أقلام ثقافية

المسرح والمسرحية عند الشّرقاوي

يسري عبد الغنيالمسرح فن جديد شاع في العصر الحديث بعد النهضة الأدبيّة التي أتت بعد الحملة الفرنسيّة علی مصر لأنّ العرب بعد هذه الحملة تعرّفوا علی الغرب واطلّعوا علی المدنية ثم بدوؤا بإنشاءِ المطابع فظهرت علی إثره الصّحف ثم تاسسّت الجمعيات وبنيت المدارس والمكتبات وظهرت الفنون المختلفة ومنها المسرح.

«المسرح من فنون القول وإن اشترك فيه مع الكلمة والحركة والتعبير بالصوت وملامح الوجه إلی جانب الإطار وهو البناء المسرحي ذو الجدران الثّلاثة بما يشمل من مناظر وديكور وستارة وإضاءة وما إلی ذلك.»

كتب عبد الرّحمن الشّرقاوي مسرحياته لمعالجة القضايا المعاصرة وبدأ بمسرح، "مأساة جميلة"، عام، ثمّ "الفتی مهران"، عام 1966م، ثمّ "الحسين ثائراً والحسين شهيداً" عام 1969م، ثمّ "وطني عكا" عام 1970م، ثمّ "النسر الأحمر" عام 1976م، وأخيراً "عرابي زعيم الفلاحين", عام 1985م.

«كتب الشّرقاوي مسرحياته الشعرية في تجربة رائدة لتطويع شعر التفعيلية كأداة التعبير، ولمعالجة القضايا المعاصرة، في وقت كان هذا الشعر الجديد ذاته، ما يزال يجاهد أمام تقاليد عريقه لموسيقی الشعر العمودي ولم تكن أقدامه قد رسخت بعد ولمحاولة توظيف شعر جديد، يخالف الشعر العمودي القديم.. وواضح من عناوين مسرحياته مثل "مأساة جميلة" أنّه أراد أن يقّدم الماساة التي تبرز الصراع بين الفرد و القوی التي تريد السيطرة عليه وقهره.»

«تعتبر الشخصات إحدی العناصر الأساسيّة في تركيب بنية المسرحيّة والشّرقاوي في مسرحيّاته اعتمد علی الشخصّيات التاريخّيه المعروفة وهذا العمل يحتاج إلی مسرحي متمكن يعرف الحوادث التاريخيّة يخلق أثراً فيناً جميلاً والشخصيات هي وسيلة المؤلف المسرحي الأولی لكي يترجم فكرة القصّة، إلی حركة وصراع لكي تكتمل الشخصية لابّد أن تعتبر عن إنسان متعدد الأبعاد، له حياته الخارجية الظاهرة التي نراها تتحرك علی المسرح.»

و«في مسرحتيه "الفتی مهران" نري أنّه نشأ في القرية، بين الفلاحين الطيبين الفقراءِ ورأی حوله رفاهية المترفين المهفهفين، كما رأی منذ طفولته القصور والخرائب... ». «والبطل في مسرحتيه "النّسر الأحمر" هو "صلاح الدين الأيوبي"، منحها الشّرقاوي بطولة مسرحيته، واختار الشّرقاوي شعار النّسر الأحمر ليكون رمزاً لبطله "صلاح الدين" فالنسّر رمز القّوة والانقضاض والنُبل...»

«فَإِذا سَكتُم بعدَ ذاكَ علَی الْحَديقةِ

وارْتضی الْإنسانُ ذَلّةَ

فأَنا سأَذبحُ مِنْ جَديدٍ

وأظّلُ اُقتل مِن جَديدٍ..

وأظّلُ اُقتلُ كُلَ يَومٍ أَلفَ قتلةٍ

سَأَظلُّ اُقتلُ كلَّما سَكت الْغيّورُ

وكلُّمّا أَقفی الْصبور..

سَأَظّلُ اُقتلُ كُلَّما رُغمت أُنوفٌ في المْذلّةِ». و«الحسين نموذج للتأثر الذي استشبع الظلم، فقادمه بكل ما اُوتي من فضائل، دون الاستعانة بأسلحة أعدائه الذين قتلوه باسم الإسلام...وقد صور الشّرقاوي "الحسين" شهيداً، منذ البداية، فقد امتلك نقاء الروح، وصدق القول...».

 

بقلم: د.يسري عبد الغني

 

في المثقف اليوم