أقلام حرة

هل الفضائيات العراقية ومن تستضيفهم يستحقون أن يمارسوا حرية التعبير؟

أشك أنهم يستحقون. لماذا؟ أقول لك. .....

...... إنها فضائيات، وما أكثرها اليوم في العراق، تشتغل مسبقا على أفكار سياسية، سواء كانت حزبية أو غير حزبية, ويشتغل من تستضيفهم من المحللين السياسيين العراقيين، وأكثرهم غير سياسيين، على تقديم كلام جاهز لكل فضائية من هذه الفضائيات العراقية, ولا ننسى العربية أيضا، وحسب الطلب بما تريد منهم أن يقولوا وفق توجهها السياسي وأكثرها تنتقد وتهاجم عبر محلليها الوضع السياسي والقائمين عليه بسبب ما وصل إليه العراق والعراقيين من فوضى سياسية واقتصادية واجتماعية. هذا الكلام فيه القليل من النقد الحقيقي، الموضوعي والمحايد يقول به القليل من المحللين السياسيين، وفيه الكثير من الكذب والتلفيق، التهمة والشبهة، التسقيط والتشهير يقول به أكثر المحللين السياسيين.... يرافقه  صياح وصراخ وانفعال وعصبية وغضب يتكلفونه ويتصنعونه أمام الكاميرا. فلا غرابة أن الحكام المسؤولين عن هذه الفوضى السياسية التي أنتجت هي الأخرى فوضى اقتصادية واجتماعية على مدى السنوات الماضية منذ السقوط في نيسان 2003، يشاهدون ويسمعون  الكلام الذي يهاجمهم كمسؤولين فاسدين وفاشلين في الحكومة، كبيرا كان أو صغير، ولكنهم لا يهتمون ولا يغتمون بالكلام، بل ويضحكون، ربما، على من يهاجمهم به ويسخرون منهم وكأني بهم يقولون لهم:

(تكلموا، تكلموا، في الفضائيات العراقية والعربية التي تستأجركم وقولوا ما تشاؤون ونحن نفعل ما نشاء في حكم العراق والعراقيين. ها قد مضت 16 سنة وانتم على حالكم هذه، فما الذي حققتم من كلامكم؟ نفس الوجوه تظهر يوميا لتتكلم بنفس الكلام عن الفساد والفاسدين والفشل والفاشلين والمحاصصة والمتحاصصين والطائفية والطائفيين والحزبية والحزبيين وانعدام الخدمات الأساسية التي يعاني بسببها المواطنون والبطالة والتعيينات والإصلاحات...... لم نخف يوما من كلامكم ولم نفزع أو نرتعب. ولكن نخاف ونفزع ونرتعب هذه الأيام من التظاهرات الشبابية السلمية التي انطلقت في  تشرين الأول/2019 في ساحة التحرير وساحات بقية المحافظات هذه التظاهرات هي التي جعلتنا ننتبه إلى أنفسنا وما فعلناه بحق العراق والعراقيين، وبدأنا نحسب الحسابات لما يمكن أن تكون فيه نهايتنا إذا استمرت هذه التظاهرات الشبابية، ولذلك سمحنا بتحقيق بعض الإصلاحات وقبلنا ببعض التنازلات ومررنا بعض القرارات، ولكن المتظاهرين لا يرضون ولا يكتفون بما حصلوا عليه ويصرون على أن نترك الحكم لهم، هم الشباب الجديد، أو لحكومة مستقلة وغير حزبية، ونحن نقاوم الآن للتمسك بالحكم، ونحاول الإفلات من هذا المأزق الكبير الذي وضعنا فيه المتظاهرون الشباب في فترة قصيرة وليس كلامكم الفارغ أيها المحللون السياسيون طوال السنوات التي مضت منذ سقوط النظام البعثي في نيسان 2003 ......)

لقد أصبح مقرفا حقا، أن ترى هذه الفضائيات العراقية تستغل حرية التعبير التي كفلها الدستور بشكل لا يطاق من مقدمي البرامج في هذه الفضائيات الذين يديرون هذه الندوات واللقاءات إلى المحللين السياسيين الذين تستضيفهم ليلا ونهارا وما يحدث فيها من مضحكات ومسخرات، فأكثرهم يتكلف ويتصنع ويمثل في الكلام وهو يعتقد، كاذبا، أنه يقول كلاما موضوعيا، حياديا، متجردا يهدف إلى قول الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة كما يقتضي النقد والتحليل السياسي الصحيح، ولكن لا شيء من هذا يحدث مع هؤلاء، فهل تستحق أكثر هذه الفضائيات العراقية وأكثر من يتحدث في منابرها من المحللين السياسيين العراقيين حرية التعبير التي كفلها الدستور العراقي؟

أشك في ذلك!

 

احمد صادق

14/2/2020

 

في المثقف اليوم