أقلام حرة

إلى السيّد ماكرون (11):

حسين سرمك حسنفرنسا الحضارة وسياسة نفي المواطنين الجزائريين إلى كاليدونيا (شرق استراليا)- حرق المدن وتشريد السكان- مسخ الهوية الوطنية

إعداد: الدكتور حسين سرمك حسن


- نماذج عن جرائم الإبعاد والنقل القسري للسكان:

- نموذج نقل الجزائريين إلى كاليدونيا الجديدة:

نموذج إنساني يضربه الاستعمار الفرنسي، الذي ابتكر كل أساليب القهر الإنساني، فالترحيل والنفي القسري للسكان لم يظهر كجريمة ضد الإنسانية يجرمها القانون الدولي الا بعد 1993م، وبالتحديد بعد إصدار القانون الأساسي للمحكمة الدولية في يوغسلافيا الذي اهتم بهذه الجريمة ووضح أركانها.

بالرغم من كون هذه الجريمة حديثة التقنين دوليا، إلا أنها قديمة في التشريع الفرنسي عن طريق القانون العقابي في 25 سبتمبر 1791م، ويتم الإعلان عن حكم النفي والإبعاد عن طريق المحاكم الجنائية مؤقتا أو مؤبدا، كما أقر القانون العقابي في 1810م عددًا من هذه العقوبات الجنائية بين الأعمال الشاقة المؤبدة والأعمال الشاقة المؤقتة. وقد صمت القانون عن المكان، أي أين يتم تنفيذ حكم النفي، فكان على البرلمان تعيين مكان التنفيذ.

1972 فرنسا 1

(جندي فرنسي ينفّذ الإعدامات بمسدسه بحق الجزائريين العُزّل ويلقيهم في حفرة)

كما أن قانون 09 سبتمير 1835م وسّع في تنفيذ هذه العقوبة لكنه لم يحدد مكان النفي للمحكوم عليهم بالمؤبد، إما بالسجن داخل التراب الوطني الفرنسي، أو في سجن يقع خارج اقليمها القاري في إحدى مستعمراتها، وقد حدد الدستور الفرنسي جزيرة ” نوكاهيفا” كمكان للنفي العادي وإحدى جزر ” الماركيز” كمنفى حصين.

بعد ثورة المقراني 1871م اهتم البرلمان الفرنسي بإخراج 3600 محكوم عليهم بالنفي. وبمقتضى قانون 23 مارس 1872م عُينت كاليدونيا الجديدة لتنفيذ حكم النفي وحددت ظروف نقل المنفيين إلى كاليدونيا عن طريق قانون 25 مارس 1870م.

وكاليدونيا الجديدة (بالفرنسية: Nouvelle-Calédonie) هي تجمّع جزر تابع لفرنسا يقع في أوقيانوسيا في جنوب غرب المحيط الهادئ على بُعد 1210 كم (750 ميلًا) إلى الشرق من أستراليا وعلى بُعد 16136 كم (10026 ميلاً) إلى الشرق من الأراضي الفرنسية!!

- مراسيــم وإجراءات النفي إلى كاليدونيا:

قبل انطلاق الرحلة إلى كاليدونيا الجديدة تم فحص المنفيين ومعاينتهم، وتم اختيار من يتوفرون على صحة جيدة وبنية جسدية قوية. وتم نقل المنفيين في سفن متعددة منها لالوار(حوالي 320 شخصاً)، وكالفادوس (70 شخصاً)، وتيفارين، في 05 تموز 1874م. وقد أبحرت السفن في اتجاه كاليدونيا، إستغرقت الرحلة فيها من 4 أشهر إلى سنة.

وحسب بعض الوثائق الممضية من طرف المنفيين، كانت فترة سفر شاقة جدًا، نظرًا لمكوث المنفيين في جوف السفينة طيلة اليوم، في أقفاص لا يسمح لهم بالخروج منها إلا ساعة واحدة في اليوم فوق سطح السفينة ومهما كان المناخ.

وعانى المنفيون من ظروف حياة فظيعة كانعدام النظافة والروائح الكريهة، تقييد أرجلهم…الخ. كانوا محبوسين في أقفاص أبعاد حجمها 5.2×5.2×5.1م يتكدس فيها 20 سجينا، أما الأقفاص فمساحتها لا تتعدى 24.2م2، وهذا يعني أن هؤلاء الرجال لا يمكنهم الوقوف طيلة الأشهر الخمسة أي مدة السفر إلى كاليدونيا، فهل كانت الأقفاص تناسب ظروف جميع المنفيين أم كان الهدف منها هو كسر إرادة الوقوف عندهم؟ قد يكون هذا نوعا من أنواع العذاب النفسي لإحباط كل ارادة في مجرد الوقوف عند المنفيين، إضافة إلى أن طريق العبور إلى كاليدونيا يتم عبر الكاب (رأس الرجاء الصالح)، وعبر مناطق شديدة البرودة حيث تتراوح درجة الحرارة من 9° الى 14° تحت الصفر حتى أن أطباء الرحلة لاحظو أنهم لا يتحملون البرودة، فكان من الصعب على المعتقلين الذين عاشوا في مناخ معتدل تحمّل ذلك.

ومازاد في حالتهم سوءًا هو نقص الغذاء، خاصة وأن بعض الأغذية تمثلت في شحم الخنزير ومشروبات كالخمر، الأمر الذي جعل المنفيين يمتنعون عن الأكل لأنه مُحرم فازدادت وضعيتهم سوءًا. وخلال شهري تموز وآب أُصيب جلهم بمرض “فقر الدم” و” الهزال” و” الإسهال” و” الحمى” و” الالتهابات المُعدية” وحالات الانهيار العصبي، كما توفي الكثير منهم.

1972 فرنسا 2

(نفس سفالة القوات الأمريكية في العراق)

- نماذج عن جرائم الاضطهاد وتدمير الممتلكات:

في الوقت الذي كانت فيه القوات الفرنسية تمارس عمليات التقتيل الجماعي والفردي والتعذيب وتنفيذ كل مخططاتها الإجرامية، كانت أيضا تقوم بجرائم اجتماعية أخرى لا تقل حدّة وعنفا عن سابقاتها، تمثلت هذه الجرائم في جرائم الاضطهاد والتشريد من خلال:

تدمير الممتلكات وحرق المداشر والمدن والغابات لإرهاب الشعب وتشريد المدنيين من مساكنهم في القرى والمداشر والأرياف عن طريق تجميعهم قرب المراكز الإدارية الفرنسية أو الثكنات التابعة للجيش الفرنسي بهدف عزل الشعب عن جيش التحرير الوطني،

ومن هذه الجرائم نعرض ما يلي:

- نماذج عن تدمير الممتلكات:

لقد تعرّضت مناطق واسعة من أنحاء الوطن إلى عمليات تدمير وحرق الممتلكات والغابات والمداشر والقرى. وقد جاء اعتراف العقيد كلوسترمان (Clostterman) أمام الجمعية الفرنسية في 07 أيار 1958 ليؤكد هذه السياسة الإجرامية: "إننا نشن هجومات جوية نمحي بها قرى كاملة بتسويتها مع الأرض. وقد شاركتُ بنفسي في عدة عمليات من هذا النوع"

ومن أهم النماذج الإجرامية التي مثلت هذه السياسة نجد:

* تدمير مشاتي عين البيبان وأقبو يوم 10 أيار 1956 :

حيث قامت قيادة الجيش الفرنسي بتنفيذ عمليات عسكرية للقضاء على قواعد جيش التحرير الوطني فقام الطيران الفرنسي لمدة نصف يوم كامل بإلقاء أطنان من القنابل على جبال البيبان، وبعد ذهاب الطيران شنت قوات ضخمة من المظليين مدعمة بآليات عسكرية عملية تمشيط القرى المحيطة بجبال البيبان وأقبو انتهت بتدمير ممتلكات السكان ومنها قرية ” القلقلة ” حيث قتلت القوات الفرنسية 80 رجلاً و 27 امرأة و 53 طفلاً إلى جانب تدمير 25 بيت و أعداد كبيرة من الماشية.

وفي قرية “بالعيال” قتلت خمسة مواطنين ودمّرت القرية على أخرها، وفي قرية ” بوكيطوان ” تم قتل تسع نساء وتدمير 13 بيتاً وحرق محصول القمح ومحصول الزيتون، وقامت القوات الفرنسية بتدمير عشرات البيوت. وفي قرية ” أكدير ” قُتل 21 شخصاً منهم أربعة أطفال وتدمير كامل بيوت القرية.

-  حرق مدينة بسكرة في 23 تموز 1956:

بسبب نسف جيش التحرير الوطني يوم 16 تموز قطاراً يحمل عتاداً عسكرياً، على الرابط بين بسكرة وباتنة حيث لم يسلم احد من الجنود الموجودين بداخله بسبب انفجار الذخيرة الحربية التي يحملها، وبعد أسبوع قُتل جندي فرنسي من طرف فدائي بمدينة بسكرة، أعطت القيادة العسكرية لقطاع بسكرة الأوامر للجنود المظليين بحرقها، فقاموا أثناء الليل بمهاجمة مباني الجزائريين وهتك أعراض النساء وتدمير الممتلكات وإطلاق الرصاص من سطوح المنازل على المواطنين بطريقة عشوائية إلى جانب إبرام النار في المنازل والمتاجر حيث أتت على معظمها.

