أقلام ثقافية

أينَ أنتَ يا أبا عثمان؟!!

صادق السامرائيأبو عثمان الجاحظ الكناني إبن البصرة الفيحاء، وعَلم من أعلام أمة العرب، وأسطع أنوارها المعرفية، الذي وقف بحجته العقلية البرهانية الرادعة الراجحة، بوجه الدعوات العدوانية على العروبة والعرب، ومحاولات تقليل شأنهم ودورهم الحضاري، وإعتبارهم دون غيرهم من الأقوام.

أين أنت يا أبا عثمان، وبعض العرب يعادون العرب والعروبة، ويميلون لأعدائكَ بإنفعالية وإنتمائية عمياء، وينكرون وجودكَ، ويغمطون دوركَ وقيمتكَ، فلا تجد أحدا منهم يجرؤ على ذكر إسمك، ولو كان لك نصب في مدينتك لحطموه.

فالأمة تعيش في زمنٍ يعادي العربي فيه ذاته وموضوعه وهويته وينكر سماته وما يميزه، وينهال على كينونته الحضارية، ويسعى لإعادة كتابة التأريخ وفقا لمنطلقات الكراهية للعرب، والتقليل من قيمتهم ومجد وجودهم، ومحق إسهاماتهم الحضارية ونسبها لغيرهم، وفقا للأهواء والتطلعات الحاقدة على العروبة والدين.

وقد جنّدوا العديد من أبنائها وغررورهم، وأوهموهم بأن العروبة عنصرية، والعرب لا وجود لهم، فهم البدو المتوحشون الذين يجيدون سفك دماء بعضهم، وما تحقق من إضافات حضارية في ديارهم كانت من إنتاج غيرهم، وكأن العربية لم تكن لغتهم، وأصولهم معروفة وموثقة، لكنهم يريدون تحريف التأريخ وإمتهان الأجيال وتضليلها وتغفيلها، وإستعبادها بالبهتان الطائفي والعدوان الإنتقامي المقيم في صدورهم السقيمة وقلوبهم الأثيمة.

وبصرتُكَ لا تذكركَ، وعراقك لا يعرفكَ، فقد طغت على وعي البشر إرادة خصومكَ، وسطوتهم عاثت بمدينتكَ وبلادكَ، وما من أحد يمتشق يراعكَ، ويجهر بفكركَ ويذود عن حرمات أمتكَ، التي قاتلتَ بقلمكَ مدافعا عن قيمها ومعانيها وسماتها الماجدة.

فالخنوع مذهب، والتبعية مطلب، والإذعان للذين يفترسون وجودنا مأرب، والقلم الحرُّ مُدان، فالباطل سلطان، والفساد عنوان، وقول الحق عدوان!!

فما أحوجنا لفكركَ الثاقب، ويراعك الواثب، وبرهانك الصائب، وإجتهادك الدائب، وأنت تذود عن العرب والعروبة ضد عدوها الخائب.

أيها الجاحظ إنهض فقد بلغ السيل الزبى، وضاعت قيمة الدين والعروبة والإنسان!!

فهل من قلمٍ يتجاحظ؟!!

 

د. صادق السامرائي

29\11\2020

 

 

في المثقف اليوم