أقلام ثقافية

إبن إياس!!

صادق السامرائيزين العابدين محمد بن أحمد بن إياس، ويكنى (أبو البركات)، (1448 –1523) ميلادية وولد في القاهرة وتوفى فيها، مؤرخ إشتهر بتوثيقه للعصر المملوكي، ومن أشهر مؤلفاته (بدائع الزهور في وقائع الدهور)

مؤلفاته الأخرى: "نشق الأزهار في عجائب الأقطار، عقود الجمان في وقائع الأزمان، مرجع الدهور، نزهة الأمم في العجائب والحكم".

ومن شعره: "نوحوا على مصر لأمر قد جرى.. من حادثٍ عمت مصيبته الورى، لهفي على عيش بمصر قد خلت.. أيامه كالحلم ولى مدبرا" 1517 (نهاية الحكم المملوكي).

إخترتُ هذا المؤرخ لسببين، أولهما أن دولة المماليك دولة مسلمة تم غزوها من قبل دولة مسلمة، وكان شاهدا على ما حل بها، وثانيها قصيدته اليائسة التي وصفت أحوال مصر بأنها لن تقوم لها قائمة.

فالعثمانيون غزو دولة المماليك المسلمة، التي واجهت التتار ولقنته درسا إنتهى بأفول تطلعاته وموت منطلقاته، التي أراد بموجبها أن يمحق دولة الإسلام ويجتث المسلمين.

وهذا الغزو يثير أسئلة عن قتل المسلم للمسلم، وأن الدين لا يمنع القتل، بل أنها القوة والجبروت، التي تسوّغ كل سلوك مهما كان متوحشا وفظيعا.

أما بخصوص قصيدته الطويلة اليائسة، فتمثل الشدة النفسية التي كان يعيشها، وهي أشبه بالرثاء على حالة ماتت وإنتهت، لكن مصر بقيت وذهب مَن ذهب، وها هي مصر ترفل بحلتها الحضارية المعاصرة، رغم ما أصابها من الغزوات والهجمات القاسية.

فالأمم والشعوب تبقى وتتواصل مهما إدلهمت عليها النواكب، ولن تمر على أمة العرب فترة أقسى مما مر عليها يوم سقوط بغداد على يد هولاكو،  فتجاوزت تلك المحنة المصيرية وإنطلقت بجوهر ما فيها، فها هي بغداد باقية، وستتواصل برقيها وتقدمها المعاصر.

تحية لإبن إياس الذي أرّخ بموضوعية وحمية، وشاركنا مشاعره الإنسانية كمواطن مصري، يرى دولته تُستباح عن بكرة أبيها من قبل جيوش دولة مسلمة ترفع راية الخلافة!!

فليؤرخ المؤرخون بصدق وموضوعية وأمانة!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم