أقلام حرة

هناء عبد الكريم: موت القداسة..

قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيــــــــلا

كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا

أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي

يبني وينشئُ أنفـساً وعقـــــــولا

يقال ان المعلم امل كل وطن حر.. وإنه هو صاحب الفضل الأول في إقامة الحضارات الحديثة وفي استئصال جذر الجهالة..  

وهو في اللغة يعني المرشد.. ويقصد انه مرشد في رحلة المعرفة طوال حياة الطالب.. يكون شخص ذو خبرة ويعرف الصواب من الخطأ،والجيد من السيء، والاسود من الابيض ،فهو لايقدم معلومة فحسب بل يساعد طلابه للوصول للطريق الصحيح !!

يقال انه فدائي لطلابه مستعد دائما للتضحية من اجل تجهيزهم للحياة بصورة صحيحة.. فطلابه بالنسبة له  كأولاده!! وهو قائد السفر وصاحب المسؤولية الاكبر والاصعب. هناك العديد من المهن في المجتمع، ولكن المعلم من بينهم هو الأكثر قداسة !!!!

لماذا اليوم اختفت كل هذه الصفات عند اغلب التربويين؟!! قلت اغلب وليس كل لان هناك من يعتني بطلابه ويحرص عليهم ويقدم كل جهوده وبلا مقابل. لكنهم قلة قليلة مع الاسف ولايجدوا من يسندهم.

اين اختفت قداسة التعليم؟!!!

لماذا تحول التعليم  الى تجارة…؟!!!

 وخاسرة بكل معنى الكلمة !!

مثلا، مدرس يساوم الطالب ويتوعد بمن لايلحق به لمدرسته الاهلية.. !!!لانه يمتلك اسهم.  او منصب معين فيها!!

قد يتصور البعض اني ابالغ اذا قلت انه يساوم.. لم تكن كلمات صريحة لكنها افعال تدل على انك ايها الطالب غير مرحب بك في المدارس الحكومية التحق بالركب وستنال الرضا والقبول… اذهب الى هذه المدرسة ففيها من النجاح والتوفيق ماتحلم به طوال حياتك..

اذهب معنا وسوف تكون اببنا المقرب…

بمعنى انه (يسويله الهور مرگ والزور خواشيگ)

… بالنتيجة.. اهم ما يميز الاهليات… اعطاء الطالب الحرية التي يفتقدها في المدارس الحكومية.. رقابة اقل على كل شيء.. الزي الذي لايمت لهيبة المدرسة بصلة كأنما الطالبة متوجهة لحفلة... !!والتبرج واستخدام الهاتف ، وعدم مراقبة الطلاب والتزامهم بالحضور ومحاسبتهم بالغياب خوف تركهم للمدرسة والتوجه لاخرى وبذلك تخسر المدرسة طالب !!.. والطالب بالنسبة للمدرسة الاهلية عبارة عن مبلغ مالي ليس الا.. !!!!

الانسانية والضمير الحي ان كان موجود.. يحتم عليك الخوف والحرص على الطالب وجذبه للمدارس الحكومية من اجل تقليل الفوارق الطبقية الي تكبر يوم بعد يوم  بالمجتمع ،والتي  زرعت مفاهيم ويأس عند الطالب الفقير ان لامستقبل له في هذا البلد.

لانه و حسب منطق الحكومة والتربوي  اليوم.. من يمتلك مال يحقق كل احلامه واحلام العائلة ومن لايمتلك المال يرمي احلامه بالبحر..

مشكلة المدارس الاهلية اصبحت مستعصية وعميقة في مجتمعنا لا يمكن التخلص منها بسهولة لانها مرتبطة بجهات قوية تجمل اخطائها وتدافع عن تشوهاتها وتخريبها للعلم ولشخصية المعلم نفسه.. لانها اصبحت مكسب مادي ضخم وتجارة رابحة لسراق الوطن.

الغريب بالامر ان وزارة التربية نفسها  لاتستطيع فعل اي شيء يوقف هذه المهازل التي ادت الى  اسقاط التعليم وتحويله الى تجارة.. بالعكس تعمل على مساعدتهم بعدم وضع كادر متكامل للمراحل المنتهية ووضع عراقيل للتنقل وملئ الشواغر ، فأستسلم المدرس بدوره للامر وصار يتعامل مع الوضع على انه بيع وشراء دون الشعور بحاجة الطالب وعوز اغلب الاهالي..

فمن يقف خلف المدارس الاهلية؟!!!

من المسؤول عن تخصيص المدارس الحكومية للطبقة الفقيرة  فقط..؟!!

من الذي يعمل على تدمير الجيل بالكامل ونشر الجهل؟!!

لماذا نتقبل الامر ونصمت على الخطأ؟!!

 

هناء عبد الكريم

ذي قار /قلعة السكر

 

في المثقف اليوم