أقلام حرة

الفايروس يحكمنا!!

صادق السامرائيالفايروس ذلك الجسيم اللامرئي بعيوننا يداهمنا ويقرر مصيرنا، ويردع أعتى القوى والقدرات الأرضي ويجعلها تتخبط في تداعيات هجماته الفتاكة التي لا تستطيع أن تواجهها بسهولة، وخير لها أن تتعلم الهرب والإنزواء، وهو سلوك صعب بعد أن وصلت البشرية إلى مديات تواصلية فائقة.

الفايروس يزعزع أركان الوجود الأرضي، ويعيد ترتيب الأولويات، ويوقظ الدنيا من سكرتها المادية، وما تغطس فيه من التصورات والأوهام الفانية، فلا أمريكا أمريكا، ولا أوربا أوربا.

فالأقوى هو اللامرئي، والقوى الأرضية تستنفر طاقاتها لمحاربته والوقوف صامدة بوجهه، العدو اللامرئي هو الذي تغفله البشرية وتتناساه، رغم صولاته الفتاكة المتكررة على مر العصور.

عدو مهما حذرتً منه لا يؤخذ تحذيرك بجدية وإعتبار، بل ربما يكون محط إسنهزاء وسخرية، حتى تقع الواقعة ويصبح الناس أمام الأمر الواقع الذي لا مفر منه.

فالعديد من العلماء المتخصصين في الفايروسات والمايكروبات قد حذّروا من نوبة وبائية شديدة تنتظر البشرية وكتبوا ونشروا وتحدثوا، وما من سياسي أو قيادي إستمع إليهم وأخذ تحذيراتهم بجدية وإهتمام، وإنما إهملوها جميعهم، وهاهي مقالاتهم وخطاباتهم تقبع في المواقع التي نشرت فيها منذ سنوات.

ذلك أن البشرية لا تؤمن بالمتصور أو الذي لا تراه وتعيشه يوميا، وحتى فايروس كورونا وفي المجتمعات التي نسميها متحضرة، يتم نكرانه والإستهانة بإجراءات الوقاية منه، ولهذا فهو ينتشر بقوة في هذه المجتمعات ويقضي على الآلاف، ولا يزال الناس في غفلة منه ونكران حتى يصيبهم.

فعلى سبيل المثال تجد الناس يستثقلون وضع الكمامات، أو البقاء في البيوت، أو غسل اليدين والإلتزام بعدم التجمع وإبقاء مسافة بين الأشخاص، ولا تزال الحالة على وضعها رغم تزايد عدد الإصابات والموتى منها.

ويصعب تفسير السلوك البشري وفهمه، رغم أن الموقف الذي يواجهه خطير وكارثي، مما يشير إلى أن البشر يعترف في لا وعيه بضعفه وعجزه، ويبدو على غير حقيقته وكينونته الجوهرية الفاعلة فيه.

"خلق الإنسان ضعيفا"!!

فهل من الحكمة أن نقول بأنه قوي؟

ولماذا يتوهم القوة؟

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم