أقلام حرة

يوناس خوستيت يتنحى عن قيادة الحزب

محمد السعديتنحى قبل أيام عن موقعه القيادي اليساري كزعيم لحزب اليسار السويدي يوناس خوستيت بعد ثمانية سنوات من قيادته للحزبـ وكان له دوراً مؤثراً وفعالاً ليس على مستوى سياسة الحزب فقط وأنما على مجمل السياسة العامة في السويدـ ولتأخذ موقعه الفتاة الشابة اليسارية (نوشي داكوستار)ـ لتتولى مهمة قيادة الحزبـ وهي تنحدر من أصول إيرانية مهاجرةـ ولدت في السويد عام ١٩٨٥. وبهذا التقليد تعتبر سابقة أولى  في تاريخ الحزب تتربع على قيادته شخصية من أصول أجنبية منذ تأسيسه عام ١٩١٧ .  ففي العقود الأخيرة من عمر الحزب أزداد عدد أعضائه بأضطراد جلهم من أصول أجنبية ومن جاليات مختلفةـ وكان للجالية العربية نصيب كبير بين صفوف حزب اليسار .

توطئة عن تاريخ الحزب …

في العام ١٩١٧ تشكلت كتلة يسارية معارضة داخل تنظيمات الحزب الاشتراكي الديمقراطي لتعلن عن حزب مستقل بأسم حزب اليسار الاشتراكي الديمقراطيـ كانت واحدة من تلك الانعطافات المؤثرة في هذا المسار نشاط البلاشفة الشيوعيين وثورة أكتوبر العظمىـ وبعد ثلاثة أعوام من تاريخ تأسيس حزب اليسار السويدي أعلن عن تغير أسمه الى الحزب الشيوعي السويدي ليكن حزباً مستقلاً يستمد أيدلوجيته الفكرية والسياسية من الحركة الشيوعية  وليصبح مشاركاً فعالاً في الاممية الشيوعية الثانية (الكومينترن)، وليتصدر واجهة الاعلان والدفاع عن البيان الشيوعي ومباديء الشيوعية . في نهايات الثمانينات عاد الحزب وقطع صلته بأي توجه يمت للشيوعية بعد الإنهيار الكبير في المنظومة الاشتراكية ويختصر أسمه بحزب اليسار السويدي وليرفع من برامجه جميع الوثائق والنصوص والسياسات والمواقف التي تنوه الى الشيوعيةـ ولكن مازال هناك في أوساط الحزب ومن الرعيل القديم يؤمنون بالنظام الشيوعي . مثالاً سكرتيرة الحزب السابقة (غودرون شيمان).

وصل عدد أعضاء الحزب في السنوات الأخيرة الى ١٧ ألف عضو بفعل تدفق الاجئين من دول الشرق والمغرب العربي ودول البلقان تاركين أوطانهم عنوة لسطوة أنظمة دكتاتورية ببلدانهم في قمع الحريات والآراء الحرة مما وجدوا في خيمة حزب اليسار السويدي متنفساً لهم في التعبير وحرية الرأي . ولم يعد حزب اليسار حزباً شيوعياً بعد أن أنهارت المنظومة الاشتراكية وهزيمة قوى اليسار العالمي وتآكل حركات التحرر . لكن ظل يركز في  سياسة برامجه الى تحقيق المساواة وردم الفوارق الاقتصادية في المجتمعـ وزاد من مطالباته في السنوات الاخيرة الى منع الشركات التي تدير المدارس والمراكز الصحية الممولة من أموال الضرائب من جني الارباح المفرطة على حساب شريحة كبيرة من المجتمع .

أعلن زعيم حزب اليسار السويدي (يوناس خوستيت) … أنه سيترك منصبه كزعيم للحزب وعضو برلمان في نهاية شهر مايو/آيار من هذا العامـ ومغادرة السويد للانتقال والعيش مع عائلته في دولة فيتنامـ وأضاف أنه حزبه سيقوم بأختيار زعيم جديد للحزب في المؤتمر السنوي للحزب .

 وقال .. حان الوقت لكي أتنحى عن منصبي وأفتح المجال لمرشحين جدد وطاقات جديدة وأفكار جديدة وسياسات جديدة . وأضاف قائلاً .. أريد المزيد من الوقت لأكون أباً جيداً وزوج وصديقـ عائلتي بحاجة لي أكثر من أي وقت مضى وهي تعيش بعيدة عني في العاصمة (هانوي) الفيتنامية . وسأنتقل للعيش بجانبهمـ ويا لها من أمنية لسكرتير حزب يساري .. أن يقوم بفتح مقهى كوسيلة للعيش في العاصمة هانوي . وزوجته (آنا موني)ـ سفيرة السويد في العاصمة هانوي . وله ثلاثة أولاد منها .

يقول .. توماس رامبيري خبير السياسة الداخلية في الأذاعة السويدية في قراءته حول حزب اليسار السويدي (في نهاية الثمانينات قطع الحزب صلته بالشيوعيةـ وأختصر أسمه من حزب اليسار الشيوعي السويدي الى فقط حزب اليسار).

وهناك أحصائية حزبية بعد تلك السنوات تقاطرت أعداد كبيرة من النساء والشباب الى الأنضمام لصفوف الحزب مما عزز من نشاطه في مواكبة التطورات العالمية . وقد ركز على أهم القضايا الجوهرية في سياسته تتمحور حول تقليص الفوارق في الرواتبـ وتقليل ساعات العملـ وتعزيز ملكية الدولة بعيداً عن سياسة الخصحصة وجني الارباح الطائلة من القطاعات الطبية والصحية والخدمية والاجتماعية على حساب أموال الضرائب والتي تقطع من عامة الناس أفراد وجماعات وشركات . 

بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي وقف الحزب عند أهم أسبابها وتداعياتها وأجرى أصلاحات داخلية شاملة ورسم سياسة جديدة في العلاقات الخارجية وتحديد مواقف أكثر صرامة تجاه قضايا ساخنة وعالقة ومعقدة كفلسطين مثالاً . وليحدد نفسه كحزب الوعي الاشتراكي والنسوي والبيئي . وليعلن عن نفسه أنه حزب أشتراكي ديمقراطي . وفي ظل تلك السياسة المتجددةـ وفي الدعوة الى تشريع قوانيين تخدم مصالح البلد وسياستهـ أضافت للحزب شعبية واسعة وألتفاف حولهـ ولقد وصل الحزب في العام ١٩٩٨ الى مرتبة وموقع ثالث أكبر حزب في السويد وحصل على نسبة أصوات بلغت 11,90 في المائة .

تاريخياً كانوا أغلب أنصار الحزب من الرجال المنحدرين من الطبقة العاملةـ ولكن في السنوات اللاحقة وبعد تسلم الامرأة القوية والتي قادت الحزب لسنوات (غودرون شيمان) ورفعت راية النسوية والمساواةـ فجذب الحزب أليه أصوات نسائية واسعةـ والى يومنا هذا نسبة التصويت من النساء له أكثر من الرجال . وللحزب تأييد كبير في المدن الكبيرة أستوكهولمـ يتبوريـ مالمو . ويتخذ الحزب من زهرة القرنفل الحمراء شعاراً لهـ وله مقعدان في الاتحاد الاوربي . ورصيد حزب اليسار اليوم في تشكيلة البرلمان السويدي ٩ بالمائة من عدد الأعضاء .

 

محمد السعدي

مالمو/ تشرين الثاني ٢٠٢٠

 

 

في المثقف اليوم