أقلام حرة

التفكير فريضة كُبرى!!

صادق السامرائيالمتعارف عليه في الإسلام إن أول كلمة جاء بها الوحي هي " إقرأ"، ومن بعدها تواصل النزول حتى إكتمال القرآن.

وعندما يُطرح سؤال، لماذا إقرأ؟

كيف سيكون الجواب؟

فلماذا لم تكن كلمة، بلّغ، إعمل، إجهر، وغيرها من المفردات؟

إقرأ في جوهرها الوصول إلى المعرفة، ولكي تعرف يحب أن تفكر وتتبصر وتُعمل العقل بما تقرأ لتستشف الأفكار الكامنة فيه، فترى بوضوح وتكون أبصر.

والقراءة تفكير، وإسم كتاب المسلمين القرآن، الذي يحوي الكثير من الكلمات الحاثة على إعمال العقل والسعي للمعرفة، والوعي المتفق وما يحمله من أفكار ورؤى وتطلعات كونية.

وكم تتكرر فيه كلمات مثل يتدبّرون، يعقلون يتفكّرون، يبصرون، وغيرها الكثير مما يدل على السعي لنيل المعرفة والتبصر وتنمية الإدراك.

فالإيمان بدون عقل ناقص، لأن الذي يؤمن عليه أن يتفكر ويتأمل ما يؤمن به، لا أن ينتمي إليه عاطفيا ويتحشد إنفعاليا ويميت العقل، وينكر المعرفة والتفاعل العقلي المنير.

فالتفكير يزيد الإيمان تنويرا ويعززه ويمنحه طاقات ذات رؤية إنسانية فائقة، بينما الإيمان القتّال للعقل يفسد الدين ويقدم صورة مشوهة عن معانيه، لأن المؤمن به يجهل ما يدّعي الإيمان به، وهذا أحد أهم أسباب ما يجري في ديار المسلمين من التداعيات والويلات والمآل الأليم.

والقائلون بإبطال العقل، الداعون للتبعية والقطيعية هم من أشرس أعداء الدين، ويشنون عليه عدوانا متواصلا وهم لا يشعرون، ويحسبون سلوكهم من الدين، وما هو إلا الإثم والعدوان والخطيئة بإسم الدين.

فالمسلم الصحيح هو الذي يفكر ويُعمل عقله فيما يقوله ويفعله، لأن ثوابه وعقابه مرهون بعقله، ومن يتنازل عن عقله ويستعير عقل غيره سيكون من الغافلين، فالعقل هو الهبة الربانية التي بموجبها يتقرر مصير البشر، والذين يؤمنون بالثواب والعقاب عليهم أن يتساءلوا، كيف يتحقق ذلك إذا إنتفى العقل؟

إن التفكير من الإيمان، ومَن لا يُعمِل عقله لا إيمان له!!

فكيف الإدعاء بالثواب والعقل في غياب؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم