أقلام حرة

السلوك البشري المدهش!!

صادق السامرائيبدأت أبحث في علاقة الأوبئة بسقوط الحضارات والإمبراطوريات، وهذا موضوع أغفله المؤرخون، وما كتبوا عنه أو اشاروا إليه بموضوعية وإسهاب، فراعني ما وجدته من كثرة المقالات والدراسات المنشورة من قبل ذوي الإختصاص في الفايرسات والمايكروبات، فقد كتبوا عن التحدي الأكبر الذي سيواجه البشرية ووصفوه بدقة وشخصوه، وأعطوا توضيحا لسلوكه وكيف سينتشر وماذا سيفعل بالبشر.

نعم كتبوا وحذّروا وأنذروا، وما من أحد يسمع أو يتحذّر ويستعد، والجميع حسبوهم يتخيلون، ويتصورونهم بعيدين عن الحياة، وكأن الدنيا بواقعها المعاصر واهية لينال منها فايروس مجهول.

لكن الواقع القائم في الأرض أن المايكروبات وحتى الحشرات وبعض الحيوانات، قد قضت على إمبراطوربات، وغيّرت مسار التأريخ ومحقت قِوى ذات جبروت.

فوباء كورونا لم يكن مباغتا كما يظن البعض، وإنما قد تم التحذير منه منذ سنوات ووصفه، وحث المراكز العلمية للعمل على تصنيع لقاحات ضده، ولا حياة لمن تنادي، وها هو قد صال وإنتشر، والدنيا تقف من غير إستعدادات كافية لمواجهته والتقليل من أضراره الفادحة.

فكيف نفسر هذا السلوك؟

لماذا تجاهلت الحكومات تحذيرات العلماء والمختصين؟

لماذا لم يصرح العلماء بصوتٍ أعلى في وسائل الإعلام؟

لماذا أغفلت وسائل الإعلام ما حذّر منه العلماء؟

لماذا البشر لا يتحسب للواقعة وعندما تحل عليه يقعد ملوما محسورا؟

هل هو الإستهتار الحضاري الذي تصل إليه البشرية كلما بلغت درجة من القوة والعنفوان، وتوهمت القدرة على السيطرة والإستبداد وتقرير مصير الدنيا؟

هل هو قانون "إذا جاءت الأقدار عميت الأبصار" الفاعل فينا؟

لا يمكن فهم السلوك الإنتحاري الذي إتخذته البشرية، رغم الإشارات الحمراء المتكررة وصافرات الإنذار المدوّية، فقد إختارت بعدوانيتها على بعضها، ونرجسيتها وتضخم أناها المدمرة لها، طريقا مهلكا لا عودة منه!!

فهل من مدد ياربنا الأحد الصمد؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم