أقلام حرة

القدس تبكي.. أين أنت يا آبا عمار؟!!

محمود محمد عليالقدس تتعذب.. تتألم.. تبكي.. تئن.. يعتصر قلبها بعدما أطل علينا ترامب بصفقة القرن اللعينة.. القدس تستغيث.. تنادي القلب ينزف والعروق تتقطّعُ في كل يوم .. أين أنت يا آبا عمار.. قل للمستسلمين الذين يندبون ويولولون كالنساء علي ضياعي... لتبقي القدس شامخة الجبين.. بغيابك يا آبا عمار انطفأ بريق الحماس الذى كان يشد أزرهم.. ويمنحهم الأمل والقوة والتفاؤل فى غد يحمل نسائم الحرية وبشائر الاستقلال.

انحرفت البوصلة وتراخى حاملو الراية من بعدك... كنت تجمعهم يا حبيبي من حيث اختلفوا.. تفرقوا من بعد غيابك.. انفرط العقد وتناثرت حباته.. صار الانقسام والاقتتال والصراع على السلطة من بعدك عنوان المرحلة... تنازلوا تلو الآخر من بعدك فى مفاوضات عبثية بيزنطية وتهاوى حلم «عرفات» الذى عجل فى بلورة الهوية الفلسطينية.

ذكرهم يا آبا عمار كيف لعبت دوراً محورياً فى تحويل مخيمات اللاجئين إلى بؤر للنضال.. ذكرهم يا آبا عمار كيف ساهمت بقوة فى تحويل أهلك من متسولين على أبواب وكالة الغوث إلى مناضلين يعتزون بكرامتهم الوطنية.. ذكرهم يا آبا عمار كيف نجحت فى إعادة اسم فلسطين إلى خريطة المنطقة الجيوسياسية.. وكيف كرست استقلالية الحركة الفلسطينية.. ذكرهم يا آبا عمار كيف ساهمت فى نفض الغبار عن القضية وإقناع دول العالم بعدالتها، وبحق هذا الشعب فى الحرية وبناء دولته المستقلة.

الآن يا آبا عمار دارت العجلة إلى الخلف وتراجع كل ما قد بنيته وأسسته.. تراجعت القضية لتصبح فى أدنى مستويات الاهتمام العربى والدولى.. استطاعت إسرائيل التهام ما تبقى من الجسد الهزيل فى غفلة من العرب وانشغالهم بأزماتهم وتواطؤ الحليف الأمريكى... جاء «ترامب» ليعترف بأنني عاصمة إسرائيل... قل لأحفادك يا آبا عمار دمائنا تصرخ فيكم... لا تفصلوا القلب عن الأعضاء... ولا تقتلوا الجنين.. دموع الثكالي تناديكم... لا تمزقوا جسد الوطن الحزين... ألا تسمعون صرخات استنجاد الاسري والمعتقلين !!.. وصوت الأقصى يتألم جرحا وأنين.. صهيوني حاقد يدنس باحاتي.. ويذبح عنق الطفل بسكين.. فثوروا لنصرة اقصاكم.. فقد اغرقوه بدم الاحرار حد الجبين.

حتي آبا مازن الذي كنت تعول عليه من بعدك والذي طلبت منه أن يكون ذئباً حتي لا تأكله الذئاب.. صار يشجب ويكتفي بالشجب والإدانة.. قل له يا آبا عمار لا تنسي جرح السنين... فالقاتل أمام عينك يعربد شمالا ويمين !.

قل له بأن يقول لهم : أن يسمعوني فإني أبكي من شدة الألم... أبكي دما... قل له بأن يقول لهم : نحن منا الشهيد والجريح والسجين... لا تقولوا للبيت رب يحميه.. فالرب لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم.. إننا تحت وطأة الظلم نعاني جحود المسلمين ومن كانوا يتظاهرون بأنهم حامين الإسلام.... لا تواسوني ، ولا تقولوا يا قدس اعذرينا لأننا فقدنا الإحساس، فعروبتنا مشكوك بها..

قل له يصرخ في وجهوه حكامنا الذين نعتبرهم عربا ومسلمين.. اجعله يقول لهم ولا يخجل: عار عليكم أيها العرب الصامتون أن تقولوا القدس الجريحة موطننا.. أين مواقفكم تجاه القدس.. تنديدا واستنكارا فقط.. لقد ملت ذلك.

قل له بأن يقول لهم : كونوا ثأئرين ولفلسطين مساندين.. أليس فيكم عمر أو صلاح الدين ؟.. أم صار الشقاق بينكم كالشيطان الرجيم..

قل له بأن يقول لهم : إبكوا علي قدس لم تحفظوها كالرجال!!.... بل ابكوا على أمةٍ ماتت عزائِمها وفوق أشلائها تساقطت العلل.. هَل يَنفَعُ الدَّمعُ بعد اليومِ في وطنٍ.. مِن حُرقةِ الدمعِ ما عادت له مقلُ.!!

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل - جامعة أسيوط

....................

المراحع:

1- جيهان فوزى: مقال عنوان " هل ضاعت القدس؟

2- أكرم مكناس : القدس تبكي والكل يبكيها.

3- حازم عبد الله سلامة : القدس تبكي... تستغيث

3-أشعار فاروق جويده.

 

في المثقف اليوم