أقلام حرة

صادق السامرائي: معاوية الكاتب الذي لم يَكتُبْ!!

صادق السامرائيمعاوية بن أبي سفيان، مؤسس الدولة الأموية، تذكر المدوَّنات التأريحية أنه كان من كتّاب الوحي، أو من كتّاب الرسول الذين يحررون رسائله التي يخاطب بها الآخرين، ومع ذلك، لا يوجد ما يدل على أنه يكتب أثناء جلوسه على كرسي الحكم لأربعة عقود، نصفها واليا والنصف الآخر خليفة، كما أنه لم يشجع الكتابة والتدوين بالعربية في زمانه، بل أن الدولة الأموية ربما بُنيت على التخاطب الشفاهي أكثر منه المكتوب.

فلماذا لم ينطلق بالتدوين بلغة العرب؟

ولماذا لم يكن لديه كُتّاب يكتبون بالعربية؟

فلم يُعثَر مدوَّنات عربية في زمن الدولة الأموية، والتدوين بدأ مع الدولة العباسية، وخصوصا عندما أطلقه أبو جعفر المنصور، فأول كتابة للسيرة النبوية كانت بأمر منه، إذ طلب من إبن إسحاق أن يدوِّنها، ومن ثم إطلع عليها إبن هشام وحررها، أما مدوَّنة إبن إسحاق فلا أثر لها.

لم تُكتب السيرة النبوية ولم تُجمع الأحاديث ويدوَّن التأريخ في العصر الأموي، وهذا لغز محيِّرٌ حقا!!

ما ورد في كتب التأريخ أن خالد بن يزيد بن معاوية قد شجّع الترجمة، وتُرجِمَت له بعض كتب اليونان في الكيمياء لأنه كان مهتما بها.

نعم لا توجد مدوَّنات عربية في ذلك الزمان وقبله!!

فكأنَّ التدوين كان غير معروف، مع أن القرآن كان يدوَّن حال نزول آياته، فلماذا لم يسير العرب على سكة التدوين، وكان هناك كُتّاب وحي؟!!

هذه موضوعات محيِّرة، والبحث عن جواب لها صعب وفي غاية العناء.

ولا تتوفر دراسات تفسرها، والموجود التشكيك في المدوَّنات، لأنها كُتبت بعد أكثر من قرن على أحداثها.

فالأمويون لم يساهموا بتوثيق ما يعرفونه، والصحابة كذلك وأبناء الصحابة وبناتهم، فالجميع ما كان يعنيهم التدوين، وإنما التناقل الشفاهي الذي يتغير من جيل إلى جيل.

ولولا أبو جعفر المنصور ونباهته، لما تمكن العرب من تدوين هذا الكم الهائل من التراث بأنواعه.

ومع ذلك فأنه يبقى غير كامل، لغياب مساهمات الدولة الأموية فيه، فزمنها كان أقرب من زمن الدولة العباسية، وفيها معايشون أحياء للأحداث التي دوِّنَت فيما بعد.

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم