أقلام حرة

صادق السامرائي: قل مكتف ولا تقل مثقف!!

عندما يفقد الإنسان قيمته في حيزه الجغرافي فكل شيئ يتجرد من قيمته، وما هو عليه في بقعته الوطنية، يتصف به في أي مكان آخر في الدنيا.

وما تفعله كراسي المكان بمواطنيها يواجهونه في الأماكن الأخرى، فحال البشر في بلاده يرسم حاله في جميع البلدان!!

قد لا يتفق الكثيرون مع الطرح، لكن الواقع بجوهره يؤكده.

ومن أخطر ما يقوم به المثقفون أنهم ينطلقون في إبداع التبعية والدونية، ويسقطون مآلاته النفسية على ما ينتجونه في نصوصهم المتنوعة، وهم يقدمون خدمة طيبة للطامعين بوجودهم، ولا يشعرون بما يقدمون عليه من تفاعلات ذات آثار سلبية على مجتمعاتهم.

وتجدهم لتأكيد صلاحية وقيمة ما ينتجون يعتمدون على المصادر الأجنبية والنظريات الغربية، فالنص المعرفي والإبداعي يُرى بعيون أخرى عندما يكون مستندا على مصادر الآخرين، وربما يهمل عندما تكون مصادره عربية بحتة.

وفي الكثير مما نقرأه تبدو نوازع سلوك العالة، أي الإعتياش على غيرنا، وكأننا نعبر عن حالنا الذي نعتمد فيه على كل شيئ مستورد، فنستورد طعامنا ودواءنا وسلاحنا ومعظم حاجاتنا الأخرى، وعلى هذا المنوال يكون إبداعنا منسوخا أو مستوردا.

ومن الغريب أنك تصبح منبوذا أو مستصغرا عندما تعتز بأمتك ورموزها، فالخوف من نقد الأجنبي يهيمن على وعي المثقفين فمَن أنتَ لتنتقد أو تواجه فلان الفلاني الذي يقول كذا وكذا، ونتخذ طروحاته رأس مال، وهي معبرة عن عالمه الذي يعيش فيه.

وما أكثر الذين يعتبرون أقوال الأجانب فصل الرأي والمقال.

وترى ضياع الأنفة (العزة والحمية) بأنواعها فيما يُنشر، وكأننا بلا تراث معرفي إبداعي أصيل، وعلينا أن نعتاش على غيرنا ونهرول خلفهم، ونؤمن بأن ما ينتجونه روائع الزمان، ومنطلق الوصول إلى آفاق الروعة والجمال.

وما أكثر المبوقين للكراسي، المسوغين لمظالمها وقرارتها المأساوية التي تتسبب بإلحاق الأذى بالوطن والمواطنين.

وبموجب ما تقدم يكون المثقف مكتفا ومأسورا في خنادق ذاتية وموضوعية، ولا يعبر عن الحقيقة، بل يترجم مجرى التيار الذي يحسب نفسه أحد أمواجه المتأهبة للغياب!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم