أقلام ثقافية

هل إنّ الشعر ضرر وضرورة؟!!

صادق السامرائيالضرورة: الحاجة .

الضرر: الأذى، الخسارة، الشدة.

إذا تساءلنا هل نحتاج الشعر؟

فالجواب ربما سيكون بنعم، والبعض ينفي الحاجة للشعر، خصوصا في الزمن الذي فقدت فيه الكلمة قيمتها ودورها في الحياة الفكرية والثقافية، وتميعت اللغات وراحت البشرية تلهث وراء لغة تجمعها، وتضعها في وعاء التواصل الإجتماعي الذي يسعى لضمها.

وعندما نتساءل هل نحتاج الموسيقى والرياضة والغناء والمباريات والألعاب والفنون بأنواعها، سيكون الجواب إنها موجودة معنا منذ الأزل وستبقى ترافقنا إلى الأبد، فهي جزء من لوحة الحياة أو بانروما وجودنا الأرضي.

وكل ما فينا وحولنا فيه منفعة وضرر، ويمكن إستعماله في الموضعين، وكأي مخترع أو مبتكر، يكون الإبداع متحركا بإتجاهين متعارضين، فقد يضرنا وينفعنا في ذات الوقت.

والشعر كغيره، قد يضر وينفع، فهو ضرر وضرورة في آن واحد.

يكون ضررا عندما يغرق في السلبية والبكائية وتسويغ الأحزان والرثائيات وتمرير الأضاليل،  والإمعان بالتداعيات وتبرير الإنحرافات، وتفريغ النفس من قدرات التحدي والمنازلة والتسلح بالتفاؤل والأمل.

فهل أضرّنا الشعر؟

ما كتبناه على مدى ما يقرب من عقدين، لم يساهم في بناء الرؤية الفكرية والثقافية الحضارية المعاصرة، وطغت على معظمه المشاعر السلبية، فهو رثائي بكائي مشحون بالندب وجلد الذات وما يتصل بها، وما قدم صورة مشرقة تمنج النفس الوطنية القدرة على المنازلة والتحدي والإصرار والإيمان بالتحقق والنماء.

فربما يمكن القول أن للشعر ضرورة قليلة وضرر كبير، فما أوجدت المرحلة الصعبة شعرا يستوعبها وينطلق بها إلى آفاق التحقق الوطني والإنساني الأعظم.

وقراءة لما يُنشر في أية صحيفة أو موقع، يشير بجلاء إلى أننا لا نزال معتقلين في الرثاء والفخر والنرجسية الفتاكة والغزل، والكلام السريالي الهروبي الذي يخشى المواجهة والتصدي، بل أن الميل نحو ما لا يمت إلى الواقع بصلة ذات قيمة تأثيرية وتثويرية قد تنامى واستفحل.

فهل عندنا شعر بالمعنى الحضاري والمعرفي للشعر، أم أننا نستنسخ ونقلد الآخرين، ونستهين بقدراتنا وما عندنا من جمان الشعر الذي لا نستوعبه ولا ندرك ما يعنيه؟!!

وهل أبدعنا أم إتّبعنا؟!!

وأرجو أن لا يغضب الشعراء!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم