أقلام حرة

صادق السامرائي: المأمون وما يعقلون!!

صادق السامرائيالمأمون، عبدالله أبو العباس بن الرشيد (170 - 218) هجرية، الإبن البكر لأبيه من جارية فارسية إسمها مراجل، ماتت بعد ولادته بحمى النفاس.

تولى الخلافة في عمر (28) ما بين (198 - 218) هجرية، وتوفى عن عمر (48).

الإنسان الذي إختمر في بودقة الرشيد المعرفية، إذ وضعه وأخاه الأمين في أوعية الأنوار العلمية، فشبع علما وإمتلأ ثقافة، وتنامى عنده حب التفاعل العقلي، فصار مذهبه بحثي علمي ، وفي ثنايا سلوكه رفع رايات الشك، فآثر إعمال العقل في كل شيئ.

قائد عربي عالم أنار الحياة الإنسانية بما أطلقه من مناهج تفاعلية، وإصرار على أن العلم نور الحياة وقوتها وقائدها، فسبق قادة الدنيا برؤيته الحضارية عدة قرون.

ويعود الفضل له في إستنهاض البشرية من رقدتها، وإخراجها من الظلمات إلى أنوار العصور، وبسبب قدحته العلمية الثورية، التي زعزعت المدارك ونبهت العقول، وصلت الدنيا إلى ما هي عليه اليوم.

قد يرى البعض فيما تقدم مبالغة، لكن حقيقة الطفرة الحضارية التي حصلت في التأريخ كانت بقيادة وإرادة المأمون.

وتجربته القيادية تقدم مثلا على أهمية وضرورة القائد العالم في صناعة القوة والإقتدار والبناء، ففي زمنه الذي إستمر لعقدين، بلغت الدولة العباسية ذروة إقتدارها، وشعت أنوارها في أرجاء الأرض، وكان إزدهارها علميا ثقافيا غير مسبوق، تفوق على ما بلغته في جميع العصور.

ذلك أنه إتخذ منها منطلقا لإختراق الآفاق المجهولة، وإهتم كثيرا بدار الحكمة وحولها إلى جامعة أو مدرسة موسوعية، إستقطبت أفذاذ العصر، ووفرت لهم الزاد العلمي الثقافي، وأعانتهم وشجعتهم على الإبداع والعطاء الأصيل.

فالمأمون – برغم ما يُقال عنه – يمكن أن يكون مثالا للقائد العربي العالم الذي يحي إرادة الأمة، ويطلق جوهرها ويبعث ما فيها من الطاقات والقدرات الحضارية الباهية.

إنه المأمون بن هارون الرشيد، العقل العلمي النوّار،  الذي أضاء دروب البشرية، وشق لها سبل الإنطلاق في ميادين الكينونة الإنسانية، المؤزة بعقل فاعل متشوق للإبداع الأثيل.

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم