أقلام فكرية

الوضعية المنطقية في فكر زكي نجيب محمود

ali almirhigتأثر الفلاسفة الوضعيون بفلسفة كانت وبموقفه من الميتافيزيقا، فقد حاول وضع حدوداً لإدراك العقل الإنساني تقف عند إدراكها لعالم الوجود الطبيعي، وتأكيده إستحالة القدرة العقلية للإنسان على إستكناه الميتافيزيقا، لأنها معارف مُستحيلة وفق التصور الكانتي. وقد إستكمل هيوم رأي كانت حينما أكد عقم البحث في الميتافيزيقا، كونها معارف تقع خارج ممكنات العقل الإنساني في التحقق التجريبي، فاللغة بطابعها البشري تبقى عاجزة عن إدراك كُنه المعارف الميتافيزيقية. ونتيجة لتأثر الوضعيين المناطقة الذين إنتمى لهم زكي نجيب محمود، نجده قد تأثر مثله مثل كل الفلاسفة الوضعيين بآراء هيوم، فسجل إعجابه بفلسفته من خلال تأليفه كتاب عن فلسفته بعنوان "ديفيد هيوم"، سلسلة نوابغ الفكر الغربي.

تأسست حلقة فينا عام 1920، بدعوى من مورس شليك وبمساندة من رودولف كارناب وهربرت فايجل وآخرين، وقد كان لفتجنشتين وكتاباته الأثر الواضح في ظهور هذا الإتجاه الفلسفي الذي سُمي فيما بعد بـ "الوضعية المنطقية" التي شكلت إمتداداً وتطويراً لوضعية أوجست كونت.

كان من إهتماماتها الدعوة لتبني المعرفة الحسية بطابعها التجريبي، الممتد حضوره في الفلسفة وتاريخها مع روجر بيكون مروراً بتبني فرنسيس بيكون وجون لوك للفلسفة التجريبية وتأكيدهم على أفضلية المعرفة التجريبة مقابل المعرفة العقلية في الوصول لليقين، فما يُميز المعرفة التجريبية هو إرتباطها من الواقع وإلتصاقها به، بينما نجد أن المعرفة العقلية ترتبط بالمثال وتٌفرق الواقع للتحليق في عالم الخيال والتأمل التجريدي، لذلك دعى الوضعيون المناطقة إلى التحرر من الميتافيزيقا، لأن قضاياها ليست قابلة للتحقق التجريبي. وأيقنوا بأن لا مناص للفلسفة ولا كون لها إن لم تتنكر للميتافيزيقا وتجعل مهمتها مقصورة على الإسهام بتطوير المعرفة بطابعها التجريبي. (للمزيد يُنظر كتاب: كيف يرى الوضعيون الفلسفة، مجموعة مؤلفين، تحرير: أي ـ جي ـ مور، تر: نجيب الحصادي، الدار الجماهيرية ودار آفاق الجديدة، بيروت ـ لبنان، ط11994.

حاول محمود تعريفنا بما وصل إليه العقل الغربي في العلوم والفلسفة والفكر السياسي، فضلاً عن البحث في التراث عن إبداعات العقل العربي الإسلامي في العلوم والفلسفة والسياسة وكأن محمود يريد أن يبني اعتقاداً لدى قارئه إنما الأمم لا تنهض من دون أن تكون مُنتجة في هذه المجالات الثلاث، والعرب والغرب يجمعهما هذا المشترك وهو صلتهما بالفكر اليوناني الذي كان العرب جسراً لنقله للغرب وتعريفهم بإبداعات الفلسفة اليونانية التي كان الإطلاع عليها من أسباب إبداعات العرب في العلوم والفلسفة التي كانت أحد الأسباب الرئيسة في نهضة أوربا.

شكلت كتابات محمود الأولى رؤيته وتبنيه الواضح للوضعية المنطقية، لاسيما في كتابه (خرافة الميتافيزيقا) الذي غير عنوانه الى (الموقف من الميتافيزيقا) بعد الحملة التي شُنت على الكتاب بعدَه تنكراً لقيمة الدين في بناء النهضة العربية الأولى وتقويضاً للطرح الديني، وقد ظهر توجهه هذا في كتاباته الأخرى مثل: (جنة العبيط) و(المنطق الوضعي) أو كتابه الآخر(نحو فلسفة علمية).

إهتم محمود بالبحث في التراث عما يدعم توجهه العلمي الفلسفي الحر وميله نحو إستلهام قيم الغرب في المعرفة العلمية وتتأصيلها عبر قراءته للتراث العربي والإسلامي في كتبه (المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري) و(تجديد الفكر العربي) و(قيم من التراث) و(رؤية إسلامية) و(عربي بين ثقافتين) و(جابر بن حيان).

ينتقد محمود الميتافيزيقا حينما يدعي أصحابها بأنها علم، وهو ليس ضدها حينما تكون تأملا وتدينا ورؤية أخلاقية أو جمالية، الأمر الذي لم يفهمه أكثر قراء محمود حينما تصوروا أنه يُحارب الميتافيزيقا، وتبعا لذلك يحارب الدين(1)، فهو لا يرفض الاعتقاد بالميتافيزيقا، ولكنه يرفضها حينما تكون علماً، و حينما يدعي أصحابها أنها طريق يُمكننا من الوصول الى الحقائق النهائية، أو كما يقول هو في مقدمة كتابه (موقف من الميتافيزيقا) وهو الكتاب نفسه الذي يُقال فيه عن محمود أنه يرفض الميتافيزيقا، إذ يؤكد أنه يقبل بها إذا لم تزعم " أنها تُصور الكون كما هو بالفعل " موافقاً في ذلك إيمانويل كانت، هذا الموقف المعروفة آثاره على الوضعية المنطقية، فهو، إذن، لايرفض الميتافيزيقا حينما تكون موقفاً ذاتياً من العالم، وهذا الموقف (بإعتقادنا) لم يتراجع عنه حتى في كتاباته المتأخرة التي ظن البعض أنه تراجع عنها، وكل ما فعله محمود هو العودة للتراث، والبحث عن مصاديق لرؤيته العلمية فيه لاتُناقض آراءه التي طرحها في كتابه (خرافة الميتافيزيقا) فقد دافع عن كتابه هذا في كتبه المتأخرة بقوله : (الكتاب هو دفاع عن العلم ولم يكن له شأن بأي قول ورد في أي دين من الديانات، هذا أولاً وثانياً لم يكن المرفوض عندي الأنساق الميتافيزيقية في ذاتها، فتلك البناءات أنساق فكرية مُحكمة النسيج إحكاماً لا يُقارن إلَا بالأنساق الرياضية، فلو أن الفيلسوف الميتافيزيقي قدم نسقه الفكري على أنه تصور عقلي لا يشترط لقبوله أن يكون تصويراً للحقيقة كما هي قائمة في الواقع الفعلي، لما كان هناك إعتراض على عمل الفيلسوف التأملي)(2)

أدرك محمود أن الإنسان العربي المُشبع بالثقافة الإسلامية لا يستطيع " أن يكون علميا تجريبياً بكل ما تقتضيه وجهة النظر العلمية، وإذا فعل ذلك إنتابه القلق وصعب عليه التصالح مع نفسه. ولهذا يقتضي أن نضيف الى عالم الشهادة غيباً مستوراً، وإذا كان عالم الشهادة بحاجة الى مشاهدة لإدراكه، فالغيب مبني على الإيمان"(3).

التجديد عنده مرتبط بمقدار بعدنا وقربنا من الغرب وعلمه وثقافته، فكلما تمسكنا بالعلم بمعناه الغربي إستطعنا تحقيق نهضتنا، ووجهة النظر هذه هي "المسطرة" التي نقيس بها التراث العربي إذ يقول " ينبغي أن نأخذ من تراث الأقدمين ما نستطيع تطبيقه اليوم عملياً، فيضاف الى الطرائق الجديدة المستحدثة "(4) ويقول في مكان آخر" إما أن نعيش عصرنا بفكره ومشكلاته، وإما أن نرفضه ونوصد الأبواب لنعيش تراثنا..نحن في ذلك أحرار، لكننا لا نملك الحرية في أن نوحد بين الفكرين"(5).

تبنى الوضعية المنطقية بوصفها الفلسفة العلمية التي إستطاع الغرب من خلالها أن يحقق نهضته العلمية والصناعية والتي جاءت مُتممة لأفكار الفلاسفة التجريبيين أمثال فرنسيس بيكون وجون لوك وديفد هيوم، فضلا عن إستمرارها بتوسعة آراء أوجست كونت وجون ستيوارت مل ولن تفوتنا الإشارة الى أثر فلسفة "كانت" على أفكار فلاسفة الوضعية المنطقية، لا سيما في موقفه من الميتافيزيقا، أما أثر بيرس فقد كان في لتوجهه الفلسفي أثره في الفلسفة الوضعية المنطقية، وهو قريب من أثر برتراند رسل و فتكنشتاين وكارناب الذين قصروا معنى اللغة على القضايا التي تصف الواقع التجريبي(6)

إذن لم تأت الوضعية المنطقية من فراغ، إنما هي عبارة عن نسج جديد لفلسفات سبقت، كانت غايتها التركيز على العلوم ومحاولة التخلص من هيمنة الميتافيزيقا والفكر اللاهوتي والغيبي، لذلك يقول محمود مؤيداً هؤلاء الفلاسفة "مذهبنا أن يكون العلم ـ لا الأخلاق ولا الدين ـ مصدر الوحي للفلسفة ... ولما كان " وضع " الأمور في عالم الواقع وهو وحده مجال البحث العلمي، أطلق على النظرة هذه "الوضعية" وفي هذه الحالة وضعية "منطقية" ومن ثم كان الاسم الوضعية المنطقية، مميزا لطائفة من أصحاب الفكر صمموا على ألا يجاوزوا الواقع بنظرهم على أن يكون هذا الواقع الذي يختصون به هو اللغة التي يصوغ فيها سائر العلماء علومهم على إختلاف موضوعاتهم"(7) ومحمود يعد نفسه واحد من هؤلاء، فحينما يتحدث عنهم فإنما يتحدث بلغة الإنتماء للجماعة إنتماءً عقائدياً يُقصي كل فكر مغاير، فيقول " نحن أنصار التجريبية العلمية " و" نحن الوضعيين المناطقة " ...إلخ(8)، وهنا سنذكر له قول يؤيد فيه إنتمائه العقائدي الإقصائي، إذ يقول " إنما أناصر المذهب الوضعي المنطقي لأنني مؤمن بالعلم، ولما كان المذهب كما قلت في كتابي " المنطق الوضعي" هو أقرب المذاهب الفكرية مسايرة للروح العلمي كما يفهمه العلماء الذين يخلقون لنا أسباب الحضارة في معاملهم، فقد أخذت به أخذ الواثق في صدق دعواه، وطفقت أُنظر بمنظاره الى شتى الدراسات، فأمحو منها ما تقتضي مبادىء المذهب أن أمحوه...وكالهرة التي أكلت بنيها جعلتُ الميتافيزيقا أول صيدي، جعلتها أول ما أنظر إليه بمنظار الوضعية المنطقية، لأجدها كلاماً فارغاً لا يرتفع إلَا أن يكون كذباً، لأن ما يُوصف بالكذب كلام يتصوره العقل، ولكن تدحضه التجربة، أما الميتافيزيقا إنما هي ألفاظ غامضة ليس لها معنى، تحتاج الى تحليل لغوي يكشف حقيقة مفروغ منها سلفاً أنها كلام فارغ ولا معنى له"(9) والوضعية المنطقية تقبل ما تقبله وترفض ما ترفضه على أساس المنطق، بمعنى تحليل العبارات والألفاظ تحليلا يبين حقيقة بنائها، إذ يؤكد محمود " أن الفلسفة ليست مطالبة بأن يكون لها قضايا خاصة بها، ولا هي مستطيعة ذلك حتى إذا أرادته هي لنفسها، لأن العلوم المختلفة ـ كل في ميدانه ـ هي وحدها المؤهلة بمناهجها للوصول الى حقائق الكون والإنسان، وحسب الفلسفة إذن أن تسير وراء العلوم تتسقط أقوالها لتصب عليه ضوء التحليل المنطقي، يتكشف ما قد يكون فيها من خلل لتستدعي إعادة النظر من العلماء"(10) وهكذا أصبحت مهمة الفلسفة فقط عند الوضعيين المناطقة ومن تابعهم التحليل والتوضيح للأفكار بوصفها علم للمعاني، ومسائلها هي مسائل لغوية وعملها ينصب على منطق اللغة، أما محك صدق هذه العبارة اللغوية فهو الخبرة الحسية، أو أن تعبر ألفاظنا عما يُقابلها في دنيا الواقع. إذن فكل عبارة مثل " الروح " و" النفس " و" المطلق " وأمثالها، كلها عبارات بغير معنى لإستحالة ترجمتها الى رموز دالة على معطيات حسية "فكل شيء في الوجود هو مجموعة معطياته الحسية "(11) وما يفعله الفيلسوف التأملي أنه يعكس التصورات الذاتية على العالم، بينما يتجه العالم خارج ذاته محاولاً إعطاء تصور موضوعي عن العالم، أما تقسيم الفلاسفة للفلسفة الى علوم نظرية، طبيعية ورياضية وإلهية وعلوم عملية، أخلاق وسياسة وجمال، إنما هو برأي محمود حرفُ للفلسفة عن شغلها الرئيس، فالبحث في العلوم الطبيعية من شأن عالم الطبيعة، والبحث في الرياضيات من شأن عالم الرياضيات، والبحث في الإلهيات إنما هو من شأن رجال الدين (وهكذا) وما بقي للفلسفة وواجبها الصحيح المفيد هو نقد وتحليل، نقد وسائل التعبير وتحليل معاني الألفاظ"(12)، ويعني هنا محمود بالنقد هو الأخذ بأحكام العقل الصارم في فهم العبارات التي يُجريها الكاتبون على أقلامهم، حتى يأخذهم سحر الألفاظ فيستعملونها لأسباب أخرى خارج قوتها الدلالية، ويقصد محمود بقوتها الدلالية هو أن يُشير اللفظ الى المعطيات الحسية(13) فـ "إن أي جملة يقولها قائل، إما أن تكون علماً وبذلك تخضع لمقاييس العلم من طبيعية أو رياضية، وإما أن تكون مُعبَرة عن حالات ذاتية، وبذلك تكون فناً وتخضع لمقاييس النقد الفني، فإن زعم زاعم لجملة يقولها إنها ذات خصائص تُميزها عن العلم وعن الفن وأنها بهذا تكون فلسفة ويكون من العبث تحويلها الى علم، وتناولنا جملته هذه وحللناها فسننتهي حتماً الى أنها كلام فارغ من كل معنى "(14) وهذا ما نريد أن نصل اليه فموقفه هذا هو في كتاباته الأولى وهو نفسه الموقف في كتاباته المتأخرة، فالتقسيم هو نفسه الذي أقام عليه رؤيته للتراث في مرحلة لاحقة حينما قسمه الى معقول ولامعقول، فالمعقول هو ما يُقابل معطيات العلم رياضياً كان أم تجريبياً، واللامعقول هو ما يُقابل الخطرات الذاتية وما تعتمل به النفس من مشاعر ووجدانيات تشمل الأدب والفن والدين، وهنا يتبين لنا أن توجه محمود الفكري واحد رغم تنوع كتاباته، وهو وإن بدى عليه التحول والتناقض، كما سنبين لاحقا وما يعترف به هو، ورغم كل هذه التحولات إلَا أنها كثيراً "ما تخفي سلسلة فقرية واحدة "(15) هذه السلسلة التي نحاول الكشف عنها فيما حاول التمويه علينا في بعض كتاباته من أنه تخلى عنها.

قراءة محمود للتراث

ركز محمود في قراءته للتراث وفق تتقسيم له ينسجم وتوجهه العلمي التجريبي العلماني بطبيعة الحال. هذا التقسيم يجعل التراث قسمين: الأول التراث العقلاني والثاني التراث اللاعقلاني، ونحن بالضرورة إنسجاماً مع هذا التقسيم نكون مُلزمين إذا أردنا أن نحقق نهضتنا المرجوة بإتخاذ الطريق العقلاني الذي رسم ملامحه لنا الغرب، فلم تكن عودة محمود للتراث والبحث فيه عن المعقول، سوى محولة منه ـ برأينا ـ لتبرير توجهه التجريبي العلمي العقلاني، ولم يكن مبني على قناعة منه بأهمية هذا التراث، وهذه المحاولة تشبه كثيراً محاولة فلاسفتنا المسلمين تبيئة الفلسفة اليونانية، لاسيما محاولة ابن رشد في كتابه (فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الإتصال)، فقد كانت محاولة ابن رشد مبنية أساساً للدفاع عن العقلانية اليونانية وتحديداً عقلانية أرسطو (الرجل الذي كمل عنده الحق) بعبارته، فقد تبنى إبن رشد البحث في القرآن الكريم والفكر الإسلامي عن شواهد تؤكد وجهة نظره بأن "الحكمة حق والشريعة حق والحق لا يُضاد الحق بل يوافقه ويشهد له" وبالتالي التصريح بضرورة أخذ العلم والحكمة حتى ولو كان من الأمم المغايرة لنا في الملة(16). ولأن ابن رشد كان فيلسوفاً عقلانياً وعربياً مُسلماً، فقد حاول التوفيق بين "الحكمة" اليونانية و "الشريعة" الإسلامية، ليُبرر القول الفلسفي والقول بشرعيته من داخل الدين، ولينفتح على الحضارة اليونانية، بوصفها حضارة تحترم العقل و "الحكمة، لذلك أظهر محمود إعجابه بفلسفته، وقد سبقه في رؤيته هذه من قبل (فرح أنطون) متأثراً برأي رينان الذي كرره محمود في كتاباته المتأخرة من أن "الفلسفة العربية فلسفة يونانية كتبت بحروف عربية"(17).

المهم أن محمود قرأ ما إستطاع التراث العربي والإسلامي، حاملاً الوضعية المنطقية على كتفه يحط رحاله أينما وجد متسعاً في هذا التراث لتجريبيته الوضعية سواء أكان هذا التراث فلسفياً يحمل طابع التجريب أو قريباً منه، أو كان هذا التراث منطقياً أو لغويا كان أم عقلانياً حينما يكون "الفكر حركة إستدلالية، مع التأكيد على كلمة "حركة" التي تُشير الى النقلة التي ننتقل بها من حقيقة الى حقيقة أمامنا الى حقيقة تتولد منها أو ترتبط بها إرتباطاً مطرداً، وهذا ما يتفق فيه العقليون مع التجريبيين"(18)، إذ يقول:"كانت وجهة النظر التي أريد إصطناعها إزاء مأثورات الأقدمين، هي أن نُحاسبهم بأداة العقل، فما ساير العقل من مأثور أخذناه، وما لم يسايره جعلناه موضوعاً للتذوق والتسلية، فلا نأخذه مأخذ الجد"(19).

لم تكن قراءة محمود للتراث للمزج بين الحداثة والتراث، بل للخلاص من سطوة هذا التراث ولتهديم النزعة التقديسية التي تمنحه قدسية مضخمة، إن لم تكن مكذوبة.

يؤكد محمود أن تجديد التراث والفكر العربي يمر بمشكلات عدة تجعله غير صالح لزماننا الذي هو ليس زمن العرب، بل زمن الغرب بإمتياز أهم هذه المشكلات:

1ـ علاقة السيف والسلطة بالرأي، الأمر الذي يترتب قمع الحرية الفكرية والسياسية والاجتماعية، مستشهدا بقتل الخليفة المهدي للشاعر بشار بن برد وبقصة الحلاج مع الوزير علي بن عيسى، ثم أمر السلطان ضربه ألف سوط، وقطع يديه، ثم إحراقه. وقتل ابن المقفع من قبل الخليفة المنصور وتقطيع جسمه إرباً ورميها في التنور. أما محنة بن حنبل مع المأمون معروفة تفاصيلها لأي قارىء للتراث حينما عُذب لأنه لم يقل بخلق القرآن(20) وهذا إن عنى شيء فإنما يعني إحتكار الحاكم للرأي وغياب الحرية الفكرية، لذلك يقول محمود:" لا لم يكن في ساحة الفكر عند الأسلاف "حوار" حر إلَا في القليل النادر"(21).

2ـ سلطان الماضي على الحاضر وهو كما يرى محمود بمثابة السيطرة التي يفرضها الموتى على الأحياء ، حتى تحول الأمر عندنا الى تقديس لهذا الماضي، لذلك راجع محمود الكثير من كتب هذا التراث للكشف عن مصادر هذه القُدسية، فلم يجد حسب قوله:" إلَا القليل فيها من الإبتكار والأصالة " فـ " فهناك الألوف من المجلدات التي لا تُضيف حرفاً واحداً جديداً، وتعليق على التعليق...فالعلم كله عندنا " يُلقن " للمتعلم فإذا نبغ هذا المتعلم ـ مثلا ـ صار أستاذاً في إحدى الجامعات " أذنوا له بالتلقين "(22).

3ـ تعطيل القوانين الطبيعية بالكرامات، فنحن في حياتنا الثقافية في مرحلة السحر التي نُعالج فيها الأمور بغير أسبابها الطبيعية ، أي التعامل بعقلية الخرافة التي يُحاول بها "الفيلسوف أن يبني أفكاراً في ذهنه، ثم يزعم أنها تصوير لحقيقة الكون، كما هي قائمة في الوجود الواقعي خارج ذهن الإنسان صاحب البناء"(23).

4ـ إختلاف مفهومي العلم والمعرفة اليوم في المعنى والدلالة عن مفهومهما في تراثنا فهذان المفهومان كان مرتبطان عندنا في الثقافة الأدبية، شعراً ونثراً، وكذلك في علوم الفقه والكلام واللغة والفلسفة والتصوف، وهي علوم ـ أغلبها ـ مرتبطة باللسان والقدرة على إتقان اللغة ولا تحتاج الى التجريب والإرتباط بالواقع، فعلوم أسلافنا" كلها علوم لفظ، ورواية وحفظ "(24)، لذلك ينبغي علينا في هذا العصر الإنتقال" من الكلامولوجيا الى التكنولوجيا "(25)، أي التحول من علوم الكلام وعالم الأفكار الى علوم التقنية والتفاعل مع دنيا الواقع. محمود في موقفه هذا من علوم العرب لم يتغير وهو الموقف نفسه في كتابه (خرافة الميتافيزيقا) الذي، فهو يرى أن إستخدامنا للغة العربية من النوع الذي يربط الكلام بالكلام وليس الكلام بالواقع الخارجي، فلا تكاد ترى علاقة بين إستخدامنا للغة العربية ومجرى الحياة العملية، نكتبها من أجل ذاتها وهي وحدها عالم غير هذا العالم. الغة عندنا نغم يطير بنا عن أرض الواقع ويصعد بنا الى اللانهائي المطلق، فيجدر بنا اليوم التحول من حضارة اللفظ الى حضارة الإداء(26) ومن ثقافة اللفظ الى معناه واللفظ يكون له معنى حينما تكون هناك مطابقة بين الفكر والواقع، والفكرة عند محمود "ينبغي ألا تُقاس فقط بسلامة إستدلالها من فكرة أخرى، وإنما تُقاس بنفعها"(27).

الشرق والغرب

واحدة من مشاكلنا نحن العرب أننا لم نستطع تمثل الثقافة الغربية وهضمها، ليس اليوم بل وحتى مع الثقافة اليونانية التي بقيَ التعامل معها على أنها وافدة وليست من جنس ثقافتنا، لذلك دعا فلاسفتنا الى ضرورة الإفادة من علوم الأمم الأخر حتى وإن كانت مخالفة لنا في الملة، بدءً من الكندي مرورا بالفارابي وصولاً الى ابن رشد، كانت هذه الدعوة الأساسية في جل كتاباتهم التي سُميَت مشكلة العلاقة بين الحكمة والشريعة، فوجدنا فيلسوفاً مثل ابن رشد يُخصص لها كتابا كاملاً بعنوان (فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الإتصال)، لكن الى أين انتهت هذه المشكلة؟ إنتهت في المشرق العربي بتكفير الغزالي للفلاسفة (الفارابي وابن سينا) وخُتمت في المغرب العربي بحرق الموحدين لكتب ابن رشد، تلك اللحظة التي إنتقلت فيها هذه الكتب الى أوربا، فشكلت احدى لبنات عصر التنوير الأوربي، كما أشار لذلك رينان في كتابه (ابن رشد والرشدية) على الرغم من إعتقاده بأن العرب لم يكن لهم دور سوى أنهم كانوا واسطة لنقل الفلسفة اليونانية الى اوربا وأن الفلسفة بقيت عند العرب يونانية مكتوبة بحروف عربية وهذا الرأي عينه الرأي الذي يعتقد به محمود اذ يقول عن الفلسفة العربية الاسلامية "أنها فلسفة يونانية كُتبت بحروف عربية"(28) كما ذكرنا ذلك سابقاً، وعلى الرغم من ذهابه الى هذا الرأي نجده يُناقض نفسه، فنراه يبحث في كتابه (المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري) عن تراثنا المعقول الذي أنتجه العقل العربي والإسلامي خارج سطوة وهيمنة الفلسفة اليونانية في علم الكلام ودفاع المعتزلة عن حرية الإنسان وعقلانيته، أو في علوم اللغة والأدب مع الجرجاني والجاحظ وإبن جني والتوحيدي.

يعتقد محمود أن مشكلة الثقافة العربية أنها غير منسجمة مع الثقافة الغربية وهذا الأمر متعلق بطريقة التربية، فـ "الناس فيما يُسمى بالشرق قد وجهتهم التربية وجهة ثقافية معينة تُخالف الوجهة التي إتجه اليها الناس فيما يُسمى بالغرب بحكم التربية أيضا، فبينما الناس في الشرق يتلقون (القيم) المُسيرة لحياتهم من السماء عن طريق الوحي... ترى الناس في الغرب يزعمون أنهم إنتهوا الى (القيم) إستدلالا عقلياً..."(29) بمعنى أن العقل في الغرب يربط الأسباب بمُسبباتها الطبيعية، بينما العقل الشرقي عقل غيبي يُركز على ربط الأسباب بالخالق وتقوية الصلة بين المخلوق وخالقه مُختلفاً عن الغربي الذي يبحث عن الصلة بينه وبين الطبيعة.

التباين إذا بحسب ما يرى محمود قائم بين ثقافتنا وثقافة الغرب، فثقافتنا التي هي ثقافة الأسلاف "قوامها مبادىء تُكتب لفظاً على ورق الكتب ليلتقطها الأبناء والأحفاد، فتكون هي (القيم) التي يُنظمون سلوكهم على منوالها ويصوغون أذواقهم الجمالية على هُداها، أما ثقافة العصر فقوامها (أجهزة) علمية تتخذ أدوات للبحث عن أسرار الطبيعة، وتنتهي بالباحثين الى إنتاج (آلات) تقام الحياة العملية على إستخدامها...إن ثقافة تراثنا هي ثقافة (أخلاق) وثقافة العصر هي ثقافة (علوم)"(30) " فالفرق كبير بين رجل يعرف كيف (يعمل) دون أن يعلم النظرية التي ينبني عليها ذلك العلم (وهو الشرقي) ورجل يعرف كيف يعمل تطبيقا لنظرية يعلمها (ذلك هو الغربي)"(31) وهنا يتضح أن محمود يؤمن بأن العقلية الشرقية عموماً والعربية تحديداً تختلف عن العقلية الغربية من خلال النصوص التي ذكرناها قبل قليل، إلَا أننا نجده في نصوص أخرى وفي كتابات أخرى له، يُناقض رأيه هذا ويحاول البحث عن نقاط التشابه بين العقليتين، ففي النظرة العامة لكل من الشرقي والغربي شخصيته، لكن حين النظر الى العربي والكلام لمحمود " الذي يمثل الشرق الأوسط نجده يجمع النظرتين معا، بمعنى النظرة الروحية التي تميز بها الشرق والبرهانية المادية التي تميز بها الغرب، فإلى جانب الفلسفة الإسلامية القائمة على منطق العقل، ترى جماعة المتصوفة المُسلمين يلجأون الى معرفة الحق الى شيء غير العقل ومنطقه، إذ يلجأون الى الحدس المباشر(32) مع أننا ذكرنا إنه ينظر الى النتاج الفلسفي العربي بوصفه نسخة أخرى للفلسفة اليونانية، وهذا يعني أن محمود يؤيد القول بأن العقل العربي عقل خطابي وباطني، ذلك التقسيم للعقل الذي تبلور بشكل جلي في أطروحات محمد عابد الجابري فيما بعد، الذي قسم العقل العربي الى عقل خطابي وآخر عرفاني تميز بهم مفكرو وفلاسفة المشرق العربي، و ثالث برهاني تميز به فلاسفة المغرب وكأنها إعادة وتكرار لأطروحات رينان التي ذكرناها سابقاً(33) ، وفي مكان آخر نجده يقول: " الحقيقة الإنسانية واحدة مهما اختلفت الألوان، الجلود، طرز الثياب، وألوان الطعام، وأنماط الروابط والصلات، فبخيل الجاحظ كبخيل مولير، صورة إنسانية لا تُقيدها قيود اللغة التي رُسمت لها ولا الأوضاع الاجتماعية التي نشأت في ظلها، وقيس هو روميو وروميو هو قيس، كما أن ليلى وجوليت أختان في المصير... فالإنسان هو الإنسان في سعادته وشقائه، في لهوه وفي جده، في جوعه وفي امتلائه، رضاه وفي سخطه، إنما تتغير القشور دون اللباب"(34) وفي مكان آخر يشير محمود أن "من هو نموذج للعبقرية عندهم (الغرب) مثل (أليوت) و (جويس)، لا يجوز أن يكون هو نموذج العبقرية عندنا، لأن حاجتنا غير حاجتهم وأدبنا غير أدبهم "(35) وعجبي من هذا الكلام، فإذا كانت الحقيقة الإنسانية واحدة كما أشار هو فما الضرر حينما تكون نماذج العبقرية واحدة لاسيما في الأدب، فهل تختلف حاجتنا حينما نقرأ ماركيز في (مائة عام من العزلة) أو حين قراءة دستويفسكي في روايته (الأخوة كارامازوف)، فإذا كان ما يكتبه هذان وغيرهما يُشكل حقيقة إنسانية، فلماذا لا يكونوا نماذجاً للعبقرية عندنا وعند غيرنا، يبدو لي أن قراءة محمود للعلاقة بين الشرق والغرب تعاني ارتباكاً واضحاً، فمرة تجده وكأنه يتمنى أن نجعل الغرب أنموذجاً لنا نأكل مثلما يأكل ونكتب من الشمال الى اليمين ونرتدي من الثياب ما يرتدون(36)، ويذكر أنه لم يكن يُفرَق بين ما يجوز نقله وما لا يجوز(37) وفي الوقت الذي نجد في عبارته هذه لوم للذات لأنها كانت ذات نظرة أحادية إلَا أنه يعود في نفس كتابه هذا (قصة عقل)، وهو من الكتب المتأخرة، يرجع ويدافع عن نفسه ليقول:"فإذا كان إتجاه الغرب همه الأول هو الإنسان وهو من العوامل التي كانت التي تطحنه طحناً وتقهره قهراً، أ فيكون غريباً أن نعمل على نشر مثل هذا الفكر في بلادنا مثل الذي أفرزه في حياة الغرب من توقير وتقديس لمكانة الإنسان وكرامته "(38)، وكأنه نسيَ أن للأفكار بيئة تنشأ فيها، فالأفكار كالأشجار لها ظروفها البيئية والطبيعية التي تعيش فيها. ومرة يدعو لأن تكون نماذجنا مختلفة عنهم فيما لا ينبغي الإختلاف. تارة يتكلم عنا نحن العرب بوصفنا شرقاً لنا كل قيم الشرق لاسيما الروحية، وأخرى يرى أننا الطرف الوسط الذي تجتمع في قيم الغرب والشرق، إذ يقول " أن في العالم على وجه الإجمال طرفين مختلفين من حيث النظرة الى الوجود، طرف منها يتمثل في الشرق الأقصى، الهند والصين وما جاورهما، ويتمثل الآخر في الغرب، أوربا وأمريكا، وبين الطرفين وسط يجمع بين طابعيهما هو الشرق الأوسط، فأما الشرق الأقصى فطابعه الأصيل العميق النظر الى الوجود الخارجي تنفذ خلال الظواهر البادية للحس الى حيث الجوهر الباطن، فيدرك الجوهر بحدس مباشر يمزج ذاته في ذاته مزجا تفنى معه فردية الفرد لتصبح قطرة في الخضم الكوني العظيم، ومثل هذه النظرة معتمدة على اللمسة الذاتية المباشرة التي لا تحتاج الى تعليل و تحليل ومقدمات ونتائج"(39)، وهذا يعني أن ثقافة الغرب هي التي تتقاطع وهذا التوجه بالكامل، أي أنها ثقافة برهانية إستدلالية تهتم بالجزئيات دون الكليات أداتها المعرفية العقل والحس لا الذوق والحدس، تأتي المعرفة عندهم بالمشاهدة والتجربة المعتمدة على فحص الواقع إذ يقول " إذا إجتمع رجلان، أحدهما يقف من الطبيعة وقفة العلماء ... والآخر يقف من الطبيعة وقفة المتصوف الفنان ... أقول إذا إجتمع رجلان بهذه الميزات لكل منهما، فلا رجاء ولا أمل أن يلتقيا على رأي، لأن كلاً منهما يجول في غير العالم الذي يجول فيه زميله"(40)، و النتيجة برأينا صعوبة الجمع والدمج بين حضارتي الغرب والشرق ولكن الغريب أنهما إجتمعا مع اليابان واليوم مع الصين وهذا أمر لم يشر إليه محمود رغم أهميته والغريب أنه لم يهتم به وهم بالإشارة الى العرب بوصفهم الشرق الأوسط الذي يجمع الحضارتين وكأن اللقاء بين الحضارتين محكوم فقط بجغرافية المكان لا بطبيعة العقلية والأخلاق المهيمنة التي تنبه هو لها في أولى كتاباته، فهناك برأيه نوعان من المجتمعات كل منهما يتميز بمجموعة من العادات والتقاليد السلوكية والفكرية، فكثير من الناس في مجتمعنا لا يعرفون مكانهم المناسب، فبعضهم يدعي العلم ولا يعلم وبعضهم يدعي الشرفية وهو عنها بعيد ويطلب بعضنا ما ليس له إستحقاق به(41).

 د. علي المرهج - استاذ فلسفة

................

(1)  ينظر: د.محمد البهي: الفكر الإسلامي وصلته بالاستعمار الغربي، دار القلم بمصر، ط2، 1962،ص217 ومابعدها

(2)  ينظر: زكي نجيب محمود: قيم من التراث، ص121.

(3)  زكي نجيب محمود: ثقافتنا في مواجهة العصر، دار الشروق، بيروت، لبنان والقاهرة،ط2 1979، ص24 وأيضا خديجة خليل العزيزي: التراث، القيم والدين عند زكي نجيب محمود، المجلة الفلسفية العربية، مصدر سبق ذكره،ص69.

(4) المصدر نفسه، ص18

(5) المصدر نفسه، ص189.

(6) لمزيد من القراءة حول أثر مدرسة التحليل المنطقي على الوضعية المنطقية وإشتغال محمود حول هذا الأثر، ينظر: فاتنة حمدي: موقف من الميتافيزيقا ـ تحليل ونقد ـ مصرسبق ذكره، 48.

(7) زكي نجيب محمود: نحو فلسفة علمية، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ط1، 1960، ص30.

(8) ينظر: المصدر نفسه، ص178 و ص226 وص248 وكذلك ينظر زكي نجيب محمود: فلسفة وفن، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1963، ص59 وكذلك زكي نجيب محمود: من زاوية فلسفية، ص61 وكذلك زكي نجيب محمود: قشور ولباب، ص160 وكذلك زكي نجيب محمود: قصة عقل، ص92 وكذلك زكي نجيب محمود: الموقف من الميتافيزيقا، ص15 وص27 ص23 وصفحات كثيرة أخرى من هذا الكتاب.

(9) زكي نجيب محمود: قصة عقل، : قصة العقل،دار الشروق، بيروت، القاهرة، ط1، ط 1983، ص189.

(10) زكي نجيب محمود: الموقف الميتافيزيقا، ص ح.

(11) زكي نجيب محمود: قشور ولباب، ص189 كذلك زكي نجيب محمود: نحو فلسفة علمية، ص183 وص190، نفس المعطيات.

(12) زكي نجيب محمود: موقف من الميتافيزيقا، ص30.

(13) ينظر: زكي نجيب محمود: فلسفة وفن، ص27.

(14) زكي نجيب محمود: نحو فلسفة علمية، ص324.

(15) زكي نجيب محمود: مجتمع جديد أو الكارثة، ص22.

(16) ينظر:علي عبد الهادي عبدالله، النص الرشدي في القراءة العربية المعاصرة، دار الهادي ، بيروت لبنان، ط1، 2008، الفصل الأول.

(17) زكي نجيب محمود: المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري، ص116 وص335.

(18) المصدر نفسه، ص374 وكذلك ينظ: زكي نجيب محمود: من زاوية فلسفية، دار الشروق، بيروت، القاهرة، ط1، 1979، ص87.

(19) زكي نجيب محمود: المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري، ص384.

(20) ينظر: زكي نجيب محمود: تجديد الفكر العربي، ص28ـ ص50.

(21) المصدر نفسه،ص46.

(22) المصدر نفسه ،ص 56ـ 57.

(23) زكي نجيب محمود: موقف من الميتافزيقا، ص هـ من المقدمة، كذلك ينظر زكي نجيب محمود: تجديد الفكر العربي، ص27 وكذلك زكي نجيب محمود: بذور وجذور، دار الشروق، بيروت، القاهرة، ط1، 1990، ص68 وص69، نفس المعطيات، وكذلك، زكي نجيب محمود: المعقول اللامعقول في تراثنا الفكري،

(24) زكي نجيب محمود: تجديد الفكر العربي، ص100.

(25) زكي نجيب محمود: هذا العصر وثقافته، دار الشروق، بيروت القاهرة، ط1، 1980،ص169.

(26) ينظر: زكي نجيب محمود: المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري، ص33 وأيضا: زكي نجيب محمود: تجديد الفكر العربي، ص216 ـ ص234.

(27) زكي نجيب محمود: تجديد الفكر العربي، ص244.

(28) ينظر: زكي نجيب محمود، المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري، ص116 وص335.

(29) المصدر نفسه: ص120ـ 121.

(30) زكي نجيب محمود: قصة عقل، ص227ـ228ـ

(31) زكي نجيب محمود: المنطق الوضعي، ج2، ص150.

(32) ينظر: زكي نجيب محمود: الشرق الفنان، دار المدى، بغداد، دمشق،2007، ص63) كذلك: زكي نجيب محمود: قصة عقل، ص179.

(33) ينظر بحثنا: إعادة تشكيل العقل العربي (قراءة نقدية لطروحات محمد عابد الجابري)، مجلة أقلام ببغداد ع4 لسنة 2010، السنة 45، ص55 ـ ص64.

(34) زكي نجيب محمود: فلسفة و فن، ص232.

(35) المصدر نفسه، ص285.

(36) ينظر: زكي نجيب محمود: شروق من الغرب، دار الشروق، بيروت، لبنان،ص103.

(37) ينظر: زكي نجيب محمود: قصة عقل، ص73.

(38) المصدر نفسه، ص74.

(39) زكي نجيب محمود : الشرق الفنان،ص9.

(40) المصدر نفسه، ص42.

(41) ينظر: زكي نجيب محمود: جنة العبيط، دار الشروق، بيروت، القاهرة،ط2، 1982، ص19 ـ ص28.

 

في المثقف اليوم