أقلام حرة

تسييس قطاع العدالة وراء تراجع المنظومة القضائية في الجزائر

علجية عيشالمتتبع لتصريحات وزير العدل حافظ الأختام الجزائري بلقاسم زغماتي يقف على الوضع الذي أل إليه قطاع العدالة في الجزائر منذ مرحلة مابعد العشرية السوداء إلى الحراك الشعبي، فتصريحات الوزير تميزت بانتقادات لاذعة لطريقة تسيير ومعالجة ملفات المواطنين الإدارية والخرق الفاضح للقوانين لاسيما التي تم إلغاؤها بمرسوم وزاري خدمة للمواطن وتسهيل عليه المهام في إعداد الملفات التي تطلبها الإدارة مثل تقديم  شهادة الجنسية وصحيفة السوابق العدلية، التي ألغيت بمرسوم وزاري، لكن هذا المرسوم لم يطبق في أرض الواقع ولا يزال المواطن الجزائري مطالب بتقديم هذه الوثائق، الوزير ارجع الخلل القائم في قطاع العدالة إلى سوء العلاقة التي تربط بين القضاة والدفاع، والصراعات القامة بينهم لأغراض غير قانونية، فضلا عن سوء المعاملة هنا وهناك، في وقت كان بإمكان كل منهما القيام بمهامه وتجاوز الخلافات عندما يقتنع كل منهما بدوره وما يخدم الصالح العام دون الدخول في صدامات.

فقطاع العدالة في الجزائر بالرغم من الجهود التي تبذل في إطار مشروع إصلاح المنظومة القضائية لا يزال يعرف تأخرا وتراجعا في تقديم الخدمات للمواطن وتسوية وضعيته العالقة على مستوى الإدارة وكذلك الفصل في القضايا المتنازع فيها، خاصة في مجال تنفيذ العقوبات مع وجود أخطاء مادية في معالجة الملفات وتحريرها، حيث بلغ عددها 10 آلاف خطأ مادي في سنة 2020، وهو رقم قال عنه الوزير لا ينبغي التغاضي عنه لخطورته، ولعل السبب يعود إلى غياب الرقابة والمتابعة  أو إلى نقص التكوين، ما دفع بالوزير إلى دعوة الأسرة القضائية وأطقمها للتجاوب مع المرحلة الراهنة التي تمر بها البلاد وتخفيف العبء على المواطنن  ويلاحظ من خلال هذه التصريحات، أن لغة الوزير اتسمت بالتهديد والوعيد لكل من يخرق القوانين ويضربها عرض الحائط،  في حالة ما إذا وصلته  شكاوي من المواطنين، وأنه لن يتسامح مع أيّ كان حتى لو تعلق  الأمر بالنواب العامون، وهددهم أيضا بملاحقتهم قضائيا وحبسهم إن تطلب الأمر.

ومع اقتراب موعد الذكرى الثانية لانتفاضة 22 فبراير 2021، أراد الوزير من هذه التصريحات عدم تسييس قطاع العدالة، خاصة وأن شريحة واسعة من أصحاب البدلة السوداء ينتمون إلى أحزاب سياسية، ويختلفون إيديولوجيا، هي طبعا رسالة مشفرة وجهها وزير العدل الجزائري إلى  هذه الفئة من قضاة ومحامون، خاصة  الذين خرجوا في مسيرات سلمية  يوم 22 فبراير 2019 دعموا فيها الحراك الشعبي، وطالبوا فيها بإصلاح شامل للمنظومة القضائية، وأخلقة العمل القضائي،  كما تعالت أصوات بحماية الحريات الفردية وتكريس الديمقراطية إن أرادت السلطة فعلا  بناء جزائر جديدة، جزائر لا يستخف فيها بإرادة الشعب، كانت سابقة تاريخية أولى شهدتها الجزائر، لاسيما والذكرى الثانية على انطلاق الحراك الشعبي على الأبواب، وسط دعوات لتجديده لعدم تحقيق أي تغييرات جذرية في البلاد،  تولد عنها تخوف كبير من أن يحدث مثلما حدث في 22 فبراير 2019 أو أكثر، وأن البعض سيستغل الظرف الصحي وانتشار كوفيد 19  ليحرك الساحة من جديد، الجدير بالإشارة أن بعض الذين وقفوا إلى جانب الحراك من أصحاب البدلة السوداء كانوا مهددين بفصلهم عن مهنتهم، خاصة المنخرطين في أحزاب الموالاة، أجبر البعض منهم (محامون منتخبون) على تقديم استقالتهم من الحزب الذي ينتمون إليه.

الذي لم يستسغه بعض الذين استمعوا إلى تصريحات وزير العدل وهو يقف على مشاريع قطاعه بعاصمة الشرق الجزائري يوم الخميس هو كيف تحافظ العدالة على المال العام؟، وكيف لها ان تحارب الفساد، وهو الذي ردد عبارة "المال العام" عدة مرات، في ظل الوضع الإقتصادي الراكدالذي تمر به البلاد جراء انتشار فيروس كورونا المستجد عندما تحدث عن وجود خلل في التنظيم والتسيير الإداري والقضائي، لاسيما وظاهرة الفساد مست كل مؤسسات الدولة، بما فيها المؤسسات ذات السيادة، ومنها المنظومة القضائية، يبقى السؤال ماهي الآليات التي يجب على السلطات العمومية وضعها لتفادي وقوع أي صدام بين النظام والحراكيين، في ظل اتساع الحديث عن تغيير حكومي مرتقب في الجزائر سواء تعلق الأمر بالوزراء أو الولاة،  وتشكيل حكومة برجال قادرين على رفع التحديات لحل المشاكل التي تواجه البلاد من الداخل والخارج، ومما لا شك فيه أنه لا يمكن تجاوز أيّ أزمة بدون عدالة مستقرة ومستقلة، لأن الخاسر الوحيد كما قال وزير العدل الجزائري هو المواطن والعدالة، ما يمكن قوله أن استقلالية العدالة ليس في الجانب المالي أو التنظيمية فقط، وإنما غبعادها عن الممارسات السياسية  وتطبيق القوانين على الجميع بدون استثناء، كما أن الحراك الشعبي لا يعتبر ناجحا مائة بالمائة إلا إذا كان له قائدا متمرسا ويملك خطة عمل من أجل تحقيق مطالب الشعب كاملة.

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم