أقلام حرة

لماذا لا تكتب في السياسة؟!!

صادق السامرائييتواصل معي الأصدقاء والزملاء والقراء ويسألونني: لماذا لا تكتب في السياسة؟!!

ولا أجيب، لكن الإلحاح يتواصل ورأيت أن أكتب جوابا للجميع!!

لا بد من طرح سؤال أساسي وجوهري هو: هل توجد سياسة في بلاد العُرب أوطاني؟!!

ستستغربون من السؤال، والجواب يبدو واضحا، أن لا وجود للسياسة في بلداننا، وإلا لماذا وصلت الأحوال إلى هذا المآل الوخيم!!

ولو تأملتم الأوضاع منذ أن تأسست الدول في المنطقة، أي منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى اليوم، ستجدون أن الأنظمة يتم تنصيبها للقيام بأدوارها وتنتهي وفقا لما هو مرسوم ومحتوم.

فلا توجد حكومات وطنية بالمعنى المتعارف عليه، فأين قيمة المواطن والمواطنة وحقوق المواطنين؟!

ولو أمعنتم النظر لتبين أن المنطقة عبارة عن ميادين صراعات ما بين القوى الطامعة بها والقابضة على مصيرها، والتي تجيد تمرير لعبة الدين بأحزابه ومذاهبه وفئاته لشل الحياة وطمر التطلعات في صدور الأجيال، وفقا لآليات "أستعبدُكَ بما تريد"، و"سعيد مَن إكتفى بغيره"، فأبناء المنطقة يحققون مشاريع ومصالح الطامعين فيها.

والمحصلة النهائية أن القطار يسير والأقلام تصرخ وتصيح فتكسرت وجفت دواة حبرها، والناس لا تقرأ وإن قرأت لا تفقه أو تستصغر وتستهجن، ولا ينفع معها التحذير، وهي في حقيقتها لا تريد أن تعرف وتقرر، وتميل إلى التبعية والتجرد من المسؤولية، ولهذا تجد أسواق العمائم رائجة وبضاعة الأحزاب مائجة، وكلٌّ يغني على ليلاه.

ولو راجعتم ما كتبه المفكرون والمصلحون في القرن العشرين، لتبين لكم أن الزمن والأحداث قد أظهرت أنهم كانوا من المنبوذين المتهمين المٌكفَرين بل المقتولين، والأمثلة متكررة ومتنوعة وفي كافة بلدان المنطقة، فما أن تنطق بحق حتى تنهال عليك التُهم، وعلى رأس المُتهمين تجار الدين الذين يتربّحون بتعطيل العقل وتجهيل الناس وإفقارهم، لكي يدوموا لحضراتهم تابعين قابعين.

وعندما نأتي إلى السياسة، فهي عبارة عن قوانين غاب شرسة يسري مفعولها في المنطقة، وتسمى جزافا سياسة، فهل عهدتم تفاعلا وطنيا إيجابيا بين القِوى على مدى القرن العشرين وحتى اليوم؟!

وهل وجدتم تسويقا أم تعويقا للأقلام الوطنية؟!!

فلماذا نكتب في موصوعات لا وجود لها؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم