أقلام حرة

الدين بين الخدمة والإستخدام!!

صادق السامرائيالبشرية منذ الأزل تستخدم الدين ولا تخدمه، فالدين في الحضارات القديمة كان الوسيلة الأقدر للقبض على الناس والتحكم بمصيرهم، فإستخدام الدين يمنح القوة والهيبة والحرية المطلقة للتحكم بأحوال البشر المحكوم بسلطان يمثل دينا.

أما الذي يخدم الدين فهو الضعيف البائس الفقير الذي عاف الدنيا وطلقها بالثلاث، وراح يذل نفسه ويؤدبها ويستجلب عليها الوجيع لكي يفوز بما بعدها من نعيم موعود.

ولا يختلف أي دين عن غيره في هذين المفهومين، فالأديان يسود فيها الإستخدام وتقل فيها الخدمة، فلا دين يخدمه أهله بسلوكهم وإنما يستخدمونه لتبرير سلوكهم.

وما يجري في واقعنا المنهوك بالدين هو إستخدام الدين للنيل من أهل الدين، وإستعبادهم ومصادرة ما يمت بصلة إليهم من أسباب الحياة، ودفعهم بقوة نحو ميادين الهلاك.

وإستخدامات الدين متنوعة لا تعد ولا تحصى، ويمكن تمثلها وفقا للمصالح والغايات المرغوبة، والسائد منها هو الطائفية والمذهبية والفئوية والتحزبية، وغيرها من الحالات المشحونة بالأضاليل والبهتان والقصص المفبركة، الداعية لإمتلاك المنتمين للدين بأطيافه المسماة أو المنتقاة لكي يتحقق الإستعباد بالدين.

وإستخدام الدين تجارة مربحة وأسلوب تضليلي مدمر للوجود الإنساني، وقد عهدته البشرية على مرّ العصور والأزمان.

فأوربا في عصورها السابقة إستخدمت الدين وعاشت قرونا دامسة، والمسلمون اليوم يجيدون مهارات إستخدام الدين، فتراهم يعيشون عصورهم المأساوية العتماء التي صارالقتل فيها والفتك بالإنسان بفتاوى من تجار الدين الأباليس.

ولن يتحقق الأمن والأمان في بلاد المسلمين، دون العودة إلى خدمة الدين، التي تعني الإمتثال لجوهر مبادئه وقيمه وأعرافه الإنسانية الأخوية الرحيمة.

فهل من خدمة لدين؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم