أقلام ثقافية

العربية تنعى أعداءَها!!

صادق السامرائيمنذ قصيدة الشاعر حافظ إبراهيم التي عنوانها " اللغة العربية تنعى حظها بين أهلها"، المنشورة عام (1903)، والكتابة عن اللغة العربية تتخذ ذات الأسلوب الذي شاع فيها.

"رجعتُ لنفسي فاتهمتُ حَصاتي

وناديتُ قومي فاحتسبتُ حياتي

 

وإما ممات لا قيمة بعده

ممات لعمري لم يُقَسْ بمماتِ"

هكذا تبدأ وتنتهي القصيدة، ولست معنيا بسبر أغوارها وشرحها ونقدها، وإنما للإشارة إلى ما فتحته من أسلوب للتعامل مع اللغة العربية، وكأنها الرجل المريض، والعجيب في الأمر أن هذه القصيدة فد درسناها في مدارسنا، ولازالت الأقلام تتبع خطاها عندما تكتب عن لغة الضاد ، أي بسلبية ودونية وظلامية، وإنهزامية واضحة، ومعظم الكتابات عن العربية ذات طابع تأبيني وعدواني.

فمَن نعى مَن؟

العربية هي التي نعت حافظ إبراهيم!!

وقد رثاه أحمد شوقي بقصيدةٍ مطلعها:

"قد كنتُ أوثر أن تقولَ رثائي

يا منصفَ الموتى من الأحياءِ"

والعربية بعد (117) سنة على قصيدته الناعية تقدمت وتطورت وواكبت، وتنامت قدراتها على التعبير والعطاء الثري الغزير في ميادين الحياة كافة، وهي مؤهلة لنعي مَن ينعاها، وتأبين أعدائها أيا كانوا، ومهما توهموا بأنها ستُنعى، كما توهم الشاعر حافظ إبراهيم.

فلتتصالح الأقلام مع لغة الضاد، وتكتب عنها بإيجابية وتفاؤل، وتبتعد عن الأساليب اليأساوية الإكتئابية الحزينة، التي تحسبها ميتة وتلطم عليها بالكلمات، فهذا إنحراف سلوكي غريب لا وجود له في مجتمعات لغات الدنيا المهتمة بالجد والإجتهاد، ولا يخطر على بالها الكتابة بسلبية عن لغتها كما يحلو لنا أن نكتب.

اللغة العربية حية خالدة ولن يؤثر فيها أعداؤها، مهما حاولوا التنكيل بها والحط من قدرها ودورها الإنساني الحضاري، فالعربية بخير وإزدهار وستصون تراث أمة الحضارات!!

 

د. صادق السامرائي

27\12\2020

 

في المثقف اليوم