* حرق غابات الميلية:

تنفيذا لقرار هيئة الأركان الفرنسية الصادر في 10 آب 1956 الذي ينص على الاستعانة بالقوات الجوية لقصف الغابات التي يلجا إليها الثوار، قام الطيران الفرنسي يوم 13 نوفمبر 1956 بقنبلة غابات قرية ”الراشد” لمدة يوم كامل، انتهت بإتلاف معظمها. وفي يوم 11 ديسمبر 1956 تم حرق غابة ”السواحلية” بنفس المنطقة وتدمير معظم المباني الواقعة بها.

- نماذج من جرائم التشريد:

ما إن وضعت السلطات الاستعمارية قانون المناطق المُحرّمة في 12 نوفمبر 1954 حيز التنفيذ حتى انطلقت القوات الفرنسية في إجلاء السكان من قراهم وأريافهم التي تظن أنها امتداد لقواعد الثورة بالجبال، وجمعهم في مخيمات خاصة تقع بالقرب من المراكز الفرنسية، ووجهت في هذا الإطار نداءات إلى السكان عبر إلقائها لرسائل بالطائرات تطلب منهم الانضمام إلى المناطق الآمنة أو مراكز التجميع. وقد جاء في إحدى هذه المناشير التي أُلقيت على السكان في الأوراس في شهر ديسمبر 1954: "أيها المسلمون لا تتبعوهم والتحقوا فوراً بمناطق الأمن انتم وأسركم وأموالكم، إنّ مكان هذه المناطق ستدلكم عليه الجيوش الفرنسية بناحتيكم وسلطاتها الإدارية…”، وتوسعت المناطق المحرمة لتشمل سبعة نواحٍ عبر التراب الوطني ( ما يقارب الثلث من مساحة الشمال).

وهكذا وجد الجزائريون القاطنون بهذه المناطق أنفسهم أمام خيارين إما الرحيل نحو المناطق الآمنة كما تسمّيها الإدارة الفرنسية أو الانضمام إلى مراكز المحتشدات، كما حدث لسكان المناطق الداخلية من الوطن، والهجرة إلى داخل الدول المجاورة كلاجئين، كما حدث لسكان المناطق الحدودية الشرقية والغربية، وهو ما أدّى إلى ارتفاع عدد المشردين الجزائريين من قراهم وأريافهم التي دخلت ضمن المناطق المحرمة إلى مراكز التجميع والمحتشدات. ففي سنة 1956م بلغ عددهم 117000 شخص أي ما يعادل (1.17%من السكان)، وارتفع العدد سنة 1957م إلى 33500 شخص (9.39% من عدد الجزائريين)، ووصل العدد إلى 740908 سنة 1958م (7.40%)، وفي سنة 1959م وصل العدد إلى مليون لاجئ بالمحتشدات (10%)، وفي سنة 1960م بلغ عددهم 1.600.000 شخص (16%). وفي سنة 1961م وصل العدد إلى مليونين (20%). وفي كانون الثاني 1962م استقر العدد في قرابة الثلاثة ملايين جزائري محاصرين في المحتشدات.

وجاء في تقرير لجنة فرنسية لتقييم وضع الجزائريين بالمحتشدات  برئاسة MichelRocard:

"إنّ مراكز التجميع أدّت إلى حدوث مأساة في حياة الجزائريين مسّت جميع الميادين وخلفت نهاية للحياة الريفية لهم”، كما حدّد التقرير أنه تم تشريد قرابة 100 ألف جزائري بتلمسان و 48 ألف بمنطقة تيارت و40 ألف بباتنة و 66800 بسطيف و35 ألف بالقبائل و 50 بالبليدة و66 ألف بضواحي الجزائر و 123 ألف بسكيكدة.

1- الوضعية الصحية: أكّد على أنه كل يومين يتوفى 4 أطفال في كل ألف نسمة. وهذا راجع لقلّة استخدام الأدوية وانعدامها حتى أن بعض الأطفال أصبح لا ينفع معهم العلاج بسبب افتقاد أهم المواد الغذائية من النظام الغذائي لهم وهي الحليب، والبيض، واللحوم مع انخفاض المساعدات الغذائية المُقدمة والتي لا تتجاوز 13 كلم من الدقيق للعائلة الواحدة في الشهر.

2- تدهوُر الوضع الاقتصادي: أصبح المجمّع لا يوفر إلا 4% من حاجيات المواطنين بسبب دخول معظم أراضيهم في نطاق المناطق المحرمة وهو ما أدى إلى انتشار البطالة في صفوة الفلاحين بنسبة تصل إلى 90%

3- الوضع الاجتماعي: أكّد على أنّ معظم سكان المحتشدات من الأطفال والنساء. ففي كل 1200 شخص هناك 900 طفل وأصبح الكبار لا يتجاوزون في أغلب الأحيان 40%.

هذه السياسة الإجرامية التي طبّقتها فرنسا الاستعمارية على الجزائريين بهدف القضاء على جيش التحرير من خلال قطع يد العون المقدمة إليه من طرف الشعب المسلوب حريته، فقنبلة المداشر والقرى بدون سابق إنذار وإخلاء السكان أصبحت سمة عادية للجيش الفرنسي، فيكفي أن يشتبه بأي منطقة حتى تمطرها الطائرات بقنابل تزن أطنانا، فيهلك من يهلك ويفر الباقي إلى أحضان المحتشدات أو كما تُسمى مراكز الموت.

1972 فرنسا 3

 

ومن أهم المناطق التي تعرضت للتشريد نجد:

- حملة التشريد التي تعرض لها بعض سكان الشمال القسنطيني:

بعد أن أدرجت عدد من القرى والمداشر الواقعة بالشمال القسنطيني ضمن المناطق المحرمة، أقدمت القوات الفرنسية في 03 حزيران 1957م على طرد سكان المداشر الواقعة بالقل والميلية والذين قُدر عددهم بـ: 17 مشتلة وقدّرتهم السلطات الفرنسية بقرابة 9 آلاف جزائري. ودامت عملية ترحيلهم بالقوة والتهديد مدة 14 يومًا نحو المحتشدات ومراكز التجميع، وفي 17 حزيران من نفس السنة إنتقلت نفس القوات إلى إجلاء سكان المداشر الواقعة حول غابات جيجل والطاهير ومصادرة أرزاقهم بحجة كونها مؤن لأفراد جيش التحرير، وانعكست هذه العملية سلبا على السكان.

- تشريد سكان المناطق الحدودية:

بعد موافقة المجلس الوزاري الفرنسي يوم 19 شباط 1958 على إنشاء منطقة محرمة عبر كامل الحدود الشرقية، وتمتد من شرق مدينة عنابة عبر خط السكك الحديدية المكهربة إلى مدينة تبسة ومسايرا للخط المكهرب موريس الذي أنشأه الجيش الفرنسي في نهاية 1956 لعزل الحدود التونسية عن الجزائرية، وبذلك قامت القوات الفرنسية بعملية إجلاء معظم السكان المتواجدين بالأرياف والقرى باستثناء التي يقطنها المُعمرون في كل من ” القالة ” ”و تبسة” و ” الونزة ” و” مرسط ” وشملت العملية عددا كبيرا من سكان هذه المناطق البالغ عددهم الإجمالي 2.851.942 نسمة، وإذا أخذنا عدد المشردين حسب المصادر الفرنسية (80 ألف).

والى جانب هذا الإجرام قامت القوات الفرنسية بسلسلة من المداهمات منها:

– المداهمات التي مسّت إحياء القصبة ما بين 18 ديسمبر 1956 الى سبتمبر 1957 .

– مداهمة إحياء قسنطينة 27 أبريل 1958 .

– مداهمة مخيم اللاجئين الجزائريين على الحدود 03 ديسمبر 1958 .

– مداهمة المعتقلات مثل معتقل ” بوسوي ” سيدي بلعباس في سبتمبر 1959 .

وفي معتقل سيدي الشحمي بضواحي وهران قامت وحدة عسكرية من اللفيف الأجنبي في شهر جوان 1962 بمداهمة هذا المعتقل وقتل عدد غير محدود من السجناء والتمثيل بجثثهم.

1972 فرنسا 4

 - محاولات مسخ الهوية الوطنية

كانت الألقاب الجزائرية قبل الاستعمار الفرنسي ثلاثية التركيب (الابن والأب والجد)، وفي حالات أخرى خماسية التركيب، بحيث تضاف لها المهنة والمنطقة.

أصدرت الإدارة الاستعمارية الفرنسية في 23 مارس 1882 قانون الحالة المدنية أو قانون الألقاب الذي ينص على استبدال ألقاب الجزائريين الثلاثية وتعويضها بألقاب لا ترتبط بالنسب. وسبق صدور هذا القانون محاولات متواصلة لطمس الهوية الجزائرية، أهم ملامحها إجبار الأهالي -وهو التعبير الشائع لتوصيف الجزائريين- على تسجيل المواليد الجدد وعقود الزواج لدى مصلحة الحالة المدنية الفرنسية، بعدما كانوا يقصدون القاضي الشرعي أو شيخ الجماعة.

 والغاية من استبدال ألقاب الجزائريين الثلاثية وتعويضها بألقاب لا ترتبط بالنسب هو تفكيك نظام القبيلة لتسهيل الاستيلاء على الأراضي، وإبراز الفرد كعنصر معزول، وتغيير أساس الملكية إلى الأساس الفردي بدلا من أساس القبيلة، وطمس الهوية العربية والإسلامية من خلال تغيير الأسماء ذات الدلالة الدينية وتعويضها بهوية هجينة، وإحلال الفرد في المعاملات الإدارية والوثائق مكان الجماعة، وأخيرا تطبيق النمط الفرنسي الذي يخاطب الشخص بلقبه وليس باسمه.

وبموجب هذا القانون لم تكتف السلطات الاستعمارية بتغيير أسماء وألقاب الجزائريين بصفة عشوائية بل عوّضت العديد منها بأسماء مشينة ونابية وبعضها نسبة لأعضاء الجسم والعاهات الجسدية، وألقابا أخرى نسبة للألوان وللفصول ولأدوات الفلاحة وللحشرات وللملابس وللحيوانات ولأدوات الطهي. ولم يكن هناك أي منطق في إطلاق الألقاب على الأشخاص، وكل ما هنالك هو رغبة في تحطيم معنويات الجزائريين، من خلال منح الفرصة لترديد أسمائهم بصورة مشينة طول الوقت وعلى مرّ الأزمان. وما يزال الأبناء والأحفاد يتوارثون هذه الأسماء منذ عام 1882 وهي أسماء لم يختاروها هم ولا آباؤهم، وإنما أُجبروا على حملها حتى اليوم.

ومن الأمثلة الحية على الألقاب المشينة التي تحملها عائلات جزائرية اليوم ويتم تداولها في كل المحررات والوثائق الرسمية لقب "حمار"، ولقب "بوذيل"، ولقب "خاين النار"، ولقب "مجنون"، ولقب "بومعزة"، ولقب "كنّاس" ولقب "بومنجل".

كما يذكر التاريخ قصة الجزائري "الحاج البخاري بن أحمد بن غانم" وله أربعة أولاد: محمد وعبد القادر وأحمد والحبيب، فقد خسر هذا الشخص أرضه بعد رحيله إلى سوريا، وبعدما قامت الإدارة بتغيير ألقاب أولاده حيث أصبحوا "محمد عسّال، وعبد القادر بووشمة، وأحمد البحري، والحبيب ندّاه.

- الاعتداء على الحقوق اللغوية

في 8 مايو 1936 م أصدرت الحكومة الفرنسية قرارًا باعتبار اللغة العربية لغة أجنبية في الجزائر، ويأتي هذا القانون في سلسلة قوانين سنَّها الاحتلال الفرنسي لمحاربة اللغة العربية، وحتى اللغة الأمازيغية، وجعل اللغة الوحيدة للبلاد هي اللغة الفرنسية. وكان لهذه الفوانين الاثر الشديد في المجتمع الجزائري، وتحويل لغة الادارة والحكم إلى اللغة الفرنسية.

1972 فرنسا 5

 - التعدي على حرمات المساجد ودور العبادة

قام المستعمر الفرنسي بالاعتداء على المساجد والزوايا ودور العبادة ومصادرة الأوقاف الإسلامية برغم أن اتفاقية استسلام الجزائر العاصمة كانت تدعو إلى احترام الحرية الدينية للأهالي. إنّ وحشية الاستعمار الفرنسي لم تقتصر على تدمير المساجد أو تحويلها إلى كنائس. بل قامت بقتل المصلين المعتصمين بها ومثال ذلك قتل أربعة آلاف مسلم اعزل معتصم في مسجد كتشاوة قبل تحويله إلى كنيسة. وسجن المعتقلين السياسيين حل حزب الشعب بهدف التعاون مع ألمانيا القاء القبض على مصالي الحاج بعد مذبحة 8 مايو التي ارتكبها الفرنسيون في الجزائر عام 1945م تلتها مذابح وأهوال؛ ففي شهر يوليو سنة 1948م أحرق الجند الفرنسيين ورجال البوليس القرى وأتلفوا المؤن والأرزاق، وهاجم رجال الدرك عام 1949م قرية "سيدي علي بوناب" بدعوى التفتيش عن رجل هارب من الجندية ودام العدوان 15 يوماً.

 

 

في المثقف اليوم