أقلام ثقافية

شدري معمر علي: الكتابة الكونية والكتابة الدونية

الاشتغال بالكتابة ليس أمرا هينا بل هو مسؤولية كبرى ملقاة على عاتق الكاتب الذي يفقه كنه رسالته الوجودية فالكلمة التي يكتبها سلاح ذو حدين إما ينفع وإما يضر ويقتل لهذا الكتاب العظماء عبر التاريخ الذين خلدتهم الإنسانية ونقشت أسماءهم في سجل الخالدين هم الذين تجاوزوا فكرة القبيلة والإيديولوجية وعانقوا أشواق الإنسان وتوقه إلى التحرر من العبودية فعبروا عن معاناته وسجلوا عذاباته وانكساراته وخيباته فكانت كتابتهم كونية عالمية وحتى وإن انبثقت من بيئة خاصة محلية والأعمال الأدبية العظيمة الدالة على ذلك كثيرة منها رواية  كوخ العم توم أو حياة التواضع (بالإنجليزية: Uncle Tom's Cabin; or, Life Among the Lowly) روايةٌ للكاتبة الأمريكية هيريت بيتشر ستو، تدور حول مكافحة العبودية، وطرح معاناة الأمريكيين الأفارقة. نُشرت الرواية في عام 1852ويُقال إنها ساعدت في وضع الأساس لـ«‌الحرب الأهليّة الأمريكيّة» ورواية الحرب والسلام – ليو تولستوي 1867 وهي رواية ضخمة

" تدور أحداث الرواية التي دمج تولستوي فيها شخصيات عديدة، رئيسية وثانوية، تاريخية وأخرى خيالية، ابتدعها تولستوي نفسه. وتعطي صورة واسعة وموضحة لحياة الترف التي عاشتها طبقة النبلاء في روسيا في عهد الحكم القيصري. هناك من يعتقد بان الشخصيات الرئيسية كبيير بزوكوب والأمير أندري تمثل أوجه مختلفة في شخصية تولستوي نفسه" (1) ولا نسنطع أن نسرد كل الأعمال الأدبية الخالدة التي مازالت تحقق أرقاما قياسية في الإقبال عليها ..

بينما اصحاب الأدب الدوني والكتابة الدونية صناع التفاهة محاربو القيم والأخلاق المعقدون نفسيا المنغلقون على أنفسهم يدعون بأن الكتابة الحقة هي الكتابة التي تتناول مسائل الجنس والإباحية والتحرر  فالفن غايته الفن والجمال بعيدا عن هداية الدين والأعراف والمبادئ السامية هؤلاء اصحاب الكتابة الدونية لن تجد لهم قراء يحتضنون كتاباتهم ولن ينالوا جوائز عالمية فمن يقرأهم من الغرب وهم يصدرون الأشياء  التي غرق فيها الغرب وسئم منها؟..

كان بإمكان هؤلاء الكتاب الذين ضلوا وأضلوا أن يتخذوا من عادات وتقاليد وطنهم من تويزة وأعمال اجتماعية متنوعة تصور الوجه المشرق للإنسانية المتضامنة المتسامحة المتلاحمة فالكونية والعالمية تنطلق من البيئة المحلية وهكذا نستطيع أن نعرف الآخر بما عندنا من موروث حضاري عظيم ...

وانا على يقين أن الذي ينفع ويخلده التاريخ هو كتابة القيم والمبادئ الإنسانية التي تتجاوز الإيديولوجيات أي الكتابة الكونية  بينما كتابة الجنس ومحاربة قيم الأمة هي كتابة دونية مصيرها النسيان واصحابها يلعقون الصبر (بكسر الباء (2) ويذوقون مرارة الخيبة والفشل والتجاهل.

***

الكاتب الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

شدري معمر علي

.......................

المرجع:

1- وكيبيديا.

2- التي تعني عصارة شجر مرٍّ .

في المثقف اليوم