أقلام ثقافية

صادق السامرائي: الشعر بين الأذن والعين!!

صادق السامرائيوبتعبير آخر، الشعر بين المسموع والمقروء، فهل أن الشعر يُكتب ليُقرأ ويسمع أم ليُقرأ وحسب؟

إن الشعر ومنذ الأزل فن سماعي يتسرب إلى النفس والروح والقلب والعقل عبر حاسة السمع، وما كان للعين دور في تذوق الشعر.

فمنذ بدايات الحضارات والشعر يُرتَل على المسامع في المعابد والتجمعات المتنوعة الأشكال، وما تعارفت البشرية على شعر مكتوب، لتقرأه وتأنس به، فطبيعة الشعر سماعية، إيقاعية ذات ترانيم ونبضات تتوافق مع ما يجيش في الأعماق من تموجات وخلجات، وهمسات ذات هارمونية صوتية متناسقة مع ما يعتمل في دنيا الإنسان.

وقد أمضى العرب قرونا يتغنون بقصائدهم وما كتبوها، بل تتوارثها الأجيال محفوظة بإيقاعاتها ومفرداتها المؤثرة في السامعين.

وبعد مسيرة قرون طويلة من الإنشاد الشعري والمؤثرات النغمية الشجية، ظهرت الحداثة لتلوي عنق الذائقة العربية الشعرية، وتحوّل الشعر إلى إبداع مقروء أكثر منه مسموع، ومنذ منتصف القرن العشرين بدأ الشعر يفقد دوره وتأثيره في المجتمع العربي، لقلة القراء، وعدم تعود الناس على القراءة منذ الصغر وأهميتها في الحياة.

فأصبحنا ننتج شعرا لكي يُقرأ، ولا يوجد مَن يقرأ، في أوضاع وأحوال قاسية، تكبل المواطنين بالحرمان من الحاجات.

فمَن يقرأ الشعر؟

إنهم الذين يسمّون أنفسهم نخبا، وربما يحظى خير الشعر ببضعة قراء منهم وحسب!!

فما قيمة أن نكتب وننشر شعرا؟

وهل ما نكتبه يستحق تسمية الشعر؟

ليس من السهل الإجابة على هذه الأسئلة، فأمة الشعر يعاني فيها الشعر، ولهذا تتدهور أحوالها، وتغيب بوصلة توجيهها نحو جوهرها التليد!!

فهل من جواب رشيد؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم