أقلام ثقافية

الكتب أو المؤلفات ودورها في التواصل الادبي

يسري عبد الغنيمن العوامل المهمة للتعرف على العلاقات والصلات بين بلد وآخر الكتب أو المؤلفات، حيث أن لها أهمية كبيرة في إثبات الصلات الأدبية والفكرية بين مختلف اللغات.

والكتاب سيظل دائماً هو السيد المتوج على عرش وسائط المعلومات، مهما تعددت وتطورت هذه الوسائط في عصرنا الراهن، فعندما نقرأ كتاب من الكتب أو مؤلف من المؤلفات يمكن لنا أن نعرف من خلاله، وفيما كتبه صاحب هذا الكتاب الثقافة التي تلقاها، وإلى أي مدى تأثر بكاتب معين أو بأكثر من كاتب، أو بثقافة أو فكر معين.

ومن الممكن أن نجد لهذا المؤلف أو الكاتب كتباً بلغة غير لغته الأصلية، ويكون ذلك دليل على أنه تأثر بأدب اللغة التي تعلمها وأجادها وتمكن من أن يكتب بها، ومثال على ذلك: أدباء المهجر الذين هاجروا من البلاد العربية إلى الأمريكتين، كتب بعضهم أعماله باللغة الإنجليزية إلى جانب كتاباته باللغة العربية وهذا يوضح لنا مدى تأثر هؤلاء الأدباء بلغة البلاد التي هاجروا إليها بعد أن تعلموها ثم كتبوا بها.

ومثال آخر: الفرس كتاباً أو شعراء، كانوا يعرفون العربية والفارسية معاً، وكتبوا بها، مثل عبد الله بن المقفع وظهرت في هذه الكتابات علاقة الأدب العربي بالأدب الفارسي.

ومن ذلك ما يذكره لنا الطبري في تاريخه، والأصفهاني في الأغاني عن الشاعر العربي/ يزيد بن مفرع وذلك حين غضب عليه عبيد الله بن زياد أمير البصرة العراقية، فقد أمر بأن يطاف به في الشوارع والأسواق وسار الأطفال يقولون أو أن أحد الفرس هو الذي قال ما معناه بالعربية: هو ماء ونبيذ وعصارة زبيب وسمية.. وسمية هذه هي جدة ابن زياد.

وهذا دليل على تأثر العرب بمن كان يعيش معهم من جاليات فارسية أو رومية أو حبشية.. إلخ..

وقد بلغ الأمر إلى حد أن بعض الشعراء العرب كان يذكر في أشعاره بعض الكلمات الفارسية والرومية، وذلك بهدف التملح والاستظراف، أو لأن هذه الكلمات كانت معروفة ومستعملة على أيامه ومن يراجع ديوان الشاعر الجاهلي/ ميمون بن قيس الأعشى يرى العديد من الكلمات الرومية في شعره.

كما أن ما ينشر في الصحف والمجلات والدوريات وشبكة المعلومات الدولية (الإنترنيت)، وما يشاهد في التليفزيون والمسرح والسينما والفضائيات المختلفة وما يسمع في الإذاعات المتعددة عن الآداب العالمية، وتأثرها بعضها ببعض أمر مهم لمعرفة آراء وأفكار الكتاب الأجانب والتعريف بهم وبأدبهم، كل ذلك يعد من قبيل المبادلات الأدبية، ويؤدي إلى عملية التأثير والتأثر بين آداب الأمم بعضها ببعض ، وبمعنى آخر بين آداب الأمم لا المرسلة ، وآداب الأمم المرسل إليها أو المنقول إليها .

وإذا تتبعنا المجلات والصحف العربية القديمة مثل مجلة الرسالة المصرية الشهيرة التي كان يشرف على تحريرها الأستاذ الأديب/ أحمد حسن الزيات، نجدها تعرف بكثير من الكتاب الجانب، وسوف نذكر لك بعض هذه الكتابات:

– في العدد 55 الصادر في يوليو 1934 م، نجد مقالة عنوانها: (بين المعري ودانتي).

وفي العدد نفسه نجد مقالة عن الشاعر الإيطالي/ ليوباردي وفي العدد 57 الصادر في أغسطس 1934م، نجد مقالة عن ملحمتي الإلياذة والأوديسا، للشاعر اليوناني/ هوميروس.

وفي العدد 58 الصادر في سبتمبر 1934 م، نجد مقالة عنوانها: (بين فولتير ورسو).

وفي العدد 59 الصادر في أكتوبر 1934 م، نجد مقالة عنوانها: (في الأدب الإنجليزي).

كما نجد في نفس المجلة ترجمة مفصلة لأراء الكاتب الواقعي/ إميل زولا. وكما نرى فإن هذا ما نشرته مجلة واحدة في سنة واحدة عن الآداب العالمية، فما بالك بالصحف والمجلات التي كانت تهتم بهذه الآداب وتعرف بها وبكتابها؟!.

 

بقلم: د. يسري عبد الغني

 

 

في المثقف اليوم