أقلام حرة

لماذا تكثر الأخطاء اللغوية؟!!

صادق السامرائيالذين لديهم تجربة في النشر الورقي قبل عصر الإنترنيت، يعرفون أن ما يرسلونه للصحيفة كان يخضع لمراجعة دقيقة من قبل محرر أو محرروا الصفحة التي سيُنشر فيها، ويتم تصحيحه لغويا وبحرص تام على أن يكون سليما.

وفي الصحف الأجنبية عندما ترسل مقالا فأنه يخضع لمراجعات وملاحظات وتفاعلات وإعادات نظر، وترتيبات متنوعة حتى يستوفي المواصفات التي تتميز بها تلك الصحيفة.

وحتى المواقع الأجنبية لا يُنشر فيها بعشوائية وبلا تدقيق وتصويب وتحرير أمين، وإنما للكلمة قيمتها ودورها وأهميتها، وللّغة مكانتها وهيبتها وكرامتها، ولا بد من التعبير بها بفصاحة راقية وتأثير على القارئ.

أما في الواقع العربي، وخصوصا بعد عصر الإنترنيت، فالمواقع بأنواعها لا يوجد فيها محررون يدققون ويصوّبون إلا فيما ندر، بل أن معظم المواقع صارت كالحياطين أو الجدران يكتب عليها وفيها مَن يشاء وكما يشاء، وفقا لمنطلق أن المقالة لا تعبر عن رأي الموقع أو الصحيفة بل عن رأي صاحبها.

وأكثر المواقع لا تحرر ما تنشره وترمي به على صفحاتها على علاّته، فتنشر الغث والسمين في آنٍ واحد.

وهذا من أهم أسباب شيوع الأخطاء الإملائية والتعبيرية في اللغة العربية، فالذين يكتبون بلغات أخرى لديهم أغلاطهم لكن هناك مَن يراقب ويصوّب ويحرّر وينتقد.

فشيوع الأغلاط الإملائية والتعبيرية ربما مردّه بدرجة كبيرة إلى غياب دور المحررين فيما يُنشر في المواقع، وكذلك الصحف التي تعتمد آليات القطع أو القص واللصق.

إنّ إطلاق موقع أو صحيفة مسؤولية ثقافية حضارية إنسانية تتطلب جهدأ وإجتهادا، ورؤية تنويرية معرفية ذات قيمة تأثيرية في تنمية العقول والأذواق والمهارات اللغوية، عند القارئ والكاتب.

والمختصون بالبرمجة عليهم أن يجتهدوا في إبتكار البرامج اللازمة للتصويب اللغوي كما هو الحال في اللغات الأخرى، التي يكون فيها البرنامج عونا مهما في تصويب الكلمة والعبارة.

وعليه فأن العربية بخير، إذا تأملنا أغلاطها في عالم النشر بلا تحرير!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم