أقلام حرة

أمّة لا أحد!!

صادق السامرائي"أحدٌ، أحدٌ، أحد...."

نداء آل ياسر في فجر بزوغ الإسلام، وهما ينازعان إستبداد الموت المفروض عليهما من سادات قريش الذين أنكروا الإسلام وقاتلوا المسلمين.

إنه نداء خالد يلخص جوهر الدين ومعانيه السامية المكنوزة في لفظة "أحد"!

"قل هو الله أحد"

صوت الوحدانية ونورها الساطع ووعيها الجامع!!

فالإسلام دين جامع، ومكان العبادة فيه يسمى "جامع"!!

وأصل مرتكزاته السلوكية هو الجمع والإنسجام والإعتصام والسلام، والإجتماع والألفة والأخوة والتآخي والتراحم والمودة الإنسانية.

فالمسلم أخو المسلم...

والمسلمون كالبنيان المرصوص

وكالبدن إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر اجزاء الجسد بالسهر والحُمى

والمسلمون أخوة

وهذه المعاني والثوابت الإيمانية الصادقة الصالحة، تتفرع من نور الوحدانية، فهي القوة المطلقة التي تتحرك بها عقيدة الدين.

فأمة الإسلام وحدانية،إنها أمة لا إله إلا الله....

وما كانت أمة بلا أحد...

أي تتنازل عن الوحدانية بسلوكها اليومي وتفاعلاتها المتواصلة، وتتلفظ أبجدياتها وحسب.

إن ما يجري في عالم المسلمين، أن الأمة صارت تعمل وكأنها أمة لا أحد، وتتناسى أنها أمة أحدٌ أحد...!!

بمعنى أن ما يجري في ربوعها يشاكس دينها ويتعارض مع وحدانية الإيمان، والتعبير الإنساني الأمثل عن هذه الوحدانية بالعمل الصالح الرشيد.

فمبعث التداعيات والصراعات والتناحرات المتبرقعة بالدين، تدلل على أن المتقنعين بها يحاربون الوحدانية، وينكرون صورة الإخلاص، ويقدمون الدين على أنه دين لا أحد!!

وهذا سيتسبب في ردة فعل عارمة ضد الدين، لأن الأفعال ستزعزع القيم وتمنح الناس طاقات إنفعالية سلبية، وآليات عاطفية تجعلهم يجتهدون للخلاص من دور الدين في حياتهم، لأنه أصبح دين موت لا دين حياة، في زمن أصبحت فيه مروج الحياة ذات نسمات عطرة وأزهار فواحة متجددة وواعدة بالأجمل والأروع.

ولهذا فأن المطلوب من القائلين بالدين أن يتفقهوا في الوحدانية، ويستعيدوا رشدهم، ويعرفوا معاني "قل هو الله أحد"، قبل أن يجدوا أنفسهم مندحرين في أقبية ضلالهم وبهتانهم وجهلهم الوخيم.

"مَحبة الله أصلٌ في مراشِدِها

وخِشية الله أسٌّ في مَبانيها

وكُلُّ خيرٍ يُلقى في أوامِرها

وكلّ شرٍّ يُوَقّى في نَواهِيها"

فلماذا أطفؤا أنوار "إقرأ" وحطموا مشكاتها بجهالة "قالَ" المُجَلْمَدة؟!!

 

د. صادق السامرائي

23\9\2016

 

في المثقف اليوم