أقلام ثقافية

رعد الدخيلي: خاطرة!!

مثل أيّ طفل لحوح.. كثير الأسئلة.. كنت أسأل جدتي على مائدة الإفطار: لماذا لا نأكل الطعام البائت؟!..

تقول: لأن جدّك كان أسداً ضرغاماً وهزبراً ضيغماً وقسوراً لا يأكل غير ما يصطاده من البرّ ..

قلت: وأين تودون بطعام البارحة؟!..

تقول: نرمي به إلى الماشية والقطط والكلاب..

- لماذا لم تعطوه إلى الفقراء؟!..

- كان جدك لا يلبس خادماً سملاً، ولا يكسي فقيرا بالي الثياب.. كان يشتري لهم الجديد في كل عيد..

- وأين يودي جدي بثيابه العتيقة المتهالكة الغسيل؟!..

- كان جدك يعتز بثيابه العتيقة ؛ لأن فيها رائحة أبيه وأجداده.. كانت ملابسه لا يتغيّر لونها.. كان يرتدي الثياب البيضاء، والثياب البيضاء لن يتبدل لونها ؛ لا كحال الثياب الملونة التي يستهلك ألوانها تكرار الغسيل..

- عندما مات جدي أين اوديتم بثيابه تلك؟..

- مازالت في خزانته القديمة تلك التي في غرفة أشيائنا القديمة..

- لماذا في الخزانة ولم يستعملها والدي؟..

- لقد ذاب أبوك مع الشباب الأربعيني من القرن الماضي في مشروع (مصطفى كمال أتترك) ولم ترق له تلك الثياب .. فقد استبدلها بالسدارة التركية والبدلة الغربية وربطة العنق، ولم يفتح خزانة ثياب جدك..

- لماذا لا تهدون خزانة ثياب جدي إلى متحف الفلكلور الشعبي في مدينتنا؟..

- لم نستطع أن نفعل هذا .. رغم حسن مقترحك هذا..

لأن جدك ترك لنا وصيّةً جاء فيها:

احفظوا ثيابي لحفيدي ..

***

رعد الدخيلي

في المثقف اليوم