الأجنبي وبهذا نٌغني المضمون الفكري الذي نطلبه في كل نص أجنبي “. أما الكلام بخصوص أننا نقوم بعمل خياني عندما نقوم بالترجمة مثل ترجمة الشعر، وبذلك قاموا بتعميم حٌكمهم على الترجمة بصفة عامة، وحجتهم في ذلك ما جاء به كبير المترجمين الغربيين وهو ” إدمون كاري ” حين قال في كتابه الترجمة في العصر الحديث الذي صدر في جنيف سنة 1956 وبالضبط في الصفحة رقم 91، (ليس هناك من شك في أن الترجمة الشعرية تطرح صعوبات هائلة وملازمة،الشيء الذي يجعل القارئ يشعر دوما بأنها تختلس ما هو جوهري في الأثر الأصلي، وفي الحقيقة تٌعتبر الصعوبة الأولى مشتركة بين كل ترجمة فنية، تلك هي صعوبة نقل الشكل و الأسلوب و الشخصية الذاتية للأثر لأن الشاعر لا يتكلم لغة كل الناس ” ولذلك كان على المترجّم أن يعيد ـ بطٌرقه الخاصة ـ عنصرا ذاتيا محضا ..أضف إلى ذلك أن اللمسات الأكثر مألوفية التي يستخدمها الشاعر، لا تحوي نفس اللون من بلد إلى آخر“.

 

بقلم:د. .يسري عبد الغني

في المثقف اليوم