أقلام حرة

النقد الحُكمي والسلوك الحتمي!!

صادق السامرائيأجاب أحد القراء الحاذقين على سؤال، لماذا يتخذ الناس سُبلا تتعارض مع الحقائق والأدلة العلمية ويجنحون نحو إتباع الغيبيات، بقوله أن المثقفين والكتاب يوجهون لهم إنتقادات عامة وشديدة، مما يجعلهم في موقف دفاعي وتحدي رافض لما يصفونهم به!!

توقفت عند هذا الرأي أو الجواب وتفحصته جيدا!!

فهو رؤية من زاوية مختلفة تماما ويشير إلى نظرة تستحق الدراسة!!

فالسائد في الكتابات المنشورة أن الكاتب يضع نفسه في صومعة المثالية والعلائية، ويبدأ بالكتابة عن الحالة التي يتصدى لها، وأول ما يتناوله أنه يلغي العقل الجمعي ويحسب الناس قطيعا خانعا لقوة ما تتحكم بمصيرها، فينهال عليها بالأوصاف والتسميات التي تستحضرها ذاكرته ويبدعها قلمه، ولو أنه وُضِعَ مكانها لتصرف بأشد مما تتصرفه!!

فالأقلام تنهال على المجتمع وتشحذ فيه طاقات التمسك بما يقوم به وإن عَرَفَ بأنه خطأ، وذلك ردا على العدوان الواقع عليه من الكتّاب والمثقفين، وبسبب ذلك فقدَ الكاتب والمثقف دورهما في بناء الإنسان ومساعدة المجتمع للخروج من محنه المتواكبات.

أي أن الكاتب يساهم في شل المجتمع وتحرير طاقاته السلبية، ولا يعرف كيف يساعده على الإستثمار بطاقاته الإيجابية الصالحة لبناء الحياة الأفضل.

والواقع الحقيقي أن الناس موضوعة في صندوق، وتنهال عليهم القوى الطامعة فتجردهم من الإرادة والخيار وتندفع في تعليمهم العجز والإستسلام، ويأتي الكتاب ويزيدون الطين بلة، فيعززون السلوك الذي تريده القوى الطامعة بالبلاد والعباد.

والمطلوب أن يتنبه الكتاب إلى ما يكتبون، وكيف يكتبون ويختارون المفردات ويضعونها في عبارات ذات قيمة إيجابية، بدلا من التفاعل السطحي الإنفعالي الحُكمي المؤذي لمسيرة الحياة، والذي يدفع إلى مزيد من التداعيات والخسران.

فهل لنا أن نكون مع الجماهير وفيهم عندما نتناول ما يخصهم من الموضوعات، ونبتعد عن الخيالات والتصورات المستحضرة من المدن الإفلاطونية، والأوهام والهذيانات السرابية، التي إنشغل بها المفكرون والمثقفون العرب، وما إستطاعوا أن يؤسسوا لتيار فكري حضاري نهضوي معاصر.

ولماذا نكتب؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم